الموضوع: مدينتى
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-29-21, 11:40 AM   #995
الفيلسوف

الصورة الرمزية الفيلسوف

آخر زيارة »  اليوم (01:25 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



صحراء واسعة قليلة الظل .. شديدة الحر .. نتصبب عرقا .. جلبة و ضجيج ..الأغبرة تملأ المكان .. يتزاحم الناس على الماء يسقون أغنامهم غير مبالين بقلة حيلة إمرأتين مثلنا ..أغنامنا تفر هنا وهناك و لكننا نزودها ما استطعنا .. لا نستطيع أن نعود أدراجنا دون أن نسقي ولا نقوى على مزاحمة الناس .. علينا أن ننتظر حتى يفرغ بعضهم فيمكننا الإقتراب .. ليت لنا أخا أو زوجا يقينا بأس هذه المهمة الشاقة ..
أنظري أحدهم يقترب
موسى: ما خطبكما؟
قالتا وهما يلثمان بعض وجهيهما بأطراف الرداء كعادة نساء البدو عندما يتحدثن إلى رجلا غريبا : لا نسقي حتى يصدر الرعاء و أبونا شيخ كبير
- -
ما بال هؤلاء الناس لا يعطفون على ضعف إمرأتين كهاتين و يتركونهما تقفان تحت لهيب الشمس كل هذه المدة .. انتظراني سأسقي لكما .. و هم َموسى يقود الغنم ويزودها يمينا و يسارا حتى وصل إلى الماء و أفسح بحضوره القوي شخصا و بدنا مكانا كافيا لتشرب الغنم .. و الفتاتان تراقبانه و لما فرغ عاد بهم إليهما .. فأخذوهم و مضيا إلى أبيهما يقصان عليه ما حدث .
- -
ياله من رجل شهم وحسن التصرف مع النساء .. لم أشعر بأن هناك أية غرض من وراء سقايته لنا سوى أنه أحب مساعدتنا و أن هذا هو ما أملته عليه أخلاقه .. كم مرة ألجأنا الزحام إلى التنحي جانبا و الإنتظار و لم يسق لنا أحد فضلا عن عرضه المساعدة أو إفساح مكانا .. يبدوا غريبا .. لأنه يجلس في الظل قرب الماء و لم ينصرف كما ينصرف الرعاء
- -
و لما وصلت اندفعت إلى أبيها و أخذت الفتاة تقص عليه بحماس ما وجدته من الغريب من شهامة و خلق وإحسان إليهما .. و تعرف الأب بخبرته على ما يستتر وراء وصفها .. الآباء يعرفون بناتهم جيدا و لكنهم يتظاهرون أنهم لا يعرفون شيئا .. في كل الأحوال يجب أن يرسل إليه ليشكره على حسن صنيعه مع فتاتيه و يعرف من هو هذا الغريب و ما قصته .. إذهبي يا ابنتي أدعوه لأشكر له حسن صنيعه .
- -
ذهبت و أنا شئ من الفرح ينمو بداخلي .. و ثمة شئ بداخلي يتمنى بشدة لو ألقاه ثانية
ترى هل ما زال هناك تحت الشجرة ؟ ماذا إن ذهب ؟ ليته لا يذهب .. ليته يبقى .. يبدوا أنه ما زال هناك .. قلبي يخفق و تكاد تكون ضرباته مسموعة كلما اقتربت .. تتعثر خطواتي .. و يعتريني الخجل و يزداد وجهي إحمرارا .. فلما إنتبه إلي .. هربَت عيني إلى الأرض وقلت :إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا .
و مشى أمامي وأنا أرشده إلى طريق الدار بكلمات قصيره .. يملأني الخجل حتى لاحت الدار من بعيد فأسرع إليها الخطى و استقبله أبي و ضايفه وأخذا يتحدثا عن أمره و يبدو أن أبي ارتاح إليه .. كما فعلت أنا و لكن شعوري أكبر من ذلك .. أنا لا أريده أن يرحل .. أريده أن يبقى بالقرب دائما .. أخجل أن أعترف أنني أشعر بميل إليه و كأن شيئا ما يجذب قلبي بقوة تجاهه رغم أنني لم ألتق به إلا منذ قليل .. ماذا إن انتهى اللقاء و ذهب إلى حال سبيله ! سيتحطم فؤادي .. سأخبر أبي أن يطلب منه العمل عنده .. هذه هيالطريقة الوحيدة التي تضمن بقاؤه هنا .
يا أبت إستأجره .. إن خير من استأجرت القوي الأمين .
و هنا تأكد الأب من ظنه .. و لم لا؟ .. فالرجل شاب و قوي و ذو خلق و أمين وهارب من قوم يريدون أن يبطشون به و ليس لديه مكان ليذهب إليه ..و ابنته ترغب به .. فعرض عليه أن يزوجه إبنته .. و أن يكون مهرها أن يتولى رعي أغنامه 8 سنوات و إن شاء عشرة سنوات .. تكون هي وظيفته .. فمنحه دارا يأوى إليها و قلبا يسكن إليه و معاشا يعتاش منه .. بعد أن كان منذ سويعات يرجوا ربه قائلا رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير .
#الحب_في_القرآن_الكريم


 

رد مع اقتباس