عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-21, 04:45 AM   #454
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (04:21 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



طريقتي في الحُزن عليك ليست صاخبة،
ليست صرخة في الظلام،
ولا بُكاء في حضرة من يُحبونني،
ولا إنهيارًا عصبيًا من دموع وإعتذارات،
على خِلاف ذلك،
حُزني قاتل وصامت،
يُخنقني أثناء الليل،
أشعُر به يُسمم رئتي،
في كُل مرة أسحب فيها نفسًا،
أشعُر بيديك الباردتين تُحيطان بِقلبي النابض،
بالكاد تعتصرانه إلى أن يشهق،
حتى يعمل من جديد،
رُغم هذا لا أتكلم،
فيعتقد الآخرون أن لا وجود له،
ينظرون إلى القناع المتين،
الذي أحكمته فوق وجهي،
دون أن يُبصروا صرخاتي بالداخل،
يتساءلون لو أنني أحببتُك بالطريقة التي كنتَ تُريدها،
أحيانًا يعتقدون أنني شيءٍ بلا قلب،
لم أُحبك على الإطلاق،
يعتقدون أنني لم أستحقك قط،
يرفضون فهم حقيقة طريقتي في الحُزن،
يرفضون النظر إلي،
بالطريقة نفسها التي رفض لها والد إيكاروس،
النظر إلى الشمس ثانيةً،
لأن جزءًا منه كان يلوم أبولو،
لأنه لم يُدرك أبدًا أن إيكاروس كان يُحبه،
تركه يسقط ويموت في الماء،
هو أيضًا لم يُخبره أحد،
أنه بسقوط إيكاروس أصابَ الحزن أبولو،
بِمس من الجنون،
أنا أعرف،
لأنني،
وبُكل ليلة،
أرى الشمس تغرّق نفسها في الأُفق،
مُختبرةً العملية المؤلمة،
لتدمير نفسها ثم إعادة إحيائها،
في أُسطورة تُسمى - بِسذاجة - الليل والنهار،
تلك التي نأخذها كأمر مسلم به،
بينما تغرب الشمس وتشرق،
هذا كله حتى يتمكّن يومًا،
من تحدي حُكم أوليمبوس،
بألا يُعاد عِلاج جسد إيكاروس،
البشري الوحيد الذي جرؤ على حُبه بِقدر،
يُمكنه من التحليق بقربه،
لكنه غرِق،
في أعماق المحيط،
لو إنه تعلّم كيف يُعالج البشر،
لرُبما كان مشهد أبولو المُفضل،
هو رؤية إيكاروس ينهض،
مثلما يفعل هو كُل صباح،
كاملاً من البحر مرةً أُخرى،
تنخفر ذكراي الأثيرة في عقلي،
يحفِرها حُزني الأليم المُدمر اللامُنتهي،
ذلك النوع من الحُزن،
الذي نعرفه أبولو وأنا جيدًا،
جسدكَ الدافئ النائم،
مُتنفسًا بِهدوء إلى جواري.


 

رد مع اقتباس