الموضوع: شوفوني اعتمرت
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-15, 11:50 AM   #1
إحساس طفله

الصورة الرمزية إحساس طفله

آخر زيارة »  04-22-24 (09:24 AM)
المكان »  بِـ مملكتـي
الهوايه »  آلشِعـــــر ..
- يَآربَ أسآلكَ رآحَه تِستوطِن
- قلوبنآ بعرضِ سمَآئك .!,
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي شوفوني اعتمرت



شوفوني اعتمرت




يبدو أن المسألة تجاوزت حد المباهاة بالسفر والمطاعم والكتب والاستراحات وجَمعة الأحبة والموائد إلى شأن آخر خطير.. أخطر مما نتخيل بكثير؛ شأن العبادات وفساد الإخلاص
ماذا يعني أن يرسل عضو في قروب الواتس برسالة على النحو التالي: «أبشركم انتهيت من الختمة الثالثة ولله الحمد». ويرسل ثاني في كل ليلة «الوتر الوتر حبايبي لا تنسوه» ويبعث ثالث بصورة له وهو منهمكاً في توزيع الماء على عاملي النظافة في حر القيظ ورابع يضع بروفايل صورته واقفاً في الروضة الخضراء رافعاً كفيه مبتهلاً وخامس يأتي بصورة بئر الماء الذي تكفل بقيمة حفره كوقف خيري لوالده في إحدى الأقليات الفقيرة مصحوبة بعبارة «يا رب تقبل مني» ! وسادس يكتب لأعضاء القروب في هجيع الليل «يا الله ركعتين أديتها قبل قليل تساوي عندي الدنيا وما فيها» وسابعة تصور مكان المصلّى الذي أعدته للصلاة وللقيام في رمضان وتبعثه لقروب الأهل والزميلات
هل تأملتَ حال المعتمرين والحجاج اليوم! إنك بالكاد تستطيع الطواف أو الاستمرار في السعي تصطدم كثيراً بالمنهمكين بالتصوير في أوضاع مختلفة محذرين من المرور حتى لا تحيل بينهم وبين من يلتقط لهم الصورة فتفسد عليهم المشهد الروحاني المتقن! .. وآخرون مغرمون بالسيلفي وهم يقبِّلون الحجر، ويطوفون ويهرولون.. ويشربون زمزم.. ويقفون عند مقام إبراهيم! في قدرة تمثيلية مبدعة على تجسيد دور الخاشع المنهمك في الطاعة
يكذب على نفسه، قبل الناس، من يدَّعي بأنه إنما فعل ذلك من أجل تشجيع الآخرين لفعل الخير والصلاح! الناس هنا، بالذات، لا تجهل طريق الخير ولا مسالك الصلاح ! الله حده أعلم بالنيات.. وأعلم بالأعمال الخالصة المقصودة لوجهه الكريم وحده لا شريك له. تجري في الخفاء الشديد من عباده المتقين لا يعلمها إلا هو، لأنها له عز وجل وحده ، وليس لكي يقال إن فلاناً تقي، أو ورع، أو بار بوالديه أو يقوم الليل..!
ماذا بقي لنا في الحياة إن ضاعت منّا علاقتنا بربنا ودخلها بتسلل خفي «الرياء» الذي تعاظم وتوقّد واشتعل على نحو مخيف ومريع بفعل الجوالات الذكية وقنوات التواصل الاجتماعي ! فأفسد طاعاتنا وصلاتنا وصدقاتنا وحقق الله لنا ما نوينا فامتدحنا الناس !
«الرياء» الذي ما تخيلنا أبداً قدرته الرهيبة على إفساد العبادات، ومهارته في تلويث نية الطاعة لله بالمباهاة. تأمل الصورة متناهية الدقة في براعة وصف تسلله في دهاء إلى قلوب الناس: «أخفى من دبيب نملة سوداء على صفاة سوداء في ظلمة ليل» ! لذلك حذّر منه الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان أشد ما يخشاه على أمته:
«إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ» قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ، اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً».


للكاتبة د.أميرة علي الزهراني


 
مواضيع : إحساس طفله