،،،، الجزء السادس ،،،،
هذه الفترة مرت عسيرةً علي! ، أن أشتاقَ إلى صاحب الرسالة و أمنعُ نفسي عنه ، ليس بالأمر السهل .. أن تضغط على نفسك و قلبك .. أمرٌ صعب و لا يحتمل! .. لما نكابر يا ترى؟ ، لما لا نسمح لأن تمر الأمور بسهولة ؟
لما ندمر قلوبنا العطوفة و المحبة!؟
كان الندم يتسلل إليَّ أحياناً لأني لم أجيب على رسالة المعجب الأخيرة فوراً ، وكنتُ أعزي نفسي بأنه لم يفت الأوان بعد ، وكلما قررتُ الكتابة إليه .. تراجعت!
هكذا يعبثُ بنا الكبرياء .
بعد يومان ، كنت في المعهد جالسةً وحدي أتناول طعامي في وقت الإستراحة ، و بينما أنا كذلك .. جاء الفتى "ريكس" و جلسَ بجانبي قائلاً
- مرحباً يا جميلة .
نظرت إليه باستغراب ، و قلت بهدوء
- هذا أنت؟
ابتسم و قال
- عندما نقول مرحباً ، بما يرد علينا الناس يا ترى؟!
ابتسمت وأنا اشيح بوجهي عنه و أجبت
- أهلاً بك .
- أراكِ وحيدة ، أين صديقتك "سارة"؟
- تغيبت اليوم لأنها متوعكة .
ثم نظرت إليه
- ماذا عندك ؟
رفع حاجبيه و أجاب
- لا شيء ، رأيتكِ تجلسين وحدكِ فأحببتُ الإنضمامَ إليكِ ، في الواقع أريد الإطمئنان عليكِ .
- تطمئن؟!!
- لم تكوني بحالٍ جيد منذ فترة بسببِ صاحبِ الرسالة .
قلت دون اكتراث
- لا تهتم ، تجاوزت الأمر و لم يعد أمره يهمني .
- حقاً؟!
- حقا .
هز رأسه بصمت .. ثم قال سائلاً بهدوء
- هل كنتِ تحبينه؟
حدقت في وجهه بغضبٍ و قد فاجأني سؤاله ، حينما نظر إلي و فهم إنزعاجي من سؤاله ، ضحك و قال مهدئاً
- حسناً حسناً ، لا أقصد التدخل ، كنت أسأل فقط .
صددت عنه و ألتقطت قارورة الماء خاصتي و وقفت مغادرة ، استدرت عنه ومشيت ، ولكنه تبعني و مشى بجانبي سائلاً
- أ ليس لديكِ صديق؟
توقفت عن المشي و التفتت إليه ، فتابع مبتسماً
- صديقٌ وسيمٌ مثلي؟!
بينما أنهى كلماته ، فتحت قارورة الماء و رششت مافيها على وجهه .. أصدر شهقةً خافته ثم قال بانفعال
- ماذا تفعلين؟!
أصدرت ضحكةً صغيرة و قلتُ بشقاوة
- هكذا أتعاملُ مع الوسيمين أمثالك!
- ما الذي فعلته!؟
رفعت كتفاي و قلت بسخرية
- لا شيء ، لكن كف عن ملاحقتي!
قلت هذا و استدرت و الأبتسامة ملء فمي متابعةً سيري عائدةً إلى القاعة
==============
في صباح اليوم التالي ، كنت برفقة "سارة" صديقتي عند باب المعهد ، دخلنا إلى الداخل و توجهنا مباشرةً إلى القاعة .. و عندما اتخذنا مقعدينا ، انحنيت نحو درج طاولتي أنظر إلى داخله .. ثم اعتدلتُ في جلستي بخيبة .
سألتني "سارة"
- تبحثين عن رسالة من ذاك المعجب؟!
هززت رأسي بالإيجاب و قلت في هدوء
- لعله لن يراسلني بعد الآن .
- أ ليس هذا ما كنتِ تريدينه؟!
- صحيح ، و لكن لم أتوقع أن يتراجع بهذه السهولة عن مراسلتي!
قالت "سارة" دونما اكتراثٍ و هي تحرك يدها اعتباطاً
- ليذهب بعيداً ، يجب أن تكوني شاكرة يا "آماندا"! ، تخلصتي من عابثٍ لا تعلمين كيف ستسير الأمور معه في النهاية .
