عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-15, 08:29 AM   #3
شموخ المجد

آخر زيارة »  04-22-24 (02:14 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



21- وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن التسمي بالإمام‏؟‏

فأجاب قائلًا‏:‏ التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم، سمي إمام المسجد إمامًا ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة ‏(‏إمام‏)‏ إلا على من كان قدوة وله اتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستخدمه هضم للأمه، لان الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه‏.‏

22- سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأم مقتضاه أن يكون هو نبي لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هنّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد النبي‏؟‏ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله - تعالى - مما جرى منه‏.‏

23- سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم قول ‏(‏يا عبدي‏)‏ و ‏(‏يا أمتي‏)‏‏؟‏

فأجاب‏:‏ قول القائل‏:‏ ‏(‏يا عبدي‏)‏، ‏(‏يا أمتي‏)‏، ونحوه له صورتان‏:‏

الصورة الأولى‏:‏ إن يقع بصيغة النداء مثل‏:‏ يا عبدي، يا أمتي ؛ فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم،‏:‏ ‏(‏لا يقل أحدكم عبدي وأمتي‏)‏‏.‏

الصورة الثانية‏:‏ أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين‏:‏

القسم الأول‏:‏ إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه‏.‏

القسم الثاني‏:‏ إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منه وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في ‏(‏تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد‏)‏ في باب يقول عبدي وأمتي‏.‏ وذكره صاحب فتح الباري عن مالك‏.‏


24- وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن قول الإنسان أنا حرّ ‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله - عز وجل - فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق، أما عبودية المرء لربه - عز وجل - فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعًا نفسه إذا قال‏:‏ إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها‏.‏


25- سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن قول العاصي عند الإنكار عليه ‏(‏أنا حر في تصرفاتي‏)‏‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ هذا خطأ، نقول‏:‏ لست حرًا في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوي‏.‏


26- سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن قول الإنسان‏:‏ ‏(‏إن الله على ما يشاء قدير‏)‏ عند ختم الدعاء ونحوه‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ هذا لا ينبغي لوجوه‏:‏

الأول‏:‏ أن الله - تعالى - إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله - تعالى-‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 20‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 106‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 107‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 17‏]‏‏.‏ فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأ، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأ لم يقع والآيات في ذلك كثيرة‏.‏

الثاني‏:‏ أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم‏:‏ ‏{‏يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏ 8‏]‏‏.‏ ولم يقولوا ‏(‏إنك على ما تشاء قدير‏)‏، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علمًا وأقوم عملًا‏.‏

الثالث‏:‏ أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله - تعالى - فقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتي به في الغالب سابقًا حيث يقال‏:‏ ‏(‏على ما يشاء قدير‏)‏ وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدره الله - تعالى - بما يشاؤه كان ذلك نقصًا في مدلولها وقصرًا لها عن عمومها فتكون قدرة الله - تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله - تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشاءه، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه‏.‏

1‏.‏ فإذا تبين أن وصف الله - تعالى - بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله - تعالى - بالقدرة لا يقيد بالمشيئة يعارضه قول الله - تعالى -‏:‏ ‏{‏وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 17‏]‏‏.‏ فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذي قال الله - تعالى - عنهم‏:‏ ‏{‏وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‏}‏ ‏[‏الجاثية‏:‏ 25‏:‏ 26‏]‏‏.‏ فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحديًا وإنكارًا لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله - تعالى - أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئة ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله - تعالى -‏:‏‏{‏ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ‏}‏ ‏[‏التغابن‏:‏ 7‏:‏ 9‏]‏‏.‏ والحاصل أن قوله - تعالى -‏:‏ ‏{‏وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏االشورى‏:‏ 29‏]‏‏.‏ لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائدًا إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع‏.‏ وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب ‏(‏الإيمان‏)‏ في ‏(‏باب آخر أهل النار خروجًا‏)‏ من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏‏(‏آخر من يدخل رجل‏)‏ فذكر الحديث وفيه أن الله - تعالى - قال للرجل‏:‏ ‏(‏إني لا استهزئ منك ولكني على ما شاء قادر‏)‏ وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقدير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله - تعالى - أذلا وأبدلًا، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل ‏(‏قادر‏)‏ دون الصفة المشبهة ‏(‏قدير‏)‏‏.‏


على هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستعبد قالوا قادر على ما يشاء، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله - تعالى - فلا يقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع ولا مانع من تقيدها بالمشيئة، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقدير وقوعه، والله - سبحانه - أعلم .