عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-21, 04:47 AM   #441
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (04:21 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



يوم أن رحلت،
بدأتُ في القراءة عن النظريات الفضائية،
عن أسباب دوران الأرض حولَ الشمس،
عن النظام الشمسي الذي يتداعى ذاتيًا بِبُطء،
عن الثقوب السوداء والإنفجارات النجمية،
لكن في الواقع،
أكثر قراءاتي كانت عن نشأة الكون،
كيف تشكل في عملٍ فنّي خالد منك، مني، منّا،
هذا ليس حديثًا روحيًا،
إفهمني،
ليس حديثًا عن "لم يكُن بين النجوم"
أو "وددتُ لو أحببتُك مثلما تُحب الأرض الشمس"
لقد كتبتُ لك أشعارًا بالفعل،
وصورتك وأنت تُغادر البيت الذي كان يومًا ما لنا،
تُساعدني على فهم أنه لا رومانسية
في الطريقة التي تنهارُ بها النجوم،
بل إنه أمرٌ قبيح للغاية،
مشاهدة شيءٍ جميلٍ ينهار من تلقاء نفسه،
يوم أن رحلت،
عرفتُ أن بعض الثقوب السوداء،
تدور بسرعة تسعمائة ميل في الساعة،
بحثًا عن أشياءً لتبتلعها،
كواكب بأكملها،
مثل كوكبنا،
أنظمة شمسية كاملة إختفت بالفعل
في أجوافها المفتوحة كأفواه،
في الليلة الأولى التي إضطررتُ للنوم
من دونك تخيلتُك على هيئة ثقبٍ أسود،
حاولتُ أن أصِل إليك،
ألا إنه ابتلعني في مقبرة النجوم،
وتركني هُناك وحيدة،
تطلّب مني الأمر ثلاثة أيام،
لأعثُر على طريق العودة،
لأُغادر فِراشنا،
لأرد على مُكالمة والدي،
مُحاولةً تبرير إختفائي،
طوال هذه المدة،
خسرتُه،
مثلما قد أخسر أي شخص
بين التفسيرات الجوفاء للثقوب
السوداء والنجوم المُتشظية،
يوم أن رحلت،
نسيتُ كيف تكون الكتابة،
نسيتُ شعور أصابعي وهي
مُلتفّة حول قلم لتسكب
المشاعر بِحبر أسود في
هاوية العدم البيضاء،
أن تملؤها بِبعض الكلمات،
فلا تبدو شديدة الخواء،
لا تبدو شديدة الوحدة،
أتذكرُ خوفي من المساحات
الشاسعة، الخالية، المفتوحة،
المُظلمة، والمُضيئة على حدٍ سواء؟
قُلت لي أن العدم الأبيض هو ما نشعُر به
في مركز النجم عند إنشطاره نصفين،
آسفة جدًا لأني لم أُصدقك حينها،
أنا هُناك الآن،
وأعلم أنك لم تكُن تكذب،
يوم أن رحلت،
أدركتُ أنك كنت من الكواكب الحرة،
لم تدُر حول شخصٍ أو شيء،
لم تخضع لنظامٍ شمسي،
وجدتَ طريقك نحوي،
إلى مداري،
لتبقى معي لبعض الوقت فقط،
عجزتُ عن أن أُبقيك أطول،
لم يكُن مُقدرًا أن تكون جُزءًا مني،
حُبنا كان مثل الشمس،
يحتل 99% من النظام،
لكنه غير كافٍ للبقاء،
بعض الأشياء أكثر جمالاً،
لأنها لا تنتمي لأحدٍ أو لشيء،
هكذا أُحب أن أتذكرك،
شيء أكثر جموحًا من أن أُبقيه،
عوضًا عن شيء دفعت به الشمس بعيدًا،
يوم أن رحلت،
قرأتُ أن الأرض،
في وقتٍ ما،
ربما كان لها قمرٌ ثانٍ،
وأن القمر الذي نراه اليوم،
هو نتيجة إصطدامٍ بينهما،
ساعدني على إدراك أن،
وفي بعض الأحيان،
أكثر الأشياء جمالاً،
تحدُث مُصادفة،
سأُبقي حبنا هُنا،
في واحةٍ ساكنة بين
إنفجارٍ نجمي وثقبٍ أسود،
مكان آمن،
ضال بينهما.


 

رد مع اقتباس