عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-14, 09:46 PM   #2
فهد شمر

آخر زيارة »  09-02-16 (12:59 AM)
المكان »  الرياض السعوديه
الهوايه »  استغفر الله واتوب اليه

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هيا بنا نؤمن ساعة مع دمعاته صلى الله عليه وسلم ,وبعض المواقف التي بكى فيها:

الموقف الأول:يوم الفرقان:

يوم الفرقان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يبكي.
هذا الموقف يقول فيه لنا صلى الله عليه وسلم : إلى الله,فالخير بيديه,والشكوى إليه,فهو آمان الخائفين, قال تعالى:{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} .(50) سورة الذاريات

نبدأ بهذا الموقف حتى لا ننساه,ولنحفظه حفظاً وليحفر في الذاكرة.
لماذا؟ لأن أقرب باب يدخل منه العبد على الله هو: ( الافتقار الصرف,دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت إلى سويدائه فانصدع).
ففي يوم بدر جاءت قريش بجيش من خيلها,وجيش من خيلائها,جاءت برؤوسها يسيرون في غابة أشجارها السيوف والرماح ألف من المقاتلين خرجوا بطراً ورئاء الناس,وجاء صلى الله عليه وسلم والمؤمنون في 300رجل معهم فرسين وجمال يتعاقب الثلاثة والأربعة والخمسة على الواحد منها.
ونام الصحابة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح,بات يصلي إلى جذع شجرة ويكرر ويكثر من قول (يا حي يا قيوم) حتى أصبح الصباح وتراءى الجمعان وجاءت قريش فاستقبل صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فيجعل يهتف بربه: (اللهم أنجز لي ما وعدتني ,اللهم آتني ما وعدتني,اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض),وما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط ردائه فأتاه أبو بكر فأخذ ردائه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه, وقال: يا نبي الله كفاك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ}. (9) سورة الأنفال
الله أكبر موقف يخشع فيه القلب وتهتم له النفس ويستيقظ له الضمير,وقف صلى الله عليه وسلم وكله رهبة ورغبة وخشوع لماذا؟أمن أجل دنيا زائلة؟ لا والله إنه لنصرة دين الله ,لا لنفسه ولا لهواه ,ومن كان كذلك كان خليقاً بأن ينصره الله.

الفوائد من هذا الموقف:
1- لا بد لنا من مراجعة الإيمان في قلوبنا,وعبوديتنا لله تعالى...لماذا؟
- لأنه بقدر الإيمان تكون المدافعة ,يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا }.(38) سورة الحـج
- بقدر العبودية تكون الكفاية,يقول الله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}. (36) سورة الزمر
- بقدر الإحسان تكون المعية,يقول الله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. (69) سورة العنكبوت
أمور دقيقة في قلوب العباد لا يعلمها إلا الله وحده,وعليها تترتب النتائج من النصر والتمكين.

2- اللجوء إلى الله تعالى وقت الشدة والأزمات شأن الأنبياء والصالحين...لماذا؟
- لأن الله هو الذي بيده الضر والنفع ,فمن لجأ إليه فقد لجأ إلى ركن متين,قال تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } (17) سورة الأنعام,وقال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }. (62) سورة النمل
- لأن الأمر لله عز وجل,قال تعالى: { وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }. (109) سورة آل عمران
- لأنه جمع العزة والقوة,قال تعالى: { وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}. (25) سورة الأحزاب
- لأنه شديد المحال,فقد جاء عند ابن كثير:"شديد المحال شديد الأخذ".
- لأنه سبحانه له جنود السموات والأرض.
- لأنه تعالى يورث الأرض من يشاء من عباده,لذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يخاف إلا الله ولا يلجأ إلا إليه.

3- من آداب الدعاء رفع الأيدي إلى السماء واستقبل القبلة.

4- هناك نقطة مهمة نغفل عنها,وهي الإلحاح في الدعاء,وهو مظنة الإجابة فها هو صلى الله عليه وسلم يهتف بربه ومازال يهتف حتى سقط ردائه عن منكبيه ,والإلحاح في الدعاء شيمة العبد المنكسر بين يدي رب العالمين,والله يحب العبد الذي يلح في الدعاء,وهذه سنة هجرها الكثير من الناس,مع أن ذلك من أجل مقامات العبودية.

5- نحن لا نقاتل أعداء الله بالقوة المجردة فقط ؛بل قبل ذلك بالإيمان والذي هو وقود النصر بإذن الله,ونستشعر ذلك من قلة المؤمنين يوم بدر ,فكان الإيمان بالله الذي دك الكفار بإذنه,فلا ننسى ذلك أبداً.


