أنتظر نفسي المتأخرة عن موعد اللحاق بأناها
لتغادر هذا العالم الافتراضي بحقيبة أمتعة صغيرة
لتعود الألوان إلى غرفتي الصغيرة
فألظم الخيوط في الإبر
و أعيد لمفاصل المقصات مرونتها
و أزيل الترسبات الجافة من على علب الألوان
لأبري أقلامي
و أعبئ أحباري
و أفرد أقمشتي الزاهية
لأخيط قميصاً أنيقاً و فضفاضاً للصيف القادم
و أطرز حرف اسمكَ الأول على طرف ياقته
و إن سألوني سأخبرهم : هذا اسم رجل عظيم يخيفني ظلّه .
أنتظر الموت البطئ جداً لمشاعري النابضة
لأبدأ خياطة كفن يليق بقلبي
لأودعه في مقبرة الأمسيات التي أطفأنا سراجها
و أقرأ عليه ما تيسر من الذكرى
و أقفِل عائدة عائذة من نفسٍ تأمرني به
أنتظر قدمي الثالثة
أن تدفع قواي الخائرة
و ترفد خطواتي المتعثّرة
و تنهض ببقاياي الجميلة
لتقودنا للمذبح
لنمدّد آخر الأحلام و نهرق دماءها
لنواري سوأتها تحت جنح اليأس
و ندسّها في فم الليل الذي لا قمر له
الذي فيه محقنا الضوء و سحقنا آخر أمل للبقاء أحياء
على رقعة البياض و السواد
حاولت الرقص باعتدال العقل
لكن البلاط الفخم لا يليق بالأقدام القلقة
فتصبح الخطوات تعاني من صراع الركب و اضطراب الإيقاع و رجاحة الهوى
قابعة هنا
في محطة أوهامي الأخيرة
أنتظر تصريحاً آخر من الحياة يفيد بأنني لم أخطئ حين كتبت عن كل شيء و قلت كل شيء و صرحت بكل شيء
أني لم أرتكب ذات الخطأ حين أجبت الطارق : أهلا و مرحباً
و لم أسأله : من أنت ؟