.
.
أكتبُ لكَ من خلف أسوار سجني الذي لم تزره يوماً، أنا الآن في هذه الزنزانة المغلقة، أترك خربشاتي على شقوق الجدران المفتوحة كالجروح تماماً ، جدران تبوح بثرثرات السجينات السابقات، يقابلني أيها الصديق عصرٌ يرتدي ثوبه الأصفر يطلبُ مني قهوة و ليس لديّ بنّ، لديّ قضبان و جدران و باب و أقلام و أوراق، يتآمر عليّ كل شيء في هذه الزنزانة .. تسخرُ منّي القضبان السوداء، يكتمُ ضحكه ذلك السقف الموحش، حتى الحشرات التي ترقص على جسدي و أنا نائمة ..
.
.
.
لو تدري فقط أيها الصديق، بأي تهمة تمّ سجني، لو تدري لم حكموا عليّ سنوات عديدة بالأعمال الشاقة .. لجئتني بحصانك الأبيض و حررتني .. لأنّ جريمتي نبيلة نبل الجهاد . لكنّك غادرتني كما غادرتني حريتي ذات يومٍ خريفي من شهر تشرين الثاني، و لستَ حاضراً حتى لاستقبالي الآن، سيطلقون سراحي بعد ساعات قليلة لأرحل بعيداً، هذه ستكون آخر رسالةٍ، فأنا لن أترك لك عنواناً .. و لا رقماً .. ولا اسم مدينةٍ، من لا يزورني ساعات بؤسي لن أحتاجه أثناء رخائي، من لا يمسحُ دمعي لن أقتسم معه رغيف الإبتسامة ..
ها أنا أرحل ..
.
.