المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نور_الوحي المختصر في التفسير


الصفحات : 1 2 [3] 4 5 6 7 8

عطاء دائم
07-12-20, 09:16 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا

إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}

[سورة النساء:10]

ولما أمرهم بذلك، زجرهم عن أكل أموال اليتامى
وتوعد على ذلك أشد العذاب فقال:

{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا }
أي: بغير حق.

وهذا القيد يخرج به ما تقدم، من جواز الأكل
للفقير بالمعروف، ومن جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى.

فمَنْ أكلها ظلمًا
فـ { إنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا }
أي: فإن الذي أكلوه نار تتأجج في أجوافهم
وهم الذين أدخلوها في بطونهم.

{ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } أي: نارًا
محرقة متوقدة.
وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب
يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها
وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها
من أكبر الكبائر. نسأل الله العافية.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-13-20, 09:09 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ

وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}
[سورة الفرقان :74]

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا }
أي: قرنائنا من أصحاب وأقران وزوجات

{ وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } أي: تقر بهم أعيننا.

وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم
أنهم لا تقر أعينهم حتى يروهم مطيعين لربهم عالمين عاملين

وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم وذرياتهم في صلاحهم
فإنه دعاء لأنفسهم لأن نفعه يعود عليهم
ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم فقالوا:

{ هَبْ لَنَا }
بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين
لأن بصلاح من ذكر يكون سببا لصلاح كثير
ممن يتعلق بهم وينتفع بهم.

{ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
أي: أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية
درجة الصديقين والكمل من عباد الله الصالحين

وهي درجة الإمامة في الدين
وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم
وأفعالهم يقتدى بأفعالهم، ويطمئن لأقوالهم
يسير أهل الخير خلفهم فيهدون ويهتدون.

ومن المعلوم أن الدعاء
ببلوغ شيء دعاء بما لا يتم إلا به

وهذه الدرجة -درجة الإمامة في الدين- لا تتم
إلا بالصبر واليقين كما قال تعالى:

{ وَجَعَلْنَاهم أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }

فهذا الدعاء يستلزم من الأعمال والصبر
على طاعة الله وعن معصيته وأقداره المؤلمة
ومن العلم التام الذي يوصل صاحبه إلى درجة اليقين
خيرا كثيرا وعطاء جزيلا وأن يكونوا في أعلى ما يمكن
من درجات الخلق بعد الرسل.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-15-20, 06:58 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي

فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}

[سورة طه 124]

{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي } أي: كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، أو ما هو أعظم من ذلك،
بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر به

{ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } أي: فإن جزاءه
أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا.

وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر
وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب
جزاء لإعراضه عن ذكر ربه

وهذه إحدى الآيات الدالة
على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى:
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } الآية.

والثالثة قوله:
{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ }

والرابعة قوله عن آل فرعون:
{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا } الآية.

والذي أوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط من السلف
وقصرها على ذلك -والله أعلم- آخر الآية
وأن الله ذكر في آخرها عذاب يوم
القيامة. وبعض المفسرين
يرى أن المعيشة الضنك، عامة في دار الدنيا

بما يصيب المعرض عن ذكر ربه، من الهموم والغموم والآلام
التي هي عذاب معجل، وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة
لإطلاق المعيشة الضنك، وعدم تقييدها.

{ وَنَحْشُرُهُ } أي: هذا المعرض عن ذكر ربه

{ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } البصر على الصحيح

كما قال تعالى:

{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا }

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-20-20, 08:56 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا

وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}

يذكر تعالى عظمة البيت الحرام وجلالته وعظمة بانيه
وهو خليل الرحمن

فقال: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ }
أي: هيأناه له، وأنزلناه إياه، وجعل قسما من ذريته من سكانه
وأمره الله ببنيانه، فبناه على تقوى الله، وأسسه على طاعة الله
وبناه هو وابنه إسماعيل، وأمره أن لا يشرك به شيئا
بأن يخلص لله أعماله، ويبنيه على اسم الله.

{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ } أي: من الشرك والمعاصي
ومن الأنجاس والأدناس وأضافه الرحمن إلى نفسه
لشرفه، وفضله، ولتعظم محبته في القلوب
وتنصب إليه الأفئدة من كل جانب
وليكون أعظم لتطهيره وتعظيمه
لكونه بيت الرب للطائفين به والعاكفين عنده
المقيمين لعبادة من العبادات من ذكر، وقراءة
وتعلم علم وتعليمه وغير ذلك من أنواع القرب

{ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } أي: المصلين
أي: طهره لهؤلاء الفضلاء، الذين همهم طاعة مولاهم وخدمته
والتقرب إليه عند بيته، فهؤلاء لهم الحق، ولهم الإكرام
ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم، ويدخل في تطهيره
تطهيره من الأصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش المتعبدين
بالصلاة والطواف، وقدم الطواف على الاعتكاف والصلاة
لاختصاصه بهذا البيت، ثم الاعتكاف، لاختصاصه بجنس المساجد.

{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}

{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ }
أي: أعلمهم به، وادعهم إليه، وبلغ دانيهم وقاصيهم
فرضه وفضيلته، فإنك إذا دعوتهم، أتوك حجاجا وعمارا

رجالا، أي:
مشاة على أرجلهم من الشوق

{ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ }
أي: ناقة ضامر، تقطع المهامه والمفاوز، وتواصل السير
حتى تأتي إلى أشرف الأماكن

{ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }
أي: من كل بلد بعيد، وقد فعل الخليل عليه السلام
ثم من بعده ابنه محمد صلى الله عليه وسلم
فدعيا الناس إلى حج هذا البيت، وأبديا في ذلك وأعادا
وقد حصل ما وعد الله به، أتاه الناس رجالا وركبانا
من مشارق الأرض ومغاربها

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-21-20, 08:41 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}
[سورة الحج :197]

يخبر تعالى أن { الْحَجَّ } واقع في { أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ }
عند المخاطبين, مشهورات, بحيث لا تحتاج إلى تخصيص
كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره وكما بين تعالى
أوقات الصلوات الخمس.

وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم
التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.

والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء:
شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة
فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا.

{ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ }
أي: أحرم به, لأن الشروع فيه يصيره فرضا, ولو كان نفلا.

واستدل بهذه الآية الشافعي ومن تابعه, على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، قلت لو قيل: إن فيها دلالة لقول الجمهور, بصحة الإحرام [بالحج] قبل أشهره لكان قريبا، فإن قوله:
{ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } دليل على أن الفرض
قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها, وإلا لم يقيده.

وقوله: { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ }
أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج, وخصوصا الواقع في أشهره

وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه, من الرفث وهو الجماع
ومقدماته الفعلية والقولية, خصوصا عند النساء بحضرتهن.

والفسوق وهو: جميع المعاصي, ومنها محظورات الإحرام.

والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة, لكونها تثير الشر
وتوقع العداوة. والمقصود من الحج, الذل والانكسار لله
والتقرب إليه بما أمكن من القربات, والتنزه عن مقارفة السيئات

فإنه بذلك يكون مبرورا والمبرور, ليس له جزاء إلا الجنة

وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان
فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج. واعلم أنه لا يتم
التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر

ولهذا قال تعالى: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ }
أتى بـ " من " لتنصيص على العموم، فكل خير وقربة وعبادة
داخل في ذلك
أي: فإن الله به عليم, وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير

وخصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة, فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها, من صلاة, وصيام, وصدقة, وطواف
وإحسان قولي وفعلي.

ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك, فإن التزود فيه
الاستغناء عن المخلوقين, والكف عن أموالهم, سؤالا واستشرافا
وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين, وزيادة قربة لرب العالمين
وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع.

وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه, في دنياه, وأخراه
فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة
وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد, فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.

فهذا مدح للتقوى.

ثم أمر بها أولي الألباب فقال: { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }
أي: يا أهل العقول الرزينة, اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم
ما تأمر به العقول, وتركها دليل على الجهل, وفساد الرأي

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-23-20, 07:20 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }

وَالْفَجْرِ
الظاهر أن المقسم به، هو المقسم عليه
وذلك جائز مستعمل، إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًا
وهو كذلك في هذا الموضع.

فأقسم تعالى بالفجر
الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار
لما في إدبار الليل وإقبال النهار
من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى

وأنه وحده المدبر لجميع الأمور
الذي لا تنبغي العبادة إلا له
ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة
يحسن أن يقسم الله بها
ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر
وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان
أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة
على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات
والقربات ما لا يقع في غيرها.

وَلَيَالٍ عَشْرٍ

وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر
التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها
صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام.

وفي أيام عشر ذي الحجة
الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة
يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر
ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل
الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير
من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة
مستحقة لأن يقسم الله بها.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-24-20, 08:29 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

۞{ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

[سورة المائـدة 97]

يخبر تعالى أنه جعل { الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ }
يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم

فبذلك يتم إسلامهم، وبه تحط أوزارهم
وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة، والإحسان الكثير
وبسببه تنفق الأموال، وتتقحم - من أجله - الأهوال.

ويجتمع فيه من كل فج عميق
جميع أجناس المسلمين، فيتعارفون ويستعين بعضهم ببعض
ويتشاورون على المصالح العامة
وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية.

قال تعالى:
{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }

ومن أجل كون البيت قياما للناس قال من قال من العلماء:
إن حج بيت الله فرض كفاية في كل سنة. فلو ترك الناس حجه لأثم كل قادر، بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم، وقامت القيامة.

وقوله: { وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ }

أي: وكذلك جعل الهدي والقلائد -التي هي أشرف أنواع الهدي- قياما للناس، ينتفعون بهما ويثابون عليهما. { ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فمن علمه أن جعل لكم هذا البيت الحرام، لما يعلمه من مصالحكم الدينية والدنيوية.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-25-20, 08:15 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

۞{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ

فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ

وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[سورة البقرة :158]

يخبر تعالى أن الصفا والمروة
وهما معروفان { مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ }
أي أعلام دينه الظاهرة, التي تعبد الله بها عباده

وإذا كانا من شعائر الله, فقد أمر الله بتعظيم شعائره
فقال: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }

فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله
وأن تعظيم شعائره, من تقوى القلوب.

والتقوى واجبة على كل مكلف
وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم للحج والعمرة
كما عليه الجمهور, ودلت عليه الأحاديث النبوية
وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال:

" خذوا عني مناسككم "

{ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا }

هذا دفع لوهم من توهم وتحرج من المسلمين
عن الطواف بينهما, لكونهما في الجاهلية تعبد عندهما الأصنام

فنفى تعالى الجناح لدفع هذا الوهم, لا لأنه غير لازم.

ودل تقييد نفي الجناح فيمن تطوف بهما في الحج والعمرة, أنه لا يتطوع بالسعي مفردا إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، بخلاف الطواف بالبيت, فإنه يشرع مع العمرة والحج, وهو عبادة مفردة.

فأما السعي والوقوف بعرفة ومزدلفة, ورمي الجمار
فإنها تتبع النسك، فلو فعلت غير تابعة للنسك, كانت بدعة

لأن البدعة نوعان:
نوع يتعبد لله بعبادة, لم يشرعها أصلا
ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة
فتفعل على غير تلك الصفة, وهذا منه.

وقوله: { وَمَنْ تَطَوَّعَ }
أي: فعل طاعة مخلصا بها لله تعالى

{ خَيْرًا } من حج وعمرة, وطواف, وصلاة, وصوم وغير ذلك

{ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ }
فدل هذا, على أنه كلما ازداد العبد من طاعة الله
ازداد خيره وكماله, ودرجته عند الله, لزيادة إيمانه.

ودل تقييد التطوع بالخير, أن من تطوع بالبدع
التي لم يشرعها الله ولا رسوله, أنه لا يحصل له إلا العناء
وليس بخير له, بل قد يكون شرا له إن كان متعمدا عالما بعدم مشروعية العمل.

{ فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } الشاكر والشكور
من أسماء الله تعالى, الذي يقبل من عباده اليسير من العمل ويجازيهم عليه, العظيم من الأجر

الذي إذا قام عبده بأوامره, وامتثل طاعته, أعانه على ذلك
وأثنى عليه ومدحه, وجازاه في قلبه نورا وإيمانا, وسعة
وفي بدنه قوة ونشاطا, وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء
وفي أعماله زيادة توفيق.

ثم بعد ذلك, يقدم على الثواب الآجل عند ربه كاملا موفرا
لم تنقصه هذه الأمور. ومن شكره لعبده, أن من ترك شيئا لله
أعاضه الله خيرا منه، ومن تقرب منه شبرا, تقرب منه ذراعا
ومن تقرب منه ذراعا, تقرب منه باعا, ومن أتاه يمشي
أتاه هرولة, ومن عامله, ربح عليه أضعافا مضاعفة.

ومع أنه شاكر, فهو عليم بمن يستحق الثواب الكامل
بحسب نيته وإيمانه وتقواه, ممن ليس كذلك
عليم بأعمال العباد, فلا يضيعها, بل يجدونها
أوفر ما كانت, على حسب نياتهم
التي اطلع عليها العليم الحكيم.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-26-20, 08:37 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}

[سورة الحـج : 37]

وقوله: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا }
أي: ليس المقصود منها ذبحها فقط.
ولا ينال الله من لحومها ولا دمائها شيء
لكونه الغني الحميد، وإنما يناله الإخلاص فيها
والاحتساب، والنية الصالحة

ولهذا قال: { وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }
ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر
وأن يكون القصد وجه الله وحده
لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة
ولا مجرد عادة

وهكذا سائر العبادات
إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله
كانت كالقشور الذي لا لب فيه
والجسد الذي لا روح فيه.

{ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ }
أي: تعظموه وتجلوه

{ عَلَى مَا هَدَاكُمْ }
أي: مقابلة لهدايته إياكم
فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد، وأعلى التعظيم

{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }
بعبادة الله بأن يعبدوا الله، كأنهم يرونه
فإن لم يصلوا إلى هذه الدرجة فليعبدوه
معتقدين وقت عبادتهم اطلاعه عليهم، ورؤيته إياهم
والمحسنين لعباد الله، بجميع وجوه الإحسان من نفع مال
أو علم، أو جاه، أو نصح، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر
أو كلمة طيبة ونحو ذلك

فالمحسنون لهم البشارة من الله
بسعادة الدنيا والآخرة وسيحسن الله إليهم
كما أحسنوا في عبادته ولعباده
{ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-27-20, 07:18 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}

[سورة الحج 35]

{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }
أي: خوفا وتعظيما، فتركوا لذلك المحرمات
لخوفهم ووجلهم من الله وحده

{ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } من البأساء والضراء
وأنواع الأذى فلا يجري منهم التسخط
لشيء من ذلك، بل صبروا ابتغاء وجه ربهم
محتسبين ثوابه، مرتقبين أجره

{ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ }
أي: الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة
بأن أدوا اللازم فيها والمستحب
وعبوديتها الظاهرة والباطنة

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }
وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة
كالزكاة، والكفارة، والنفقة على الزوجات والمماليك
والأقارب، والنفقات المستحبة، كالصدقات بجميع وجوهها

وأتي بـ { من } المفيدة للتبعيض، ليعلم سهولة
ما أمر الله به ورغب فيه، وأنه جزء يسير مما رزق الله
ليس للعبد في تحصيله قدرة، لولا تيسير الله له ورزقه إياه.