- لعله لا يعبثُ يا "سارة" ، كانت رسالته الأخيرة صادقة!
حدقت في وجهي بصمتٍ و حيرة ، فأصدرتُ تنهيدةً ثم قلت
- لكن طالما أن الأمر انتهى ، فيجب أن انسى و أخرجه من عقلي .
- نعم يجب أن تفعلي .
أخذت نفساً و استندت على مقعدي و الأسى يعتصرني ، ما كنتُ أريد أن تؤل الأمور إلى هذا الطريق .. ما كنتُ أريد!
و مضت المحاضرات مملة بطيئة ، لم استوعبها كثيراً لتفكيري بصاحب الرسائل ، أو المعجب ، أو العاشق كما يدعي .. كنتُ أفكر أن أكتبَ له إن لم يكتب لي هذه الفترة ، لكن كيف أوصلها إليه!؟
بدا الأمر مستحيلاً فعدلت عن هذه الفكرة ، لا فائدة أن أكتبَ إليه وهو لم يرشدني إلى طريقه و لم يسعفني باسمه على الأقل .
و في فترة الإستراحة ، كنت و "سارة" جالستين نتناول طعامنا في المقصف .. و بينما نحن كذلكَ أقبل إلينا "فرانك" قائلاً
- مرحباً "سارة" ، "آماندا"
رددنا التحية
- أهلا بك .
جلس في المقعد الذي بجانب "سارة" و قال و هو يرفع كتاباً في يده
- أنظري يا "سارة" ، هذه هي الرواية التي أخبرتكِ عنها الأسبوع الماضي .. رائعة جداً و أحداثها مليئة بالغموض و الإثارة!
لمعت عينا "سارة" وقالت بحماس
- جميل! ، كنتُ متشوقة لقراءتها .
- هذهِ هي بين يديكِ الآن .
فجأةً على الحزن وجه "سارة" و قالت بأسى
- عذراً "فرانك" ، نسيت إحضار روايتك التي استعرتها منك الأسبوع الماضي .
ابتسم و قال
- لا تكترثي .. لكن أخبريني كيف كانت؟!
في هذه اللحظة انهيت طعامي ، و قفت قائلة
- حسناً "سارة" ، سأسبقكِ إلى القاعة الآن .
نظرت إليَّ قائلة
- حسناً .
و عادت تتابع حديثها مع "فرانك" ، حملت كأس قهوتي و ابتعدتُ عنهما .. غادرت المقصف و مشيت في الممر مغادرة ، و بينما أنا كذلك ظهر قبالتي فجأة "ريكس" مهرولاً .. كاد أن يرتطم بي لولا أني مددت يدي اليسرى خوفاً من أن يرتطم بي و تسكب القهوة علي!
توقف "ريكس" عند يدي .
لم يصطدم بي ، ومع ذلك قهوتي لم تنجو من الحادثِ و سكبَ منها على بلوزتي .
وقفَ "ريكس" يحدقُ بي بذعر و قال
- أعتذر! ، هل احترقتي؟!
وجهتُ له نظرات الغضب ، من حسن الحظ لم تكن القهوة ساخنة كثيراً .
قلت بعصبية
- لما تهرول هكذا في الممرات!؟ ، متى ستنضج أيها الفتى!؟
أقتربَ مني قائلاً بقلق
- أخبريني الآن ، هل تأذيتي؟! .. دعيني أرى .
اتسعت عيناي تعجباً و أشرت له بالتوقف قائلة
- ماذا ترى أيها المعتوه؟! .. لا تقلق لم تكن القهوة ساخنة كثيراً .. أنا بخير .
و نظرت إلى بقعة القهوة على بلوزتي بقهر و أضفت بحزن
- عدى بلوزتي الزرقاء الأنيقة .
أمسك بيدي قائلاً
- تعالي معي ، لننظفها قبل أن تجف القهوة عليها ، سيسهل إزالتها الآن .
صرخت في وجهه و أنا أسحب يدي
- لقد أفسدت بلوزتي أيها المزعج ، أتركني و شأني الآن .
قال بإصرار
- لا لن أفعل ، تعالي معي .
و أمسكَ بيدي و قادني إلى دورة المياه ، وعند وعاء الغسيل .. سكبت ما تبقى من القهوة و رميت بالكأس الورقي في القمامه ، قال "ريكس"
- أنا حقاً أعتذر ، لقد أفسدتُ مزاجكِ على ما يبدو .
