عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-14, 12:48 PM   #1
شموخ عزي

الصورة الرمزية شموخ عزي

آخر زيارة »  03-19-18 (11:19 AM)
الهوايه »  دراستي ومستقبلي
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

Icon1 قصير يجري خلف طويل




طويل قِصَر خطوته

ما أغرب الحياة وما أكثر تلوناتها ..!!!!
في الماضي كان هناك قول كم ردده أمامنا أهلنا
(إذا رأيت الطويل يجري فإن القصير يلاحقه )

لا أدري من قائله .. لكننا شببنا وكبرنا عليه..وكلما اجتررته حديثا عابرا أجده يحمل صورا مورقة الأغصان ، موجعة الرؤى
أهمها هذه العمارات ،والأبراج التي كلما تأملناها قد تبهرنا من الخارج ليصفعنا ألق بهرجها ، ويجعلنا نشعر بضآلتنا أمام شبح التطور وهو يغزونا ليُلهينا عن أشياء كثيرة ، ونحن نطارده برؤوس أحناها سوط تنكرنا لكل ما هو متجذر بذواتنا
لكننا إذا ما تأملناها بعيني القناعة والرضا نجدها مجرد قصب مجوف لا يسكنه إلا صفير الرياح ..
ليدخلها المرء ويخرج منها صفر اليدين

وكم يقابلها قصير.. نستطيع أن نسقطه شكلا ومضمونا على بيت من الطين مثلا ..
كتلك البيوت التي انقرضت..!
وأقول انقرضت لأننا على مشارف الانقراض كبشر
بعد ما فرشنا آدميتنا لأشياء كثيرة ما كنا لنرضاها لولا عصر الجنون هذا..

فقد لا يعوج الإنسان المتحضر اليوم - حتى تذكرا- على بيت من الطين
ذلك الأصيل الذي انبثقت من ظلماته أنوار وأنوار، ما استطاع بريقُ الأبراج أن يذبلها ..أو يحنيها رغم تعاقب الدهور ، وانكسار أغصان الحقب على صخور الحياة المتقلبة دوما

فكم هو البون شاسع بين هذا وذاك ..!!

أعود دائما إلى الفواصل والنتوءات التي تتوسط الأشياء حلوها ..ومرها..وتربطها بخيط رفيع..
فبسمةُ السعادة يمكن أن تقتلَ ،بذات الطريقة التي قد تقتلُ بها دمعةُ الكمد..
ولكننا كثيرا ما نجري وراء السعادة دائما .. خوفا من سهم الحزن الذي كم نظنه عدوا قاتلا يتربص بنا ..

في السنة الماضية على ما أذكر كان أحد أقاربنا
- وهو في الرابعة والخمسين من عمره- يجلس أمام باب بيته ..
وكان لديه بعض المشاكل البسيطة بصمام القلب.. وكم حذره الأطباء من الغضب ، والقلق ، وكل ما يثير الشجون ..لكنهم لم يحذروه أبدا من أي نوع من أنواع البسمة ..
لأنهم كانوا يصفونها له كبلسم آخر من الضروري أن يبتلع به حبات الدواء ..!!

قلت : ...كان يجلس أمام بيته ..فرأى طفلا طويلا نوعاما يلهث خوفا..
وخلفه قزم يعدو مهددا متوعدا

لم يستطع الهروب من لحظة صفاء لونت صباحه الباهت لينفجر ضاحكا دون انتباه حتى سقط على الرصيف ..
خرجت والدته وزوجته ظنا منهما أنه يمزح فقط حتى يقتل جنود فراغه الذي ألبسته إياه يدُ الأيام دون سابق إنذار ..ثم حمله بعض الجيران إلى
أقرب مشفى ليخبروهم بعد الفحص الدقيق ..أن روحه قد حلقت لبارئها والبسمة مرسومة على وجهه دثارا غطى كل حركاته ليسكنها

والمشهد القاتل هو : ( قصير يجري خلف طويل )..

تُــرى هل ستعدو بيوتنا الطينية يوما وراء هذه الأبراج لتنهكها..؟!
أم أن الطويل سيملأ العيون بفراغه ..وغوغائه دائما حتى يشلها لحظيا..؟
لتبقى الأعناق مُشرئبةً نحو نور مزيف سيبقى مغترا أمام أصالة الطين ..وتجذره برحم الأرض ..

فهل سنبقى نشعر بالانتماء لكل جوهر أصيل ..؟
أم سنجري وراء العرض العابر..؟!
لتتوه بنا الخطى ولا نجد قديما يسند ظهورنا يوما إذا ما تعبنا
لأن القديم دائما هو الوفي الثابت الذي رُصف خرزاتٍ ثمينة بخيط الأصالة الرفيع وإن بهتَ لونه..