فيا أيها المرزوق من فضل الله
أنفق مما رزقك الله، ينفق الله عليك، ويزدك من فضله.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-28-20, 09:05 AM
تفسير

قـال تــعــالــى :

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا
مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}

{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
ومعلوم أن هذا الوصف لا يصدق على غير المسلمين
الذين آمنوا بجميع الكتب، وجميع الرسل

{ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ }
أي: يسورون في أيديهم
رجالهم ونساؤهم أساور الذهب.

{ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }
فتم نعيمهم بذكر أنواع المأكولات اللذيذات المشتمل عليها
لفظ الجنات، وذكر الأنهار السارحات، أنهار الماء واللبن
والعسل والخمر، وأنواع اللباس، والحلي الفاخر

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-29-20, 08:55 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}
[سورة الحج 49]

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
حين طلب منه الكفار وقوع العذاب ، واستعجلوه به :

{قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين}
أي : إنما أرسلني الله إليكم نذيرا لكم
بين يدي عذاب شديد ، وليس إلي من حسابكم من شيء
أمركم إلى الله ، إن شاء عجل لكم العذاب
وإن شاء أخره عنكم ، وإن شاء تاب على من يتوب إليه
وإن شاء أضل من كتب عليه الشقاوة
وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار

[ و ] ( لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب )
[ الرعد : 41 ]
و {إنما أنا لكم نذير مبين}

{فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}
[سورة الحج 50]

{فالذين آمنوا وعملوا الصالحات}
أي : آمنت قلوبهم وصدقوا إيمانهم بأعمالهم

{لهم مغفرة ورزق كريم}
أي : مغفرة لما سلف من سيئاتهم
ومجازاة حسنة على القليل من حسناتهم .

[ و ] قال محمد بن كعب القرظي :
إذا سمعت الله تعالى يقول : ( ورزق كريم ) فهو الجنة .

📗 [تفسير ابن كثير رحمه الله]

عطاء دائم
07-30-20, 08:41 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{قَالَ اللَّهُ هذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ

لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ

رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

[سورة المائدة:119]

{ قَالَ اللَّهُ }
مبينا لحال عباده يوم القيامة
ومَن الفائز منهم ومَن الهالك، ومَن الشقي ومَن السعيد

{ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }
والصادقون هم الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم
ونياتهم على الصراط المستقيم والهدْي القويم
فيوم القيامة يجدون ثمرة ذلك الصدق، إذا أحلهم
الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ولهذا قال:

{ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

والكاذبون بضدهم، سيجدون ضرر كذبهم
وافترائهم، وثمرة أعمالهم الفاسدة.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
07-31-20, 07:26 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{....الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ...} [سورة المائـدة :3]

واليوم المشار إليه يوم عرفة
إذ أتم الله دينه، ونصر عبده ورسوله
وانخذل أهل الشرك انخذالا بليغا
بعد ما كانوا حريصين على رد المؤمنين
عن دينهم طامعين في ذلك.

فلما رأوا عز الإسلام وانتصاره وظهوره
يئسوا كل اليأس من المؤمنين، أن يرجعوا إلى دينهم
وصاروا يخافون منهم ويخشون، ولهذا في هذه السنة
التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم سنة
عشر حجة الوداع - لم يحج فيها مشرك، ولم يطف بالبيت عريان.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-01-20, 08:00 AM
تفسير
قــال تــعــالــى :

{ ۞ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ

فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ

وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [سورة البقرة : 203]

ويدخل في ذكر الله فيها
ذكره عند رمي الجمار, وعند الذبح
والذكر المقيد عقب الفرائض

بل قال بعض العلماء:
إنه يستحب فيها
التكبير المطلق, كالعشر, وليس ببعيد.

{ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ }
أي: خرج من " منى " ونفر منها
قبل غروب شمس اليوم الثاني

{ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ }
بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد

{ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ }
وهذا تخفيف من الله [تعالى] على عباده
في إباحة كلا الأمرين، ولكن من المعلوم
أنه إذا أبيح كلا الأمرين, فالمتأخر أفضل
لأنه أكثر عبادة.

ولما كان نفي الحرج قد يفهم منه نفي الحرج
في ذلك المذكور وفي غيره, والحاصل أن الحرج
منفي عن المتقدم، والمتأخر فقط قيده بقوله:
{ لِمَنِ اتَّقَى }
أي: اتقى الله في جميع أموره, وأحوال الحج

فمن اتقى الله في كل شيء
حصل له نفي الحرج في كل شيء

ومن اتقاه في شيء دون شيء
كان الجزاء من جنس العمل.

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ }
بامتثال أوامره واجتناب معاصيه

{ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }
فمجازيكم بأعمالكم، فمن اتقاه
وجد جزاء التقوى عنده

ومن لم يتقه
عاقبه أشد العقوبة

فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله
فلهذا حث تعالى على العلم بذلك.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-02-20, 07:44 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ

وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}

[سورة المؤمنون :62]

ولما ذكر مسارعتهم إلى الخيرات وسبقهم إليها
ربما وهم واهم أن المطلوب منهم ومن غيرهم
أمر غير مقدور أو متعسر

أخبر تعالى أنه لا يكلف { نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }
أي: بقدر ما تسعه، ويفضل من قوتها عنه
ليس مما يستوعب قوتها، رحمة منه وحكمة
لتيسير طريق الوصول إليه، ولتعمر جادة
السالكين في كل وقت إليه.

{ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ }
وهو الكتاب الأول، الذي فيه كل شيء
وهو يطابق كل واقع يكون، فلذلك كان حقا

{ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }
أي لا ينقص من إحسانهم
ولا يزداد في عقوبتهم وعصيانهم.

{بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هذَا
وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ}

[سورة المؤمنون :63]

يخبر تعالى أن قلوب المكذبين
في غمرة من هذا
أي: وسط غمرة من الجهل والظلم
والغفلة والإعراض، تمنعهم من الوصول
إلى هذا القرآن

فلا يهتدون به، ولا يصل إلى قلوبهم منه شيء.

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ
وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا*
وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا }

فلما كانت قلوبهم في غمرة منه
عملوا بحسب هذا الحال، من الأعمال الكفرية
والمعاندة للشرع، ما هو موجب لعقابهم

{ و } لكن

{ لَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ } هذه الأعمال

{ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } أي: فلا يستغربوا
عدم وقوع العذاب فيهم، فإن الله يمهلهم
ليعملوا هذه الأعمال، التي بقيت عليهم
مما كتب عليهم، فإذا عملوها واستوفوها
انتقلوا بشر حالة إلى غضب الله وعقابه.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-03-20, 07:43 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ

لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا

وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ

أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}

[سورة الأعراف :179]

يقول تعالى مبينا كثرة الغاوين الضالين
المتبعين إبليس اللعين:

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا
أي: أنشأنا وبثثنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ
صارت البهائم أحسن حالة منهم.

لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا
أي: لا يصل إليها فقه ولا علم
إلا مجرد قيام الحجة.

وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا ما ينفعهم
بل فقدوا منفعتها وفائدتها.

وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا سماعا
يصل معناه إلى قلوبهم.

أُولَئِكَ الذين بهذه الأوصاف القبيحة كَالأنْعَامِ
أي: البهائم، التي فقدت العقول، وهؤلاء آثروا
ما يفنى على ما يبقى، فسلبوا خاصية العقل.

بَلْ هُمْ أَضَلُّ من البهائم
فإن الأنعام مستعملة فيما خلقت له
ولها أذهان تدرك بها، مضرتها من منفعتها
فلذلك كانت أحسن حالا منهم.

أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ الذين غفلوا عن أنفع الأشياء
غفلوا عن الإيمان باللّه وطاعته وذكره.

خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار
لتكون عونا لهم على القيام بأوامر اللّه وحقوقه
فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.

فهؤلاء حقيقون بأن يكونوا ممن ذرأ اللّه
لجهنم وخلقهم لها، فخلقهم للنار
وبأعمال أهلها يعملون.

وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة اللّه
وانصبغ قلبه بالإيمان باللّه ومحبته، ولم يغفل عن اللّه
فهؤلاء، أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-04-20, 08:13 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ووَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ

وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}

[الانفال :46]

‏{‏وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏
في استعمال ما أمرا به، والمشي خلف ذلك في جميع الأحوال‏.‏ ‏

{‏وَلَا تَنَازَعُوا‏}‏ تنازعا يوجب تشتت القلوب وتفرقها

‏{‏فَتَفْشَلُوا‏}‏ أي‏:‏ تجبنوا

‏{‏وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ تنحل عزائمكم، وتفرق قوتكم
ويرفع ما وعدتم به من النصر على طاعة اللّه ورسوله‏.‏ ‏

{‏وَاصْبِرُوا‏}‏ نفوسكم على طاعة اللّه

‏{‏إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏}‏ بالعون والنصر والتأييد
واخشعوا لربكم واخضعوا له‏.‏

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-06-20, 08:46 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة الزمر:61]

ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال:
{ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ }
أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة
وهي تقوى اللّه تعالى
التي هي العدة عند كل هول وشدة.

{ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ }
أي: العذاب الذي يسوؤهم

{ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان.

فلهم الأمن التام، يصحبهم
حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون
من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم
ويقولون

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-07-20, 08:28 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ
وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
[سورة الكهف : 46]

أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا
أي: ليس وراء ذلك شيء
وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره
الباقيات الصالحات
وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة و
المستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة
وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل
وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف
ونهي عن منكر وصلة رحم، وبر والدين
وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم
وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق

كل هذا من الباقيات الصالحات
فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا

فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد
ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة

فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون
ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون

وتأمل كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها
ذكر أن الذي فيها نوعان:
نوع من زينتها، يتمتع به قليلا، ثم يزول بلا فائدة
تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته

وهو المال والبنون

ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام
وهي الباقيات الصالحات.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-09-20, 07:58 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

۞{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ

لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ

إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

[سورة الزمر :53]

يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه
ويحثهم على الإنابة قبل أن لا يمكنهم ذلك فقال:

{ قُلْ } يا أيها الرسول ومن قام مقامه
من الدعاة لدين اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم:

{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ }
باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب
والسعي في مساخط علام الغيوب.

{ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ }
أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا
فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها
فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان
متزودين ما يغضب عليكم الرحمن
ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده
واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك
والقتل، والزنا، والربا، والظلم
وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار

{ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان
لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما
سارية في الوجود مالئة للموجود
تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار
ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار
والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته

ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد
فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها
بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح
والدعاء والتضرع والتأله والتعبد

فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-10-20, 07:47 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا

وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}

[سورة الفرقان :63]

العبودية لله نوعان:
عبودية لربوبيته فهذه يشترك فيها
سائر الخلق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم
فكلهم عبيد لله مربوبون مدبرون

{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }

وعبودية لألوهيته وعبادته ورحمته
وهي عبودية أنبيائه وأوليائه وهي المراد هنا

ولهذا أضافها إلى اسمه " الرحمن "
إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال بسبب رحمته
فذكر أن صفاتهم أكمل الصفات ونعوتهم أفضل النعوت

فوصفهم بأنهم

{ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }
أي: ساكنين متواضعين لله والخلق
فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده.

{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ }
أي: خطاب جهل بدليل إضافة الفعل وإسناده لهذا الوصف

{ قَالُوا سَلَامًا }
أي: خاطبوهم خطابا يسلمون فيه من الإثم
ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله.

وهذا مدح لهم، بالحلم الكثير
ومقابلة المسيء بالإحسان
والعفو عن الجاهل ورزانة العقل
الذي أوصلهم إلى هذه الحال

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-11-20, 08:18 AM
قــال تــعــالــى :

{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا

أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ

فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}

[سورة الأعراف : 100 ]

يقول تعالى منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين

{ أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا

أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ }

أي: أو لم يتبين ويتضح للأمم الذين ورثوا الأرض
بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم، ثم عملوا
كأعمال أولئك المهلكين؟

أو لم يهتدوا أن اللّه، لو شاء لأصابهم بذنوبهم
فإن هذه سنته في الأولين والآخرين.

وقوله: { وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ْ}
أي: إذا نبههم اللّه فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا
وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا، فإن اللّه تعالى
يعاقبهم ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس
حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير
ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به
تقوم الحجة عليهم.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-12-20, 07:09 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ

خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}

[سورة الأنعام : 32 ]

هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة

أما حقيقة الدنيا فإنها لعب ولهو
لعب في الأبدان ولهو في القلوب
فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة
والهموم فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان.

وأما الآخرة
فإنها { خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } في ذاتها وصفاتها
وبقائها ودوامها، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين
من نعيم القلوب والأرواح، وكثرة السرور والأفراح

ولكنها ليست لكل أحد
وإنما هي للمتقين الذين يفعلون
أوامر الله، ويتركون نواهيه وزواجره

{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }
أي: أفلا يكون لكم عقول، بها تدركون
أيّ الدارين أحق بالإيثار.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-13-20, 07:23 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ

ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}

[سورة الروم : 33]

{ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ }
مرض أو خوف من هلاك ونحوه

{ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ }
ونسوا ما كانوا به يشركون في تلك الحال
لعلمهم أنه لا يكشف الضر إلا اللّه

{ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً }
شفاهم من مرضهم وآمنهم من خوفهم

{ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ }
ينقضون تلك الإنابة التي صدرت منهم
ويشركون به من لا دفع عنهم ولا أغنى
ولا أفقر ولا أغنى

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-14-20, 08:00 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)

نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)

نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} (332)

[سورة فصلت : 30 - 31 - 32]

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}

يخبر تعالى عن أوليائه، وفي ضمن ذلك، تنشيطهم
والحث على الاقتداء بهم، فقال:

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا }
أي: اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى
واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم
علمًا وعملاً، فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ } الكرام
أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار.

{ أَلَّا تَخَافُوا } على ما يستقبل من أمركم

{ وَلَا تَحْزَنُوا } على ما مضى، فنفوا عنهم
المكروه الماضي والمستقبل

{ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }
فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولاً.