قلت بانفعال
- كثيراً!
فرأيته فجأةً يخلع سترته الرمادية ليظل بقميصه الأبيض و مده إليَّ قائلاً
- أدخلي الحمام و استبدلي ثيابكِ حتى ننظف بقعة القهوة .
نظرت إليه بتعجب غير مستوعبة ما يقول .. فضحكت و قلت
- هل تسخر!؟
- لا لستُ أسخر ، كيف ستنظفينها و أنتِ ترتدينها؟ .. ستتبللينَ كثيراً!
انفجرتُ من الضحكِ و أنا أنظر إلى سترته ، فضحكَ هو الآخر و قال
- راقَ لكِ الأمر؟!
فهدأتُ و قلت .
- لا أصدقكَ حقاً ، تريد مني أن أرتدي هذا!؟ ، كيف سأبدو؟!
- أسرعي ، أسرعي فقط و إلا فإن القهوة لن تزول أبداً .
أخذت سترته و الإبتسامة تعلو وجهي ، و دخلت إلى الحمام و ارتديت سترته ، عادت لي نوبة الضحك من جديد .. كان مظهري غريباً و مضحكاً بسترةِ "ريكس"!
خرجتُ من الحمام بارتباك ، اختلست النظر هنا و هناك .. فقال "ريكس"
- لا تقلقي ، المكان خالٍ .. أسرعي و حسب .
تقدمت نحوه بخجلٍ و قلت
- أبدو مضحكة أ ليس كذلك؟
- على العكس .
قال هذا و أخذ البلوزة من يدي قائلاً
- سأنظفها عنكِ .
ابتسمتُ و أنا أنظر إليه و قلت
- تبدو لطيفاً أكثر من المعتاد!
أجابني وهو يفتح صنبور الماء
- لم تتعرفي عليَّ جيداً ، أنا لطيف دائماً .
قال هذا و أدخل البلوزة كلها تحت الماء ، فشهقت دهشةً و أسرعت نحوه لأخذ بلوزتي من يديه قائلة بقهر
- بل أنتَ فاشلٌ في كل شيء! .. لما بللتها كلها بالماء؟ ، متى ستجف الآن؟!
نظر إليَّ متفاجئً و قال بصوتٍ منخفض
- لم يخطر ذلكَ ببالي!
قلت بغضبٍ و أنا أدفعه
- ابتعد ، ابتعد .. لقد أفسدتَ كل شيء .
و صرت أغسل أثر القهوة بحزنٍ شديد ، فقال
- لا فائدة الآن ، لقد تبللت و انتهى الأمر .
- كل ذلك بسببك! ، كيف ستجف الآن!؟
- أجدُ حللاً لا تقلقي .
قلت بسخريه
- هه! ، لم أعد أثق بك .
ضحك بهدوءٍ و قال
- لا تحزني "آماندا" ، حقاً لم يخطر ببالي! ، ثم لا بأس .. امضي بقية اليوم في المعهد بسترتي .
أغلقت صنبور الماء بعد أن انتهيت و استدرت إليه قائلة و أنا أعبسُ بوجهي
- لا تضحكني ، كيف سأخرج أمام الجميع بسترةٍ شبابية!؟
- إنها تليقُ بكِ .
اتسعت عيناي بعصبية و حدقت فيه بغضب ، فقال متداركاً
- أعني ، لستِ سيئة .. ليس مخجلاً أبداً! .. صدقيني .
قال هذا و أمسك بالبلوزةِ و عصرها بقوةٍ ليخرج ما فيها من الماء الزائد .
بعد أن انتهينا ، خرجنا من دورة المياه .. كان الجميع قد ذهب إلى القاعة لاستئناف الدروس ، فزال عني الإرتباك و أنا أخرج بسترةِ "ريكس" المجنون .
سرنا في الفناء حيث الهواء الطلق ، كان الهواء قوياً ومنعشاً .. نظر إليَّ مبتسماً
- لنلوح بها هنا حتى تجف .
ضحكت و قلت
- كفّ عن السخرية .
ضحكَ هو الآخر و قال
- لست أسخر .
و نشر البلوزة و أخذ يلوح بها في الهواء و قال
- ما رأيكِ؟!
أصابتني نوبة ضحك مجنونة ، فضحكت بصوتٍ عالٍ و أنا أحاول أن أتكلم
- توقف أيها المجنون!
