الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-29-21, 06:56 AM   #289
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:21 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 276 »
السيرة النبوية العطرة (( مرض النبي - صلى الله عليه وسلم – ج1 ))
__________
وبدأ جيش (( أسامة بن زيد )) يستعد للخروج، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد أن يعسكر على باب المدينة حتى يتجمع الجيش ، وقبل أن ينطلق الجيش شاع الخبر في المدينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قد وَجِعٌ [[ أي أصابه المرض ]] ،

وقد أصبح لا يفكّ العصابة عن رأسه ، فتوقف الجيش، وبقي معسكرا على باب المدينة ، وشاءت إرادة الله أن لا يتحرك هذا الجيش في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولكنّه انطلق في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه و أرضاه .

وقبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بأيام ينزل جبريل على نبيّنا بآخر آية من القرآن ، قال تعالى : {{ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }}، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نُعِيت إليّ نفسي . وفي حال المودّع الذي شعر بدنوّ أجله ؛خرج - صلى الله عليه وسلم - لزيارة شهداء أحد ومعه جمع من أصحابه ، فقال:

(((( سَلامٌ عليكم دارَ قَومٍ مُؤمنينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم لاحِقونَ، ودِدتُ أنَّا قد رأَيْنا إخوانَنا. قالوا: أوَلسنا بإخْوانِكَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الَّذين لم يَأْتوا بَعدُ، [[ وهذا تَوضيحٌ بأنَّ من لقِيَهُ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهوَ مِنْ أصحابِهِ، أما مَن لم يرَه منَ المسلمينَ فهُم إِخْوةٌ في الدِّينِ والإسلامِ ،هل اشتقتم للحبيب كما اشتاق لكم بعد أن عشتم أياما وأياما مع سيرته - صلى الله عليه وسلم - ؟؟ هل شعرتم بلذة محبته في قلوبكم ؟

الذي أحبكم ولم يركم وتمنى لو رآكم ؟؟ ]] ، وأنا فَرَطُهم على الحَوضِ [[ وأنا سابِقُهُم ومتقدِّمهم على الحوضِ يومَ القيامةِ، وهو حوضُ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي يَسقي فيه الواردينَ عليهم مِن أُمَّتِه ]] .

قالوا: وكيف تَعرِفُ مَن لم يَأْتِ بَعدُ مِن أُمَّتِكَ يا رسولَ اللهِ؟ [[ يعني ما السّمات التي جَعَلها اللهُ تعالى للمُؤمنِينَ تُميِّزُهم عن غَيرهِمْ في الآخِرةِ ؟ ]]

قال: أرأَيتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلةٌ بَينَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، ألَا يَعرِفُ خَيْلَه؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: فإنَّهم يأتون غُرًّا مُحَجَّلينَ مِن الوُضوءِ - يَقولُها ثلاثًا – [[ الغُرَّةُ : هيَ البياضَ في الوَجهِ، والتَّحْجيلُ : هو البَياضُ في الأقدامِ، والخَيلُ البُهْمُ الدُّهْمُ : أي السَّوداء، فإذا اختلَطَتْ هذه الخيولُ تَميَّزَ بعضُها عن بعضٍ بِبيَاضِ الغُرَّةِ والتَّحْجيلِ، فكذَلكَ المُسلِمونَ يومَ القيامةِ ؛ أثرِ الوُضوءِ يكونُ نورًا ظاهرًا على أعضاءِ الوُضوءِ يتميّزون به ]] .

وأنا فَرَطُهم على الحَوْضِ، ألَا ليُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضي كما يُذادُ البَعيرُ الضَّالُّ، [[ سوفَ تُبعِد الملائكةُ وتَطرُدُ عنِ الحوضِ أُناسٌ وهُم مُقبلونَ علَيه ومُتوجِّهونَ إليه، وهمْ من المسلِمينَ، كما يَمنَع ويَطرُد صاحبُ الإبلِ الجملَ الذي ليس من إبلِه ]] ، أُناديهم: ألَا هَلُمَّ . فيُقالُ: إنَّهم قد بَدَّلوا بَعدَكَ، فأقولُ: سُحْقًا سُحْقًا [[ أُنادِيهمْ لِيأتوا إلى الحوضِ، قَبل أن أعرِفَ لماذا يُطرَدونَ؟

فيُقالُ: إنَّهم قدْ حرَّفوا الدّين، وانحرفوا بعدَك عنِ الحقِّ، فيقول – عليه الصلاة و السلام - بُعْدًا لهم وهُو دُعاءٌ علَيهمْ بالإِبعادِ عن حَوضِه وعن الرَّحمةِ ، اللهم لا تجعلنا من المبعدين عن حوض نبيّك المصطفى – صلى الله عليه و سلم - ]] )))) .

ثمّ رجع - صلى الله عليه وسلم – إلى بيته ، وبعدها أصبح يشعر بأعراض الحمى وارتفاع الحرارة ، فكان يرجف – صلى الله عليه وسلم – من الحمّى ،وفي حال المودّع الذي شعر بدنوّ أجله ؛ قال أيضا لأحد أصحابه : انطلق بنا إلى البقيع [[ وهي مقبرة المدينة ]] ، ودخل البقيع فوقف على أوله ثم قال :

(( السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّه لَنَا وَلَكُمُ العافِيَةَ )) ، ثم استغفر لهم ، وعاد إلى حجرة عائشة وهو يشعر بصداع شديد في رأسه ، وعندما وصل وجدها تقول: وارَأْسَاه !! قال : بل أنا يا عائشةُ وارَأْسَاه ،

[[ يعني لو تعلمين الألم الذي نزل في رأسي - ولم يكن من عادة النبي أن يشتكي من أي ألم في مرض - ولكن كان الألم هذه المرة شديدا جداً ]] ثمَّ قال : وما ضرَّكِ لو مِتِّ قبْلي فغسَلْتُكِ وكفَّنْتُكِ وصلَّيْتُ عليكِ ثمَّ دفَنْتُكِ ؟ فقالت عائشة : لَكأنِّي بكَ أنْ لو فعَلْتَ ذلك قد رجَعْتَ إلى بيتي فأعرَسْتَ فيه ببعضِ نسائِك !!