{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}

ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم، ومبشرين:

{ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }
يحثونهم في الدنيا على الخير، ويزينونه لهم
ويرهبونهم عن الشر، ويقبحونه في قلوبهم
ويدعون الله لهم، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف
وخصوصًا عند الموت وشدته، والقبر وظلمته
وفي القيامة وأهوالها، وعلى الصراط، وفي الجنة
يهنئونهم بكرامة ربهم، ويدخلون عليهم من كل باب

{ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }

ويقولون لهم أيضا: { وَلَكُمْ فِيهَا }
أي: في الجنة
{ مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ } قد أعد وهيئ.

{ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ }
أي: تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم
وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات
مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت
ولا خطر على قلب بشر.

{نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}

{ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } أي: هذا الثواب الجزيل
والنعيم المقيم، نُزُلٌ وضيافة

{ مِنْ غَفُورٍ } غفر لكم السيئات
{ رَحِيمٌ } حيث وفقكم لفعل الحسنات
ثم قبلها منكم.

فبمغفرته أزال عنكم المحذور
وبرحمته، أنالكم المطلوب.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-15-20, 08:04 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ

وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}

[سورة التوبة : 32 ]

فلما تبين أنه لا حجة لهم على ما قالوه
ولا برهان لما أصَّلوه، وإنما هو مجرد قول قالوه
وافتراء افتروه أخبر أنهم

‏{‏يُرِيدُونَ‏}‏ بهذا ‏

{‏أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ‏}‏‏.‏

ونور اللّه‏:‏ دينه الذي أرسل به الرسل
وأنزل به الكتب، وسماه اللّه نورا
لأنه يستنار به في ظلمات الجهل
والأديان الباطلة، فإنه علم بالحق، وعمل بالحق
وما عداه فإنه بضده

فهؤلاء اليهود والنصارى ومن ضاهوه من المشركين
يريدون أن يطفئوا نور اللّه بمجرد أقوالهم
التي ليس عليها دليل أصلا‏.‏

‏{‏وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ‏}
لأنه النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق
لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه
والذي أنزله جميع نواصي العباد بيده
وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء

ولهذا قال‏:‏

‏{‏وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ‏}‏
وسعوا ما أمكنهم في رده وإبطاله
فإن سعيهم لا يضر الحق شيئًا‏.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-16-20, 08:01 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}

[سورة النساء : 124]

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ْ}
دخل في ذلك سائر الأعمال القلبية والبدنية
ودخل أيضا كل عامل من إنس أو جن
صغير أو كبير، ذكر أو أنثى.

ولهذا قال: { مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ْ}
وهذا شرط لجميع الأعمال
لا تكون صالحة ولا تقبل ولا يترتب عليها الثواب
ولا يندفع بها العقاب إلا بالإيمان.

فالأعمال بدون الإيمان كأغصان شجرة
قطع أصلها وكبناء بني على موج الماء

فالإيمان هو الأصل والأساس والقاعدة
التي يبنى عليه كل شيء

وهذا القيد ينبغي التفطن له في كل عمل أطلق
فإنه مقيد به.

{ فَأُولَئِكَ ْ}
أي: الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح

{ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ْ}
المشتملة على ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين

{ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ْ}
أي: لا قليلا ولا كثيرا مما عملوه من الخير
بل يجدونه كاملا موفرا، مضاعفا أضعافا كثيرة.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-18-20, 07:44 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}

[سورة هود : 115]

{ وَاصْبِرْ ْ}
أي: احبس نفسك على طاعة الله
وعن معصيته، وإلزامها لذلك، واستمر ولا تضجر.

{ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}
بل يتقبل الله عنهم أحسن الذي عملوا
ويجزيهم أجرهم، بأحسن ما كانوا يعملون

وفي هذا ترغيب عظيم، للزوم الصبر
بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله
كلما ونت وفترت.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-20-20, 07:16 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ
يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ
ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً
كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}
[سورة التوبة : 36 ]
يقول تعالى ‏{‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ‏}‏
أي‏:‏ في قضائه وقدره‏.‏
‏{‏اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا‏}‏ وهي هذه الشهور المعروفة ‏
{‏فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ أي في حكمه القدري
‏{‏يَوْمَ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ‏}‏
وأجرى ليلها ونهارها، وقدر أوقاتها فقسمها
على هذه الشهور الاثني عشر ‏[‏شهرًا‏]‏‏.‏
‏{‏مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏}‏
وهي‏:‏ رجب الفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم
وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها‏.‏
‏{‏فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ‏}‏
يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثنى عشر شهرا
وأن اللّه تعالى بين أنه جعلها مقادير للعباد
وأن تعمر بطاعته، ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها
وتقييضها لمصالح العباد، فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها‏.‏
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم
وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها
خصوصا مع النهي عن الظلم كل وقت
لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها‏.‏
ومن ذلك النهي عن القتال فيها، على قول من قال‏:‏
إن القتال في الأشهر الحرام لم ينسخ تحريمه
عملا بالنصوص العامة في تحريم القتال فيها‏.‏
ومنهم من قال‏:‏
إن تحريم القتال فيها منسوخ، أخذا بعموم نحو قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً‏}‏
أي‏:‏ قاتلوا جميع أنواع المشركين والكافرين برب العالمين‏.‏
ولا تخصوا أحدًا منهم بالقتال دون أحد
بل اجعلوهم كلهم لكم أعداء كما كانوا هم معكم كذلك
قد اتخذوا أهل الإيمان أعداء لهم، لا يألونهم من الشر شيئًا‏.‏
ويحتمل أن ‏{‏كَافَّةً‏}‏ حال من الواو فيكون معنى هذا‏:‏
وقاتلوا جميعكم المشركين، فيكون فيها
وجوب النفير على جميع المؤمنين‏.‏
وقد نسخت على هذا الاحتمال بقوله‏:‏ ‏
{‏وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً‏}‏ الآية‏.‏
‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ بعونه ونصره وتأييده
فلتحرصوا على استعمال تقوى اللّه في سركم وعلنكم
والقيام بطاعته، خصوصا عند قتال الكفار
فإنه في هذه الحال، ربما ترك المؤمن العمل
بالتقوى في معاملة الكفار الأعداء المحاربين‏.‏
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-21-20, 07:57 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[سورة التوبة : 40 ]
أي‏:‏ إلا تنصروا رسوله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فاللّه غني عنكم، لا تضرونه شيئا
فقد نصره في أقل ما يكون وأذلة ‏
{‏إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ من مكة لما هموا بقتله
وسعوا في ذلك، وحرصوا أشد الحرص
فألجؤوه إلى أن يخرج‏.‏
‏{‏ثَانِيَ اثْنَيْنِ‏}‏ أي‏:‏ هو وأبو بكر الصديق رضي اللّه عنه‏.‏
‏{‏إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ‏}‏ أي‏:‏ لما هربا من مكة
لجآ إلى غار ثور في أسفل مكة، فمكثا فيه
ليبرد عنهما الطلب‏.‏
فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة
حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما
فأنزل اللّه عليهما من نصره ما لا يخطر على البال‏.‏
‏{‏إِذْ يَقُولُ‏}‏ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏
{‏لِصَاحِبِهِ‏}‏ أبي بكر لما حزن واشتد قلقه
‏{‏لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا‏}‏ بعونه ونصره وتأييده‏.‏
‏{‏فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ‏}‏
أي‏:‏ الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد
ولهذا لما قلق صاحبه سكنه وقال ‏{‏لا تحزن إن اللّه معنا‏}‏
‏{‏وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا‏}‏
وهي الملائكة الكرام، الذين جعلهم اللّه حرسا له
‏{‏وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى‏}‏
أي‏:‏ الساقطة المخذولة، فإن الذين كفروا
قد كانوا على حرد قادرين، في ظنهم على قتل الرسول
ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأخذه، حنقين عليه
فعملوا غاية مجهودهم في ذلك، فخذلهم اللّه
ولم يتم لهم مقصودهم، بل ولا أدركوا شيئا منه‏.‏
ونصر اللّه رسوله بدفعه عنه، وهذا هو النصر المذكور
في هذا الموضع، فإن النصر على قسمين‏:‏
نصر المسلمين إذا طمعوا في عدوهم
بأن يتم اللّه لهم ما طلبوا، وقصدوا
ويستولوا على عدوهم ويظهروا عليهم‏.‏
والثاني نصر المستضعف الذي طمع فيه عدوه القادر
فنصر اللّه إياه، أن يرد عنه عدوه، ويدافع عنه
ولعل هذا النصر أنفع النصرين
ونصر اللّه رسوله إذ أخرجه الذين كفروا
ثاني اثنين من هذا النوع‏.‏
وقوله ‏{‏وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا‏}‏
أي كلماته القدرية وكلماته الدينية
هي العالية على كلمة غيره
التي من جملتها قوله‏:‏
‏{‏وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏
‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ‏}‏ ‏
{‏وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ‏}‏
فدين اللّه هو الظاهر العالي على سائر الأديان
بالحجج الواضحة، والآيات الباهرة والسلطان الناصر‏.‏
‏{‏وَاللَّهُ عَزِيزٌ‏}‏ لا يغالبه مغالب، ولا يفوته هارب
‏{‏حَكِيمٌ‏}‏ يضع الأشياء مواضعها
وقد يؤخر نصر حزبه إلى وقت آخر
اقتضته الحكمة الإلهية‏.‏
وفي هذه الآية الكريمة
فضيلة أبي بكر الصديق بخصيصة
لم تكن لغيره من هذه الأمة
وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة
وقد أجمع المسلمون على أنه هو المراد بهذه الآية الكريمة
ولهذا عدوا من أنكر صحبة أبي بكر للنبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ كافرًا
لأنه منكر للقرآن الذي صرح بها‏.‏
وفيها فضيلة السكينة
وأنها من تمام نعمة اللّه على العبد
في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة
وأنها تكون على حسب معرفة العبد بربه
وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته‏.‏
وفيها‏:‏
أن الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين
مع أن الأولى ـ إذا نزل بالعبد ـ أن يسعى في ذهابه عنه
فإنه مضعف للقلب، موهن للعزيمة‏.‏
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-22-20, 08:05 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
۞ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}
[سورة الإسراء : 23]
لما نهى تعالى عن الشرك به أمر بالتوحيد فقال:
{ وَقَضَى رَبُّكَ } قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا
{ أَنْ لَا تَعْبُدُوا } أحدا من أهل الأرض والسماوات
الأحياء والأموات.
{ إِلَّا إِيَّاهُ } لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد
الذي له كل صفة كمال، وله من تلك الصفة أعظمها
على وجه لا يشبهه أحد من خلقه
وهو المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة
الدافع لجميع النقم
الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور
فهو المتفرد بذلك كله
وغيره ليس له من ذلك شيء.
ثم ذكر بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال:
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }
أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان
القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد
ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه
والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر.
{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا }
أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما
ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف.
{ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب الأذى
نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.
{ وَلَا تَنْهَرْهُمَا } أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا
{ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ يحبانه وتأدب
وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما
وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف
الأحوال والعوائد والأزمان.
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
[سورة الإسراء : 24]
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ }
أي: تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر
لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما
ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد.
{ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا }
أي: ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا
جزاء على تربيتهما إياك صغيرا.
وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق
وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه
تربية صالحة غير الأبوين
فإن له على من رباه حق التربية.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-23-20, 07:29 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ

بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}

[سورة غافر 55]

{ فَاصْبِرْ }
يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين.

{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ }
أي: ليس مشكوكًا فيه، أو فيه ريب أو كذب
حتى يعسر عليك الصبر

وإنما هو الحق المحض، والهدى الصرف
الذي يصبر عليه الصابرون ويجتهد في التمسك به
أهل البصائر.

فقوله: { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } من الأسباب
التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله.

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ }
المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك
فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب
وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور
وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا

{ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات
وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما
لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-24-20, 07:43 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ ۞ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ

وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }

{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا

فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا }

[سورة مريم 59-60]

لما ذكر تعالى هؤلاء الأنبياء المخلصون المتبعون
لمراضي ربهم، المنيبون إليه، ذكر من أتى بعدهم
وبدلوا ما أمروا به، وأنه خلف من بعدهم خلف
رجعوا إلى الخلف والوراء

فأضاعوا الصلاة التي أمروا بالمحافظة عليها وإقامتها
فتهاونوا بها وضيعوها

وإذا ضيعوا الصلاة التي هي عماد الدين، وميزان الإيمان
والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال

كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض
والسبب الداعي لذلك، أنهم اتبعوا شهوات أنفسهم
وإراداتها فصارت هممهم منصرفة إليها، مقدمة لها
على حقوق الله

فنشأ من ذلك التضييع لحقوقه، والإقبال على شهوات أنفسهم
مهما لاحت لهم، حصلوها، وعلى أي: وجه اتفقت تناولوها.

{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }
أي: عذابا مضاعفا شديدا

{ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا }

ثم استثنى تعالى فقال:

{ إِلَّا مَنْ تَابَ } عن الشرك والبدع والمعاصي
فأقلع عنها وندم عليها، وعزم عزما جازما أن لا يعاودها

{ وَآمَنَ } بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر

{ وَعَمِلَ صَالِحًا }
وهو العمل الذي شرعه الله على ألسنة رسله
إذا قصد به وجهه

{ فَأُولَئِكَ } الذي جمعوا بين التوبة
والإيمان، والعمل الصالح

{ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ }
المشتملة على النعيم المقيم، والعيش السليم
وجوار الرب الكريم

{ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا } من أعمالهم، بل يجدونها كاملة
موفرة أجورها، مضاعفا عددها.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-25-20, 07:42 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ

وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ

أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}

[سورة الزمر : 10]

أي: قل مناديا لأشرف الخلق، وهم المؤمنون
آمرا لهم بأفضل الأوامر، وهي التقوى

ذاكرا لهم السبب الموجب للتقوى
وهو ربوبية اللّه لهم وإنعامه عليهم
المقتضي ذلك منهم أن يتقوه

ومن ذلك ما مَنَّ اللّه عليهم به من الإيمان
فإنه موجب للتقوى، كما تقول:
أيها الكريم تصدق، وأيها الشجاع قاتل.

وذكر لهم الثواب المنشط في الدنيا فقال:

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا }
بعبادة ربهم
{ حَسَنَة } ورزق واسع، ونفس
مطمئنة، وقلب منشرح

كما قال تعالى:
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }

{ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ }
إذا منعتم من عبادته في أرض، فهاجروا إلى غيرها
تعبدون فيها ربكم، وتتمكنون من إقامة دينكم.

ولما قال: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ }

كان لبعض النفوس مجال في هذا الموضع
وهو أن النص عام، أنه كل من أحسن فله في الدنيا حسنة
فما بال من آمن في أرض يضطهد فيها ويمتهن
لا يحصل له ذلك دفع هذا الظن بقوله:

{ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ }
وهنا بشارة نص عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم، بقوله

( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين
لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم
حتى يأتي أمر اللّه وهم على ذلك )

تشير إليه هذه الآية، وترمي إليه من قريب
وهو أنه تعالى أخبر أن أرضه واسعة
فمهما منعتم من عبادته في موضع فهاجروا إلى غيرها
وهذا عام في كل زمان ومكان، فلا بد أن يكون لكل مهاجر
ملجأ من المسلمين يلجأ إليه، وموضع يتمكن
من إقامة دينه فيه.