ضحك هو الآخر و هو لا يزال يلوح بها .. لم أتوقف عن الضحكِ بسهوله ، بل استمريت في الضحكِ حتى توقف عن التلويح بها ، ثم ذهب نحو إحدى النوافذ و ربطها بها ، قلت له باستغراب
- أيها الأبله ماذا تفعل؟! ، ستعلق بلوزتي هنا؟!!
أقترب مني و قال
- هل لديكِ حلٌ آخر؟! ، أم تتوقعين مني أن أمسكَ بها عند الهواء حتى تجف؟
قلت بصوتٍ منخفض
- أنتَ أبله!
- هيا عودي للقاعةِ لتلحقي بدرسكِ الآن يا "آماندا" ، هيا!
ابتسمت إليه و قلت
- حسناً ، شكراً لك .
و استدرتُ ذاهبةً إلى القاعة ، و نسيتُ تماماً أمر سترة "ريكس" التي أرتديها! ، لم أتذكر أمرها إلا بعد أن جلستُ في مقعدي و سألتني "سارة" بهمس
- متى استبدلتي ثيابكِ؟!
حينها تذكرت ، و ضعت أصابعي على شفتي بخجلٍ و همستُ لها
- أخبركِ بعد الدرس .
==================
بعد أن انتهى وقت المعهد .. غادرت أنا و "سارة" عائدتين إلى منزلي ، وكنت أثناء طريق العودة أحكي لها سبب ارتدائي سترةَ "ريكس" .. و عند باب منزلي كنتُ قد ختمت الحكاية!
- هذا كل ما حصل يا عزيزتي ، لكن لو ترين "ريكس"! ، إنه معتووه!
قلت ذلك و ضحكت .. فقالت "سارة" ضاحكة
- يبدو أن الفتى "ريكس" مرحٌ و لطيف .
فتحت باب المنزل ودلفنا إلى الداخل ، أجبتها بعد أن جلسنا على الأريكة
- إنه كذلكَ فعلاً ، لقد انتشل حزني و أسفي بمرحه .. رغم أنه أغضبني كثيراً عندما سكبَ القهوة علي .
- صحيح ماذا قررتي بشأن صاحب الرسائل؟!
فقدت ابتسامتي و مرحي حينما ذكرت "سارة" أمر المعجب ، فقلت لها بهدوءٍ و ألم
- لا أعرف ، لكن سأحاول أن أصل إليه .
- كيف؟!
صمتت و لم أعرف بماذا أجيب ، كيف أصل إليه؟! .. و هو اختفى دون أن يترك خلفه أثراً استطيع تتبعه للوصول إليه .
في هذه اللحظة وصل أخي "ألفريد" ، فتح الباب و تقدم نحونا قائلاً
- مرحباً .
و ما أن وقعت عيناه على "سارة" حتى لمعت عيناه و اتسع فمه كاشفاً عن ابتسامةٍ جميلة لا أراها دائماً!
- "سارة" هنا! .. كيف حالكِ؟
نظرتُ إلى "سارة" التي سرعان ما صعد الدم إلى وجهها ، و قالت بخجل
- بخير ، ماذا عنكَ يا "ألفريد"؟
- بحالٍ ممتاز! ، من الجيد أنكِ هنا ، أختي لم تكن بحالٍ جيد منذ فترة ، أخبرتها أنكِ أنتِ الشخص الوحيد القادر على إدخال السرور في قلبها .
ضحكت "سارة" بهدوء و قالت
- كم أنتَ لطيف ، إطمئن إنها بخير الآن .
قلت لـ "ألفريد"
- طلبتُ منها المجيء معي لأجلكَ في الواقع .
رفع حاجبيه وقال
- حقاً!؟
- نعم أعرف أن وجودها يسعدك ، لذا طلبت منها أن تتناول العشاء معنا الليلة .
ابتسم بسعادة و هو ينظر إلى "سارة" التي أنكست رأسها بخجلٍ و هي تعض على شفتها ، ثم قال
- فعلتِ الصواب يا "آماندا" ، سأحضر أجمل مائدة على شرف "سارة" العزيزة هذه الليلة .
نظرت إليه "سارة" و قالت بصوتٍ منخفض بدا كالهمس
- شكراً لكَ "ألفريد" .
- عن إذنكما الآن .
