عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-23, 09:17 PM   #257
عبدالله همام

الصورة الرمزية عبدالله همام

آخر زيارة »  اليوم (01:23 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



فقد أحبَّته من حيث لا تدري؛ فإن الخوف من الحب هو الحب نفسه، بل شعرت في حبه بسعادةٍ لم تشعر بمثلها من قبل، فأصبحت تستقبله كل يوم في منزلها، وتأنس.
فأقبلت عليه تحدِّثه وتقول: «عرفتك يا «أرمان» فعرفت فيك الرجل الكريم الذي أحبَّني لنفسي أكثر مما أحبني لنفسه، والصديق الوفي الذي امتزجت في قلبه عاطفة الحب بعاطفة الرحمة والحنان، فأوى إليَّ مريضةً حينما جفاني الناس لمرضي، وعاش معي بلا أملٍ حينما انقطع الناس عني لانقطاع أملهم مني، فأضمرت لك في قلبي من الحب والاحترام ما لم أضمره لأحد سواك، وسعدتُ بك سعادةً لم أشعر بمثلها في يوم من أيام حياتي.
فعلمتُ — وا أسفاه — أنني قد أصبحت عاشقة، وأن هذا الذي يختلج في قلبي، ويقيمني ويقعدني، إنما هو الحب والغرام، فقضيت ليلة الأمس كلها أفكر في طريق الخلاص من هذه النكبة العظمى التي نزلت بي، فلم أجد أحدًا يخلصني منها سواك، فأنا أسألك يا «أرمان» باسم الصداقة والود الذي تعاقدنا عليه بالأمس، بل باسم الدموع التي طالما كنت تسكبها رحمة بي وإشفاقًا عليَّ، أن تنقطع عن زيارتي منذ اليوم، وأن تسافر إلى أهلك الليلة إن استطعت، ثم لا تَعُدْ إليَّ بعد ذلك، فأحمل نفسي على الصبر عنك حتى يمنَّ الله عليَّ براحة اليأس منك!»
ثم نظرتْ إليه لترى ما يقول، فإذا هو جامد مصفر، كأن وجهه وجه تمثالٍ منحوت، وإذا عيناه شاخصتان إليها شخوص العين القائمة التي تنظر إلى الشيء ولا تراه، وبعد لأيٍ ما استطاع أن يحرك شفتيه، ويقول لها بصوت خافت كصوت الضمير: «وما يخيفك من الحب يا مرغريت؟»

منقول للمنفلوطي أسلوبه عجيب في الكتابة رحمه الله