عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-22, 07:55 AM   #1
إرتواء

الصورة الرمزية إرتواء

آخر زيارة »  05-03-24 (07:01 AM)
سبحانك اللهم وبحمدك
أشـهد أن لا إله إلا أنت
أسـتغفرك وأتـوب إليك

 الأوسمة و جوائز

Icon30 « خارطة العالم الخيالي » - مشاركتي








ملاحظة: -ما كتبته يندرج تحت تصنيف أدب الخيال لليافعين.

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

ما معنى أن تملك عائلتك متجر كتب؟ يعني أن تبحر بسعادةٍ بين الكتب، تقرأ الكثير، ليس دائمًا ما تشاء لأن هناك رقابة من والدينا لنا، لكن الكثير، والكثير. رغم أننا في بداية القرن الواحد والعشرين وهناك الكثير من وسائل الترفيه بيننا بدءً من برامج التلفاز المنوعة، حتى جهاز الحاسوب الذكي الذي لا يهمني منه سوى القراءة فقط.
أقرأ كثيرًا أدب الخيال، وأحب أن أبقى في كثير من أوقاتي أتخيل تلك العوالم، بينما أخي التوأم لا يهتم بهذا، نحن توأم مختلف بدايةً من شكلنا وحتى إهتماماتنا، يقرأ كل شيء إلا قصص الخيال؛ لكني أقرأ كل شيء حتى عالم الخيال. قال هذا الأحمق ذات مرة (الخيال لن يفيدكِ) يظن أن قصص الخيال لها سنٌ محدد أي تحت سن العاشرةِ مثلًا. أريده أن يريح عقله قليلًا ويقرأ معي حتى نتشارك الآراء ونتناقش فيما نقرأ لكنه يأبى ذلك. صحيح أنه أحمق لكنه أخي وأحبه. نختلفُ، لكن لا بأس بإختلاف أفكارنا وإهتماماتنا.

ذات يوم، عندما كنت أبحث في المخزن عن بعض الكتب القديمة، وجدت كتابًا غريبًا جدًا وأكاد أجزم أن غلاف الكتاب يبدو كأنه وجه شخصٍ نائم، فتحته لأجده فارغًا ماعدا صفحة واحد تحملُ عبارة (لقد أيقظتني، أحضري لي تفاحةً خضراء الآن!) كان الأمر غريبًا بهذه الطريقة وكأنه أمرٌ من أحدهم، فضولي جعلني أحضر تفاحةً خضراء لحسن حظي أنه موسمها الآن، ووضعتها بجانب الكتاب لأرى ماذا سيحدث، أو هل سيتغير الأمر، لكن العجيب أني رأيت الحياة تدُب في غلاف الكتاب وأخذ يأكل التفاحة مثل بشري. تملكني رعبٌ لهذا المنظر، مخلوق غريب يشبه الكتاب أو هو كتاب حي لا أعلم ماذا أصفه، وفجأة إلتفت إليّ وقال (يبدو أنكِ تفهمين جيدًا ما دمتِ قد أحضرتي التفاحة بسرعة). فهمت حينها أن العبارة كانت أمرًا مكتوبًا عن طريق الكتاب نفسه وليست موجودة في السابق، سألته (لماذا بالذات تفاحة خضراء)، رد علي (هل تذكرين تلك التفاحة التي سقطت على رأس نيوتن وجعلته يفكر في الجاذبية الأرضية؟ التفاح ربما تبدو فاكهة عادية للكثيرين، لكنها مميزة بطريقةٍ ما في التاريخ! لكنني الآن أمزح، هي فقط فاكهتي المفضلة) ضحك فسألني عن التاريخ وأجبته، فقال (يعني أنني استيقظتُ بعد خمسين عامًا من النوم، لم يهتم بي أحدٌ غيرك خلالها، أظن أنه يجب علي شكرك)، تسائلت (كيف ستشكرني؟)
(هناك خارطةٌ للعالم الخيالي يتمُ تحديثها باستمرار عبر الزمان، لديك فرصة للسفر خلالها لعدة عوالم منها المهم أنكِ قد قرأتها، كما أن لديك خيارٌ لإختيار مرافقٍ معكِ للرحلة) ثم فتح الكتاب نفسه وخرجت ورقة قديمة فيها خريطة للعالم السحري. ظننت أنني بداخل حلم ما، ولكي أصحو منه لا بد من أخي الأحمق، ذهبت إليه وأحضرته عند الكتاب، لم أخبره بشيء، لكن فجأة سمعت الكتاب يقول (إذن اخترتِ هذا الفتى ليكون مرافقك؟) فزع أخي عندما سمع الصوت وقال لي (ماذا تفعلين؟ خدعةٌ سخيفة؟) هززت رأسي بلا وأشرت للكتاب، نفذ صبره أكثر وسألني (من أين أتيتِ بالمال لشراء هذه اللعبة؟) لم أرد عليه لأن الكتاب رد غاضبًا (من تنعتُ باللعبة أيها الفتى الشقي) لقد أسعدني ذلك الرد، يستحق أخي من يغضب عليه أحيانًا.