قال هذا و انصرف إلى غرفته .
فوكزت "سارة" على خاصرتها وقلت بمكر
- ما رأيكِ بي؟ .. أ لستُ مدهشة؟! ، أنظري كيف لمعت عينا "ألفريد" .
قلت هذا و انفجرت ضاحكة ، فتشبثت بذراعي قائلة بخجل
- أخفضي صوتكِ يا "آماندا"! ، سوف تفضحينا!
- هيا بنا إلى غرفتي إذاً .
- هيا .
=========
بعد العشاء ، و بعد أن غادرتنا صديقتي "سارة" .. ذهبت إلى غرفتي و سرت نحو طاولتي .
توقفت عندها ونظرت إلى العلبة المكعبية الحمراء ، حدقت فيها و أنا أسترجع بعضاً من كلام ذلك المعجب .. تقدمت عند الطاولة و جلست على الكرسي ، أخذت العلبة و قربتها مني .. فتحتها و أخرجت عدة أظرفٍ منها .
حدقت فيها و في ما كُتِبَ عليها
(( إلى العزيزة "آماندا" من عاشقكِ المخلص )) ، (( إلى العزيزة "آماندا"رسالة من عاشق )) ، (( إلى العزيزة و الجميلة "آماندا" رسالة من عاشقكِ المخلص )) ..
أعتراني حزنٌ و شوقٌ عميق .. أحسست بنارٍ تستعر في قلبي ، أحسستُ بالإختناق و الغصة في حنجرتي ، فأخذتُ نفساً .. و مع زفرةٍ أطلقتها انسكبت دمعتين من عيوني .
كتمتُ بكائي ، و تركتُ الرسائل جانباً ، و مددتُ يدي لألتقطَ قلماً و ورقةً بيضاء .. تمالكتُ نفسي و أخذتُ نفساً من جديد ، ثم بدأتُ أكتب .
(( إلى من تخلى عني ، و فضل الغياب و الهجر ، إلى من تركني أعاني فقد كلماته .. بعد أن أدمنتها و أحببتها ، إلى من مزقني ، و نسيني بعدما كان يدعي العشق ، إلى من جعلني أكتبُ إليه بمداد دموعي ، إليكَ أيها الغائبُ المجهول ، الذي غابَ عني دون أن يتركَ خلفه أثراً يرشدني إليه ، الذي غاب دون أن يلتفت نحو الهشيم الذي خلفه في قلبِ "آماندا" المسكينة ، "آماندا" اليوم تعلن إليكَ انهزامها و ضعفها .. تعلن استسلامها ، تعلن خضوعها لرغبتكَ في الإختباء ، لن يهمني من تكون .. لأني بعد أن أدمنت كلماتكَ لا أستطيع التخلي عنك أبداً ، وبما أنكَ ستظهر قبالتي قريباً كما وعدتني .. فسأستمر معكَ في هذه اللعبة ، سأستمر .. لأني إن لم استمر فسأحرق بنار شوقي ، مشتاقةٌ إليك .. مشتاقةٌ إلى حروفك ، مشتاقةٌ إلى كل تفاصيلكَ التي كنتَ تتشاركني إياها ، أشتاق لقراءة اسمي في أوراقك .. اشتاق لذاك الظرف المورد ، و إلى العبارة التي تكتبها عليه .. أشتاق إلى كل شيءٍ متعلقٌ بك .. ما يمزقني أني لا أعرفُ إليكَ سبيلاً و لا دليلاً يرشدني إليك ، سأسعى للوصول إليكَ حتى تصلكَ رسالتي هذه ، حتى تحتضنها يديك .. و أرجوك أيها العزيز ، عندما تصلكَ رسالتي أجبني برسالةٍ بسرعة ، أسعف قلبي الذي يحترقُ شوقاً للقياك ، اليوم قررت الإفصاح إليكَ بكلمةٍ لم انطقها لكَ من قبل ، اليوم سأقول أني أعشقك ، أحبك ، أهواكَ .. أتنفسك ، أنا خسرتك يوم أن قررتُ الصمت ، لكنني اليوم سأكتب ، سأعود .. لن أتجاهلَ رسائلكَ من جديد .. لإن الحرمان منها لا يطاق ، لا يطاق .. سأنتظر رسالتك ، فلا تخذلني ، و اصفح عني ، و اكتب لي .
العاشقة "آماندا" ))