عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-22, 08:37 PM   #1
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي أطلال وطن ،، قصة قصيرة ،، بقلمي



واقف على أطلال ساحة المعركة ، سماءها سوداء من أثر الإنفجارات وأرضها تملؤها الأجساد الممزقة ، يمشي رويدا رويدا ، يقلب الجثث علّهم يتعرفون على من قُتلوا !
تطأ قدماه على ورقة ، مطوية بعناية ، يفتحها فتطل عليه رسومات قصب الخيزران من جانبي الرسالة فيبتسم بمرارة :
ابي ، كيف حالك ؟
لقد طال غيابك عنا كثيرا هذه المرة ، حتى هاتفك لا تجيب عنه ، اشتقت لك جدا ، أمي لا تكف عن البكاء وجدي لا يزال كثير التذمر مني ، انا بخير وأدرس جيدا ، اساعد أمي بإحضار الماء كما وعدتك ورفيقتي بطبوطة تساعدني ايضا ، امي لا تحبها لأني أصر على نومها بجانبي فأنا أخاف أن يأكلها الذئب اذا نامت في الزريبة ، سيأتي العيد قريبا وأنت لم تعد بعد ، اذا لم تأتِ قريبا فلن أصنع لك الكعك الحلو الذي تحبه .
احبك أبي البطل ، أنا بإنتظارك
" أمنية "

يعيد طويها كما كانت ، يدخلها في اليد القريبة من الورقة ، يغطيه برفق ، لا أسم ، لا هوية ، هو والد أمنية المنتظرة ، المنتظرة للأبد !
يمشي خطوات قليلة ، هنا رفيقه محمد يعرفه كما يعرف نفسه ، يخرج بطاقة هويته وهاتفه ، يخلع الخاتم من اصبعه برفق ، يمسحه من الدماء ليظهر النقش المنحوت عليه واضحا :

سهام ♡ محمد ♡ معا للأبد

يتأمله لدقائق قبل أن يضعه في جيبه ، يتعجب من أمر الدموع المالحة التي تتساقط قرب شفتيه ، ظن أن دموعه جفت للأبد ، فلقد بكي في هذه السنوات القليلة ما يكفيه طيلة حياته ، مسحها بعنف ، ليكمل عمله .
تتأرجح ملامحه ما بين شفقة وحزن ، ألم ومرارة ، أمام كل جسد خالٍ من الروح يقرأ حكاية ، حكاية لن تنتهي فمالك الجسد قد ذهب ، والحسرة ستنهش قلوب أحباءهم للأبد ، حين انهى مهمته عاد بروح مثقلة ، وكأن تلك الأجساد علّقت فيه اوجاعها ، قلبه ينبض ببطء وكأنه يريد التوقف ، قبل أن يضع التقرير وبعض ممتلكات زملائه على المكتب ، تلتقط اذناه أصوات خافته من الغرفة المجاورة :
- كنت اتوقع هذا وها قد حصل ، تصافح الملوك ، ستنتهي الحرب ، لم تعد اسباب الحرب مستحيلة الحلول كما كانوا يقولون !

أين الشعارات الرنانة ؟ أين الوعود بالنصر ؟
من سيعوض أرواح الجنود التي ذهبت هباءا ، ساقوهم إلى حرب عبثية ، قتلت الأفراح ، الأحلام ، الابتسامات ، لم ينجو منها البشر والشجر والحجر !!
أعمى الحزن عيناه ، رصاصته تخترقهم وفي داخله ينادي :
أكملت فرحتك يا محمد ، وسددت ثمن انتظارك يا صغيرة ، هذا ثاري لمن عاثوا في الوطن الفساد .


تمت


 


رد مع اقتباس