عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-22, 08:08 AM   #11
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:24 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

1️⃣1️⃣

أسباب الإحباط واليأس من إمكانية تقليد الصحابة

نريد أن نقف وقفة تحليلية حول الإحباط واليأس عند سماع قصص الصحابة، أقول: لا داعي للإحباط ولنكن عمليين، ولنبحث عن أسباب الإحباط لكي نعالج المسألة علاجاً متكاملاً، والحقيقة أنني قد وجدت بعض الأسباب التي أورثت في اعتقاد كثير من المسلمين أنه يصعب عليه جداً تقليد الصحابة،
وهذه الأسباب تتلخص فيما يلي:

أولاً: عدم وجود النبي ﷺ بيننا؛

لأنه هو الذي ربى الصحابة، وعليه فغير ممكن أن نكون مثل الصحابة،
وهنا سأسألك سؤالاً في غاية الأهمية: هل وجود الرسول ﷺ حتمي للدلالة على الطريق الصحيح؟

أي: هل من أجل أن نعرف الطريق الذي يريد الله عز وجل منا أن نمشي فيه أن يكون الرسول بيننا؟
إذا كان حتمياً فلا أمل في الوصول؛ لأنه ﷺ قد مات ولن يعود إلى يوم القيامة،
وإذا لم يكن حتمياً فهناك أمل في أن نصل إلى ما وصل إليه الصحابة، وتعالوا بنا لنرد على هذا السؤال بهدوء، ونرى ما هي الإجابة عليه؟

بداية لا ينكر أحد أهمية وجود النبي ﷺ في هذا الجيل الأول، بل لا يكون هناك دين من غير رسول الله ﷺ ؛ لأن الرسول ﷺ هو الذي كان يتلقى عن رب العالمين سبحانه وتعالى، ثم إنه كان القدوة الكاملة الحسنة في كل شيء لكل المؤمنين، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:21]،

واسأل نفسك الآن؟

هل اختفت القدوة النبوية من حياتنا بعد وفاة رسول الله ﷺ ؟ أبداً،
فما زالت سنته وطريقته وكلماته حية بين أظهرنا، وستظل حية إن شاء الله إلى يوم القيامة، وقد أنكر الله بشدة على أولئك الذين فتروا عن العمل، عندما غاب عنهم رسول الله ﷺ ، يقول سبحانه تعليقاً على غزوة أحد: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]،

فهذه الآية نزلت عندما أشيع يوم أحد أن رسول الله ﷺ قد قتل، وعند ذلك أحبط بعض الصحابة فجلسوا في أرض القتال، وفقدوا كل حمية للقتال، وفقدوا كل رغبة في النصر، وكل أمل في الحياة، والحياة بالنسبة للصحابة في الأرض ولو ساعة واحدة مع الرسول ﷺ أفضل من الخلود في الأرض بغير رسول الله ﷺ ، فكانت مصيبة كبيرة جداً فقدان الرسول ﷺ ، وكانت المصيبة على الصحابة أشق بكثير من المصيبة علينا؛ لأنهم عاشوا مع رسول الله ﷺ ، فخالطوه وتعاملوا معه وصلوا خلفه واستمعوا لحديثه، عاشوا حياة كاملة مع رسول الله ﷺ ، ثم بعد ذلك قيل: قد قتل ﷺ ، إنها مصيبة عظيمة جداً،

ومع عظم هذه المصيبة لم يعذرهم ربهم سبحانه وتعالى في عدم العمل بنفس الحمية حتى مع المصيبة الثقيلة، واعتبر أن ما فعله هؤلاء الصحابة كان قصوراً في الفهم يستحقون عليه اللوم الشديد والتهديد المرعب، فقال تعالى: {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا} [آل عمران:144].

وعلى العكس من ذلك تماماً،
فهذا الصحابي الجليل ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه عندما مر على هؤلاء الذين قعدوا بعد إشاعة مقتل رسول الله ﷺ فقال لهم: إن كان محمد ﷺ قد قتل، فإن الله حي لا يموت، فقوموا وقاتلوا على دينكم فإن الله مظفركم وناصركم، ثم قاتل رضي الله عنه وأرضاه حتى استشهد، فـ ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه رجل مؤمن، ورجل واقعي يتعامل مع الواقع الذي يعيشه بكل ظروفه وملابساته، فيعمل في وجود رسول الله ﷺ وفي غيابه، ويتأقلم بسرعة مع الأحداث فيعمل بكل طاقته فيها، وليس هناك أمر تتمناه مستحيل الحدوث، وليس هناك معنى لكلمة (لو) في حياة المسلم، فيقول أحدهم:

والله لو كنت في زمان رسول الله ﷺ لفعلت كذا وكذا، ولكن قدر الله وما شاء فعل،
فأنا لست صحابياً، لذلك لن أستطيع أن أعمل مثل الصحابة.

هذا وهم، (فإن لو تفتح عمل الشيطان) كما جاء عنه ﷺ في صحيح مسلم، ثم ما أدراك أنك إذا كنت في زمن النبي ﷺ أنك تتبعه؟ فقد كان هناك آلاف من المشركين الذين كانوا معاصرين للنبي ﷺ ، ومع ذلك حاربوه عليه الصلاة والسلام، وكذلك فقد كان هناك آلاف من المنافقين عاشوا في المدينة، وصلوا في مسجد رسول الله ﷺ خلفه مباشرة، ومع ذلك ما آمنوا به.

أيضاً ما أدراك أنك كنت ستتغلب على فتنة ترك دين الآباء، وفتنة اتباع نبي من قبيلة أخرى، وفتنة المحاربة من أهل الأرض أجمعين، وفتنة التعذيب والتجويع والهجرة؟ اعلم أن ما اختاره الله عز وجل لك هو الأفضل، لذا لا يُقبل من المسلم أن يتعلل بغياب رسول الله ﷺ في أنه لا يفعل مثل الصحابة، بل يكون حاله وفهمه كفهم ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه، وأعظم منه كان موقف أبي بكر رضي الله عنه.

... يتبـــــــــ؏.....


 

رد مع اقتباس