عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-14, 08:04 AM   #1
ريماس علي

آخر زيارة »  01-24-15 (12:20 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي القُلوبُ الواعِيةُ والقُلوبُ الغافِلةُ



القُلوبُ الواعِيةُ والقُلوبُالغافِلةُ

القُلوبُ الــــواعِيَة ~
هي قلوب نادرة لايجد الران إليها سبيلا..
قلوبٌ تفتحت على حب الآخرة ،
فما عاد يؤثر في حسّها شيءٌ من علائق الدنيا
قلوبٌ لم تغترّ بالسلامة بعد الذنب،
وخشيت آجل العقوبة لاعاجلها..
قلوبٌ لاحقها الإحساس بالذنب إلى منتهى الوصول.

يتحدّث الحسن البصري فيخبر عن جيلٍ من التابعين:

( لقيتُ أقْواماً كانوا فيما أحلّ اللهُ لهُمْ أزْهدُ منكُمْ فيما حرّم عَليْكم،
ولقد لقيت أقواماً كانوا من حسناتهم أشفق ألاّ تقبل منهم من سيئاتكم)

فأي جيلٍ هذا الذي يخاف حتى على الحسنات ..؟!

وهذا رجلٌ قلّت ذنوبه فاستطاع أن يُحصيها ،
فلم تطمسها الأعوام عن ذاكرته..
هو ( محمد بن سيرين ) يقرع على ذاكرته ذنبٌ حمله أربعين عاماً
حيث قال لرجــلٍ : يامُفْــــلِسْ..!
فأيّ قلوبٍ واعيةٍ هذه ..؟!

وهناك قلوبٌ أخرى ندرت ..
وتسامت .. وبلغت شأواً رفيعاً..
حتى ربطت بذنب ربما اقترفته بعدم التوفيق لأيّما طاعة..
عن أبي داود الحفري قال :
دخلت على كرز بن وبرة في بيته ؛ فإذا هو سادرٌ في البكاء،
قلت : مايبكيك ؟
قال : إن بابي لمغلق وإنّ ستري لمسبل ،
ومنعني جزئي أن أقرأه البارحة ،
وما هو إلا لذنبٍ أذنبته ..!




هؤلاء قومٌ يستحقون أن يوصفوا بأن قلوبهم أوعية الإيمان..
هم الذين ..كلّما ذكروا ما اجترحوا من الذنوب احتقروا عملهم
كما قال سعد بن جبير:
هذا حال من اقترف ذنباً،
فما بالك بمن لم يقترف ذنباً ؟!

قال الشاعر :
إذا أوجعتك الذنوب فداوها
برفعِ يدٍ بالليلِ والليلُ مظلمُ
ولا تقنُطنْ من رحمة الله إنّما
قنوطكَ منها من ذنوبكَ أعظمُ
فرحمتهُ للمحسنينَ كرامةٌ
ورحمته للمذنبين .. تكرُّمُ




والقُلوبُ الغافِلـــة~
هي تلك القلوب التي تعوّدت الذنب حتى ألفته..
كما نألف مانراه كل يومٍ من حولنا..
فحين تزاول النفس الذنب مرّة .. وتتبعها بأخرى
تزين لقلبها ماتقترفه .. وما ألفته
حتى لايعود القلب ينكره ..
إنّ النفس إن أنِست بشيءٍ تأثرت به ..
يقول الحسن الزيّات :
( والله لاأبالي بكثرة البدع والمنكرات ..
وإنّما أخاف من تأنيس القلب بها ،
لأنّ الأشياء إذا توالت مباشرتها..أنست بها النفوس ).

تلك القلوب يبدأ الران يتسلل إليها شيئاً فشيئاً..
وقد يموت فيها تماماً الإحساس بالذنب ،
وهذا حالٌ هو في حدّ ذاته عقوبة لها على هذه الغفلة..
وداعٍ لها إلى الاستمرارفي الذنب .. فلا يقظةً من ضمير..
ولا رادع يوقظ فيها حسّ المؤمن وإدراكه..
وقد تسوء حال صاحبها .. فيسقط في شرك الضلال..
فيكون كمن أحياه الله بدين الهدى ، وجعل له نوراً يمشي به
ثم مالبث أن حاد عن طريق الصواب ،
وأختار أن يسير في متاهة الظلام ..!
فشتّان بين حالتيه : في الهدى .. وفي الضلال ..!

يقول ابن القيّم :
( وأعلم أنّ من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب،
فإنّ العقوبة تتأخّر، ومن أعظم العقوبة أن لايحس بها الإنسان
وأن تكون في سلب الدين ، وطمس القلوب ، وسوء اختيار النفس
فيكون من آثارها سلامة البدن وبلوغ الأغراض ).

إنّ مثل من يرجع عن طريق الهدى
ويموت في قلبه الشعور بالذنب..
كمن نكص على عقبيه .. وحاد عن جادة الصواب
واختار أن يسلك طريق الضلال ..
الذي يرديه في نار جهنم .. ويصيب منه مقتلا..

يقول ابن القيّم :
( الذنوب جراحات ..
ورُبّ جرحٍ وقع في مَقتلٍ ).

إلهــي~
ذنوبيَ إن فكّرتُ فيها كثيرة
ورحمةُ ربي من ذنوبيَ أوسعُ
وما طمعي في صالحٍ قد عملتهُ
ولكنّني في رحمة اللهِ .. أطمعُ


اللهم احيي قلوبنا بذكرك ..
وأدم حياتها بطاعتك ..
واجعلها من القلوب الواعية
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة
إنّك أنت الوهّاب .