{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر
على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها
والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها
والصبر على طاعته حتى يؤديها

فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب
أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار
وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله
عند اللّه، وأنه معين على كل الأمور.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-26-20, 08:39 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ

وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ

وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِندِكَ ۚ

قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ

فَمَالِ هؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا

[سورة النساء : 78]

ثم أخبر أنه لا يغني حذر عن قدر
وأن القاعد لا يدفع عنه قعوده شيئًا، فقال:

{ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ }
أي: في أي زمان وأي مكان.

{ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ }
أي: قصور منيعة ومنازل رفيعة
وكل هذا حث على الجهاد في سبيل الله
تارة بالترغيب في فضله وثوابه

وتارة بالترهيب من عقوبة تركه
وتارة بالإخبار أنه لا ينفع القاعدين قعودُهم
وتارة بتسهيل الطريق في ذلك وقصرها.

يخبر تعالى عن الذين لا يعلمون المعرضين
عما جاءت به الرسل، المعارضين لهم
أنهم إذا جاءتهم حسنة
أي: خصب وكثرة أموال، وتوفر أولاد وصحة

قالوا: { هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }

وأنهم إن أصابتهم سيئة
أي: جدب وفقر، ومرض وموت أولاد وأحباب

قالوا: { هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ }

أي: بسبب ما جئتنا به يا محمد
تطيروا برسول الله صلى الله عليه وسلم
كما تطير أمثالهم برسل الله

كما أخبر الله عن قوم فرعون أنهم قالوا لموسى

{ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ
وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ }

وقال قوم صالح: { قالوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ }

وقال قوم ياسين لرسلهم:
{ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } الآية.

فلما تشابهت قلوبهم بالكفر تشابهت أقوالهم وأعمالهم.
وهكذا كل من نسب حصول الشر أو زوال الخير
لما جاءت به الرسل أو لبعضه
فهو داخل في هذا الذم الوخيم.

قال الله في جوابهم:

{ قُلْ كُلٌّ }
أي: من الحسنة والسيئة والخير والشر.

{ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }
أي: بقضائه وقدره وخلقه.

{ فَمَا لهَؤُلَاءِ الْقَوْم }
أي: الصادر منهم تلك المقالة الباطلة.

{ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا }
أي: لا يفهمون حديثا بالكلية ولا يقربون من فهمه
أو لا يفهمون منه إلا فهمًا ضعيفًا

وعلى كل فهو ذم لهم وتوبيخ على عدم فهمهم
وفقههم عن الله وعن رسوله
وذلك بسبب كفرهم وإعراضهم.

وفي ضمن ذلك مدْح من يفهم عن الله وعن رسوله
والحث على ذلك، وعلى الأسباب المعينة على ذلك
من الإقبال على كلامهما وتدبره
وسلوك الطرق الموصلة إليه.

فلو فقهوا عن الله لعلموا أن الخير
والشر والحسنات والسيئات كلها بقضاء الله وقدره
لا يخرج منها شيء عن ذلك.

وأن الرسل عليهم الصلاة والسلام
لا يكونون سببا لشر يحدث
هم ولا ما جاءوا به لأنهم بعثوا
بصلاح الدنيا والآخرة والدين.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-29-20, 08:15 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا

أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}

[ سورة الأحزاب 36]

أي: لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان
إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب
من سخط اللّه ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما
فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة

{ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا}

من الأمور، وحتَّما به وألزما به

{ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْأي: الخيار،
هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة
أن الرسول أولى به من نفسه
فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه
وبين أمر اللّه ورسوله.

{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}
أي: بَيِّنًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة اللّه
إلى غيرها، من الطرق الموصلة للعذاب الأليم

فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضته أمر اللّه ورسوله
وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال
الدال على العقوبة والنكال.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
08-30-20, 07:39 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ۚ

وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

[سورة غافر :9]

{ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ }
أي: الأعمال السيئة وجزاءها، لأنها تسوء صاحبها.

{ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ }
أي: يوم القيامة

{ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } لأن رحمتك لم تزل مستمرة على العباد
لا يمنعها إلا ذنوب العباد وسيئاتهم، فمن وقيته السيئات
وفقته للحسنات وجزائها الحسن.

{ وَذَلِكَ } أي: زوال المحذور بوقاية السيئات
وحصول المحبوب بحصول الرحمة

{ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
الذي لا فوز مثله
ولا يتنافس المتنافسون بأحسن منه.

وقد تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم
والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى
التي يحب من عباده التوسل بها إليه
والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه
فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة
وإزالة أثر ما اقتضته النفوس البشرية التي علم الله نقصها
واقتضاءها لما اقتضته من المعاصي
ونحو ذلك من المبادئ والأسباب التي قد أحاط الله بها علمًا
توسلوا بالرحيم العليم.

وتضمن كمال أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم
الربوبية العامة والخاصة، وأنه ليس لهم من الأمر شيء
وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من جميع الوجوه
لا يُدْلِي على ربه بحالة من الأحوال
إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه.

وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة
بمحبة ما يحبه من الأعمال التي هي العبادات التي قاموا بها
واجتهدوا اجتهاد المحبين، ومن العمال الذين هم المؤمنون
الذين يحبهم الله تعالى من بين خلقه
فسائر الخلق المكلفين يبغضهم الله إلا المؤمنين منهم
فمن محبة الملائكة لهم دعوا الله، واجتهدوا في صلاح أحوالهم
لأن الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته
لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.

وتضمن ما شرحه الله وفصله من دعائهم بعد قوله:

{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } التنبيه اللطيف على كيفية تدبر كتابه
وأن لا يكون المتدبر مقتصرًا على مجرد معنى اللفظ بمفرده
بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه
نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به
وما يتوقف عليه، وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص
الدال عليه اللفظ.

والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران:

أحدهما: معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه.

والثاني: علمه بأن الله بكل شيء عليم
وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه.

وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني. وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء، وأنه أفصح الكلام وأجله إيضاحًا، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير، بحسب ما وفقه الله له وقد كان في تفسيرنا هذا، كثير من هذا من به الله علينا.

وقد يخفى في بعض الآيات مأخذه على غير المتأمل صحيح الفكرة، ونسأله تعالى أن يفتح علينا من خزائن رحمته ما يكون سببًا لصلاح أحوالنا وأحوال المسلمين، فليس لنا إلا التعلق بكرمه، والتوسل بإحسانه، الذي لا نزال نتقلب فيه في كل الآنات، وفي جميع اللحظات، ونسأله من فضله، أن يقينا شر أنفسنا المانع والمعوق لوصول رحمته، إنه الكريم الوهاب، الذي تفضل بالأسباب ومسبباتها.

وتضمن ذلك، أن المقارن من زوج وولد وصاحب، يسعد بقرينه، ويكون اتصاله به سببًا لخير يحصل له، خارج عن عمله وسبب عمله كما كانت الملائكة تدعو للمؤمنين ولمن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، وقد يقال: إنه لا بد من وجود صلاحهم لقوله: { وَمَنْ صَلَحَ } فحينئذ يكون ذلك من نتيجة عملهم والله أعلم.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-01-20, 07:37 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}

[سورة الأعراف:55 ]

الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة، ودعاء العبادة

فأمر بدعائه { تَضَرُّعًا }
أي: إلحاحا في المسألة، ودُءُوبا في العبادة

{ وَخُفْيَةً }
أي: لا جهرا وعلانية، يخاف منه الرياء
بل خفية وإخلاصا للّه تعالى.

{ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }
أي: المتجاوزين للحد في كل الأمور
ومن الاعتداء كون العبد يسأل اللّه مسائل لا تصلح له
أو يتنطع في السؤال، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء
فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-02-20, 07:53 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ

وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإلهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}

[سورة النمل 62]

أي: هل يجيب المضطرب الذي أقلقته الكروب
وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص
مما هو فيه إلا الله وحده؟

ومن يكشف السوء
أي: البلاء والشر والنقمة إلا الله وحده؟

ومن يجعلكم خلفاء الأرض يمكنكم منها
ويمد لكم بالرزق ويوصل إليكم نعمه
وتكونون خلفاء من قبلكم
كما أنه سيميتكم ويأتي بقوم بعدكم

أإله مع الله يفعل هذه الأفعال؟

لا أحد يفعل مع الله شيئا من ذلك
حتى بإقراركم أيها المشركون
ولهذا كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله
مخلصين له الدين لعلمهم أنه وحده
المقتدر على دفعه وإزالته

{ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}
أي: قليل تذكركم وتدبركم للأمور
التي إذا تذكرتموها ادَّكرتم
ورجعتم إلى الهدى

ولكن الغفلة والإعراض شامل لكم
فلذلك ما أرعويتم ولا اهتديتم

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-03-20, 08:27 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ
مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ}

[سورة الشورى:47]

يأمر تعالى عباده بالاستجابة له
بامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه
وبالمبادرة بذلك وعدم التسويف
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْم القيامة الذي إذا جاء
لا يمكن رده واستدراك الفائت
وليس للعبد في ذلك اليوم ملجأ يلجأ إليه
فيفوت ربه، ويهرب منه.

بل قد أحاطت الملائكة بالخليقة من خلفهم، ونودوا

{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }

وليس للعبد في ذلك اليوم نكير لما اقترفه وأجرمه
بل لو أنكر لشهدت عليه جوارحه.

وهذه الآية ونحوها، فيها ذم الأمل
والأمر بانتهاز الفرصة في كل عمل يعرض للعبد
فإن للتأخير آفات.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-04-20, 07:58 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدًا(23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ

وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي

لِأَقْرَبَ مِنْ هذَا رَشَدًا } (24)

[سورة الكهف 23-24]

هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص
وموجها للرسول صل الله عليه وسلم

فإن الخطاب عام للمكلفين
فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة

{ إني فاعل ذلك }
من دون أن يقرنه بمشيئة الله
وذلك لما فيه من المحذور، وهو:
الكلام على الغيب المستقبل، الذي لا يدري
هل يفعله أم لا؟ وهل تكون أم لا؟

وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا
وذلك محذور محظور

لأن المشيئة كلها لله
{ وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين }
ولما في ذكر مشيئة الله، من تيسير الأمر وتسهيله
وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه
ولما كان العبد بشرا، لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة

أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر، ليحصل المطلوب
وينفع المحذور، ويؤخذ من عموم قوله:

{ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ }
الأمر بذكر الله عند النسيان، فإنه يزيله
ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي
الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه، ولا يكونن من الغافلين
ولما كان العبد مفتقرا إلى الله في توفيقه للإصابة
وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله، أمره الله أن يقول:

{ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا }
فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد.

وحري بعبد، تكون هذه حاله، ثم يبذل جهده
ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد، أن يوفق لذلك
وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-05-20, 06:13 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ

فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
[سورة آل عمران :160]

أي: إن يمددكم الله بنصره ومعونته

{ فلا غالب لكم }
فلو اجتمع عليكم من في أقطارها و
ما عندهم من العدد والعُدد، لأن الله لا مغالب له
وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم، فلا تتحرك دابة إلا بإذنه
ولا تسكن إلا بإذنه.

{ وإن يخذلكم }
ويكلكم إلى أنفسكم

{ فمن ذا الذي ينصركم من بعده }
فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق.

وفي ضمن ذلك الأمر بالاستنصار بالله والاعتماد عليه
والبراءة من الحول والقوة

ولهذا قال:
{ وعلى الله فليتوكل المؤمنون }
بتقديم المعمول يؤذن بالحصر
أي: على الله توكلوا لا على غيره
لأنه قد علم أنه هو الناصر وحده
فالاعتماد عليه توحيد محصل للمقصود
والاعتماد على غيره شرك غير نافع لصاحبه، بل ضار.

وفي هذه الآية الأمر بالتوكل على الله وحده
وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-06-20, 07:07 AM
تفسير


قال تعالى:

﴿يا بَني إِسرائيلَ اذكُروا نِعمَتِيَ الَّتي أَنعَمتُ عَلَيكُم وَأَنّي فَضَّلتُكُم عَلَى العالَمينَ﴾
﴿وَاتَّقوا يَومًا لا تَجزي نَفسٌ عَن نَفسٍ شَيئًا وَلا يُقبَلُ مِنها شَفاعَةٌ وَلا يُؤخَذُ مِنها عَدلٌ وَلا هُم يُنصَرونَ﴾

{ البقرة : ٤٧ ، ٤٨ }


يا أبناء نبي الله يعقوب، اذكروا نعمي الدينية والدنيوية التي أنعمت بها عليكم، واذكروا أني فضَّلتكم على أهل زمانكم المعاصرين لكم بالنبوة والملك.

#المختصر في التفسير



ثم كرر على بني إسرائيل التذكير بنعمته، وعظا لهم، وتحذيرا وحثا. وخوفهم بيوم القيامة الذي {لَا تَجْزِي} فيه، أي: لا تغني {نَفْسٌ} ولو كانت من الأنفس الكريمة كالأنبياء والصالحين {عَنْ نَفْسٍ} ولو كانت من العشيرة الأقربين {شَيْئًا} لا كبيرا ولا صغيرا وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه. {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا} أي: النفس، شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له، ولا يرضى من العمل إلا ما أريد به وجهه، وكان على السبيل والسنة، {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} أي: فداء {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب} ولا يقبل منهم ذلك {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: يدفع عنهم المكروه، فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه، فقوله: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} هذا في تحصيل المنافع، {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} هذا في دفع المضار، فهذا النفي للأمر المستقل به النافع. {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض، كالعدل، أو بغيره، كالشفاعة، فهذا يوجب للعبد أن ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين، لعلمه أنهم لا يملكون له مثقال ذرة من النفع، وأن يعلقه بالله الذي يجلب المنافع، ويدفع المضار، فيعبده وحده لا شريك له ويستعينه على عبادته.


تفسير السعدي

عطاء دائم
09-06-20, 07:09 AM
تفسير


﴿وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ وَحَفَفناهُما بِنَخلٍ وَجَعَلنا بَينَهُما زَرعًا﴾
﴿كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَت أُكُلَها وَلَم تَظلِم مِنهُ شَيئًا وَفَجَّرنا خِلالَهُما نَهَرًا﴾ [الكهف : ٣٢ ، ٣٣]


ولما بيَّن سبحانه جزاء الظالمين وجزاء المؤمنين ضرب مثلاً لهما، فقال: واضرب - أيها الرسول - مثلاً لرجلين: كافر ومؤمن، جعلنا للكافر منهما حديقتين، وأحطنا الحديقتين بنخل، وأنبتنا في الفارغ من مساحتهما زروعًا.



يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: اضرب للناس مثل هذين الرجلين، الشاكر لنعمة الله، والكافر لها، وما صدر من كل منهما، من الأقوال والأفعال، وما حصل بسبب ذلك من العقاب العاجل والآجل، والثواب، ليعتبروا بحالهما، ويتعظوا بما حصل عليهما، وليس معرفة أعيان الرجلين، وفي أي: زمان أو مكان هما فيه فائدة أو نتيجة، فالنتيجة تحصل من قصتهما فقط، والتعرض لما سوى ذلك من التكلف. فأحد هذين الرجلين الكافر لنعمة الله الجليلة، جعل الله له جنتين، أي: بستانين حسنين، من أعناب.
{وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} أي: في هاتين الجنتين من كل الثمرات، وخصوصا أشرف الأشجار، العنب والنخل، فالعنب في وسطها، والنخل قد حف بذلك، ودار به، فحصل فيه من حسن المنظر وبهائه، وبروز الشجر والنخل للشمس والرياح، التي تكمل بها الثمار، وتنضج وتتجوهر، ومع ذلك جعل بين تلك الأشجار زرعا، فلم يبق عليهما إلا أن يقال: كيف ثمار هاتين الجنتين؟ وهل لهما ماء يكفيهما؟ فأخبر تعالى أن كلا من الجنتين آتت أكلها، أي: ثمرها وزرعها ضعفين، أي: متضاعفا {و} أنها {لم تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي: لم تنقص من أكلها أدنى شيء، ومع ذلك، فالأنهار في جوانبهما سارحة، كثيرة غزيرة.
{وَكَانَ لَهُ} أي: لذلك الرجل {ثَمَرٌ} أي: عظيم كما يفيده التنكير، أي: قد استكملت جنتاه ثمارهما، وارجحنت أشجارهما، ولم تعرض لهما آفة أو نقص، فهذا غاية منتهى زينة الدنيا في الحرث، ولهذا اغتر هذا الرجل بهما، وتبجح وافتخر، ونسي آخرته.

تفسير السعدي

عطاء دائم
09-06-20, 07:10 AM
تفسير


قال تعالى ؛

﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾
﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ [البقرة ٤٩ ، ٥٠]



هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} أي: من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك {يَسُومُونَكُمْ} أي: يولونهم ويستعملونهم، {سُوءَ الْعَذَابِ} أي: أشده بأن كانوا {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} خشية نموكم، {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} أي: فلا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة، مستحيي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة، فمن الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم. {وَفِي ذَلِكم} أي: الإنجاء {بَلَاءٌ} أي: إحسان {مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره.

تفسير السعدي

عطاء دائم
09-07-20, 07:47 AM
تفسير


قال تعالى:

﴿وَإِذ واعَدنا موسى أَربَعينَ لَيلَةً ثُمَّ اتَّخَذتُمُ العِجلَ مِن بَعدِهِ وَأَنتُم ظالِمونَ﴾
﴿ثُمَّ عَفَونا عَنكُم مِن بَعدِ ذلِكَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾
﴿وَإِذ آتَينا موسَى الكِتابَ وَالفُرقانَ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾
[البقرة ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣]


واذكروا من هذه النعم مواعدَتَنا موسى أربعين ليلةً لِيَتِمَّ فيها إنزال التوراة نورًا وهدى، ثم ما كان منكم إلا أن عبدتم العجل في تلك المدة، وأنتم ظالمون بفعلكم هذا.


ثم تجاوزنا عنكم بعد توبتكم، فلم نؤاخذكم لعلكم تشكرون الله بحسن عبادته وطاعته.


واذكروا من هذه النعم أن آتينا موسى عليه السلام التوراة فرقانًا بين الحق والباطل وتمييزًا بين الهدى والضلال لعلكم تهتدون بها إلى الحق.

#المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-08-20, 07:45 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}

[سورة إبراهيم :42]

هذا وعيد شديد للظالمين، وتسلية للمظلومين، يقول تعالى:

{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ }
حيث أمهلهم وأدرَّ عليهم الأرزاق
وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين
فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم
فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما
حتى إذا أخذه لم يفلته

{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد }
والظلم -هاهنا- يشمل الظلم فيما بين العبد وربه وظلمه لعباد الله.

{ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ }
أي: لا تطرف من شدة ما ترى من الأهوال
وما أزعجها من القلاقل.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-09-20, 07:21 AM
تفسير



قال تعالى:

﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
[البقرة :٥٤]



واذكروا من هذه النعم أن وفقكم الله للتوبة من عبادة العجل، حيث قال موسى عليه السلام لكم: إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل إلهًا تعبدونه، فتوبوا وارجعوا إلى خالقكم ومُوجدكم، وذلك بأن يقتل بعضكم بعضًا؛ والتوبة على هذا النحو خير لكم من التمادي في الكفر المؤدي إلى الخلود في النار، فقمتم بذلك بتوفيق من الله وإعانة، فتاب عليكم؛ لأنه كثير التوبة رحيم بعباده.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-09-20, 07:23 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ۖ

وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

وأنه هو الحاكم في الدارين، في الدنيا، بالحكم القدري
الذي أثره جميع ما خلق وذرأ، والحكم الديني
الذي أثره جميع الشرائع، والأوامر والنواهي.

وفي الآخرة يحكم بحكمه القدري والجزائي
ولهذا قال: { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

فيجازي كلا منكم بعمله، من خير وشر.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-10-20, 06:34 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}

[العصر:1-3]

{وَالْعَصْر}
أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم

{إنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}
أن كل إنسان خاسر، والخاسر ضد الرابح.

والخسار مراتب متعددة متفاوتة:

قد يكون خسارًا مطلقًا، كحال من خسر الدنيا والآخرة، وفاته النعيم، واستحق الجحيم.

{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}

وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض، ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات:

الإيمان بما أمر الله بالإيمان به
ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.

والعمل الصالح، وهذا شامل
لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة
المتعلقة بحق الله وحق عباده ، الواجبة والمستحبة.

والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح
أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.

والتواصي بالصبر على طاعة الله
وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.

فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه
وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره
وبتكميل الأمور الأربعة
يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح
[العظيم].

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-11-20, 07:03 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

[ سورة الأحزاب 56]

وهذا فيه تنبيه
على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه
وعند خلقه، ورفع ذكره.

و { إِنَّ اللَّهَ } تعالى { وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } عليه
أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة
وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له
وتثني عليه الملائكة المقربون
ويدعون له ويتضرعون.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
اقتداء باللّه وملائكته
وجزاء له على بعض حقوقه عليكم
وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم
ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم
وتكفيرًا من سيئاتكم
وأفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام
ما علم به أصحابه:

"اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد
كما صليت على آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
وبارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على آل إبراهيم
إنك حميد مجيد"

وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه
مشروع في جميع الأوقات
وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-12-20, 07:41 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ

لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ

لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا

وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }

[سورة الزمر :33-34-35]

ولما ذكر الكاذب المكذب وجنايته وعقوبته
ذكر الصادق المصدق وثوابه، فقال: { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ }
في قوله وعمله، فدخل في ذلك الأنبياء ومن قام مقامهم
ممن صدق فيما قاله عن خبر اللّه وأحكامه
وفيما فعله من خصال الصدق.

{ وَصَدَّقَ بِهِ }
أي: بالصدق لأنه قد يجيء الإنسان بالصدق
ولكن قد لا يصدق به، بسبب استكباره، أو احتقاره
لمن قاله وأتى به، فلا بد في المدح
من الصدق والتصديق، فصدقه يدل على علمه
وعدله، وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره.

{ أُولَئِكَ } أي: الذين وفقوا للجمع بين الأمرين

{ هُمُ الْمُتَّقُونَ } فإن جميع خصال التقوى
ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به.

{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } من الثواب
مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت
ولا خطر على قلب بشر.

فكل ما تعلقت به إرادتهم ومشيئتهم
من أصناف اللذات والمشتهيات
فإنه حاصل لهم، معد مهيأ

{ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ }
الذين يعبدون اللّه كأنهم يرونه
فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم

{ الْمُحْسِنِينَ } إلى عباد اللّه.

{ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا
وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }

عمل الإنسان له ثلاث حالات:
إما أسوأ، أو أحسن
أو لا أسوأ، ولا أحسن.

والقسم الأخير قسم المباحات
وما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، والأسوأ، المعاصي كلها
والأحسن الطاعات كلها، فبهذا التفصيل، يتبين معنى الآية

وأن قوله: { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا }

أي: ذنوبهم الصغار، بسبب إحسانهم وتقواهم

{ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }

أي: بحسناتهم كلها

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }


📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-13-20, 06:56 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ ۖ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[سورة هود :4]

وفي قوله: { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
كالدليل على إحياء الله الموتى
فإنه قدير على كل شيء
ومن جملة الأشياء إحياء الموتى
وقد أخبر بذلك وهو أصدق القائلين
فيجب وقوع ذلك عقلا ونقلا.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-14-20, 08:04 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }

[سورة الضحى :5]

وقوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }
يقول تعالى ذكره: ولسوف يعطيك يا محمد
ربك في الآخرة من فواضل نعمه، حتى ترضى.

وقد اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء

فقال بعضهم:
هو ماحدثني به موسى بن سهل الرملي، قال:

ثنا عمرو بن هاشم، قال: سمعت الأوزاعيّ يحدّث
عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي
عن عليّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال:

عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما هو مفتوح على أمته
من بعده كَفْرا كَفْرا، فسرّ بذلك

فأنـزل الله
{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }
فأعطاه في الجنة ألف قصر، في كلّ قصر
ما ينبغي من الأزواج والخدم .

حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال:
ثني روّاد بن الجراح، عن الأوزاعيّ
عن إسماعيل بن عبيد الله
عن عليّ بن عبد الله بن عباس
في قوله:

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }

قال: ألف قصر من لؤلؤ، ترابهنّ المسك
وفيهنّ ما يصلحهنّ.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال:
ثنا سعيد، عن قتادة

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }
وذلك يوم القيامة.

وقال آخرون في ذلك ما حدثني به عباد بن يعقوب، قال:
ثنا الحكم بن ظهير، عن السديّ، عن ابن عباس، في قوله:

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }

قال: من رضا محمد صلى الله عليه وسلم
ألا يدخل أحد من أهل بيته النار.

📗 [تفسير الطبري رحمه الله]

عطاء دائم
09-15-20, 08:05 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}

[سورة البقرة :214]

يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء
والمشقة كما فعل بمن قبلهم, فهي سنته الجارية, التي لا تتغير
ولا تتبدل, أن من قام بدينه وشرعه, لا بد أن يبتليه، فإن صبر
على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله
فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها
ومن السيادة آلتها.

ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله, بأن صدته المكاره عما هو بصدده، وثنته المحن عن مقصده, فهو الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني, ومجرد الدعاوى, حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.

فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم

{مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ}
أي: الفقر

{وَالضَّرَّاءُ}
أي: الأمراض في أبدانهم

{وَزُلْزِلُوا}
بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل, والنفي, وأخذ الأموال, وقتل الأحبة, وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال, وآل بهم الزلزال
إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.

ولكن لشدة الأمر وضيقه قال
{الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ }

فلما كان الفرج عند الشدة, وكلما ضاق الأمر اتسع، قال تعالى:
{ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}
فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن.

فكلما اشتدت عليه وصعبت، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة, والمشقات راحات, وأعقبه ذلك, الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء، وهذه الآية نظير قوله تعالى:

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ
الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }

وقوله تعالى

{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
فعند الامتحان, يكرم المرء أو يهان.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-16-20, 06:59 AM
تفسير
قــال تــعــالــى

{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}
[سورة الذاريات : 50]

فلما دعا العباد النظر
إلى لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه
أمر بما هو المقصود من ذلك

وهو الفرار إليه
أي: الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا
إلى ما يحبه، ظاهرًا وباطنًا
فرار من الجهل إلى العلم
ومن الكفر إلى الإيمان
ومن المعصية إلى الطاعة
ومن الغفلة إلى ذكر الله

فمن استكمل هذه الأمور، فقد استكمل الدين كله
وقد زال عنه المرهوب، وحصل له، نهاية المراد والمطلوب.

وسمى الله الرجوع إليه، فرارَا
لأن في الرجوع لغيره، أنواع المخاوف والمكاره

وفي الرجوع إليه، أنواع المحاب والأمن
[والسرور] والسعادة والفوز

فيفر العبد من قضائه وقدره
إلى قضائه وقدره

وكل من خفت منه فررت منه إلى الله تعالى
فإنه بحسب الخوف منه، يكون الفرار إليه

{ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ }
أي: منذر لكم من عذاب الله، ومخوف بين النذارة.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-17-20, 07:24 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا

لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

[سورة الروم :21]

{ وَمِنْ آيَاتِهِ }
الدالة على رحمته وعنايته بعباده
وحكمته العظيمة وعلمه المحيط

{ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا }
تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن

{ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }
بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة.

فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة
بوجود الأولاد وتربيتهم
والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب
مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات اللّه
وينتقلون من شيء إلى شيء.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-18-20, 07:52 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ

لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}

[سورة النحل :70]

يخبر تعالى أنه الذي خلق العباد ونقلهم في الخلقة
طورا بعد طور، ثم بعد أن يستكملوا آجالهم يتوفاهم

ومنهم من يعمره حتى

{ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ }
أي: أخسه الذي يبلغ به الإنسان إلى ضعف القوى
الظاهرة والباطنة حتى العقل الذي هو جوهر الإنسان
يزيد ضعفه حتى إنه ينسى ما كان يعلمه
ويصير عقله كعقل الطفل

ولهذا قال:

{ لِكَيلَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }
أي: قد أحاط علمه وقدرته بجميع الأشياء
ومن ذلك ما ينقل به الآدمي من أطوار الخلقة
خلقا بعد خلق

كما قال تعالى:

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ }

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-19-20, 07:02 AM
تفسير

قــال تــعــالــى

{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

[سورة الأنعام : 15]

{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

فإن المعصية في الشرك توجب الخلود في النار، وسخطَ الجبار.
وذلك اليوم هو اليوم الذي يُخاف عذابه، ويُحذر عقابه
لأنه مَن صُرف عنه العذاب يومئذ فهو المرحوم
ومن نجا فيه فهو الفائز حقا
كما أن من لم ينج منه
فهو الهالك الشقي.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

{مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}
[سورة الأنعام : 16]

( من يصرف عنه ) يعني : العذاب

( يومئذ فقد رحمه ) يعني : فقد رحمه الله

( وذلك الفوز المبين ) كما قال :
( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة
فقد فاز ) [ آل عمران : 185 ]

والفوز : هو حصول الربح ونفي الخسارة .

