الخطاب المنتشر مؤخرا بتاع "لو مش مرتاح في علاقة من حقك تنهيها بدون أسباب ولا مبررات"، واللي الناس بتوصف أصحابه إنهم توكسك بحسب المصطلح الشائع، وهما توكسك فعلا إن جاز التعبير، هو في الواقع صورة عن نمط المجتمع الاستهلاكي الحديث بشكل عام، وأحد تجلياته الأكثر انحطاطا.
منظومة السوق الرأسمالية لعبت في دماغ الناس لحد ما خلتهم كائنات مُستهلِكة في كل شيء، حتى على مستوى العلاقات الإنسانية.
الشخص ده مش عاجبك؟ ارميه في الزبالة، الشخص ده كان عاجبك في فترة وبعدين بقى مش عاجبك؟ ارميه في الزبالة وهات غيره.. دايرة استهلاكية مغلقة بتفرغ الإنسان من تعقيداته وخصوصيته البشرية وبتحوله لسلعة للتبادل في السوق بحسب مبدأ العرض والطلب.
إريك فروم يمكن هو أول واحد اتكلم عن الموضوع ده في كتابه "المجتمع العاقل" لما اتصدم بنمط الحياة والعلاقات في المجتمع الأمريكي، وأطلق عليه "التوجه التسويقي" وهو لفظ مؤدب أوي بصراحة بالنسبة لوقاحة الوضع، وقال حرفيا إن الإنسان تحول لسلعة حتى على مستوى العلاقات الإنسانية.
منظومة السوق من البداية وهي بتقنع الناس إن الحل فردي والنجاة فردية، وده انعكس بالتدريج على رؤية الناس لكل شيء، فمفيش مشكلة بالتأكيد لما ألاقي نفسي مش مرتاح في علاقة، أقطعها بدون مقدمات ولا مبررات، ما أهم حاجة إن أنا أبقى مبسوط ومرتاح ومش مهم شعور الطرف التاني.
هو سيادتك لما الجزمة بتوجعك في رجلك بتقعد معاها تفهمها إنها بتوجعك وبتحاول تلاقي حل للموضوع؟ أكيد لا، بترميها وبتجيب جزمة جديدة.
هو كدة بالظبط، عامل الناس زي الجزم، ده اللي السوق عايز يعلمهولك.
اسف ع الالفاظ الخارجه بقى بس بقى موضوع مستفز