الموضوع: رحله مع كتاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-22, 08:15 AM   #127
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:27 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة رواية "القوقعة، عودٌ على بدء"، للكاتب السوري بسام أحمد حمودة.
(حول ثورة الأهالي ضد المستعمر في ريف طرطوس).

يقدم الكاتب "بسام أحمد حمودة" رواية حقيقيةً واقعية، جرت أحداثها في بدايات أربعينيات القرن الماضي، ويؤكد الكاتب على أنّ شخصياتها كلها وأماكن حدوثها حقيقية أيضاً دون إضافةٍ أو مواربةٍ أو تزييف.

تحكي الرواية قصة شابٍ يتيمٍ أنهك الفقر حياته وحياة أسرته فقرر الهجرة إلى أميركا (العالم الجديد) لعله يحظى هناك بفرصة عملٍ يوفّر له ولأسرته عيشاً كريماً لا شقاء بعده.

لا يجد هذا الشاب (واسمّه ونّوس) سوى العمل مع قوات الاحتلال الفرنساوي لتأمين الحصول على ماكان يُدعى "الناولون" أي فيزا السفر، وهناك يجد من جنود الاحتلال معاملةً لا ترقى إليها معاملة الدّواب فيحقد عليهم، ويتحرّى فرصةً للانتقام ولو كلفه ذلك ما تبقى من عمره.

خلال حفلةٍ صاخبة أعدّ لها بعض المأجورين الخونة وحضرها لفيفٌ من الضبّاط الفرنسيين، يستلّ "ونّوس" بندقيةً حربية كانت بحوزته ويوجّه رصاصها نحو الحاضرين فيردي منهم ثلاثة ضبّاطٍ صرعى؛ وهنا يبدأ النصف الثاني من الرواية حيث ينطلق البطل "ونّوس" في رحلة التواري والاختباء بين الحقول والأحراش وقرىً كثيرةً في شريط الساحل السوري، وفي ريف طرطوس تحديداً.

يُعدّ الكاتب "بسام حمودة" شاعراً أكثر منه روائياً، وفي رصيده أربع مجموعاتٍ شعرية وهذه الرواية؛ وقد أفاد روايته بلغته الشاعرية الرقيقة رغم ما يحمله هذا العمل من بؤسٍ مُضني وعذابٍ مستمر للتحرّر من ربقة الاحتلال. وربّما يعاني القارئ في الصفحات العشر الأُوَل من تفسير المعاني التي يأتي عليها الكاتب وفهم غايته، إذ نجدها فلسفةً حول معاني الوجود والحياة والبقاء، والهروب من مطحنة الذكريات المؤلمة، ولكن مع الفصول الأخيرة نفهم مقاصد الكاتب ويكتمل حينها المعنى مع المبنى خير اكتمال.

نكتشف في صفحات الرواية الأخيرة أيضاً أنّ جدّ الكاتب كان معيناً للبطل "ونّوس" في رحلة هروبه من عقوبة الاعدام، والجميل أنّ الكاتب لم يُقحم هذه المعلومة في السرد، بل أدرجها ضمن السياق عفواً ليربط القارئ بين اسم الشخصية واسم الروائي فيكتشف الحقيقة وحده، وهو سبيلٌ جميلٌ يُحسب للكاتب.

صدرت الرواية عن الهيئة العامة السورية للكتاب عام 2018، وتقع في 165 صفحة من القطع الكبير، وهي بالمجمل رواية جميلة، تستحق القراءة، وهي تأريخٌ لنضال أهالينا ضد المستعمر، وواحدةٌ من قصص كثيرة من هذا النضال أرى من الجيد لو يدعم كتّابها لحفظ هذه البطولات للأجيال القادمة قبل أن تدخل هوّة النسيان إلى غير رجعة.



 

رد مع اقتباس