📗 [تفسير ابن كثير رحمه الله]

عطاء دائم
09-20-20, 07:15 AM
تفسير



قال تعالى:

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ (55)
ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) البقرة


واذكروا حين قال آباؤكم مخاطبين موسى عليه السلام بجرأة: لن نؤمن لك حتى نرى الله عِيَانًا لا يُحْجب عنّا، فأخذتكم النار المحرقة، فقتلتكم وبعضكم ينظر إلى بعض.

ثم أحييناكم بعد موتكم لعلكم تشكرون الله على إنعامه عليكم بذلك.

ومن نعمنا عليكم أن أرسلنا السحاب يظلكم من حر الشمس لمّا تُهْتُم في الأرض، وأنزلنا عليكم من نعمنا شرابًا حلوًا مثل العسل، وطائرًا صغيرًا طيب اللحم يشبه السُّمَانى، وقلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم. وما نقصونا شيئًا بجحدهم هذه النعم وكفرانها، ولكن ظلموا أنفسهم بنقص حظها من الثواب وتعريضها للعقاب.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-20-20, 07:22 AM
تفسير


قال تعالى:

{ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }
{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }
البقرة [٥٨ : ٥٩]


واذكروا من نعم الله عليكم حين قلنا لكم: ادخلوا بيت المقدس، وكلوا مما فيه من الطيبات من أي مكان شئتم أكلاً هنيئًا واسعًا، وكونوا في دخولكم راكعين خاضعين لله، واسألوا الله قائلين: ربنا حُطَّ عنا ذنوبنا؛ نستجب لكم، وسنزيد الذين أحسنوا في أعمالهم ثوابًا على إحسانهم.


فما كان من الذين ظلموا منهم إلا أن بدلوا العمل، وحرّفوا القول، فدخلوا يزحفون على أدبارهم، وقالوا: حَبَّة في شعرة، مستهزئين بأمر الله تعالى؛ فكان الجزاء أن أنزل الله على الظالمين منهم عذابًا من السماء بسبب خروجهم عن حد الشرع ومخالفة الأمر.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-21-20, 07:05 AM
تفسير


﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [البقرة :٦٠]



واذكروا من نعم الله عليكم لمّا كنتم في التِّيه، ونالكم العطش الشديد، فتضرّع موسى عليه السلام إلى ربه وسأله أن يسقيكم؛ فأمرناه أن يضرب بعصاه الحجر؛ فلما ضربه تفجرت منه اثنتا عشرة عينًا بعدد قبائلكم، وانبعث منها الماء، وبيّنا لكل قبيلة مكان شربها الخاص بها، حتى لا يقع نزاع بينهم، وقلنا لكم: كلوا واشربوا من رزق الله الذي ساقه إليكم بغير جهد منكم ولا عمل، ولا تسعوا في الأرض مفسدين فيها.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-21-20, 07:06 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}

[سورة البقرة:186]

هذا جواب سؤال
سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه
فقالوا: يا رسول الله, أقريب ربنا فنناجيه, أم بعيد فنناديه؟

فنزل: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }
لأنه تعالى, الرقيب الشهيد, المطلع على السر
وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
فهو قريب أيضا من داعيه, بالإجابة، ولهذا قال:

{ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }

والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة.
والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه
وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.

فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع
ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه
فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء
وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية
والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال:

{ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان
والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي
للإيمان والأعمال الصالحة.

ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول
العلم كما قال تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-22-20, 07:34 AM
تفسير
قــال تــعــالــى :

{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ

أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ

أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

[سورة الأعراف : 99 - 97]

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى}
أي: المكذبة، بقرينة السياق

{ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا}
أي: عذابنا الشديد

{ بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ}
أي: في غفلتهم، وغرتهم وراحتهم.

{ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ}
أي: أي شيء يؤمنهم من ذلك، وهم قد فعلوا أسبابه
وارتكبوا من الجرائم العظيمة، ما يوجب بعضه الهلاك؟!

{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ}
حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون
ويملي لهم، إن كيده متين

{ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}
فإن من أمن من عذاب اللّه، فهو لم يصدق
بالجزاء على الأعمال
ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان.

وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ
على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا
على ما معه من الإيمان.

بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية
تسلب ما معه من الإيمان
وأن لا يزال داعيا بقوله:
{ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك}

وأن يعمل ويسعى
في كل سبب يخلصه من الشر
عند وقوع الفتن، فإن العبد
- ولو بلغت به الحال ما بلغت -
فليس على يقين من السلامة.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-23-20, 07:23 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
[سورة البقرة : 25]
لما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال:
{ وَبَشِّرِ } أي: [يا أيها الرسول ومن قام مقامه]
{ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم
{ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة. ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته.
فبشرهم { أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ }
أي: بساتين جامعة من الأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, [والأغصان والأفنان وبذلك] صارت جنة يجتن بها داخلها
وينعم فيها ساكنها.
{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر، يفجرونها كيف شاءوا
ويصرفونها أين أرادوا, وتشرب منها تلك الأشجار
فتنبت أصناف الثمار.
{ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ }
أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة, وليس لهم وقت خال من اللذة
فهم دائما متلذذون بأكلها.
وقوله: { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا }
قيل: متشابها في الاسم, مختلف الطعوم
وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم
وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة
ولعل هذا الصحيح ثم لما ذكر مسكنهم
وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم
ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه
فقال: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ }
فلم يقل " مطهرة من العيب الفلاني "
ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق
مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار
فأخلاقهن, أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن
وحسن التبعل, والأدب القولي والفعلي, ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني, والبول والغائط, والمخاط والبصاق, والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا, بكمال الجمال, فليس فيهن عيب, ولا دمامة خلق, بل هن خيرات حسان, مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن, وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح.
ففي هذه الآية الكريمة
ذكر المبشِّر والمبشَّر, والمبشَّرُ به
والسبب الموصل لهذه البشارة
فالمبشِّر: هو الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن قام مقامه من أمته
والمبشَّر: هم المؤمنون العاملون الصالحات
والمبشَّر به:
هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات
والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة, إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة
على يد أفضل الخلق, بأفضل الأسباب. وفيه استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها [وثمراتها]
فإنها بذلك تخف وتسهل، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان
توفيقه للإيمان والعمل الصالح، فذلك أول البشارة وأصلها
ومن بعده البشرى عند الموت، ومن بعده الوصول
إلى هذا النعيم المقيم
نسأل الله أن يجعلنا منهم
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-24-20, 06:50 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
[سورة الروم : 41]

أي: استعلن الفساد في البر والبحر
أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها
وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك
وذلك بسبب ما قدمت أيديهم
من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.

هذه المذكورة
{ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا }
أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال
فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت
فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم.

فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته
وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا
ما ترك على ظهرها من دابة.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-24-20, 08:04 AM
تفسير



قال تعالى:



﴿وَإِذ قُلتُم يا موسى لَن نَصبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادعُ لَنا رَبَّكَ يُخرِج لَنا مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ مِن بَقلِها وَقِثّائِها وَفومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَستَبدِلونَ الَّذي هُوَ أَدنى بِالَّذي هُوَ خَيرٌ اهبِطوا مِصرًا فَإِنَّ لَكُم ما سَأَلتُم وَضُرِبَت عَلَيهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ وَباءوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم كانوا يَكفُرونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقتُلونَ النَّبِيّينَ بِغَيرِ الحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوا وَكانوا يَعتَدونَ﴾ (البقرة : ٦١ )


واذكروا حين كفرتم نعمة ربكم فمَلِلْتُم من أكل ما أنزل الله عليكم من المَنِّ والسَّلْوى، وقلتم: لن نصبر على طعام واحد لا يتغير، فطلبتم من موسى عليه السلام أن يدعو الله أن يخرج لكم من نبات الأرض من بقولها وخُضَرها وقِثَّائها (يشبه الخيار لكنه أكبر) وحبوبها وعدسها وبصلها؛ طعامًا؛ فقال موسى عليه السلام - مستنكرًا طلبكم أن تستبدلوا الذي طلبتم وهو أقل وأدنى، بالمَنّ والسَّلْوى وهو خير وأكرم، وقد كان يأتيكم دون عناء وتعب -: انزلوا من هذه الأرض إلى أي قرية، فستجدون ما سألتم في حقولها وأسواقها. وباتباعهم لأهوائهم وإعراضهم المتكرر عما اختاره الله لهم؛ لازمهم الهوان والفقر والبؤس، ورجعوا بغضب من الله؛ لإعراضهم عن دينه، وكفرهم بآياته، وقتلهم أنبياءه ظلمًا وعدوانًا؛ كل ذلك بسبب أنهم عصوا الله وكانوا يتجاوزون حدوده

المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-25-20, 07:06 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}
[سورة الكهف :28]
يأمر تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وغيره أسوته، في الأوامر والنواهي -أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين
{ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ }
أي: أول النهار وآخره يريدون بذلك وجه الله، فوصفهم بالعبادة والإخلاص فيها، ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم وإن كانوا فقراء فإن في صحبتهم
من الفوائد، ما لا يحصى.
{ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ }
أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك.
{ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
فإن هذا ضار غير نافع، وقاطع عن المصالح الدينية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة، فإن زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره، فيخسر الخسارة الأبدية، والندامة السرمدية
ولهذا قال: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا }
غفل عن الله، فعاقبه بأن أغفله عن ذكره.
{ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ }
أي: صار تبعا لهواه، حيث ما اشتهت نفسه فعله، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكه وخسرانه، فهو قد اتخذ إلهه هواه
كما قال تعالى:
{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم } الآية.
{ وَكَانَ أَمْرُهُ } أي: مصالح دينه ودنياه
{ فُرُطًا } أي: ضائعة معطلة.
فهذا قد نهى الله عن طاعته، لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به
ولأنه لا يدعو إلا لما هو متصف به
ودلت الآية، على أن الذي ينبغي أن يطاع
ويكون إماما للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك
على لسانه، فلهج بذكر الله، واتبع مراضي ربه
فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته
وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس
إلى ما من الله به عليه، فحقيق بذلك، أن يتبع ويجعل إماما
والصبر المذكور في هذه الآية، هو الصبر على طاعة الله
الذي هو أعلى أنواع الصبر، وبتمامه تتم باقي الأقسام.
وفي الآية، استحباب الذكر والدعاء والعبادة طرفي النهار
لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله
دل ذلك على أن الله يحبه وإذا كان يحبه
فإنه يأمر به، ويرغب فيه.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-26-20, 07:46 AM
تفسير




قال تعالى:
﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هذِهِ أَبَدًا﴾ [الكهف : ٣٥]


ودخل الكافر حديقته في صحبة المؤمن ليريه إياها وهو ظالم لنفسه بالكفر وبالعُجْب، قال الكافر: ما أظنّ أن تفنى هذه الحديقة التي تشاهدها؛ لما اتخذت لها من أسباب البقاء

المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-26-20, 07:47 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ
إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}
[سورة العنكبوت :19]
{ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }
يوم القيامة
{ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
كما قال تعالى:
{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-27-20, 07:15 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
[سورة الجمعة :8]

هذا وإن كانوا لا يتمنون الموت بما قدمت أيديهم
و يفرون منه [غاية الفرار]، فإن ذلك لا ينجيهم، بل لا بد أن يلاقيهم الموت الذي قد حتمه الله على العباد وكتبه عليهم.
ثم بعد الموت واستكمال الآجال، يرد الخلق كلهم
يوم القيامة إلى عالم الغيب والشهادة
فينبئهم بما كانوا يعملون، من خير وشر، قليل وكثير.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-27-20, 07:17 AM
تفسير

قال تعالى:

﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾
﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم وَرَفَعنا فَوقَكُمُ الطّورَ خُذوا ما آتَيناكُم بِقُوَّةٍ وَاذكُروا ما فيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾
﴿ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِن بَعدِ ذلِكَ فَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَكُنتُم مِنَ الخاسِرينَ﴾
البقرة [62 ، 63، 64]


إن مَن آمن مِن هذه الأمة، وكذلك من آمن من الأمم الماضية قبل بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم من يهود ونصارى وصابئة - وهم طائفة من أتباع بعض الأنبياء من تحقق فيهم الإيمان بالله وباليوم الآخر - فلهم ثوابهم عند ربهم، ولا خوف عليهم مما يستقبلونه في الآخرة، ولا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.

واذكروا ما أخذنا عليكم من العهد المؤكد، من الإيمان بالله ورسله، ورفعنا الجبل فوقكم تخويفًا لكم وتحذيرًا من ترك العمل بالعهد، آمرين لكم بأخذ ما أنزلنا عليكم من التوراة بجد واجتهاد، دون تهاون وكسل، واحفظوا ما فيه وتدبروه؛ لعلكم بفعل ذلك تتقون عذاب الله تعالى.


فما كان منكم إلا أن أعرضتم وعصيتم بعد أخذ العهد المؤكد عليكم، ولولا فضل الله عليكم بالتجاوز عنكم، ورحمته بقبول توبتكم؛ لكنتم من الخاسرين بسبب ذلك الإعراض والعصيان.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
09-28-20, 07:00 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
[سورة طه 124]
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي } أي: كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، أو ما هو أعظم من ذلك،
بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر به
{ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } أي: فإن جزاءه
أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا.
وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر
وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب
جزاء لإعراضه عن ذكر ربه
وهذه إحدى الآيات الدالة
على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى:
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } الآية.
والثالثة قوله:
{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ }
والرابعة قوله عن آل فرعون:
{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا } الآية.
والذي أوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط من السلف
وقصرها على ذلك -والله أعلم- آخر الآية
وأن الله ذكر في آخرها عذاب يوم
القيامة. وبعض المفسرين
يرى أن المعيشة الضنك، عامة في دار الدنيا
بما يصيب المعرض عن ذكر ربه، من الهموم والغموم والآلام
التي هي عذاب معجل، وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة
لإطلاق المعيشة الضنك، وعدم تقييدها.
{ وَنَحْشُرُهُ } أي: هذا المعرض عن ذكر ربه
{ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } البصر على الصحيح
كما قال تعالى:
{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا }
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-28-20, 07:12 AM
تفسير



{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}

لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان,
وفيه تنشيط لهذه الأمة بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال،
والمسارعة إلى صالح الخصال،
وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصيتم بها.

(السعدي: 86.)

