ذلك الشيخ الكبير !!
الذي يتكئ على عصاه ..
كم تحمّل في هذه الحياة
لنكون ما أصبحنا عليه ... ؟
في بداياته شاب مناضل مكافح
يعمل ساعات طويلة
متناسياً خلفه التعب والأرق
لأجل أن تسعد الطفلة أو يسعد الولد
كانت ساعات نومه قليلة
يعاني كثيراً
فراشه حصيراً
..
عند التعب
دوائه تلك الابتسامة
عندما يضع يديه على بطن زوجته
ليشعر بحركة الجنين
هنا يشعر بالسعادة
والدموع تملأ عينيه
ويأبى أن تسقط
كي لا يشعر بذلك الجنين
تلك مشاعر الرجل الأمين
كان عمله ساعي بريد
بين يديه تلك الطرود
يوصلها لأصحابها في وقتها
كان مسؤولاً عن حي قديم
تسكنه أســر عربية
رسائل لأولئك النازحين المغتربين
تبعث الأمل والسعادة
وتزيل الحزن العميق
لابتعادهم عن الوطن
جرح فلسطين !!
ذلك الجرح الحزين
يا أمة الإسلام أما آن الآوان
كي تستيقظين ؟
ألم تشعرين بــ معارك صلاح الدين
والقادسية وبدرٍ وحطين
ذلك الزمن الجميل
عاد الشاب إلى منزله ليلاً
وفي عينيه سعادة المغتربين
وبداخله حزنهم الدفين
عاد وكانت الزوجة في شهرها الأخير
خرج الأب مسرعاً وغير مدركاً
إلى أين يسير
وصل دون أن يدري
إلى منزل الدكتور سمير
طرق الباب وكانت الوقت متأخراً
استيقظ الدكتور سمير فزعاً
من بالباب .. من بالباب
فرد : أنا ساعي البريد
خرجا معاً على عجالة
فقد اقترب موعد الولادة
انجبت زوجة الساعي أميرة
طفلة صغيرة
مرت الأيام والسنين
وأصبحت الطفلة اليوم عروس جميلة
عاد الأب إلى فلسطين الحبيبة
ليخبر أقاربه بزفاف ابنته الجميلة
وفي تلك الليلة المفجعة
وهو نائم في سريره
غارت هزت غزة الحبيبة
أصابت منزله الذي ينام فيه
فكانت تلك الليلة الأخيرة
علمت ابنته الخبر
فأنهارت كما ينهار الجبل
ووالدتها لم تتحمل الخبر
فكان ذلك الأجل
رحلت وبداخلها حزن ساعي البريد
الذي كان قبل موته بدقائق
فرحُ ٌ و سعيد
كان يأمل أن يعود
ويرقص في زفاف ابنته
بتلك العصا
لكن ذلك كان قدره والقضاء
الآن
ابنته يسكنها حزن رحيله
احتفظت بعصاه
التي كانت ضمن أشياءه الثمينة
وكتبت بدموع عينيها
عبارتها الشهيرة ...
ليتنا نستطيع أن نضيف لحياته حياة ..
ليتنا نستطيع أن نضيف لحياته حياة ..
ليتنا نستطيع أن نضيف لحياته حياة ..


. صمت المساء . يوم الثلاثاء
2 / 12 / 1436هـ
إهداء لأبناء فلسطين ،، ولجميع من يحمل همّ فلسطين ،،
ولأعضاء المنتدى الغالين ..