عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-22, 07:51 AM   #282
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:45 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



حيّاكم الله وبيَّاكم وجعل الجنة داركم
اليوم وقد تشرفت بضيافتكم ، فما أجمل لقاء فى الله!

فتفضلوا أولاً واجب الضيافة ...



( تمسكنا بالمظهر وتخلينا عن الجوهر )
قصة حقيقية وطريفة يرويها الشيخ والأديب الفاضل علي الطنطاوي رحمه الله :
يقول علي الطنطاوي رحمه الله :
لما كنتُ أعمل في العراق سنة 1936 نقلت مرة من بغداد إلى البصرة، إثر خصومة بيني وبين مفتش ..
وحين وصلت البصرة تجولت فيها، ومشيت في شوارعها طويلاً، حتى أصبحت في حالة رثّة من التعب وطول المسير .
وصلت المدرسة فدخلت وسألت عن صف ( البكالوريا ) بعد أن نظرت في لوحة البرنامج ورأيت أن الساعة هي لدرس الأدب.
توجهتُ إلى الصف من غير أن أكلم أحداً أو أعرفه بنفسي !
فلما دنوت من باب الصف وجدتُ المدرس، وهو كهل على أبواب التقاعد، وسمعته من وراء الباب يخطب بالتلاميذ ويوصيهم بخلفه من بعده الأستاذ الطنطاوي، ويمدحني أمامهم، وهو يقول لهم : سيأتي لتدريسكم الأديب الكبير علي الطنطاوي، لا تسودوا وجهي أمامه
فقلت : والله إنها مناسبة طيبة لأمدحه أنا أيضا وأثني عليه ..
ونسيت أني حاسر الرأس، وأني أحمل معطفي على ساعدي، وأمشي بالقميص بالأكمام القاصر، وحالتي يُرثى لها من الحرّ والسير الطويل !!
فقرعت الباب قرعاً خفيفاً، وجئت أدخل ؟
فالتفت إليّ وصاح بي : إيه زُمال وين فايت ؟!
والزمال يعني : ( الحمار ) في لغة البغداديين
فنظرت لنفسي هل أذني طويلتان ؟ هل لي ذيل ؟
فقال : شنو ما تفتهم ؟! ( يعني ألا تفهم ) ؟
أما زمال صحيح !!
وانطلق بـ (منولوج) طويل فيه من ألوان الشتائم ما لا أعرفها
وأنا أسمع مبتسماً .
ثم قال : تعال لما نشوف تلاميذ آخر زمان
قف واحكِ شو تعرف عن البحتري ؟
حتى نعرف إنك زُمال ولاّ لأ ؟
فوقفتُ وتكلمتُ كلاماً هادئاً متسلسلاً، بلهجة حلوة، ولغة فصيحة، وبحثتُ وحللت وسردتُ الشواهد وشرحتها، وقابلت بينه وبين أبي تمام ..
بالمختصر ألقيتُ درساً يلقيه مثلي، والطلاب ينظرون مشدوهين، ممتدة أعناقهم، محبوسة أنفاسهم، والمدرس المسكين قد نزل عن كرسيه وانصب أمامي، وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما من الدهشة، ولا يملك أن ينطق ولا أنظر أنا إليه كأني لا أراه، حتى قرع الجرس..
فقال لي : من أنت؟ ما اسمك؟
قلت : علي الطنطاوي
وأدع لحضراتكم أن تتصوروا موقفه .
العبرة :
متى نتعلم ألا نحكم على الناس من المظهر ؟
لماذا تخلينا عن الجوهر، وتمسكنا بالمظهر ؟
هذه القصة مع أن فيها نوع من الطرافة إلا أن العبرة فيها عظيمة
وتتكرر مثل هذه القصة بأشكال مختلفة و قاسية في حياتنا اليومية
قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم :
" كم من أشعث أغبَرَ ذي طمرين مدفوعٍ بالأبواب ، لا يُؤبهُ له ، لو أقسم على الله لأبرَّه "
معنى الحديث :
هو أن بعض المؤمنين قد أعطاهم الله منزلة عظيمة رغم ما يظهر للناس من بساطة لباسهم وهيئتهم، فدعاؤهم مستجاب ولكنهم شغلوا بمراقبة الله تعالى عن المحافظة على مظهرهم، واشتد زهدهم في الدنيا فلم يرغبوا في شيء منها .
لا تحكموا على الناس من المظهر

اسعدكم الله اينما كنتم
لنا لقاء آخر ان شاء الله