عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-15, 04:01 PM   #1
khalidsa

آخر زيارة »  10-15-20 (12:53 AM)
المكان »  السعودية

 الأوسمة و جوائز

افتراضي يا عيني فلتذرفي الدموع



لي أصحاب مسافرين معي قد تجهزوا وما تجهزت معهم ، لقد حملوا طيبات كثيرة وما حملت . لا ، بل لي حمل أثقل كاهلي حمل يضر ولا ينفع .. فليت شعري ما الذي جعلني أحمل ما يضر ولا ينفع ؟

ثم ليت شعري إنَّ صحبي حولي أراهم قد حملوا الطيبات فسعدوا وارتاحوا أما نفوسهم فراضية مطمئنة ، وأما نفسي فحزينة متألمة..

كم مرة ٍ راودتني نفسي أن أكون معهم ؟
لكن خطواتي ثقيلة لا تتقدم نحوهم !!
فقلت لها يا نفسي إن لم تتحركي من أجل ما ينفعك فلا أقل من أن تتخلصي مما تحملين .
يا نفس لكم أثقلك ما تحملين يا نفس لكم ضرك وما نفعك فلماذا تواصلين الحمل ؟
فلم تجبني..

فناديت : يا عيني فلتذرفي الدموع .

قرب وقت السفر واشتد الجمع له ، فمن حولي أمثال دوي خلية النحل من العمل والسعي الدءوب من أجل السفر .
نعم لأنه ليس سفرا ً مهما ً ، بل أهم سفر سنسافره جميعا ً إنه السفر للآخرة ، وهل هناك سفر أهم منه ؟

لا وألف لا إنه أهم سفر منذ ولدتنا أمهاتنا سفر ٌ لا رجعة فيه .. فحق له أن يكون أهم سفر في حياتنا .
ومع هذا فلم يحركني كل هذا ،

فناديت يا عيني فلتذرفي الدموع .

تقاربت الأيام ولكن اليوم ليس ككل يوم..
أحس ذلك ولكن لا أدري لماذا ؟

لكن هال عيني ما رأت من هذا ؟ من هؤلاء ؟
أحقا ً هي النهاية ؟ هل بدأ السفر ؟
ما بال أطرافي قد بردت ؟
لقد أيقنت أنها النهاية نعم بدأ السفر ، ولكـن أين الزاد ؟ أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟ . أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟

لكن أشغلني أمرٌ آخر .. لقد وجدتني أحمل حملاً سيئا إنه فرصة للتخلص منه ، ولكن مالي لا أستطيع ؟
هل أنادي يا عيني فلتذرفي الدموع ؟ لكن حتى هذه لا أستطيع .

اللسان لا يتحرك ، والجسد كله هامد ، فلا إله إلا الله .

{ كلا إذا بلغت الترقي وقيل من راق وظن أنه الفراق }

{ فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ ٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}
أفي هذه اللحظة توبة ؟ كلا وربي .
ما هذا ؟ وإلى أين ؟ إنه عالم جديد كل من يدخله يوزن بما معه من زاد .
لقد هالني ذلك عن النوم على التراب ، ومفارقة الأحباب ، لكن كل هذا يهون أمام الميزان
أين الزاد أين ؟ أين ؟
ولكن يا ويحي مما أحمل .. أتراني سأضعه في الميزان أيضا ً ؟
ياعيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله أن تحق الحاقة وتقرع القارعة فإذ بالأرض قد زلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، فقمت مع من قاموا حفاة عراة غرلا .
فيا لهول ما أرى إن منهم من يغطي العرق نصفه ومنهم يلجمه العرق ، ومنهم من يحمل أوزارا ً مثل الجبال ولكن أين؟؟
إنه يحملها على ظهره يسعى بها إلى الحشر .
ومنهم من يطوق أرضا ً في رقبته ولكن أي أرض ؟ إن شبرا ً من أرض الدنيا يطوق اليوم في الرقبة إلى سبع أراضين .
وها أنا كم أحمل

فيا عيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله ـ بعد وقوف طويل ـ أن يفصل بين الخلائق فتطايرت الصحف فآخذ ٌباليمين وآخذ بالشمال ،

فإلى أين هؤلاء ؟ وإلى أين أولئك ؟
أهل اليمين في نعيم مقيم فأطلق لخيالك العنان ليسبح في هذا النعيم حتى يصل إلى غايته ، فهناك تعرف أنه أعلى من ذلك كيف لا ؟ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

أما أهل الشمال فـ
{ في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم }
ينادى على أحدهم { خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه }
فحدِّث ولا حرج تقرح العيون ، وتفطر القلوب ، وتهتك الجلود ، ولكن { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب }

فعفوك يا رب الأرباب .

أخي وحبيبي .. أرجوك لا تنادي : يا عيني فلتذرفي الدموع ؛ فأمامك الفرصة بعد أن عدت من رحلتك تلك ـ إن شاء الله ـ بالعِبرة .


وإلى لقاء مع أهل اليمين أسأل الله أن يجمعنا هناك .
----------------

للفايدة