عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-22, 07:08 AM   #1
إرتواء

الصورة الرمزية إرتواء

آخر زيارة »  اليوم (07:01 AM)
سبحانك اللهم وبحمدك
أشـهد أن لا إله إلا أنت
أسـتغفرك وأتـوب إليك

 الأوسمة و جوائز

Icon37 صديقي لم يكن عاديًا ! قصة قصيرة ~






بينما كنت أفكر في موضوع أن الشخصَ العادي أحيانًا هو شخصٌ مميزٌ لأحدهم، وعن موضوع الصداقة ومفهومها
ولمجابهة أرقٍ مزعج بالأمس، كتبت هذه القصة القصيرة، التي أكملتها صباح اليوم!


تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
لدي صديقٌ يراه الناسُ عاديًا جدًا، بدءً من شكله العادي الذي يجعل الآخرين ينسونه بسرعةٍ، ولا يلاحظون وجوده أحيانًا، وغالبًا لا يتذكرون اسمه؛ رغم تذكرهم لبعض أفعاله النادرة. حتى عندما كنا في المدرسة، رغم إجتهاده وذكاءه لكن المعلمين لم يلاحظوا هذا الأمر، أتعجب كيف أن واحدًا منهم لم يفهم أن صديقي هذا ليس عاديًا تمر عليه مرورًا عابرًا! كان يجب أن يعطوه حقه في الفخر به والمدح، لكن الأمر الغريب ورغم درجاته العالية كأنه لا يُرى؛ فقط لأنه شخصٌ عادي جدًا بالنسبة إليهم!

صديقي بالنسبة إليّ ليس عاديًا، بالنسبة إليّ هو شخص يفوق العادي لكن لا أحد يراه كما هو عليه سوى أنا، ربما لكثرة السنين التي جمعتنا. بدأ الأمر عندما انتقلنا إلى منزل جديد، كنت في السادسة، لم أتوقع أن أجد صديقًا بسرعة، حدث هذا في يوم انتقالنا بسرعة، كنت أبكي لأنني أفتقد منزلي السابق وأفتقد أصدقائي، فكرت أنني منذ الآن سأكون وحيدًا، لكن ما حدث أن صديقي بمجرد أن رآني أتى إلي وقال (هيا نلعب) لقد إلتقينا حينها فقط لكنه أراد اللعب معي، منذ ذلك اليوم بدأت صداقتنا، إنها صداقة طويلةُ المدى ومنذ الطفولة لهذا أنا أحب صديقي.

صديقي هذا هادئ جدًا، غالبًا يحب الصمت، لكن أحيانًا تجده مزعجًا يحب الثرثرة، يصبح شخصًا آخر، لا أقول أنني لا أتحمل، أُفضل الهادئ الذي يقول كلامًا قليلًا، لكن أيضًا أُحب نوباتِ الثرثرة تلك، التي تجعله يبدو أحمقًا لكن بشكلٍ ذكي جدًا.
صديقي لديه أضعاف الأحلام التي لديّ لذلك يرى نفسه أحياناً حزينًا لأنه لا يستطيع الوصول إليها جميعًا! (صديقي العزيز هوّن عليك، لقد حققتَ أحلامًا وأهدافًا كثيرة تفوق ما حققته أنا في نفس الفترة!) فيجيبني (ليس بعد، هذا ليس كافٍ في هذه الحياة) أتسائل إن كان هذا طمعًا أو شغفًا، لكني أحب أن أعتبره شغفًا لأنني أعلم أن صديقي هذا خلوقٌ جدًا وليس بطماعٍ!

قلت له مازحًا ذات مرة (بذكائك هذا، يمكنك السيطرة على العالم يومًا ما) لقد غضب عليّ لأول مرةٍ حينها وقال لي ردًا غريبًا (لا يُفكر بالسيطرة على العالم وعلى غيره إلا جاهل، الذكي سيفكر كيف يصلح هذا العالم ويُحسنه) فعلًا عندما أفكر في هذه الحادثة الآن وأرى مايحدث في العالم أوقن أن كلامه كان صائبًا، لا يجري للسلطة والسيطرة إلا أُناسٌ تافهون، أما الأذكياء فمشغولون بتطوير هذا العالم وتحسين حياةِ الإنسان، وصنع أدوية لهم، رغم أن الكثير منهم لا أحد يعرف عنه وعن مجهوداته، لكن أولئك التافهون يجدون سُلطةً وسيطرةً وشُهرة!

أتذكر عندما جائني إتصالٌ من أخيه قائلًا باختصار (لقد مات) رغم أنني فهمت مقصده سريعًا، لكن أردت أن أنكر الخبر وأسأله لأتأكد مما يقصد (من مات؟) فأجابني (صديقك مات) أعلم أن إجابته كانت مختصرةً لأنه حزينٌ جدًا، فمثلما كان صديقي رائعًا بالنسبة إليّ؛ كان كذلك بالنسبة لعائلته. صديقي مات في الثلاثين من عمره، دامت صداقتنا لربع قرنٍ من الزمان، لم أجد بعده صديقًا مثله، لهذا صديقي كان غير عاديًا وليس له مثيل. كنا نتخيل كيف سيصبح أبنائنا وكأنهم أبناء عمٍ وربما أيضًا أصدقاء، ونتخيل أن نشيب معًا وأن يرى كلانا حفيد الآخر.

صديقي العزيز، أكتب عنك وأنت لست موجودًا معي الآن، أنت تحت الأرض، عسى خالقك أن يرحمك رحمةً واسعةً!
مر عشرون عامًا على فقدك، وأنا الآن في الخمسين وأفكر أن غدًا هو يوم ميلادك الخمسين، ولو كنا معًا لذهبنا لرحلةٍ. سيأتي لزيارتي إبنك الذي أصبح عمره أربعًا وعشرين سنة الآن مثل عُمر صداقتنا عندما كنتَ حيًّا، وسيقول لي مثل كل سنة (يا عم، عسى الله أن يجمعنا به في الجنة) إبنك يشبهك أيضًا، رائعٌ وغير عادي، رغم أنك رحلت عنه وهو في الرابعة من عمره فقط، ومثلما أحببتك صديقًا لي؛ أصبح صديقًا لأبنائي وبمثابة ابن عم لهم كما حلمنا سابقًا.





 


رد مع اقتباس