عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-21, 10:04 AM   #5
ومضة

الصورة الرمزية ومضة

آخر زيارة »  12-19-22 (10:10 AM)
الهوايه »  القراءه واشغال الهاندميد

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



روي الشاعر جميل بن معمر العذري وهو في مجلس الخليفة عبدالملك بن مروان انه خرج ذات مرة يقصد جماعة من ربعه انتجعوا عن حيهم فوجدوا النجعة بموضع نازح ، واثناء ذلك كان قد ضل طريقه ، فجنّ عليه الليل . واذا هو كذلك لاح له مهجع فقصده فهرع اليه راع ٍ في اعلي جبل قد الجأ غنمه كهفا فسلم عليه وقال:“ احسبك قد ضللت الطريق” فأرشده ، وقال :“ بل انزل حتي تريح ظهرك وتبيت ليلتك فأذا اصبحت وقفتك علي قصدك”.. فنزل جميل واحسن الراعي وفادته بذبح شاة واجج نارا للشواء ثم اذا انتهيا عمد الي كساء فقطع منه جانب الخباء ومهد لضيفه جانبا ونزل آخرا… فلما كان الليل سمع جميل مضيفه يبكي ويشكو لشخص ما. فأرقت ليلته فلما جاء الصباح طلب الأذن فأبي الرجل قائلا ان الضيافة ثلاث…فمكث عنده جميل ايام الضيافة سائلا الراعي عن اسمه ونسبه وحاله فأذا هو من اشراف بني عذرة . فعجب جميل لأمره ولماذا هو في ذلك الموضع المنقطع فأخبره انه يهوي ابنة عم له الا ان والدها رفض ان يزوجه منها لضيق ذات يده وزوجها لآخر من بني كلاب، فخرج بها عن الحي ليسكنها في موضعه ذاك…وانه تنكر ورضي ان يكون راعيا ً لتأتيه ويراها…وطفق الأعرابيّ يشكو الي جميل صبابته بها وعشقه لها حتي اذا جنّ الليل وحان موعد تلاقيهما جعل يتقلقل وكأنه علي جمر فلما ابطأت عن الوقت المعتاد وغلبه الشوق وثب قائما وهو ينشد :
مابال ميّة لا تأتي كعادتها
اهاجها طرب ام صدّها شغل
لكنّ قلبي لا يلهيه غيرهم
حتي الممات ولا لي غيرهم امل
لو تعلمين الذي بي من فراقكم
لما اعتللت ولا طابت لي العلل
روحي فداؤك قد هيجت لي شجنا
تكاد من حَرّه الأعضاء تنفصل
لو ان عادية مني علي جبل
لزال وانهد من اركانه الجبل

واذ انشد ماانشد استأذن ضيفه حتي يعود . فأبطأ حتي كاد جميل ان ييئس من رجعته الي ان رآه آتٍ قبالة موضعه وقد حمل علي كتفه شيئا وقد علا شهيقه ونحيبه مخبرا ً ضيفه ان هذه هي ابنة عمه .. افترسها الليث وهي في طريقها اليه . ثم انزلها عن كتفه وهو يرجوه ان يبقي حتي يعود . ومضي فأبطأ كما في الأولي ليعود بعد حين حاملا رأس الهزبر بين يديه وجعل ينكت على انياب الليث باكيا وهو يردد:
ألا أيها الليث المخيل بنفسه
هلكت وقد جرّت يداك لنا حزنا
وغادرتني فردا وقد كنت آلفا
وصيّرت بطن الأرض ثم لنا سجنا
اقول لدهر خانني بفراقه
معاذ الهي ان اكون له خدنا
ثم كفكف الرجل ادمعه قائلا لجميل : “ يااخا بني عذرة انك ستراني بين يديك ميتا فأذا مت فاعمد اليّ وابنة عمي فأدرجنا في كفن واحد واحفر لنا جدثا واحدا وادفنا فيه واكتب علي القبر هذين البيتين :

كنا علي ظهرها والعيش في مهل
والشمل يجمعنا والدار والوطن
ففرّق الدهر والتصريف ألفتنا
وصار يجمعنا في بطنها الكفن

ثم عمد الأعرابي الي خناق فطرحه في عنقه دون ان تجدي مناشدة جميل فجعل يشد الخناق علي نفسه حتي سقط جثة هامدة فارقتها الحياة


 

رد مع اقتباس