حينها وبعد شرح طويل صدّق أخي قصة الكتاب ورغم رفضه لمشاركتي الرحلة، إلا أن الكتاب قال له (ليس لدي وقت للجدال بينكما، وأنت تبدو متفرغًا الآن وتستحق بعض التغيير، ستذهب رغمًا عنك) ثم أضاف: (تذكرا شيئًا واحدًا: لا تحاولا تغيير أي قصة)، تسائلت (لماذا) فقال (هناك قصصٌ سببت تغييرًا في حياة بشرٍ من الواقع، بعضهم كان كاتبًا أيضًا، تغيير حدث بسيط قد يغير مجرى قصص ويغير المستقبل بعدها).
وما هي لحظة حتى وجدنا أنفسنا في عالم آخر رأيت فيه فتاة صغيرة بحذاءٍ أحمر، أظن أننا في مدينة الزمرد، لقد ميزتها إنها دوروثي. رأيت أخي يبتسم ثم قال (ساحر أوز العجيب) صحيح أنه لم يعد يقرأ قصص الخيال، لكنه كان يقرأ معي سابقًا، كان يبكي عندمًا رقد رجل الصفيح محطمًا ومنبعجا وعجز عن الحركة والأنين، لم أظنه عاطفيًا لهذه الدرجة، لكنه كان صغيرًا و ألطف مما هو عليه الآن. سألني (هل تذكرين ماذا طلب رجل الصفيح؟) أجبته (كان يطلب قلبًا)، وزاد متعجبًا (كيف لرجلٍ لطيف رقيق المشاعر مثله أن يظن أنه بلا قلب؟ حتى أنه رأى نملة وتخطاها حتى لا يؤذيها!). وبمشاعر أخي فجأة أصبحنا حدادين، كنا من أولئك الذين أصلحوا رجل الصفيح، عملنا لثلاث أيامٍ، حتى عاد إلى شكله القديم. حينها عدنا إلى الواقع من جديد ورأينا الكتاب يبتسم لنا َيسألنا (كيف كانت الرحلة الأولى؟)، ابتسمت له (يبدو أن أخي استطاع أن يساعد شخصًا أحبه عندما كان صغيرًا).


أفهمني الكتاب أنني كلما أردت أن أذهب لمكان علي أن أحضر تفاحةً خضراء له، فاكهته المفضلة التي تعطيه القوة الكافية لجعلنا نسافر، هذه المرة ذهبنا إلى بلاد العجائب، لم نُجر حوارًا مع أحدٍ هناك، لكن ما كنت أريد تجربته كان فطر تغيير الحجم، أمنيتي في الطفولة، أن أغير حجمي كيفما شئت! ولحسن حظي وجدت الفطر الذي دل اليسروع الفتاة أَلِيس عليه، حاول أخي منعي من تذوقه لكني عاندته، وبعد تجربته ومعاناةٍ شديدة كما عانت أليس للعودةِ لحجمي الأصلي، تعلمت أن بعض الأمنيات مجنونةٌ ولا يجب علينا تجربتها.


