الموضوع: رحله مع كتاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-23, 07:22 AM   #254
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة كتاب "مواطنة متلبّسة بالقراءة" للكاتبة الكبيرة غادة_السّمّان
إنّ القراءة نافذةٌ تُطلع بصيرتنا إلى عوالم لا حصر لها، حيث يمكننا التعرّف إلى أفكار الآخرين واكتشاف الحقائق المخفية وراء الكلمات المكتوبة. ولكن هل نقتصر على قراءة الكلمات الموجودة أمامنا؟ هل نقف عند السطر المكتوب أم نبحث عن المعاني العميقة والرسائل المستترة خلف هذه الكلمات؟ هذا ماتطرحه، وتجيب عنه الكاتبة الكبيرة "غادة السّمّان" في كتابها "مواطنة متلبّسة بالقراءة" من خلال مراجعتها للعديد من الكتب والأعمال الأدبية الخالدة.

تحاول الكاتبة إثبات أنّ الكلمات قد تكون مجرد واجهة ظاهرية تخفي وراءها الكثير من الحقائق والمشاعر التي لا يمكن أن نراها بوضوحٍ إلا إذا قرأنا المعاني المحتشدة بين السطور؛ قد يتطلب ذلك منّا فهم الرموز والاستدلالات غير المباشرة لاكتشاف الرسائل الكامنة والأفكار العميقة التي يحاول الكاتب إيصالها إلينا.

تقدّم السّمّان عملها هذا للقارئ العادي، وتحفّز عنده التحليل النقدي والبحث عن المعاني الحقيقية التي تكمن في العمق، وتقدّم لنا منظوراً مختلفاً من خلال قراءتها الواعية للكتب وتشاركنا هذا الرأي، ثمّ تختلق آراءاً مخالفة تتوقعها لتضعها محل نقاش إثراءً للفكرة والكتاب.

في عملها هذا مقالاتٍ جمعتها الكاتبة من الصحف والمجلات التي نشرتها وهي مجلة "الأسبوع العربي" و"الحوادث" و"الموتور" وذلك في أزمنة متفرّقة غالبيتها في ستينيّات القرن الماضي، وهذا يعني أنّ الكاتبة لم تؤلّف الكتاب لغرضه، ولايمكن عدّه كتاباً تقليدياً، هو أداة مثالية للترفيه والمعرفة من حيث مرونة التعامل واختيار المقالات دون الاضطرار لقراءته دفعةً واحدة من الغلاف إلى الغلاف.

من مقالات الكتاب: دراسة مبسّطة ورأي للكاتبة حول مسرح اللامعقول وأبرز أعلامه. علاقة الأدب العبثي بالرسم التكعيبي. ظهور آثار الأدب العبثي في الأدب العربي. الكاتب الذي ينحاز إلى الشهرة من خلال تقديم أدبٍ كلاسيكيٍّ سطحي يشبه حكايات الجدّات سعياً لإرضاء الجمهور (سومرست موم أنموذجاً). مقارنة سريعة بين أشهر كاتبَي مسرح في أميركا (تينيسي وليامز وآرثر ميللر). وغيرها من المقالات التي تُعدّ دليلاً معرفياً للأدب بأبعاده المتعدّدة.


صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عن منشورات غادة السّمّان عام 1979، ويقع في 320 صفحة من القطع الكبير، وبالمجمل فإنّ الكاتبة لاتقيّم لنا جودة الأعمال بقدر ما تحاول أن تسلّط الضوء على المكامن المخفية من رسائل هذه الأعمال وأن تلامس الفحوى وأوجه القلق والأمل والحبّ والفقدان التي تكمن في طيّات الكتب.



 

رد مع اقتباس