عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-24, 10:00 PM   #369
عسل أسود

الصورة الرمزية عسل أسود

آخر زيارة »  اليوم (04:29 PM)
المكان »  غريب الدار
الهوايه »  الرياضه، الطبخ والقراءة
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الاستعداد المستحب :
ويتمثل في الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان :

1- أن تخصّ جميع زمان العشر الأواخر من رمضان ليله ونهاره بمزيد من الاجتهاد والعبادة ، فعن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) (23) ، وقالت : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره) وفي لفظ : (وجدّ وشدّ المئزر) (24) ، (وقد قال الشعبي في ليلة القدر : ليلها كنهارها ، وقال الشافعي في القديم : أستحبُّ أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها ، وهذا يقتضي استحباب الإجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ، ليله ونهاره ، والله أعلم) (25) .

2- أن تحيي الليل بالتراويح أو القيام ، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله) (26) ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (27) ، وقال : (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (28) ، واحرص بالنسبة لصلاة التراويح أو القيام ألا تفوت على نفسك ثواب قيام ليلة كاملة بأن تصليها تامة مع الإمام حتى ينتهي منها ، قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) (29) .

3- أن تكثر من قراءة القرآن الكريم ليلاً ونهارًا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما : (أن جبريل عليه السلام كان يلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن) (30) ، وهكذا كان السلف الصالح يقرؤون القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها ، وكان لأبي حنيفة والشافعي في رمضان ستون ختمة في غير الصلاة ، وكان بعضهم يختم القرآن كل ليلة من ليالي العشر ، وربما أشكل على بعضهم ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث ، (وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن ، اغتنامًا للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم) (31) ا.هـ .

4- أن تعتكف في المسجد ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده) (32) ، وحقيقة الاعتكاف : قطع العلائق عن الخلائق للإتصال بخدمة الخالق (33) ، ومذهب جمهور الفقهاء بأن الاعتكاف يتحقَّق ولو نوى المسلم مكث جزء من الزمن في المسجد ، وإن كان المستحب والأكمل والأفضل لديهم ألا يقل عن يوم وليلة (34) ، وقد صحّ عن الصحابي الجليل يعلى بن أمية رضي الله عنه أنه كان يقول : (إني لأمكثُ في المسجد الساعة ، وما أمكثُ إلا لأعتكف) (35) .

5- أن تكثر من الجود ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) (36) ، والجود معناه الاستكثار من سائر أنواع الخير ، كالإنفاق ، وحسن الخلق ، وبر الوالدين ، وبذل الخير ، ونشر العلم ، والجهاد في سبيله ، وقضاء حوائج الناس ، وتحمل أثقالهم ، ومناصرة المستضعفين ودعمهم ، والعمرة في رمضان ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (فإن عمرة في رمضان تقضي حَجَّة أو حَجَّة معي) (37) ، وإفطار الصائمين ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من فطّر صائمًا كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً) (38) ، وغير ذلك .

6- أن تكثر من الدعاء والاستغفار ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةٌ القدر ، ما أقول فيها ؟ وفي لفظ : ما أدعو ؟ قال : (قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) (39) ، والدعاء مستجاب أثناء الصيام ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (ثلاثة لا يُرد دعاؤهم : الصائم حتى يُفطر) ، وفي لفظ : (والصائم حين يُفطر) (40) ، وخصوصًا قبل الإفطار ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد) (41) ، فينبغي عليك أن تكثر من الدعاء بصلاح دينك ودنياك وآخرتك ، ولا تنس أن تخصّ والدَيك وأهلك ومعارفك وإخوانك المسلمين في كل مكان بدعوات صالحات .

7- أن تشارك أهلك وأقاربك ومعارفك ومن حولك معك في العبادة ، وتعينهم عليها ، وتحثهم إليها ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله) (42) ، وفي هذا جانب تربوي عظيم ، فبإصلاح الأسر تصلح المجتمعات ، وبإفسادها تفسد .
وأختم بدرة ذهبية للإمام ابن رجب الحنبلي حول الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان حيث قال : (قد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتهجَّد في ليالي رمضان ، ويقرأ قراءة مرتلة ، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل ، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوَّذ ، فيجمع بين الصلاة ، والقراءة ، والدعاء ، والتفكر ، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها ، والله أعلم) (43) ا.هـ

فالسعيد والله من استعد لهذه العشر ، واغتنم أثمن لحظات العمر ، وفاز بجائزة ليلة القدر ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من السعداء الفائزين .
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .


 

رد مع اقتباس