عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-15, 11:16 AM   #1
الخيال التغلبي

آخر زيارة »  10-19-17 (07:57 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ((حـيـص بـيـص))؟؟



((حـــــــــــيــــــص بـــــــــــيـــــــــــص))؟؟
ــــــــــــ : ـ

كثير من شباب المجتمع ما يتداولون هذه الكلمة من باب الطرافة والظرافة ، ولا يعلم ما تعني ولا الى أين تؤول وتؤوب ، وكثير منم لا يعرفها الا بأفلام ((غوّار الطوشيّ)) ـ وفطوم ((حيص بيص)) وكذلك ((ياسين)) وابو ((العناتر)) وغيرهم من أصحاب غوّار .
ولكن بعد عن أذهانهم أنه أحد العلماء الافذاذ والحفّاظ الأدباء ومن الذين ينظمون الشعر وغلب على عليهم مع علم الادب كذلك .
فمن تظنّه هذا ، الحيص بيص ، الذي ملأ السمع والبصر كما يقولون ، ولما عرف بهذا الاسم واشتهر به وغلب على نسبه بين الناس ، حتى نسب الى هذا الاسم العلم الغريب ـ تعالوا معنا نقرأ عنه مما سطّرته أنامل أحد القضاة المؤرّخين لتاريخ الأعلام من جهابذة الاسلا. ، وهو صاحب كتاب ((وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان)) لأبي العباس بن شمس الدين احمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (608 ـ 681 هـ) حيث يقول في ترجمته :
أبو الفوارس ـ سعد بن محمد بن سعد الصيفي (التميمي) الملقب شهاب الدين المعروف بـ ((حيص بيص)) الشاعر المشهور ، كان فقيهاً شافعي المذهب ، تفقه بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان ، وتكلم في مسائل الخلاف ، إلا أنه غلب عليه الأدب ونظم الشعر ، وأجاد فيه مع جزالة لفظه ، وله رسائل بليغة .
سبب تسميته بحيص بيص ـ قال في ذلك :
وإنما قيل له ((حيص بيص)) ، لأنه راى الناس يوماً في حركة مزعجة وأمر شديد فقال : ما للناس في ((حيص بيص)) ، فبقي عليه اللقب ، ومعنى هاتين الكلمتين الشدّة والاختلاط ، تقول العرب : وقع الناس في حيص بيص ، أي في شدّة واختلاط .
وكانت وفاته ليلة الاربعاء سادس شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة ببغداد .
وكان اذا سئل عن عمره يقول : ((أنا أعيش في الدنيا مجازفة)) لأنه كان لا يحفظ مولده ، وكان يزعم أنه من ولد أكثم بن صيفي التميمي (حكيم العرب) . ولم يترك أبو الفوارس عقباً ، أنتهى .
قال صاحب ((شذرات الذهب في أخبار من ذهب)) وهو شهاب الدين ابن العماد الحنبلي ، قال عن (حيص بيص) :
وكان لا يخاطب أحداً إلا باللغة العربية (يعني الفصحى) ، ويلبس على زيّ العرب ويتقلّد سيفاً ، فرأى الناس في حركة مزعجة فقال : ما للناس في (حيص بيص) .
نقل عن ابن شهبة قوله عن (حيص بيص)وذلك في تاريخ الاسلام :
وسموا ابنه : ((هرج مرج)) ، وابنته ((دخل خرج)) ، انتهى .
وهذا ما ذكره ابن شهبة عن ان له عقب لا يتطابق مع ما ذكره ابن خلان ، ولكن للامانة العلمية ، نقلنا للجميع كما ذكروه ، والقاريء الكريم له وجة يرضاها .
يبقى عندنا منه القاضي بن ((خلكان) قال عنه الامام الذهب : كان اماماً ، فاضلاً متقناً ، وافر الحرمة ، كريماً جواداً ممدحاً ، وقد جمع كتاباً نفيساً في وفيان الاعيان . انتهى . وله درذ القائل :
ما زلت تلهج بالأموات تكتبها ** حتى رأيتك في الأموات مكتوبا
قال ومن محاسنه :
((انه كان لا يجسر أحد عنده أن يذكر أحداً بغيبة)) .
حكى أنه جاءه إنسان فحدّثه في أذنه ، أن عدلين في مكان يشربان الخمر ، فقام من مجلسه ودعا برجل ، وقال : اذهب إلى مكان كذا ، وأمر من فيه بإصلاح أمرهما وإزالة ما عندهما ، ثم عاد فجلس مكانه إلى أن علم أن نقيبه قد حضر ، فدعا بذلك الرجل ، وقال : أبعث معك النقيب فإن كنت صادقاً ضربتهما الحد ، وإن كنت كاذباً قطعت لسانك ، وجهز النقيب معه ، فلم يجدوا غير صاحب البيت وليس عنده شيءٌ من ذلك ، فأحضر الدّرة وهدده ، فشفع فيه ، فقبل شفاعته ، ثم أحضر مصحفاً وحلّفه أن لا يعود يقذف عرض مسلم . انتى ((ليت الدواعش يعلمون ما في ديننا من فسحة للتوبة)) .
ماذا نستفيد من هذه القصة التي حدثة مع القاضي بن ((خلكان)) :
أولاً ـ أنه لا يجوز بأيت حال من الأحوال ، الأخبار عن مسلم يقيم على معصية وغير مجاهر بها أمام الناس ، لقوله عليه السلام : ((من ستر أخيه في الدنيا ستره الله يوم اليامة) ، كذلك قوله عليه السلام : ((كل أمتي معافى الا المجاهرون)) ، كذلك قوله عليه السلام : ((من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر)) ، كذلك قوله للرجل الذي جاء اليه وأخبره عن من يفعلون الزنا ((ليتك سترتهم بطرف ردائك)) ، فهذه كلها نصوص شرعية متواترة وصحيحة ولهذا عمل بها القاضي ابن (خلكان) وزجر الرجل الذي قام بذلك العمل المخزي السيئ ، فبدل ما يستر على ما اطلع عليه من معصية مستورة في بيت صاحبها ، قام ونشر خبرها ليتقرب الى القاضي ، فكان يضنه يفرح بذلك الخبر عن مؤمن مستور ، فزجره ووأدبه وهدده واخذ عليه الميثاق ان لا يعود اليها مرة أخرى ـ فليت قضاتنا اليوم يفطنون لهذا ولقوله صلى الله عليه وسلم : ((أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم)) .
أرجو انني قد أتيت بما يسركم لهذا اليوم ، فإن أصبت فمن الله تعالى ولا حول لي ولا قوة ـ وان أخطأت فمن نفسي والشيطان ، والله يغفر لي ولكم .