عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-23, 06:14 PM   #12
مولانا

الصورة الرمزية مولانا
𝐌ỚђᾂммĚĐ

آخر زيارة »  اليوم (11:17 AM)
المكان »  حافة الأشياء
الهوايه »  القراءة، المشي، التأمل، البكاء «أحيانًا»

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



- بالأمس .. دخلتُ أصلى الظهر .. فى مدينة ما .. والحقيقة أننى لم أكن أعرف من أهل المكان أحدا ..
وبعدما سلمت .. إلتفتُّ إلى المصلين أختم الصلاة .. وبالنهاية بقى رجل من أبناء الخمسين ربيعا .. فسألته عن توسعة هذا المسجد وانبهارى بها .. فلم يكن بهذا الاتساع من ذى قبل وقد صليت هنا مرة من ذى قبل...
حدثنى الرجل عن عطاءات أهل الخير للتوسعة والنفقة ، فلما رأى عجبى .. قال لى يا بُنَى :
لأحدثنك بما هو أعجب .. !
لقد كنتُ فقيرا لا أجد قوت يومى ، أعيش أنا وأولادى فى كوخٍ صغير من القش والحطب .. يعطف علينا الناس ، ويزورنا أهل الفضل ..
جلستُ يوما مع صديق لى فقال : لماذا لا تفكر فى شراء بيت لك ولأولادك ... ؟
فضحكتُ وقلت : الإيد قصيرة .. والعين بصيرة ... من أين أشترى إذن ؟
قال صاحبى : حتى لو بِعتْ دهب مراتك والسرير والدولاب كمان ... !
يقول الرجل .. فكرت فعلا فى الأمر بِجِدّ .. ثم بلغنى أن رجلا يبيع قيراط أرض بأربعة آلآف جنيه ( طبعا هذه الأسعار غير موجودة حاليا .. لكنه كان سعر ذاك الزمن )
فقال : أسرعت إلى زوجتى وأخذت ما معها من ذهب وبِعتُ السرير والدولاب وحاجيات أخرى .. حتى دبرت الثمن واشتريت القيراط ..
- بعدها بشهور إقترضت من صديق لى مبلغ لأستعين به على البناء ...
بنيتُ بيتى المتواضع ثم جعلت على سقفه القش والحطب ... وقتلتنا برودة الجو .. ومياه الأمطار ..
لكن فى الأخير .. أصبحنا أثرياء ... نملك بيتا ..!!
كان الرجل يحدثنى بنبرة بكاء .. وترغرغت عيناه فعلا ..
قال : فاجتمع أهل المكان على أن يبنو مسجدا بجوار بيتى ... لكن ثمة مشكلة .. ✋
فالمكان الذى أُختير للمسجد ضيق جدا ... ولا يكفى .. بل هُم فى حاجة إلى التوسعة .. !
قال الرجل :
فبِتُّ ليلتى هذه فى صراع شديد .. لكنى واجهت زوجتى بالأمر المحتوم ... !
وفى اليوم التالى ذهبت لإمام المسجد وبيدى عقد تنازل عن بيتى الذى كان يوما ما حلم حياتى ... !!
نعم يا بُنَىَّ ... لقد كان الصراع مع النفس شديد ...
لكن .. من يرفض عقدا طرفه مع الله..؟؟!
إقشعر جسدى وأنا أسمع هذا الكلام العجيب ..
فقال الرجل :
ما أبديته أنت من غرابة ... مثل الذى أبداه إمام المسجد ... بل لقد صرخ الإمام : هو إنت مجنون ؟!!
لكن بعد شدٍّ وجذب .. أخيرا وافق وقبِل العرض بعدما قلتُ له سأعود ثانية واولادى للعشة !!
حكى لى الرجل أحداثا كثيرة وتفاصيل تقشعر لها الأبدان .. لا أريد أن أُطيل بها مقالى الطويل أصلا ..
لكن العجب أنه قال لى بعد تنازلى عن بيتى بشهر واحد .. عرَض علىَّ أحدهم شراء قيراط أرض آخر فى مكان أوْجَه وانسب من هنا .. ولكن كيف وقد ذهبَ كل شيء وانتهى ؟
- فى ذات اليوم جاءنى صديق بمبلغ كبير من المال وقال اجعل هذا عندك أمانة لفترة غير معلومة وتصرف فيه كما تشاء فأنا لا أريده الآن .. !
- قال فاشتريت الأرض .. وبنيت عليها بيتا جميلا .. واشتريت سيارة نقل أَتَكَسَّبُ منها .. وأكرمنى الله منها كرما كبيراً .. وبدأتُ بتجميع مال صديقى .. حتى اكتمل نصابه ، واشتريت بما توفر معى بعدها قطعة أرض تَضَاعفَ سعرها أكثر من عشر مرات عن ثمنها الذى اشتريتُها به ... !
تنهد الرجل ثم قال : ولو تكرر الأمر فى طلب بيتى الآن لفعلتُ ما فعلته قبل ... لقد جربتُ التجارة مع الله يا بُنَىَّ ..
ثم أخذنى وأرانى سيارة النقل .. ( سيارة الخير ) كما قال ..
فعجبتُ لحديثه وحاله ... وكم فينا أقوام تراهم فلا تقيم لهم وزنا ... ولكنهم عند الله جبال .. !
- تاجروا مع الله بصدق .. ولا تختبروا عطاياه لكم .. ولا يكونن هَمُّ الرجل : قد أعطيتُ فأين عطاء الله ؟!
ولكن أن تعطى بصدق ..


 

رد مع اقتباس