[[وكانت عائشة من دون أزواجه جميعاً تُعرف بشدة الغيرة ؛ فلما سمعت هذه المقولة نسيت ألم رأسها وطار الوجع وقالت : أكيد رح تتزوج وحدة جديدة ]] فتبسَّم رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ،

فانظروا أحبتي ؛ حتى مع شدة مرضه – صلى الله عليه وسلم – يمازح زوجته و يُسلّيها ليبعد عنها الألم ناسيا ألمه و الحمّى التي أصابته . ((هذا هو الحب الحقيقي ، مش اللي بتشوفوه في المسلسلات والأفلام !! حسبي الله ونعم الوكيل)) .

واشتد الألم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فالتفت إلى عائشة وقال : يا عائشة ، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر [[ تذكرون الشاة المسمومة التي أعدها اليهود في خيبر لقتله - عليه الصلاة و السلام -؟؟ هم أخوة القردة والخنازير و قتلة الأنبياء ، لعنهم الله ولعن كل من والاهم ]] ، وقد بقي أثر السم في جسده أكثر من ثلاث سنوات، حتى يعطي الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع درجة النبوة درجة الشهادة، وذلك لإرادة الله تكميل مراتب الفضل كلها له - صلى الله عليه وسلم - .

وكان مع شدة ألمه - صلى الله عليه وسلم - يخرج للصلاة بالناس في المسجد، ويبيت كل يوم في بيت زوجة من زوجاته ، وعندما رأى - صلى الله عليه وسلم - اشتداد الحمّى عليه واشتداد الألم ، جمع زوجاته ، واستأذن أن يُمرّض في بيت عائشة – رضي الله عنها - فهي أقرب حجرة إلى المصلى . [[هذه أخلاق الحبيب - المصطفى صلى الله عليه وسلم - ]] ،

فقلن: أذنّا لك يا رسول الله ، ، فلما أراد أن يقوم للذهاب لحجرة عائشة ما استطاع أن يقف على قدميه ، فجاء علي بن أبي طالب ، والعباس فاتكأ عليهما، وخرجوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة ، وكانت رجلاه تخطان الأرض ،[[ يعني لا يستطيع أن يرفع رجليه عن الأرض ]] ،

وأصبح - صلى الله عليه وسلم - يخرج للصلاة متكأً على الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب ، حتى ثقل المرض عليه - صلى الله عليه وسلم - ، وأصبح لا يقوى على الخروج إلى المسجد من شدة الحرارة التي أصابته .

وأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج لصلاة العشاء ، ولكن شدة الحرارة أتعبته فقال لأزواجه : أفيضوا عليَّ من سبع قرب من ماء بئر ، لعلي أستطيع أن أخرج إلى الناس ، [[ فأحضروا له طست واسع من حجرة حفصة ]] ، وجلس - صلى الله عليه وسلم - فيه ، وصبوا عليه الماء البارد حتى تخف الحرارة ، فلما خفت الحرارة قام - صلى الله عليه وسلم - ليلبس ثيابه ويخرج ؛ فما استطاع ! لقد غلبته الحرارة فأغمي عليه ، وتلقّته أيدي أمهات المؤمنين حتى لا يسقط على الأرض ، فلما أفاق قال : أصلّى الناس ؟؟

قالوا : لا ، هم في انتظارك يا رسول الله . فقال : أعيدوا علي الماء ، فأُجلس في المخضب [[ طست ]] وأعادوا عليه سكب الماء حتى خفّت الحرارة ، فقام ليلبس ثيابه يريد أن يخرج للناس ليصلي بهم ؛ فلما بدأ في لبس ثيابه أغمي عليه مرة أخرى من شدة الحرارة ، فلما أفاق قال : أصلى الناس ؟؟ قالوا : لا ، هم في انتظارك يا رسول الله .فقال - صلى الله عليه وسلم - :

(( مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ . فقالَتْ عائشة: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، إذَا قَرَأَ القُرْآنَ لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ ، فلوْ أمَرْتَ غيرَ أبِي بَكْرٍ، قالَتْ: واللَّهِ، ما بي إلَّا كَرَاهيةُ أنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ، بأَوَّلِ مَن يَقُومُ في مَقَامِ رَسولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ -، قالَتْ: فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ، أوْ ثَلَاثًا، فَقالَ: لِيُصَلِّ بالنَّاسِ أبو بَكْرٍ)) ، فأصبح أبو بكر يصلي بالناس .

[[ وعلى هذا، فالذي كان يصلي بالناس في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أبو بكر، ولكن عمر صلى بهم مرة في أول الأمر وفي غياب أبي بكر - رضي الله عنهما – كما جاء في رواية أخرى ، وقد فهم الصحابة - رضوان الله عليهم - من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر خاصة وإصراره على ذلك أحقيته بالخلافة من بعده، ولذلك اختاروا لسياستهم من اختاره النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة بهم، فبايعوه بالخلافة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم – مباشرة ]] .

يتبع إن شاء الله .....

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم