الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-21, 06:13 AM   #288
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 275 »
السيرة النبوية العطرة (( الأيام التي تسبق وفاته - صلى الله عليه وسلم - ))
__________
رجع - صلى الله عليه وسلم - من مكة بعد حجة الوداع إلى المدينة المنورة بعد أن ودع القبائل العربية التي جاءت للحج معه ، فلما وصل للمدينة ونظر لبساتينها من بعيد قال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ،لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون، ساجدون لربنا حامدون ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده .

والبعض قد يخطر في باله سؤال : مضت على غزوة الخندق سنوات ، وفُتحت مكة ، وكثير ممن كانوا مشركين يوم الأحزاب قد دخلوا بالإسلام ، ومازال النبي - صلى الله عليه وسلم - يردد في كل موقف {{ وهزم الأحزاب وحده }} ، وهناك كثير من أصحابه كانوا مع المشركين ، ومن ضمنهم مثلا (( خالد بن الوليد )) الذي حاصر المدينة مع المشركين يومها ، وغيره الكثير ممن أسلموا بعد ذلك ؛ فعندما يقول النبي {{ وهزم الأحزاب وحده }} ، أليس في ذلك تجريح ولمز لبعض الصحابة ؟ فهم كانوا من الأحزاب ؟؟

هنا نقول : يجب معرفة أن الدين فوق ذلك كله ، والإسلام لا يعرف مجاملات الأشخاص على حساب الدين ، و {{ السيرة للتأسي لا للتسلي }} ، فإن كانوا مؤمنين حقاً ، فإنهم سيدينون لله بفضله عليهم أن هزمهم من غير أن يُقتَلوا على أيدي الصحابة ، ثم هداهم للطريق المستقيم ولم يموتوا على كفرهم ، فلقد هزمهم بالريح ، وليس فيه لمز ولا عتاب ولا تجريح لأحد .

ثم دخل - صلى الله عليه وسلم - مدينته واستقبله من كان فيها ، ولما استقر بمدينته فاجأ أصحابه و زوجاته ببرنامج جديد لحياته في المدينة؛ وذلك من حيث الإكثار من تعليمهم ومجالستهم وقيام الليل والصيام ، فقد كثف عبادته - صلى الله عليه وسلم - من صيام وقيام ،

مع أن الله قسم له صلاة الليل : {{ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }} . تقول السيدة عائشة : كانَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - إذَا صَلَّى قَامَ حتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هذا، وَقَدْ غُفِرَ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ ، أَفلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟! .

وصام - صلى الله عليه وسلم - وصالاً [[ الوصال معناه عدم الإفطار عند أذان المغرب ، بل مواصلة الصيام إلى اليوم الذي يليه وهكذا ...]] وشاع الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمضى صائماً ثلاثة أيام بلياليها ولم يفطر ؛ فأخذ أصحابه يواصلون ، فلما علم بحالهم قال : (( إيَّاكم والوصالَ إيَّاكم والوصالَ . قالوا : فإنَّكَ تواصِلُ يا رسولَ اللَّهِ !قالَ : إنِّي لستُ كَهَيئتِكُم ، إنِّي أبيتُ يُطعمُني ربِّي ويَسقيني )) .

كذلك أخذ - صلى الله عليه وسلم - يكثف في جلوسه مع أصحابه كالمودع لهم ويبشرهم بالجنّة ، ويحذّرهم من النّار ؛

فها هو يقول لبلال : (( يا بلَالُ، حَدِّثْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ في الإسْلَامِ؛ فإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ. قالَ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِندِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا، في سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهُورِ ما كُتِبَ لي أَنْ أُصَلِّيَ )) . [[ بلال الذي عُذّب على رمال مكة الملتهبة من أجل هذا الدين وهو يقول أحدٌ أحد ، ها هو الآن قد حجز له مقعدا في الجنة ، ويخبرنا بأهمية دوام طهارته ، وفي كل طهر صلاة نافلة و تعبُّد لله – ما دامت الصلاة متاحة - ]] .

طبعا هذا لا يعني أن بلالًا يدخل الجنة قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - :

(( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن من أنت ؟ فأقول محمد، فيقول بك أُمرت لا أفتح لأحد قبلك )) . فالجنة لا يدخلها أحد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة ، اللهم اجعلنا من أهلها نحن و آبائنا و أبنائنا وأقاربنا وجيراننا و أصدقائنا و معلّمينا الخير و المسلمين أجمعين .

وفي صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة، وقبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر يوماً، أَمّر النبي – عليه الصلاة و السلام - {{ أسامة بن زيد }} على سرية لغزو الشام ، وكان عمر أسامة بن زيد – رضي الله عنه - [[ قيل ١٧ وقيل ٢٠ عاما ]]، وكان في الجيش عدد من كبار الصحابة من –

مهاجرين و أنصار - فكان فيهم {{ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد}} فعلام يدل هذا ؟؟ يدل على تأكيد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته أن للشباب أمكانيات هائلة يجب أن تُستغل، فهم عماد الأمة ، ومصدر مؤثّر من مصادر قوّتها .

ولكن تكلم الناس في ذلك وقالوا : يستعمل غلاما على كبار الصحابة ؟؟ وعلم - صلى الله عليه وسلم - بما يتكلم به الناس ، فجاء في الحديث :
بَعَثَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - بَعْثًا، وأَمَّرَ عليهم أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ ، فَطَعَنَ بَعْضُ الناس في إمارة زيد ، فقال – عليه الصلاة و السلام -

: (( إنْ تَطْعَنُوا في إِمَارَتِهِ [[ يُرِيدُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ ]]، فقَدْ طَعَنْتُمْ في إِمَارَةِ أَبِيهِ مِن قَبْلِهِ، [[ فقد كان زيد بن حارثة أميرا على المسلمين في غزوة مؤتة ]] ، وَايْمُ اللهِ إنْ كانَ لَخَلِيقًا لَهَا، [[ يعني زيد جدير بالإمارة ]] ،

وَايْمُ اللهِ إنْ كانَ لأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَايْمُ اللهِ إنَّ هذا لَهَا لَخَلِيقٌ، [[ يُرِيدُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ أيضا جدير بالإمارة ]]، وَايْمُ اللهِ إنْ كانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَيَّ مِن بَعْدِهِ، فَأُوصِيكُمْ به فإنَّه مِن صَالِحِيكُمْ )) .
ومن هنا لقّب الصحابة أسامة بن زيد {{ الحب بن الحب }} رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم