عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-15, 10:27 PM   #15
شذى الورد

آخر زيارة »  11-25-17 (08:26 PM)
المكان »  بلاد الاسراء والمعراج
على وتر الحلم اعزف امنية ♥

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




فتاملي سر الدعاء" اهدني فيمن هديت"

إذا حق له أن يحبها صل الله عليه وسلم وهي تضرب مثلاً لهذه الدنيا الفانية بمرعى أخرجه ربه فاستوى فاستغلظ على سوقه يعجب الزراع نباته، ثم أصبح هشيمًا تذروه الرياح فكان هذا المرعى غثاءً أحوي.


فالمرعى كل نبات، وما من نبات إلا وهو صالح لخلق من خلق الله، الذي خلق على هذه الأرض وقدر فيها أقواتها لكل حي يدب فوق ظهرها أو يختبئ في جوفها أو يطير في جوها، وهذا المرعى يصلح أن يكون طعامًا وهو أخضر، ويصلح أن يكون طعامًا وهو غثاء أحوى بتقدير الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى.


والحياة الدنيا كهذا المرعى الذي ينتهي فيكون غثاءً أحوى والآخرة خير وأبقى. فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، سبحان الله العليم العالم بالسر والعلانية، يعلم الجهر وما يخفى، فالسر عنده علانية فهو العليم أحاط علمًا بالذي في الكون من سر ومن إعلان.



وهو العليم بما يوسوس عبده
في نفسه من غير نطق لسان


بل يستوي في علمه الداني مع الـ
قاصي وذو الإسرار والإعلان


فهو العليم بما يكون غدًا وما
قد كان والمعلوم في ذا الآن


وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ
ـف يكون موجودًا لذي الأعيان


فهو السميع يرى ويسمع كل ما
في الكون من سر ومن إعلان


فهو البصير يرى دبيب النملة السـ
وداء تحت الصخرة الصوان


ويرى خيانات العيون بلحظها
إي والذي برأ الورى ويراني


فهو الحميد لكل حمد واقع
أو كان مفروضًا على الأزمان


فهو أهله سبحانه وبحمده
كل المحامد وصف ذي الإحسان


ولك المحامد ربنا حمدًا كما
يرضيك لا يغني على الأزمان


ملأ السموات العلى والأرض
والموجود بعد ومنتهى الإمكان


وكما تشاء وراء ذلك كله
حمدًا بغير نهاية بزمان







فسبح باسم ربك الأعلى حق له – فداه أبي وأمي وصلوات ربي عليه – أن يحبها وقد بشره ربه فيها بشارات عظيمة ولأُمَّته من بعده.


[سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى * إِلا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى]



أ- أما البشارة الأولى:[سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى]


رفع عناء حفظ القرآن والكد في إمساكه عن عاتقه عليه الصلاة والسلام، وهو النبي الأمي الذي لا يحسن القراءة ولا الكتابة، فهذه البشرى تريحه وتطمئنه أن عليه القراءة عن ربه، وربُّه هو المتكفل بعد ذلك بقلبه فلا ينسى ما قرأ.


وفي هذه البشرى ما يهدئ روع النبي صل الله عليه وسلم على هذا القرآن الحبيب إلى قلبه، فيندفع بعاطفة الحب له والشعور بالحرص عليه إلى ترديده آية آية وجبريل يحمله إليه، خيفة أن ينسى حرفًا منه.






ب- البشارة الثانية: [وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى]


سنقرئك فلا تنسى فلا تجعل عليك في الدين من حرج ولا مشقة، فهي الحنيفية السمحة ملة أبينا إبراهيم، وشرعًا مستقيمًا لا حرج فيه ولا عسر.


وأخيرًا حق له أن يحبها صل الله عليه وسلم وهي تبين عدل الله وحكمته وترسي القاعدة الأخيرة في قواعد الإيمان، قاعدة الجزاء في الآخرة.


[فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى]


فطوبى لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى وطوبى لمن آثر ما يبقى على ما يفنى، ولكن الإنسان الظلوم الجهول قل ما يتذكر هذا وينسى أن إيثار الحياة الدنيا هو أساس كل بلوى.






وتأملي وتدبري معي تسميتها الدنيا، فلا تجيء مصادفة فهي الهابطة والدانية أي العاجلة، وأما الآخرة فهي خير في نوعها وأبقى في أمدها، وبعد هذا طريق هداية الله للعالمين... من لدن نوح إلى صحف إبراهيم وموسى إلى لدن محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.








ثانيا: سورة الكافرون

كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الركعة الثانية بسورة البراءة من الشرك والكفر وأعمال المشركين.


سورة التوحيد العملي (توحيد الطلب والقصد) سورة الكافرون، وفي هذه السورة نتبرأ إلى الله البراءة الكاملة من الكافرين بلا ترقيع ولا مداهنة ولا أنصاف حلول ولا التقاء في منتصف الطريق فلهم دينهم ولنا دين.


وتدبري معي هذه السورة وسنربطها إن شاء الله بدعائنا في القنوت بقوله صلى الله عليه وسلم «تولنا فيمن توليت».



ما أحوج المسلمين اليوم إلى هذه البراءة من الكفار وما أحوج فتيان وفتيات الإسلام الذين بهم يقوم المجتمع الإسلامي المتميز بعقيدته، والمتميز بسلوكياته إلى الشعور بعزة الإسلام، وبعزة دينهم والتخلص من شوائب وكدر الكفار، ما أحوج الأمهات المسلمات إلى العودة إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، وتنشئة جيل معتز بدينه وليس بجيل إمعة، إن أحسن الناس أحسنوا وإن أساؤوا أساؤوا.







ليس جيلا كغثاء السيل زبدًا رابيًا، لأن الزبد يذهب وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض هذا هو ديننا، التوحيد الخالص الذي يتلقى قيمه وسلوكياته وشريعته من الله الواحد القهار دون شريك. وبغير هذا سيبقى الغش وتبقى المداهنة، ويبقى الترقيع ويبقى الذل.









ثالثا: سورة الاخلاص

ويختم صل الله عليه وسلم شفعه بركعة توتر له ما قد صلى.

يوتر بسورة أخلصها الله لنفسه، ليس فيها شيء إلا التحدث عن صفاته العلى.

سورة تخلص قارئها من الشرك والتعطيل لأن الإقرار بها ينافي الشرك والتعطيل.


سورة أدخلت صاحبها الجنة لمحبته إياها.: كما ورد في صحيح البخاري أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ }قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ{ يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي صل الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل تقالها فقال النبي صل الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن».


وفي البخاري أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صل الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم: }قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ{ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صل الله عليه وسلم فقال: «سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟» فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي صل الله عليه وسلم: «أخبروه أن الله تعالى يحبه» وفي رواية أخري قال له النبي صل الله عليه وسلم: «إن حبك إياها أدخلك الجنة».



وسميت هذه السورة بأسماء عديدة منها التفريد، أو التجريد، أو التوحيد، أو النجاة، أو الولاية لأن من قرأها صار من أولياء الله، أو المعرفة، وتسمى كذلك سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين.


تأملي وتدبري معي كيف أن الرسول صل الله عليه وسلم يقرن بها وبين سورة الكافرين للتبرؤ من جميع أنواع الشرك والكفر، وهذه كما قلت سورة التوحيد العملي (توحيد الطلب والقصد) وهذه السورة إثبات التوحيد لله سبحانه المتميز بصفات الكمال، والمقصود على الدوام المنزه عن الشرك والشبه، فهي سورة التوحيد العملي.


لذا قرن بينهما في ركعتي الفجر، والطواف، وسنة المغرب، وصلاة المسافر، وركعتي الشفع والوتر، ولهذا الاقتران مغزاه ومعناه.

جاء في صحيح البخاري: «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم».

وروى البخاري أيضًا عن أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد».






ويكفي هذه السورة بعد أن أثبتت صفات الله العلي فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، وهو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الله سبحانه هذه صفته }الصَّمَدُ{ لا تنبغي إلا له، ليس له كفء وليس كمثله شيء، سبحانه الواحد القهار.


فهي كذلك ردت على كل عقيدة باطلة، كالثنوية القائلين بوجود إلهين اثنين للعالم، وهما النور، والظلمة، والنصارى القائلين بالتثليث، والصابئة القائلين بعبادة الأفلاك والنجوم، واليهود القائلين عزير ابن الله، والمشركين القائلين الملائكة بنات الله.








ثم يقنت عليه الصلاة والسلام، والقنوت لله له معان:

1- الخشوع: الإمساك عن الكلام في الصلاة، والإقرار بالعبودية والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية كما قال تعالى: }وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ{ وكما في قوله: }وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ{ }كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ{ أي مطيعون، فالقانت المطيع والقانت الذاكر لله تعالى، كما قال تعالى: }أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا{ وقيل: العابد، وقيل: قنت له أي ذل.


2- وقيل القنوت طول القيام: روى جابر بن عبد الله أن رسول الله صل الله عليه وسلم سئل: أي الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القنوت» يريد طول القيام.


وقال عليه السلام والسلام: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم» أي المصلي [رواه مسلم].


3- وقيل الدعاء: والمشهور في اللغة أن القنوت هو الدعاء، كما هو هنا وعلى هذا فحقيقة القنوت العبادة، والدعاء لله عز وجل في حال القيام.


والقنوت شرعًا:

هو ذكر مخصوص مشتمل على دعاء وثناء ويشمل قنوت الوتر وقنوت الفجر، وقنوت النوازل.

ودعاء القنوت هو الدعاء الذي ذكرناه آنفًا.



وبعد:
فهذا ما تيسر من بعض معاني وأحكام صلاة الوتر،
وصلاة الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
من كتاب ( وقفات مع صلاة الوتر وأسرار ومعاني دعاء القنوت)
تاليف: ميادة بنت كامل آل ماضي



 
التعديل الأخير تم بواسطة سكوت ; 01-23-15 الساعة 06:39 PM