- مسَاء ، حد الجوارح وما نملك أم حد الروح والقلب والخيال ؟! أما عمل الجوارح ، فـ حدّه الخيانة والحرام ولا انا بالذي يتعداه ولا انتي ، اما حد القلب والروح فـ حيث يهيمان ، إلى حيث تقدر الأعمار والأقدار والأمصار ، حيث لا زمان ولا مكان ولا تواريخ ولا ليل ولا نهار . وهبي اني خرجت من هذا المكان ثم لم اعد إليه ، هل تفارقه روحي أو يفارقه قلبي ؟ وهل لي عليها سلطان ؟ ليتَه كان ! نعم ليته كان ، فـ اريح واستريح ، فـ إن كانا باقيين هنا حضرت أن غبت شئت أم أبيت ، فما الذي نصيبه بـِ البعد غير خيانه القلب والروح ؟ وهل يكون الشيء معدوما طالما بقي سرًا في القلب حتى إذا افصح عنه وجد ! إذا افصح عنه ولا أبالي ، فهو موجود ! لا أقمعه فكأنني أنكر نفسي ولكن ، أصونه بالعفاف و احفظه بالتذمم وأكرمه بالوفاء . ولقد وجدتني أفكر بك ثم أستذكر السدود ، الحدود و القيود ، فـ أفرغ منها إلى الخيال والوهم . خيال الصبيّ أول بلُوغه الحُلم ، يصنع الدنيا على مثال أحلامه هنا في عقله ، حين يرقد لنومه فـ يزوره طيف المرأة الناضجة الشابة ، التي دونه ودونها كل الأسباب . فـ إذا رقد وزاره الطيف قبال نومه، فزع إلى أوهامه وخيالاته ، يخترع أزمنة غير هذه الأزمنة ، أمكنة غير هذه الأمكنة ، بشرا غير هؤلاء البشر ، وقواعد غير التي نحيى بها ! وقد يصور نفسه وياها قد اجتمعا من غير ميعاد في مركب ! يحطمه الموج ، ليجد نفسه وإياها ، وحيدين في جزيرة منقطعة لا حياة فيها ، ولا سبيل إلى الخروج منها أبد العمر ! وهكذا تتواطأ الضرورات بـِ أحكامها لـِ تلبي مطالب الرغبة .. فـ إن كان هذا الصبي آثماً فليس على وجه البسيطة إلا آثم ! ذلك هو فضاء القلب والروح فـ كيف ننكره على أنفسنا فـ ننكره على الجملة ؟!