عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-14, 02:51 PM   #8
السيده ملعقه

آخر زيارة »  09-12-18 (06:33 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



رابعاً : أنواع الاستغفار:
إن المتأمل فى السنة النبوية المطهرة يجد أن للاستغفار صيغاً كثيرة منها:
أن يبدأ العبد بالثناء على ربه ، ثم يثني بالاعتراف بذنبه ، ثم يسأل الله المغفرة، فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي ، وأنا عبدك ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، وأبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء لك بذنوبي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت([38]).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" فتضمن هذا الاستغفار الاعتراف من العبد بربوبية الله وإلهيته وتوحيده، والاعتراف بأنه خالقه، العالم به؛ إذ أنشأه نشأة تستلزم عجزه عن أداء حقه وتقصيره فيه، والاعتراف بأنه عبده الذي ناصيته بيده وفي قبضته، لا مهرب له منه، ولا ولي له سواه، ثم التزام الدخول تحت عهده ـ وهو أمره ونهيه ـ الذي عهده إليه على لسان رسوله، وأن ذلك بحسب استطاعتي، لا بحسب أداء حقك، فإنه غير مقدور للبشر، وإنما هو جهد المقل، وقدر الطاقة، ومع ذلك فأنا مصدق بوعدك الذي وعدته لأهل طاعتك بالثواب، ولأهل معصيتك بالعقاب، فأنا مقيم على عهدك مصدق بوعدك، ثم أفزع إلى الاستعاذة والاعتصام بك من شر ما فرطت فيه من أمرك ونهيك، فإنك إن لم تعذني من شره، وإلا أحاطت بي الهلكة، فإن إضاعة حقك سبب الهلاك، وأنا أقر لك وألتزم بنعمتك علي، وأقر وألتزم وأنجع بذنبي، فمنك النعمة والإحسان والفضل، ومني الذنب والإساءة، فأسألك أن تغفر لي بمحو ذنبي، وأن تعفيني من شره، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فلهذا كان هذا الدعاء سيد الاستغفار "([39]).

ومنها:
ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ؛ أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : علمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم([40]).

ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم :" أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ".
عن زيد مولى النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: « من قال أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف »([41]).
وفي هذا الحديث دلالة على أن الاستغفار يمحو الذنوب سواء كانت كبائر أو صغائر، فإن الفرار من الزحف من الكبائر.
لكن مما ينبغي أن يعلم هنا أن المراد بالاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار، فهو حينئذ يعد توبة نصوحا تجب ما قبلها، أما إن قال المرء بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع عن ذنب، فهو داع لله بالمغفرة، كما يقول: اللهم اغفر لي، وهذا طلب من الله المغفرة ودعاء بها، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء لله، ويرجى له الإجابة.

وقد ذكر أهل العلم أن القائل: أستغفر الله وأتوب إليه له حالتان:
الأولى: أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على الذنب، فهذا كاذب في قوله: وأتوب إليه؛ لأنه غير تائب، فإن التوبة لا تكون مع الإصرار من العبد على الذنب.
والحالة الثانية : أن يقول ذلك وهو مقلع بقلبه وعزمه ونيته عن المعصية، وجمهور أهل العلم على جواز قول التائب: أتوب إلى الله، وعلى جواز أن يعاهد العبد ربه على أن لا يعود إلى المعصية أبدا، فإن العزم على ذلك واجب عليه، فهو مخبر بما عزم عليه في الحال، وقد تقدم أن من شروط قبول التوبة العزم من العبد على عدم العودة إلى الذنب، فإن صح منه العزم على ذلك قبلت توبته، فإن عاد إلى الذنب مرة ثانية احتاج إلى توبة أخرى ليغفر له ذنبه، ولهذا فإن العبد ما دام كذلك كلما أذنب تاب وكلما أخطأ استغفر فهو حري بالمغفرة وإن تكرر الذنب والتوبة([42]).