عطاء دائم
09-29-20, 07:24 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}
[سورة الأحزاب :47]
وقوله:
{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا }
ذكر في هذه الجملة، المبشَّر، وهم المؤمنون
وعند ذكر الإيمان بمفرده، تدخل فيه الأعمال الصالحة.
وذكر المبشَّر به، وهو الفضل الكبير
أي: العظيم الجليل، الذي لا يقادر قدره
من النصر في الدنيا، وهداية القلوب، وغفران الذنوب
وكشف الكروب، وكثرة الأرزاق الدَّارَّة، وحصول النعم السارة
والفوز برضا ربهم وثوابه، والنجاة من سخطه وعقابه.
وهذا مما ينشط العاملين، أن يذكر لهم
من ثواب اللّه على أعمالهم، ما به يستعينون
على سلوك الصراط المستقيم، وهذا من جملة حكم الشرع
كما أن من حكمه، أن يذكر في مقام الترهيب، العقوبات المترتبة على ما يرهب منه، ليكون عونًا على الكف عما حرم اللّه.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
09-30-20, 07:45 AM
تفسر

قــال تـعـالـى
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[سورة الحجرات : 10]

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }

هذا عقد، عقده الله بين المؤمنين، أنه إذا وجد من أي شخص كان، في مشرق الأرض ومغربها، الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فإنه أخ للمؤمنين، أخوة توجب أن يحب له المؤمنون، ما يحبون لأنفسهم، ويكرهون له، ما يكرهون لأنفسهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم آمرًا بحقوق الأخوة الإيمانية: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبع أحدكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا المؤمن أخو المؤمن، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره"
وقال صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن، كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.

ولقد أمر الله ورسوله، بالقيام بحقوق المؤمنين، بعضهم لبعض، وبما به يحصل التآلف والتوادد، والتواصل بينهم، كل هذا، تأييد لحقوق بعضهم على بعض، فمن ذلك، إذا وقع الاقتتال بينهم، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها [وتدابرها]، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم.

ثم أمر بالتقوى عمومًا، ورتب على القيام بحقوق المؤمنين وبتقوى الله، الرحمة [ فقال: { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وإذا حصلت الرحمة، حصل خير الدنيا والآخرة، ودل ذلك، على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين، من أعظم حواجب الرحمة.

وفي هاتين الآيتين من الفوائد، غير ما تقدم: أن الاقتتال بين المؤمنين مناف للأخوة الإيمانية، ولهذا، كان من أكبر الكبائر، وأن الإيمان، والأخوة الإيمانية، لا تزول مع وجود القتال كغيره من الذنوب الكبار، التي دون الشرك، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة، وعلى وجوب الإصلاح، بين المؤمنين بالعدل، وعلى وجوب قتال البغاة، حتى يرجعوا إلى أمر الله، وعلى أنهم لو رجعوا، لغير أمر الله، بأن رجعوا على وجه لا يجوز الإقرار عليه والتزامه، أنه لا يجوز ذلك، وأن أموالهم معصومة، لأن الله أباح دماءهم وقت استمرارهم على بغيهم خاصة، دون أموالهم.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-01-20, 06:54 AM
تفسير


قال تعالى:
﴿وَلَقَد عَلِمتُمُ الَّذينَ اعتَدَوا مِنكُم فِي السَّبتِ فَقُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ﴾
﴿فَجَعَلناها نَكالًا لِما بَينَ يَدَيها وَما خَلفَها وَمَوعِظَةً لِلمُتَّقينَ﴾
البقرة { ٦٥ : ٦٦ }

فجعلنا هذه القرية المعتدية عبرة لما جاورها من القرى، وعبرة لمن يأتي بعدها؛ حتى لا يعمل بعملها فيستحق عقوبتها، وجعلناها تذكرة للمتقين الذين يخافون عقاب الله وانتقامه مِمَّن يتعدى حدوده.


ولقد علمتم خبر أسلافكم علمًا لا لبس فيه؛ حيث اعتدوا بالصيد يوم السبت الذي حُرِّم عليهم الصيد فيه، فاحتالوا على ذلك بنصب الشباك قبل يوم السبت، واستخراجها يوم الأحد؛ فجعل الله هؤلاء المتحايلين قردة منبوذين عقوبة لهم على تحايلهم.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-02-20, 07:55 AM
تفسير


قال تعالى:

﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴾ [البقرة :٦٧، ٦٨ ]



واذكروا من خبر أسلافكم ما جرى بينهم وبين موسى عليه السلام، حيث أخبرهم بأمر الله لهم أن يذبحوا بقرة من البقر، فبدلاً من المسارعة قالوا مُتَعنِّتِين: أتجعلنا موضعًا للاستهزاء! فقال موسى: أعوذ بالله أن أكون من الذين يَكْذِبُون على الله، ويستهزئون بالناس.


قالوا لموسى: ادعُ لنا ربك حتى يبين لنا صفة البقرة التي أَمَرَنا بذبحها، فقال لهم: إن الله يقول: إنها بقرة ليست كبيرة السن ولا صغيرة، ولكن وسط بين ذلك، فبادِروا بامتثال أمر ربكم.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-03-20, 07:49 AM
تفسير


قال تعالى :
﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ﴾ [الكهف :٣٦]


وما أظن أن القيامة حادثة، إنما هي حياة مستمرة، وعلى فرض وقوعها فإذا بُعِثْت وأُرْجِعْت إلى ربي لأجدنّ بعد البعث ما أرجع إليه مما هو أفضل من حديقتي هذه، فكوني غنيًّا في الدنيا يقتضي أن أكون غنيًّا بعد البعث.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-04-20, 07:07 AM
تفسير



قال تعالى:

﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾
﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾
[البقرة : ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١]



فاستمروا في جدالهم وتعنُّتهم قائلين لموسى عليه السلام: ادعُ ربك حتى يبين لنا ما لونها، فقال لهم موسى: إن الله يقول: إنها بقرة صفراء شديدة الصُّفْرة، تُعجب كل من ينظر إليها.

ثم تمادوا في تعنُّتهم قائلين: ادعُ لنا ربك حتى يبين لنا مزيدًا من صفاتها؛ لأن البقر المتصف بالصفات المذكورة كثير لا نستطيع تعيينها من بينها. مؤكدين أنهم - إن شاء الله - مهتدون إلى البقرة المطلوب ذبحها.


فقال لهم موسى: إن الله يقول: إن صفة هذه البقرة أنها غير مذلّلة بالعمل في الحراثة، ولا في سقاية الأرض، وهي سالمة من العيوب، ليس فيها علامة من لون آخر غير لونها الأصفر، وعندئذ قالوا: الآن جئت بالوصف الدقيق الذي يعيِّن البقرة تمامًا، وذبحوها بعد أن أوشكوا ألا يذبحوها بسبب الجدال والتعنت.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-05-20, 07:11 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
[سورة النمل:19]
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا إعجابا منه بفصاحتها
ونصحها وحسن تعبيرها.
وهذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأدب الكامل، والتعجب
في موضعه وأن لا يبلغ بهم الضحك إلا إلى التبسم
كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم جل ضحكه التبسم
فإن القهقهة تدل على خفة العقل وسوء الأدب.
وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه
يدل على شراسة الخلق والجبروت. والرسل منزهون عن ذلك.
وقال شاكرا لله الذي أوصله إلى هذه الحال:
رَبِّ أَوْزِعْنِي
أي: ألهمني ووفقني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
فإن النعمة على الوالدين نعمة على الولد.
فسأل ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه
وعلى والديه، وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
أي: ووفقني أن أعمل صالحا ترضاه لكونه موافقا لأمرك
مخلصا فيه سالما من المفسدات والمنقصات
وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ التي منها الجنة فِي جملة عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
فإن الرحمة مجعولة للصالحين على اختلاف درجاتهم ومنازلهم.
فهذا نموذج ذكره الله من حالة سليمان
عند سماعه خطاب النملة ونداءها.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-06-20, 06:47 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}
[سورة البقرة :152]
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }
فأمر تعالى بذكره, ووعد عليه أفضل جزاء
وهو ذكره لمن ذكره
كما قال تعالى على لسان رسوله:
"من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"
وذكر الله تعالى, أفضله, ما تواطأ عليه القلب واللسان
وهو الذكر الذي يثمر معرفة الله ومحبته, وكثرة ثوابه
والذكر هو رأس الشكر, فلهذا أمر به خصوصا
ثم من بعده أمر بالشكر عموما فقال:
{ وَاشْكُرُوا لِي }
أي: على ما أنعمت عليكم بهذه النعم
ودفعت عنكم صنوف النقم
والشكر يكون بالقلب, إقرارا بالنعم, واعترافا
وباللسان, ذكرا وثناء
وبالجوارح, طاعة لله وانقيادا لأمره, واجتنابا لنهيه
فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة
وزيادة في النعم المفقودة
قال تعالى: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }
وفي الإتيان بالأمر بالشكر بعد النعم الدينية
من العلم وتزكية الأخلاق والتوفيق للأعمال
بيان أنها أكبر النعم, بل هي النعم الحقيقية التي تدوم
إذا زال غيرها وأنه ينبغي لمن وفقوا لعلم أو عمل
أن يشكروا الله على ذلك, ليزيدهم من فضله
وليندفع عنهم الإعجاب, فيشتغلوا بالشكر.
ولما كان الشكر ضده الكفر, نهى عن ضده فقال:
{ وَلَا تَكْفُرُونِ }
المراد بالكفر هاهنا ما يقابل الشكر
فهو كفر النعم وجحدها, وعدم القيام بها
ويحتمل أن يكون المعنى عاما
فيكون الكفر أنواعا كثيرة, أعظمه الكفر بالله
ثم أنواع المعاصي, على اختلاف أنواعها وأجناسها
من الشرك, فما دونه.
📗 [تفسير ابن كثـيـــر رحمه الله]

عطاء دائم
10-07-20, 07:53 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ
إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
[سورة فاطر:6]

{الْغَرُورُ } الذي هو { الشَّيْطَانُ }
الذي هو عدوكم في الحقيقة
{ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } أي: لتكن منكم عداوته على بال
ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه
وهو دائما لكم بالمرصاد.
{ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
هذا غايته ومقصوده ممن تبعه
أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-08-20, 07:51 AM
تفسير
قــال تــعــالــى :

{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ
مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ
إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}
[سورة الطلاق 2 -3]


{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي: إذا قاربن انقضاء العدة، لأنهن لو خرجن من العدة، لم يكن الزوج مخيرًا بين الإمساك والفراق. { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي: على وجه المعاشرة [الحسنة]، والصحبة الجميلة، لا على وجه الضرار، وإرادة الشر والحبس، فإن إمساكها على هذا الوجه، لا يجوز، { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي: فراقًا لا محذور فيه، من غير تشاتم ولا تخاصم، ولا قهر لها على أخذ شيء من مالها.

{ وَأَشْهِدُوا } على طلاقها ورجعتها { ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } أي: رجلين مسلمين عدلين، لأن في الإشهاد المذكور، سدًا لباب المخاصمة، وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه.
{ وَأَقِيمُوا } أيها الشهداء { الشَّهَادَةَ لِلَّهِ } أي: ائتوا بها على وجهها، من غير زيادة ولا نقص، واقصدوا بإقامتها وجه الله وحده ولا تراعوا بها قريبًا لقرابته، ولا صاحبًا لمحبته، { ذَلِكُمْ } الذي ذكرنا لكم من الأحكام والحدود { يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } فإن من يؤمن بالله، واليوم الآخر، يوجب له ذلك أن يتعظ بمواعظ الله، وأن يقدم لآخرته من الأعمال الصالحة، ما يتمكن منها، بخلاف من ترحل الإيمان عن قلبه، فإنه لا يبالي بما أقدم عليه من الشر، ولا يعظم مواعظ الله لعدم الموجب لذلك، ولما كان الطلاق قد يوقع في الضيق والكرب والغم، أمر تعالى بتقواه، وأن من اتقاه في الطلاق وغيره فإن الله يجعل له فرجًا ومخرجًا.
فإذا أراد العبد الطلاق، ففعله على الوجه الشرعي، بأن أوقعه طلقة واحدة، في غير حيض ولا طهر قد وطئ فيه فإنه لا يضيق عليه الأمر، بل جعل الله له فرجًا وسعة يتمكن بها من مراجعة النكاح إذا ندم على الطلاق، والآية، وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة، فإن العبرة بعموم اللفظ، فكل من اتقى الله تعالى، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله، فإن الله يثيبه في الدنيا والآخرة.
ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة، وكما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا، فمن لم يتق الله، وقع في الشدائد والآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها، واعتبر ذلك بالطلاق، فإن العبد إذا لم يتق الله فيه، بل أوقعه على الوجه المحرم، كالثلاث ونحوها، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها والخروج منها.
{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } أي: يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به.

{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك
{ فَهُوَ حَسْبُهُ } أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ } أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-09-20, 07:57 AM
تفسير


قال تعالى:
﴿وَإِذ قَتَلتُم نَفسًا فَادّارَأتُم فيها وَاللَّهُ مُخرِجٌ ما كُنتُم تَكتُمونَ﴾
﴿فَقُلنَا اضرِبوهُ بِبَعضِها كَذلِكَ يُحيِي اللَّهُ المَوتى وَيُريكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ﴾
﴿ثُمَّ قَسَت قُلوبُكُم مِن بَعدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالحِجارَةِ أَو أَشَدُّ قَسوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنهُ الأَنهارُ وَإِنَّ مِنها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخرُجُ مِنهُ الماءُ وَإِنَّ مِنها لَما يَهبِطُ مِن خَشيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ﴾

{ البقرة ٧٢ : ٧٣ : ٧٤ }



واذكروا حين قتلتم واحدًا منكم فتدافعتم، كلٌّ يدفع عن نفسه تهمة القتل، ويرمي بها غيره، حتى تنازعتم، والله مُخرج ما كنتم تخفونه من قتل ذلك البريء.


فقلنا لكم: اضربوا القتيل بجزء من البقرة التي أُمِرْتم بذبحها؛ فإن الله سيُحييه ليخبر مَن القاتل! ففعلوا ذلك فأخبر بقاتله. ومثل إحياء هذا الميت يحيي الله الموتى يوم القيامة، ويريكم الدلائل البينة على قدرته، لعلكم تعقلونها فتؤمنون حقًّا بالله تعالى.



