الموضوع: ودّعا الماضي
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-15, 07:31 PM   #1
ذات

الصورة الرمزية ذات

آخر زيارة »  08-01-20 (06:14 AM)
المكان »  بين سطور محمود درويش..##
لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ. إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ


قال تعالى: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ).
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ودّعا الماضي



بعد خلاف يسير ومشكلة عابرة تعكّرت بعدهما الأمزجة وساءت النفسيات وهاجت الأرواح، أطلقت الزوجة العنان للسانها للتنكيل بزوجها ورميه بما يجرح من السباب ويؤلم من الشتائم، ثم أجهزت على أي محاولات صلح بنفض الغبار على أرشيف الماضي ودفتر الذكريات الأسود، حيث سحبت ملفًا قديمًا عفا عنه الزمن أكلاً وشربًا وقد مُسح من ذاكرة الزمان، طوته الأيام ويبّسته الليالي ولكنه للأسف ما زال عالقًا متشبثًا في عقل هذه الزوجة وأسقت به زوجها سماً!.. وبكل لؤم أخذت في تذكيره وتعييره والتقليل من قدره، وطعنته بهذا الملف (الأسود) - وهو أقرب ما يكون للصندوق الأسود في الطائرات الذي لا يترك شاردة ولا واردة إلا حفظها -، وقد استحال هذا الملف لخنجر أدمى كرامة الزوج وقزَّم من رجولته.

وهذا زوج آخر، وفي موقف مشابه مع زوجته استدعى قصة قديمة ومشهداً قد توارت ذكرياته واختفت ملامحه وبدأ يذكّرها بسوء تصرفها مع والدته قبل سنوات، ثم تناول ملفًا قديمًا آخر مُحيت آثاره ودُرست معالمه عندما تركته في إحدى الليالي التي مضى عليها سنوات طوال بلا عشاء!!.. إن البحث في أوراق الماضي واستدعاء المواقف القديمة أمر مخجل ودلالة على ضعف في الشخصية وخلل في التفكير، وهذا ليس مختصًا بالعلاقات الزوجية فحسب، بل على صعيد العلاقات الاجتماعية بأسرها، وتلك بعض الوقفات والتوجيهات التي أتمنى أن يعيها الجميع ومنهم الزوجان إن أرادا سعادة وألفة وحبًا في هذه الحياة:

1 - أخي الزوج وأختي الزوجة،كيف للعلاقة أن تستقيم والحياة أن تحلو وتصفو، وهذه الأساليب السقيمة ما زالت حاضرة بكل بشاعتها وسوء نتائجها، التي تقضي على كل روابط الحب وتذوي معها زهور الود؟!!.. إن الحياة الزوجية مليئة بالأعباء مزدحمة بالمسؤوليات، فكيف بزوجين قد جعل الله كل واحد منهما لباساً للآخر، يفترض أن يسامحه ويتغاضى عن هفواته ويحميها ويخاف عليه، وإذا به يُعدد الأنفاس ويحصي الزلات؟!

2 - إن التعامل بهذا الأسلوب يشعل نيران الحقد، ويوصد أبواب الأمان في الحياة الزوجية، ويفضي إلى تعميق الإحساس بعدم الأمان مع هذا الشريك، وبعدها والله لا خير في هذه العلاقة إذا انعدم الأمان!

3 - إن الحياة الزوجية قائمة على الحب، مبنية على الرحمة لا القسوة، أساسها المسامحة لا المشاحنة، هدفها طمس العيوب والتغافل عنها، لا إثارتها والتلويح بها كسلاح غادر في كل موقف خصومة.. وتذكّرا أن المحك الحقيقي لسمو الأخلاق، إنما يكون وقت الانفعال والغضب!

4 - الزوجان العاقلان إما أن يناقشا الأمر في حينه ومن ثم ردمه ودفنه في قبر النسيان، أو يتسامحا عنه نهائيًا ولا يثيرانه نهائيًا مهما كان حجم الاستفزاز وعظم الانفعال.. ومن باب المروءة وكمال الأخلاق أن يسمو الإنسان ولا يعود في هبته متسامحًا كان أو متغافلاً!

5 - إن من أسوأ الأمور وأشدها وقعًا على المشاعر والنفس هي أن تعيش مع شخص قد درّب ذاكرته على استحضار ما ساء وقبح، وبرمجها على تناسي كل جميل وحسن!.. فهذا وأيم الله، أيسر طريق لنسف العلاقة الزوجية وتنغيص الحياة وتكديرها.

6 - إن من الصعوبة بمكان أن تتقد شعلة الحب ويستمر نبع الود متدفقًا إذا كان العيش مع شريك ينسى أننا بشر نصيب ونخطئ، ويتعامل كما يتعامل مع الآلات بمنطق جاف صلب لا مرونة ولا لين فيه.

7 - لربما حقق لك استدعاء أخطاء الماضي نصرًا مؤقتًا وشهوة عارمة لحظية, بإفحام الشريك وتحطيمه، ولكنك وإن كسبت الموقف ستخسر القلوب، وهو - بلا شك - نصر هزيل لا يُسمن ولا يُغني من جوع.

وأخيراً أخي الزوج.. إن الخوض في ذكريات الماضي يُشكِّل تهديدًا خطيرًا لك ولأسرتك، وسحبًا عظيمًا من بنك المشاعر قد يعرضه للإفلاس، وعندها ستطل الأحقاد والعداوات برأسها القبيح، ونهاية الأمر - لا شك - هو أبغض الحلال.

ومضة قلم:

تكلم وأنت غاضب.. فستقول أعظم حديث تندم عليه طوال حياتك.



د.خالد بن صالح المنيف


 
مواضيع : ذات