عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-21, 05:44 PM   #1
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:08 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } ..

هُنا البِدايات التي لنْ تَنتهي ..
{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } ..
إذْ تشيبُ السَماوات ، وَتغيضُ حُقول الأَرض !

{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } ..
هُنا ..
لا نَجمة آمِنة ..
ولا نُشوب للفَجر مِن بَعد ..
لا شَيء سِوى احتِدام الظَّلماء ..
لا شَيء سِوى لِهاث المَجرّات ..
لا شَيء سِوى صَوت انشِقاقٍ في أعالي الكَون .. في عين السَماء !

{ وإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ } ..
تَنتهي الأرضُ ، ويَنهشُها التِهام المَوت ..
وتَمتدّ في استواءٍ ؛ يَحكي مَعنى الإستسلام الكُليّ لإيقاعِ الخَاتمة ..
هَذا زمَن الفَوات !

صَمتٌ عَميق يَتلوه صَوت أجراس القِيامة ؛ مثل دَويٍّ أزليّ ..
ولا تَملك السَماوات ؛ إلا أنْ تصغي للأَمر { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } !

تُوازي الأرضُ السَماء في تَناثُر الحُطام ..

{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } ..
يكَتظُّ الطَريق بكلِّ القديم المنَسيّ .. ويَنسدلُ الصّمت على مَسرح الحَياة !

تُنيخُ البَشرية حَكاياتها ؛ أسراباً مُمتدّة إلى مِنَصّة الحِساب ..
في كلِّ قصّة ؛ حَتفِ بعضهم ..
وفي بعض الحكايات ؛ ظلَّ الشَّيطان قائِم !

أعمارٌ ؛ مثل طَواحين كانَت تُهدَر بِلا قَمح ..
وصَوت خِصام الدُنيا ؛ يَنبعثُ من بعضِ السِّجلات ..
يتراكضُ نَزيف الذُنوب في أعمال بَعضهم ..
وتَلتهبُ الأقدامُ مِن شِدَّة الخَوف !

تفوحُ رائحة النَار من كتابِ أحدهم .. ولا تَتَراخ الأحمالُ عَن كَتِفيه ..
يَنشب النَاس في أرضِ المَحشر ؛ مَحنيّ بالهَمّ !

يتَأرجَحون بينَ المرار ؛ وبينَ الآمال المُقفرة ..
يَعضُّون أيديهم التي امْتَدّت إلى الشَجرة ..
يُلَملمون فَوضى أوقاتهم ..
وتَملأ الخُدوش السِّجلات !

تَلوح لهم الرَغبات خَافتة .. لكنّها تَتكدّس في الصّحائف ؛ مثل وَقود النَار !

{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } ..
فيا لله ؛ كيفَ انسَكب الكدْح في النُزوات !

كيفَ تَلاشى الكَْدح ؛ وما ثَبت الأجرُ ، وهرِم العُمر في رَفرفةٍ عابِثة !
لا مَؤونةَ في هذا الكَدح للسّنين العِجاف !

هلْ يَكفي القَمح الجَافّ ؛ لِخُبز القِيامة ..
لو تَفقّدوا أقدامهم ؛ لما كانَ بعض الكَدْح مُفردات السُّقوط !

في القِيامة ..
تَنكشفُ ثُقوب الضّوء ..
ولا تُقبل أنصَاف الدُروب ..
ولا فَوضى النَوايا !

في القيامة ..
إمّا ماء الرُوح زُلالاً ؛ أو مَاء الطِّين { يتَجرّعه ولا يكادُ يُسيغه } !

تَهْبطُ الحَقيقة في أرضِ المَحشر على الأكفّ ؛ العارية ..
تَتلو المَلائكة على المَلأ ؛ ضوء الحَسنات مِن السِّجلات .. وتَتلو ما خَفِي مِن فتنة السّيئات !

ويَبدو البعضُ ؛ كأنّه آتٍ مِن ليلٍ بَعيد !

هُنا ..
لا رَمَد في العُيون ..
تمَسّ البَشرية حِمى القَلق ..
حَرارةُ البَصيرة اليوم ؛ تَكشِف كلّ ما تُخفي السَريرة ..
يفوحُ صَوتٌ ملائكيٌّ بالبُشرى ..
ويَتحرّر أحدهم مِن قَبضة النَار ؛ فقد تَناول عِتقٓه !

{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا } .. لحظةٌ حُبلى ؛ تشعّ بمعنى النَجاة .. يَفيضُ الصَوت بِسُقيا الفَرح ..
يتَفيُّء كتابَه ؛ وتُصبح كلّ حَسنة عُمراً مِن النَّعيم !

يُصبح عُمرُه ضوءاً مُمتداً ؛ يَنهمرُ في شُروقٍ شَهيٍّ لا يَغيبُ ..
يَلتقطُ خصلة نورٍ مِن غَيب الجنّة ..
تَنحدر مِن العَين دَمعة الوَعي ..
وتناوله المَلائكة الفَجر ؛ ويَمتزجُ في الخُلود حَفِيّا !

يَرتشفُ مِن جِرار الخلد رُشفةً ؛ فَيُروى ..
يخلعُ الدُنيا ، ويَقطفُ سَقَم الصّبر ، ويَرى على سُور الجنّة ؛ ألوان الخِيال ..
ويَنسى اصطِخاب التَرقُّب في يوم القيامة ، ويُصبح الحَشْر زَمناً طَرِيّاً !

{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِه. فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا } ..
يَحثو الهمّ ، ويتَوغّل في الوجَع ، ويَنوحُ أَمْسُه على يومه ..

يسمعُ صوت الّلظى يَتهيءُ ؛ فَينفلتُ الدَمع ، ويَودّ لو أنَه رَماداً !

يَرى عُمره هباءً في هَباء ..
يرى السّنين بينَ يديه جِثيّا ..
ويَرى الجَفاف في الصَحائف ؛ يُهيّجُ النار ..
كانَ عُمْراً يموجُ بلا غاية !

{ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ } ..
يا لِنسيان الوَعد ..
يا لِنسيان { فَمُلَاقِيهِ } !

تنقدحُ النار ؛ وتَشفّ عن صُوانِها ..
تشفُّ عن وَقودها ..
لا سَعفَ يُظَلِّله ..

يتَحسّس مَعنى النار ؛ بجِلْد الرُوح ..
ويَشمُّ رائحة نَفَسه في الحَطب ..
يَرشفُ مُزْن الحَريق ..
تَغشاهُ سَدف الجَحيم ..
ويَذرفُ جَوفه دَمعاً !

عارِياً مِن عُمره ..
عارِياً مِن كدحه ..
عارِياً مِن سَعيه ..
قدْ أسالَ الحياة لغير ربّه !

نسأل الله العفو والعافية.....