عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-23, 07:07 AM   #1449
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:23 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





قال الحافظ ابن رجب
رحمه الله تبارك وتعالىٰ - :

ولما كان الآدمي مركبًا من جسد وروح ، ولكل منهما غذاء يتغذي به ، فكما أن الجسد يتغذي بالطعام والشراب ، ويلتذ بالنكاح وتوابعه ، وبما يشمه ويسمعه ، فكذلك الروح لها غذاء تتغذي به ، هو قوتها .

فَإِذَا فقدته مرضت أعظم من مرض الجسد بفقد غذائه ، ومتىٰ كان الجسد سقيمًا ، فإنه لا يلتذ بما يتغذىٰ به ، ولا يميلُ إِلَىٰ ما ينفعه ؛ بل ربما مال إلىٰ ما يضره .

فكذلك القلب والروح ، إذا مرض فإنه لا يستلذ بغذائه ، ولا يميل إِلَيْهِ ، بل يميل إِلَىٰ ما يضره ، ولا قوت للقلب والروح ، ولا غذاء لهما سوىٰ معرفة الله تعالىٰ ، ومعرفة عظيمة وجلاله وكبريائه .

فيترتب علىٰ هذه المعرفة ، خشيته
وتعظيمه ، وإجلاله والأنس به، والمحبة له والشوق إلىٰ لقائه ، والرضا بقضائه .

فمتىٰ سكن ذلك في القلب كان القلب حيًّا سليمًا ، وهذا هو القلب السليم ، الَّذِي لا ينفع يوم لقاء الله غيره ، ومتىٰ فقد القلب ذلك بالكلية صار ميتًا ، فإن فقد بعضه كان سقيمًا بحسب ما فقده ، لاسيما إِن اعتاض عما فقده من ذلك ، بما يضاده ويخالفه .

وإذا علم هذا ، فإن الله تعالىٰ أمر عباده في كتابه ، وعلىٰ لسان رسوله ، بجمع ما يصلح قلوب عباده ويقربها منه ، ونهاهم عما ينافي ذلك ويضاده ولما كانت الروح تقوىٰ بما تسمعه من الحكمة والموعظة الحسنة ، وتحيىٰ بذلك : شرع الله لعباده سماع ما تقوىٰ به قلوبهم ، وتتغذىٰ وتزداد إيمانًا ، فتارةً يكون ذلك فرضًا عليهم ، كسماع القرآن ، والذكر والموعظة يوم الجمعة في الخطبة والصلاة ، وكسماع القرآن في الصلوات الجهرية من المكتوبات .

وتارةً يكون ذلك مندوبًا إِلَيْهِ غير مفترض ، كمجالس الذكر والمندوب إليها ، هذا السماع حاد يحدو قلب المؤمن إلىٰ الوصول إلىٰ ربه ، وسائق يسوقه ويشوقه إلىٰ قربه ، وقد مدح الله المؤمنين بوجود مزيد أحوالهم بهذا السماع ، وذم من لا يجد منه ما يجدونه .


【 نزهة الأسماع في مسألة السماع ، ضمن مجموع الرسائل (٤٦٨/٢) 】
‏============

يقول الإمام ابن القيِّم رحمه الله:

إنَّ الجهلَ موتٌ لأصحابه، كما قيل :

وفي الجهلِ قبل الموتِ موتٌ لأهله .. وأجسامُهم قبلَ القبورِ قبورُ.

وأرواحُهم في وحشةٍ من جسومهم .. فليس لهم حتى النشورِ نشورُ.

فإنَّ الجاهلَ ميتُ القلبِ والروح، وإنْ كان حيَّ البدنِ فجسدهُ قبرٌ يمشي به على وجه الأرض.

قال الله تعالى : أَوَمن كان مَيْتاً فأحييناهُ وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها، وقال تعالى : إنْ هو إلا ذِكرٌ وقرآنٌ مبينٌ لينذر من كان حيَّاً ويَحِقَّ القولُ على الكافرين،

وقال تعالى: إنَّك لا تُسمعُ الموتى ولا تُسمعُ الصمَّ الدعاءَ، وقال تعالى : إنَّ الله يُسمع من يشاء وما أنت بمُسْمِعٍ مَن في القبور، وشبَّههم في موتِ قلوبهم بأهل القبور، فإنَّهم قد ماتت أرواحُهم، وصارت أجسامُهم قبوراً لها، فكما أنَّه لا يسمع أصحابُ القبور، كذلك لا يسمع هؤلاء .

مدارج السالكين
بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

مجالس الصالحين📚


 

رد مع اقتباس