أجمل ماحدث لي بسبب مقابلة هذا الكتاب هو دخول هوغوورتس، العالم الخيالي والأجواء السحرية فيه مدهشة جدًا وأجمل مما تخيلتُ وأنا أقرأ. صادفت جورج وفريد، توأم ويزلي الظريف، لم أستطع حينها كتم سعادتي برؤيتهما، لقد ضحكت كثيرًا خلال قرائتي لهما، وأشعر أنهما من ألطف البشر في هوغورتس، فهم أخي سعادتي وأراد إغاظتي فاستوقفهما وقال لهما (هناك من يريد الحديث معكما) وأشار إلي بتهكم
ابتسم كلاهما، قال جورج (يا له من أمر يُشرفنا يا آنسة) وزاد فريد (من الجميل أن نلتقي بمعجبينا الأعزاء)
حينها سألني جورج (أي من منتجاتنا تحبين أكثر؟) ضحك فريد (يبدو أنها ممن لم يجرب شيئًا بعد يا أخي، ألا ترى أنها تبدو جادةً جدًا مثل هيرماني؟ أظن أنها ستوبخنا الآن)
لا أستطيع الغضب منهما لأنهما مضحكان، أعلم أنهما لا يتعمدان السخرية والأذى، بل إني سعدت كثيرًا لظرافتها هذه مع الجميع حتى أنا الغريبة، فكرت كيف يمكنني أن أحادثهما بدون أن أُغير مسار القصة، لكن لم أعرف وفقط قلت لهما (كونا كما أنتما عليه الآن، لطيفان، عاديان وتحبان المرح وتنشرانه، أتمنى لو كان هناك المزيد منكما في هذا العالم) نظر كلٌ منهما للآخر ثم ضحكا ضحكة لطيفة، وقالا لي بصوت واحد (شكرًا لك، لكن لو سمعت أمنا كلامكِ الآن لغضبت منكِ) ثم أكملا مسيرهما.
سألني أخي (والآن ماذا نفعل؟) فكرت هل أريد المزيد من أرض هوغوورتس فقلت له (في الواقع كنت أريد اللقاء بهاري وهيرماني ورون، أريد الحديث معهم أيضًا مثلما استطعت الحديث مع توأم ويزلي، لكن يبدو أن الكتاب لن يسمح لي بذلك لأنه سيؤثر على مجرى القصة ربما) وما هي لحظة حتى وجدنا أنفسنا في المخزن مجددًا، قال لي الكتاب (يبدو أنكِ أصبحتي تفهمينني جدًا!)


تعجبتُ عندما دخلنا في إحدى رحلاتنا جزيرة ليليبوت، لدهشتي أصبحت في أرض صغار الحجم، أن نكون عمالقة آخرين في بلادهم هذا أمر سيؤثر على مجرى القصة كثيرًا، لكن لحسن حظنا أن غلفر قد رحل لحظتها بقاربه، ولن نؤثر على قصته الخاصة، المشكلةُ كانت أن حاكم ليليبوت لا زال غاضبًا من غلفر، ويبدو أنه أخذ فكرة عامة عن بني حجمنا وأراد عقابنا بدلًا منه، غضبت عليهم (لا أجد مبررًا لأخذِ العقاب عن فعل اقترفه شخص آخر!) فتم الرد علينا (لا يهم رأيكم في هذا الأمر بما أنكم هنا الآن)، سألني أخي (كيف سننجو؟) أجبته (سنهرب بسرعة للشاطئ وسنحاول أن نذهب إلى بليفسكو، فحاكمها لم يفقد رشده بعد) ولحسن حظنا أنه قد سمع بنا بسرعةٍ وأرسل لنا سفينةً ليحضرنا إليه، شكرناه كثيرًا، لم نتوقع ذلك منه ذلك، لكني تذكرت أنه كان شخصًا جيدًا مع غلفر حتى النهاية. أخبرنا أنه يمكننا البقاء ماشئنا لكن إن أردنا العودة لموطننا فيمكنهم المساعدة، شكرناه مجددًا لأنه لا حاجة لقارب لنا، وهذه المرة عدنا لواقعنا بإرادتنا الخاصة تمامًا!


وهكذا أكملنا مسار رحلتنا ننتقل من عالمٍ لآخر، هناك عوالم لم أقرأ لها بعد، لذلك ضاعت فرصتي للسفر إليها والعيش في أجواءها، لقد تمنيت لو أنني قرأت المزيد والمزيد؛ مثل هذه العوالم الجميلة تستحق وقت فراغي فعلًا؛ إنها تُسعدني وتُعلمني أشياءً لا أصل إليها في الواقع. الكتاب عاد لنومه مجددًا بعدما أوفى بشكره لنا وأكثر، حاولت عدة مرات جلب تفاحات مختلفة له، لعل ذوقه تغير، لكن لم يستيقظ. لا أعلم من المحظوظ الذي سيصادف هذا الكتاب لاحقًا، لكن أتمنى أن يكون قارئًا نهمًا يعشق الخيال؛ ليعيش مغامراتٍ أكثر جمالًا مما عشنا.






 


رد مع اقتباس