الموقف الثاني:في معركة أحد:
كلنا يعرف من هو حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أعز قريش وأشدهم شكيمة,سطر التاريخ عنه هذا الموقف:
مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم,وهو جالس عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه وعاب دينه,وكانت مولاة لعبدالله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك,وفي ذلك الحين أقبل حمزة رضي الله عنه من قنصه متوشحاً قوسه ,وكان إذا رجع لا يصل أهله حتى يطوف بالكعبة,فلما مر بالمولاة قالت له: يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم فإنه سبه وآذاه ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد,فغضب حمزة,وكان هذا الغضب كرامة له من الله,فخرج سريعاً لا يقف على أحد مُعداً لأبي جهل حتى دخل المسجد فرآه جالساً في القوم فأقبل نحوه وضرب رأسه بالقوس فشجه شجة منكرة وقال:أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فأردد علي إن استطعت,فقام رجال من بني مخزوم لنصرة أبي جهل فقال:دعوا أبا عمارة فإني سببت ابن أخيه سبا قبيحا وتم حمزة على إسلامه.
بإسلام حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز,وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.
ثم كانت غزوة أحد وكلكم تعلمون كيف قتل وحشي حمزة رضي الله عنه,ونال بذلك الشهادة حيث قال صلى الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة). رواه أحمد
ولكن كيف مثل به؟
بقر بطنه عن كبده,وجذع أنفه وأذناه ,وقد كان صلى الله عليه وسلم قد رأى رؤيا كما في الصحيحين أنه قال: ( ورأيت في رؤياي..أني هززت سيفاً فانقطع صدره..),فبعد انتهاء المعركة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينظر في القتلى ,فرأى سعد بن الربيع الأنصاري وبه رمق ,فقال سعد للذي رآه:"أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام,وقل له جزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته,وبلغ قومي السلام وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أذى وفيكم عين تطرف ثم مات رضوان الله عليه".
هذا هو همه فلم يسأل عن مال أو منزل أو أهل ,وإنما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,ومن ذلك نستشعر حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم,فبالرغم من آلام النزع كان يفكر فيما قد يتعرض له من مكروه,نسي حتى نفسه وظل حتى فارق الحياة وهو شديد الخوف عليه.
نعم هكذا تصنع العقائد الأبطال..
نعود إلى أرض المعركة ... بحث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمه حمزة فوجده بذلك المنظر المريع,لم يكن أوجع منه لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم,فقد كان حمزة عمه وأخاه في الرضاعة,وكان رجلاً يعد بالآلاف في المعارك.
ثم ماذا حدث عندما رآه صلى الله عليه وسلم في ذلك المشهد...بكى بأبي هو وأمي وقال: (لن أصاب بمثلك أبدا),يقول ابن مسعود رضي الله عنه:"ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكياً أشد من بكائه على حمزة رضي الله عنه,وفي رواية أنه قال: " لولا أن تحزن صفية أو تكون سنة لتركته حتى يكون في جوف السباع و حواصل الطير ولئن أظهرني الله تعالى على قريش لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم" ,فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} (126) سورة النحل,فعفى الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم ,ونهى عن المثله.
وهل انتهى الموضوع؟ لنرى من هو صاحب القلب الرحيم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من أحد,فجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حمزة لا بواكي له).رواه ابن ماجه وصححه الألباني رحمه الله

الفوائد من الموقف:
1- من مظاهر المحبة للدين: التمسك به ثم الدفاع عنه ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم,كما فعل حمزة رضي الله عنه,ونصرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمان بإتباع سنته في قيامه وقعوده ونومه وأكله وشربه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه ,وبالذب عن سنته إذا مسها جائر ظالم.
2- الحث على الصبر وعدم الجزع عند نزول المصائب.
3- رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأصحابه.

الموقف الثالث:عند قراءة القرآن:
كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن أو قرأ عليه,أخذته العبرة والخشية والبكاء,وكان ذلك في مواقف عدة منها:
ما روي أنه قال لعبد الله بن مسعود: (أقرا عليّ. قال عبدالله:أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال صلى الله عليه وسلم:إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأ عليه من أوائل سورة النساء إلي قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا}فبكى صلى الله عليه وسلم.
وعند البخاري قال: حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
ويقول ابن حجر: "والذي يظهر أنه بكى رحمة لأمته ؛لأنه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملهم, وعملهم قد لا يكون مستقيماً فقد يفضي إلى تعذيبهم".


 
التعديل الأخير تم بواسطة فهد شمر ; 12-10-14 الساعة 10:31 PM سبب آخر: تكبير حجم الخط