كنت من المدعوين في ليلة عند أحد الأصدقاء بمناسبة
إفتتاح منزل ابنه الكريم . وما أن بدأ الحديث حتى تحول
من مباركة في المنزل ودعاء للنّازل إلى حديث
عن الفتوى بكشف الوجه أو تغطيته .
حاولت تغيير الجوّ فقلت لهم أن جحا تزوّج بإمرأة جميلة
فاتنة . وكان مذهبهم يقضي بكشف وجه المرأة . وكل
ما مرّ جحا وزوجته بناس ألتفتوا للنظر إلى زوجته حتى
تكاد رقابهم تتكسر وهم يتابعونها . تضايق كثيرا جحا
ولم يجد حلاًّ إلاّ أن يتخلّص من زوجته الفاتنة ويستبدلها
بأخرى قبيحة . وتعمد أن يذهب إلى نفس الأماكن ويمر
بنفس الأشخاص ليرى كيف سيكون الفرق ، وكلما
مرّ بناس أشاحوا بوجييهم بل وعَمِد بعضهم إلى وضع
حجاب بينها وبين نظره ، أما بيده أو بجزء من عمامته
لكي لا يرى ذلك الوجه الذي يسدّ النفس .
فكّر جحا وقال في نفسه . إذا الناس لم يطيقوا النظر
إلى وجه هذه القبيحة فلماذا أتحمّله أنا في المقعد
والمرقد . فقرر أن يتخلّص منها .
وقبل أن أكمل قبض رجله رجل كبير في السن والعقل
والحكمة وقال لا تكمل يا أبا أحمد ... لا تكمل . وصلت الرسالة !