عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-15, 05:34 PM   #6
القارظ العنزي

الصورة الرمزية القارظ العنزي

آخر زيارة »  04-29-24 (12:37 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



أحسنت أخي العزيز في مقالك القيّم ، وهناك بعض الملاحظات الفكرية ، كقولك عن فرار الصحابة في معركة أحد وخاصة من أمرهم الرسول الكريم في البقاء في أماكنهم ، فهم لم يفروا أبداً ، وإنما لاحظوا فرار العدو وهزيمته في أول الأمر ، فمنهم من أجتهد ونزل ظناً منه أن الأمر قد انقضي وأراد المشاركة في الغنيمة ، وكان هذا الاجتهاد هو سبب هزيمة المسلمين ، وذلك عندما لاحظ نزولهم خالد بن الوليد أبان كان أحد جنود قريش قبل اسلامه ، فاستدار من خلف المسلمين فصارت الهزيمة ، فانسحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تكتيكياً ، وذلك الى جبل أحد وتحصن به مع أصحابه ودعا لمن يردهم عنه ، وثبت ذلك اليوم بالاضافة الى أم عمارة ـ ابو بكر الصديق وعمر وعلي وجلّ أصحابه ، ولا يقاس ذلك على عمل الرجولة من عدمه مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذين دعهم الله عز وجل : بخير أمة أخرجت للناس ، فكانوا هم الأمة في ذلك الزمان ، وهم خير الأمة الى هذا الزمان .
ثانياً ـ قضية المسلمين اليوم ، ليست قضية رجولية ، بقدر ما هي قضية عقدية وإيمانية وفكرية ـ وتوحيد الله بالدرجة الأولى ، فلن يكون هناك بشراً أغير من الله على عبادة ، فعندما يخذلون ربهم العباد ، ويشركون به ويعبدون غيره ، فعندئذ ، يسلمهم لإعدائهم ، ويكلهم الى أنفسهم ، ويمنع عنهم حتى المتعاطفين معهم ، ولو كانوا كفاراً ، وهذا من الخذلان نسأل الله العفو والعافية ـ بكى ابو هيرة رضي الله عنه في يوم كان به انصار المسلمين في فتح جزيرة قبرص ، فقيل له أتبكي في يوم فيه فرح للمسلمين وانتصار لهم ، وهو قد رآهم يفرقون بالسبي من النساء والأطفال ، ففرقوا بين ابنة وأمها ، فبكى لذلك ، وقال : لم أبكي والله لعدم فرحي ، وانما بكيت عندما رأيت كيف هوان العبد على ربه ، وخذلان الله له عندما يرضى بعبادة غير الله ، فيجعله خالقه عبداً عند المخلوق . فهذا هو الذي أبكى أبو هريرة رضي الله عنه ، لانه فهم سنن الله التي لا تحابي أحداً ، وفهم حقيقة الايمان ، فهناك مجتمعات من المسلمين ، أبعدت كثيراً عن منهج ربها وأشركت معه بعبادته غيره ، وذابت الأخلاق فيها ، فحق عليها العذاب ، وهناك مجتمعات لا زالت في غيّها وكفرها ، وان لم تتوب من ذلك فالدور آت لا محالة ، وهناك مجتمعات لها وعليها ، ونحن منها ، فإن لم ننتبه فالأمر جداً خطير ، ولا ينفع مع سنن الله عزّ وجل قول الأنسان نحن شعب الله المختار ، ونحن فينا مكة وفينا المدينة ، وهل نفعة مكة أهلها قريشاً عندما كفروا ، وأخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبداً ، ولنا في بغداد عبرة عندما أكتسحها التتار وهي مليئة بالعلماء والفقهاء والفصحاء ، وذلك عندما صمتوا على الكفر البواح ، وكم أهلكوا التتر من أنفس وأغتصبوا من حرائر ، وكذلك في التاريخ عبرة لمن أكتسحوا بلاد المقدس من الصليبيين ولمدة تسعين سنة من الزمان ، وما أسرعهم للكفر بعد موت صلاح الدين الأيوبي وبعد تحرير المقدس ، عاد المسلمون الى غيّهم ، ثم أنقذتهم الخلافة العثمانية ـ فساعدوا النصارى على سقوطها ، فاكتسحهم اليهود ، ولا يزالون في غيهم وكفرهم يعمهون ، والى أن يحدثوا توبة نصوحة ، لكي يتغمدهم الله برحمة من عنده ، والسلام على المرسلين .