ثم قست قلوبكم من بعد هذه المواعظ البليغة والمعجزات الباهرة، حتى صارت مثل الحجارة، بل أشد صلابة منها؛ فهي لا تتحول عن حالها أبدًا، وأما الحجارة فتتغير وتتحول، فإن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يتشقق فيخرج منه الماء ينابيع جارية في الأرض، ينتفع بها الناس والدواب، ومنها ما يسقط من أعالي الجبال خشية من الله ورهبة، وليست كذلك قلوبكم، وما الله بغافل عما تعملون، بل هو عالم به، وسيجازيكم عليه.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-11-20, 08:30 AM
تفسير



قال تعالى:
﴿أَفَتَطمَعونَ أَن يُؤمِنوا لَكُم وَقَد كانَ فَريقٌ مِنهُم يَسمَعونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفونَهُ مِن بَعدِ ما عَقَلوهُ وَهُم يَعلَمونَ﴾
﴿وَإِذا لَقُوا الَّذينَ آمَنوا قالوا آمَنّا وَإِذا خَلا بَعضُهُم إِلى بَعضٍ قالوا أَتُحَدِّثونَهُم بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيكُم لِيُحاجّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُم أَفَلا تَعقِلونَ﴾
﴿أَوَلا يَعلَمونَ أَنَّ اللَّهَ يَعلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعلِنونَ﴾
[ البقرة ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٧ ]



أفترجون - أيها المؤمنون - بعد أن علمتم حقيقة حال اليهود وعنادهم أن يؤمنوا، ويستجيبوا لكم؟! وقد كان جماعة من علمائهم يسمعون كلام الله المنزّل عليهم في التوراة؛ ثم يغيِّرون ألفاظها ومعانيها بعد فهمهم لها ومعرفتهم بها، وهم يعلمون عِظَم جريمتهم.


من تناقضات اليهود ومكرهم أنهم إذا لقي بعضُهم المؤمنين اعترفوا لهم بصدق النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وصحة رسالته وهو ما تشهد له التوراة، ولكن حين يخلو اليهود بعضهم ببعض يتلاومون فيما بينهم بسبب هذه الاعترافات؛ لأن المسلمين يقيمون عليهم بها الحجة فيما صدر عنهم من الاعتراف بصدق النبوة.


هؤلاء اليهود يسلكون هذا المسلك المَشِين وكأنهم يغفُلون عن أن الله يعلم ما يخفون من أقوالهم وأفعالهم وما يعلنون منها، وسيظهرها لعباده ويفضحهم.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-12-20, 07:37 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا

عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ

تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ

وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ

يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.}

[سورة التحريم :8]

قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية
ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات
والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة
بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته
ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى المنافقين
ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم
ويوصلهم ما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم
وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح.

والمراد بها:

التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها
التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجهه
والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله.

📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-13-20, 07:07 AM
تفسير


﴿وَمِنهُم أُمِّيّونَ لا يَعلَمونَ الكِتابَ إِلّا أَمانِيَّ وَإِن هُم إِلّا يَظُنّونَ﴾ [ البقرة ٧٨ ]


ومن اليهود طائفة، لا يعلمون التوراة إلا تلاوة، ولا يفهمون ما دلت عليه، وليس معهم إلا أكاذيب أخذوها من كبرائهم، يظنون أنها التوراة التي أنزلها الله.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-13-20, 07:08 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}
[سورة الأحزاب :47]
وقوله: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا }
ذكر في هذه الجملة، المبشَّر، وهم المؤمنون
وعند ذكر الإيمان بمفرده، تدخل فيه الأعمال الصالحة.
وذكر المبشَّر به، وهو الفضل الكبير
أي: العظيم الجليل، الذي لا يقادر قدره
من النصر في الدنيا، وهداية القلوب، وغفران الذنوب
وكشف الكروب، وكثرة الأرزاق الدَّارَّة، وحصول النعم السارة
والفوز برضا ربهم وثوابه، والنجاة من سخطه وعقابه.
وهذا مما ينشط العاملين، أن يذكر لهم
من ثواب اللّه على أعمالهم ما به يستعينون
على سلوك الصراط المستقيم
وهذا من جملة حكم الشرع، كما أن من حكمه
أن يذكر في مقام الترهيب، العقوبات المترتبة
على ما يرهب منه، ليكون عونًا على الكف عما حرم اللّه.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-13-20, 07:15 AM
تفسير



قال تعالى:
﴿فَوَيلٌ لِلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم ثُمَّ يَقولونَ هذا مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشتَروا بِهِ ثَمَنًا قَليلًا فَوَيلٌ لَهُم مِمّا كَتَبَت أَيديهِم وَوَيلٌ لَهُم مِمّا يَكسِبونَ﴾ [ البقرة : ٧٩ ]


فهلاك وعذاب شديد ينتظر هؤلاء الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون - كذبًا -: هذا من عند الله؛ ليستبدلوا بالحق واتباع الهدى ثمنًا زهيدًا في الدنيا، مثل المال والرئاسة، فهلاك وعذاب شديد لهم على ما كتبته أيديهم مما يَكْذِبون به على الله، وهلاك وعذاب شديد لهم على ما يكسبونه من وراء ذلك من مال ورئاسة.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-14-20, 07:49 AM
تفسير


قال تعالى:

﴿وَقالوا لَن تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّامًا مَعدودَةً قُل أَتَّخَذتُم عِندَ اللَّهِ عَهدًا فَلَن يُخلِفَ اللَّهُ عَهدَهُ أَم تَقولونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾
﴿بَلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَت بِهِ خَطيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ﴾
﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ أَصحابُ الجَنَّةِ هُم فيها خالِدونَ﴾
البقرة { ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ }



وقالوا - كذبًا وغرورًا -: لن تمسَّنا النار ولن ندخلها إلا أيامًا قليلة، قل - أيها النبي - لهؤلاء: هل أخذتم على ذلك وعدًا مؤكدًا من الله؟ فإن كان لكم ذلك؛ فإن الله لا يخلف عهده، أم أنكم تقولون على الله - كذبًا وزورًا - ما لا تعلمون؟

ليس الأمر كما يتوهم هؤلاء؛ فإن الله يعذب كل من كسب سيئة الكفر، وأحاطت به ذنوبه من كل جانب؛ ويجازيهم بدخول النار وملازمتها، ماكثين فيها أبدًا.

والذين آمنوا بالله ورسوله، وعملوا الأعمال الصالحة، ثوابهم عند الله دخول الجنة وملازمتها، ماكثين فيها أبدًا.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-15-20, 08:06 AM
تفسير



قال تعالى:

﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَ بَني إِسرائيلَ لا تَعبُدونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَقولوا لِلنّاسِ حُسنًا وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيتُم إِلّا قَليلًا مِنكُم وَأَنتُم مُعرِضونَ﴾ { البقرة : ٨٣ }


واذكروا - يا بني إسرائيل - العهد المؤكد الذي أخذناه عليكم، بأن توحِّدوا الله ولا تعبدوا معه غيره، وبأن تحسنوا إلى الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين المحتاجين، وبأن تقولوا للناس كلامًا حسنًا، أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر بلا غلظة ولا شدة، وبأن تؤدوا الصلاة تامة على نحو ما أمرتكم، وبأن تؤتوا الزكاة بصرفها لمستحقيها طيّبة بها أنفسكم، فما كان منكم بعد هذا العهد إلا أن انصرفتم مُعرضين عن الوفاء بما أخذ عليكم.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-16-20, 06:57 AM
تفسير



قال تعالى:
﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم لا تَسفِكونَ دِماءَكُم وَلا تُخرِجونَ أَنفُسَكُم مِن دِيارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدونَ﴾ [84]
﴿ثُمَّ أَنتُم هؤُلاءِ تَقتُلونَ أَنفُسَكُم وَتُخرِجونَ فَريقًا مِنكُم مِن دِيارِهِم تَظاهَرونَ عَلَيهِم بِالإِثمِ وَالعُدوانِ وَإِن يَأتوكُم أُسارى تُفادوهُم وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيكُم إِخراجُهُم أَفَتُؤمِنونَ بِبَعضِ الكِتابِ وَتَكفُرونَ بِبَعضٍ فَما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلِكَ مِنكُم إِلّا خِزيٌ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيَومَ القِيامَةِ يُرَدّونَ إِلى أَشَدِّ العَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ﴾ [85]
﴿أُولئِكَ الَّذينَ اشتَرَوُا الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذابُ وَلا هُم يُنصَرونَ﴾[86]
سورة_البقرة



واذكروا العهد المؤكد الذي أخذناه عليكم في التوراة من تحريم إراقة بعضكم دماء بعض، وتحريم إخراج بعضكم بعضًا من ديارهم، ثم اعترفتم بما أخذناه عليكم من عهد بذلك، وأنتم تشهدون على صحته.


ثم أنتم تخالفون هذا العهد؛ فيقتل بعضكم بعضًا، وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم مستعينين عليهم بالأعداء ظلمًا وعدوانًا، وإذا جاؤوكم أسرى في أيدي الأعداء سعيتم في دفع الفدية لتخليصهم من أسرهم، مع أن إخراجهم من ديارهم محرَّم عليكم، فكيف تؤمنون ببعض ما في التوراة من وجوب فداء الأسرى، وتكفرون ببعض ما فيها من صيانة الدماء ومنع إخراج بعضكم بعضًا من ديارهم؟! فليس للذي يفعل ذلك منكم جزاء إلا الذل والمهانة في الحياة الدنيا، وأما في الآخرة فإنه يُرَدّ إلى أشد العذاب، وليس الله بغافل عما تعملون، بل هو مطلع عليه، وسيجازيكم به.


أولئك الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة، إيثارًا للفاني على الباقي، فلا يُخَفف عنهم العذاب في الآخرة، وليس لهم ناصر ينصرهم يومئذ.


المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-17-20, 07:53 AM
تفسير


قال تعالى:
{وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا}
[سورة الكهف:39]




هلاَّ حين دخلت حديقتك قلت: ما شاء الله لا قوة لأحد إلا بالله، فهو الذي يفعل ما يشاء وهو القوي، فإن كنت تراني أفقر منك وأقلّ أولادًا.

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-18-20, 07:44 AM
تفسير



قال تعالى:

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}
[سورة البقرة:87]


ولقد آتينا موسى التوراة، وأتبعناه برسل من بعده على أثره، وآتينا عيسى ابن مريم الآيات الواضحة المبيِّنةَ لصدقه؛ كإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وقوَّيْناه بالملَكِ جبريل عليه السلام، أفكلما جاءكم - يا بني إسرائيل - رسول من عند الله بما لا يوافق أهواءكم استكبرتم على الحق، وتعاليتم على رسل الله؛ ففريقًا منهم تكذِّبون، وفريقًا تقتلون؟!

المختصر في التفسير

عطاء دائم
10-20-20, 08:01 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
[سورة البقرة : 25]
لما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال:
{ وَبَشِّرِ } أي: [يا أيها الرسول ومن قام مقامه]
{ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم
{ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة. ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته.
فبشرهم { أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ }
أي: بساتين جامعة من الأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, [والأغصان والأفنان وبذلك] صارت جنة يجتن بها داخلها
وينعم فيها ساكنها.
{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر، يفجرونها كيف شاءوا
ويصرفونها أين أرادوا, وتشرب منها تلك الأشجار
فتنبت أصناف الثمار.
{ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ }
أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة, وليس لهم وقت خال من اللذة
فهم دائما متلذذون بأكلها.
وقوله: { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا }
قيل: متشابها في الاسم, مختلف الطعوم
وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم
وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة
ولعل هذا الصحيح ثم لما ذكر مسكنهم
وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم
ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه
فقال: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ }
فلم يقل " مطهرة من العيب الفلاني "
ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق
مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار
فأخلاقهن, أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن
وحسن التبعل, والأدب القولي والفعلي, ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني, والبول والغائط, والمخاط والبصاق, والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا, بكمال الجمال, فليس فيهن عيب, ولا دمامة خلق, بل هن خيرات حسان, مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن, وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح.
ففي هذه الآية الكريمة
ذكر المبشِّر والمبشَّر, والمبشَّرُ به
والسبب الموصل لهذه البشارة
فالمبشِّر: هو الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن قام مقامه من أمته
والمبشَّر: هم المؤمنون العاملون الصالحات
والمبشَّر به:
هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات
والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة, إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة
على يد أفضل الخلق, بأفضل الأسباب. وفيه استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها [وثمراتها]
فإنها بذلك تخف وتسهل، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان
توفيقه للإيمان والعمل الصالح، فذلك أول البشارة وأصلها
ومن بعده البشرى عند الموت، ومن بعده الوصول
إلى هذا النعيم المقيم
نسأل الله أن يجعلنا منهم
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-21-20, 07:49 AM
تفسير

قــال تــعــالــى
{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا
وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ}
[سورة البقرة : 48]
ثم كرر على بني إسرائيل التذكير بنعمته
وعظا لهم, وتحذيرا وحثا.
وخوفهم بيوم القيامة الذي
{ لَا تَجْزِي } فيه
أي: لا تغني
{ نَفْسٌ } ولو كانت من الأنفس الكريمة
كالأنبياء والصالحين
{ عَنْ نَفْسٍ } ولو كانت من العشيرة الأقربين
{ شَيْئًا } لا كبيرا ولا صغيرا
وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه.
{ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا }
أي: النفس, شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه
عن المشفوع له, ولا يرضى من العمل
إلا ما أريد به وجهه
وكان على السبيل والسنة
{ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ }
أي: فداء
{ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه
لافتدوا به من سوء العذاب }
ولا يقبل منهم ذلك
{ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }
أي: يدفع عنهم المكروه، فنفى الانتفاع من الخلق
بوجه من الوجوه
فقوله: { لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا }
هذا في تحصيل المنافع
{ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }
هذا في دفع المضار
فهذا النفي للأمر المستقل به النافع.
{ ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل }
هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض
كالعدل, أو بغيره, كالشفاعة، فهذا يوجب للعبد
أن ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين, لعلمه
أنهم لا يملكون له مثقال ذرة من النفع
وأن يعلقه بالله الذي يجلب المنافع
ويدفع المضار, فيعبده وحده
لا شريك له ويستعينه
على عبادته.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-22-20, 07:38 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
{قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ
وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ
وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[سورة آل عمران : 29]
ثم أخبر عن سعة علمه لما في النفوس خصوصا
ولما في السماء والأرض عموما، وعن كمال قدرته
ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب واستحضار علم الله
كل وقت فيستحي العبد من ربه أن يرى قلبه محلا
لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله
من تدبر آية من كتاب، أو سنة من أحاديث رسول الله
أو تصور وبحث في علم ينفعه
أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه، أو نصح لعباد الله
وفي ضمن أخبار الله عن علمه وقدرته الإخبار
بما هو لازم ذلك من المجازاة على الأعمال
ومحل ذلك يوم القيامة
فهو الذي توفى به النفوس بأعمالها فلهذا قال
{ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا }
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]

عطاء دائم
10-23-20, 07:13 AM
تفسير

قــال تــعــالــى :
۞{ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ۚ ذلِكَ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ۗ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ
فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}
[سورة الكهف :17]
أي: حفظهم الله من الشمس
فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا
وعند غروبها تميل عنه شمالا
فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها
{ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ }
أي: من الكهف أي: مكان متسع
وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم
ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق
خصوصا مع طول المكث
وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم
وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال:
{ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ }
أي: لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله
فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين
{ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا }
أي: لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه
ولا يرشده إلى الخير والفلاح
لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه.
📗 [تفسير السعدي رحمه الله]


SEO by vBSEO 3.6.1