فصل الشتاء

أحببتُ فصل الشتاء لأن فيهِ، أول حب أول كلمه اول همسه أول مره
أسمع فيه كلمة أحبك، رأيت فيه الأمل الذي ضاع منذ القدم، وكأنه أتن لتغيير شيء ما
في قلبي فتحقق ما أراد له دون عناء، لأن قلبي كان ملكًا لهُ من ذاك الشتاء
ومن شتاء لشتاء أذكر كلامه البارد الذي أطفأ نار ما توقد حين الكلام من فاه
نعم هو كأنه الشتاء ساقط على نار فتبخرت ثلجًا وأنتجت لنا الجبال
أحببت الشتاء لأنه كان عادل ومختلف في ساعاته عن غيره، بنسبه لي هو المنقذ
من حر الشامت، والأكبر حضنًا من أقرانهِ الأشاوس، أحببت الشتاء لأن فيه الصفاء
وحكمة الأباء، وروايات القدماء، وهزل كثير من الرواه،

ومنها ما قيل عن علي عن أحمد عن قتاده بن شرى قال:
كنت خاوي لا أرى، غير مالًا يُنثرى
وكرشي لاصق في العرى، وحماري طالبًا مني طعامًا يُشترى، من رأيتُ عامرًا
صاحبي منذُ القِدم، وأراهُ برهةً بين حينٍ وحينتًا، فنصحني اكلًا، برتقالًا ناضجًا
لا يصاغُ أكلهُ، ألا في فصل الشتا.

وأيضًا عن علي عن أحمد عن قتاده قال:
عندما كنت عائد، من عند جاري العابد، في ظُهرٍ كان بارد
فعرفتُ أننا في شتاءٍ قارص، فشدُ أزاركم بسبعًا لا بواحد، وياليتكم تنجو من ريحِ يومهِ الجامد.
فشتهيتُ لحمًا من السوق المجاور، فمضيتُ حتى رأيتُ أبا عابر، بزيٍ كأنه دُبٌ عابر
قلت: يأبا عابر، كيف هذا ونحنُ في أول المنابر، وأنت لابس كل العجائب، كأنك بيتٌ في واحد.

قال: أهكذا تُخاطب الكادح،الذي يكرو في النبت قبل النابت، وأن شد عودهُ كنتا
ككلبٍ لا تراهُ الا جائع، فعلم يأبا المخارف، أني لِشتاءِ حابب، وأُنسي فيهِ كيومِ عرسٍ لي فيهِ أَنسّ.

قلت: هنيئًا لك أيها الدب النائم، فخريفي كان شمسًا غائم، ومطرًا من سحابٍ عائم، لا ترجو الا خلًّ متاخم، يبادلك عذب المغانم، وكلٌ في كوكبٍ سائر.

حب الشتاء منذُ رث الأزمان وسرمديات كل الروايات، وهناك من قال أنه ملك ملوك الفصول الأربعه فعن

أحمد بن علي عن قتاده عن علي بن علي عن قريم بن جريم عن غريم بن غريم
قال: قد رأيتُ ثلاثه من رجال، يحملون رجلٌ ذو تاج..

وقيل فيما بعد أسماء الرجال الثلاثه صيف وخريف وربيع والرجل صاحب التاج شتاء.


أحببت الشتاء لأنه الهدوء بعد الصخب
لأنه البرود بعد المطر
لأنه المطر بلا صخب
لأنه الثلج والغيوم والسُحب