المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((الهيجُمانة))


الخيال التغلبي
10-17-15, 07:08 AM
الهيجمانة : (حنّت ولا هنّت وأنّى لك مقروع) .
هنّت : من الهنين وهو الحنين ، يقال : هنّ يهنُّ بمعنى حنّ يحنُّ ، وقد تكون بمعنى بكى ، قال :

لما راى الدار خلاء هنّا
كانت الهيجمانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم تعشق عبشمس بن سعد ، وكان يلقب بمقروع ، فأراد أن يُغير على قبيلة الهيجمانة ، وعلمت ذلك الهيجمانة ، فأخبرت أباها ، فقال مازن بن مالك بن عمرو : حنّت ولات هنّت ، (قلت انا الخيّال : كقول الله تعالى : ولات حين مناص ، وهي لغة تميم) ، قال ذلك مازن : يعني أشتاقت لعبشمس وليس وقت اشتياقها ، ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال : وأنى لها مقروع ، أي من أين تظفرين به ؟ .
يضرب لمن يحن إلى مطلوبه قبل أوانه .
وحكى المفضل بن محمد الضبي أن عبشمس بن سعد ، وكان اسمه عبد العزى ، وكان وسيم الوجه حسن الخلقة ، فسمي بعبشمس ، وعبء الشمس : ضوؤها .
وهو ابن سعد بن زيد مناة بن تميم شُغف بحب الهيجمانة ، فمُنع عنها وقُوتل ، فجاء الحارث بن كعب بن سعد ليذُب عنه عمرو ، فضرب على رجله فضرب على رجله فشلّت ، فسمي الأعرج ، فسار عبشمس إليهم وسألهم أن يعطوه حقه من رجل الأعرج ، فتابّى عليه بنو العنبر بن عمرو بن تميم ، فقال عبشمس لقومه : إن خرج إليكم مازن بن مالك ابن عمرو مترجلاً قد لبس ثيابه وتزيّن فظنّوا به شرّاً ، وإن جائكم أشعث الرأس أغبر خبيث النفس فإني أرجوا أن يعطوكم حقكم ، فلما أمسوا راح اليهم مازن مترجلاً قد لبس ثيابه وتزيّن لهم ن فارتابوا به ، فدسّ عبشمس بعض أصحابه إليهم ليسترق السمع ويتجسس ما يقولون ، فسمع رجلاً من الرعاء يقول :

لا نعقلُ الرّجل ولا نديّها ** حتّى ترى داهيةً تُنسيّها

فلما عاد الرجل إلى عبشمس وخبّره بما سمع قال عبشمس : إذا جنّ عليكم الليل برّزوا رحالكم ، وأقيموا ناحيةً ، ففعلوا وتركوا خيامهم ، فنادى مازن وأقبل إلى القبّة : ألا لا حيّ بالقرى ، فإذا الرجال قد جاؤوا وعليهم السلاح حتى أحاطوا بالقبة فاكنفوها ، فاذا القبة خالية من بني سعد ، فلما علم عبشمس بذلك جمع بني سعد فغزاهم فلما كان بعقوتهم ـ أي ساحتها ـ نزل ليلة مظلمة مرعدة مبرقة ، وأقام حتى يغير صباحاً ، وكان يدور على قومه ويحوطهم من دبيب الليل ، (وكانت الهيجُمانة) عاركاً والعارك لا تخالط أهلها ، وأضاء البرقُ فرأت (ساقيّ مقروع) ، فاتت أباها تحت الليل ، فقالت : أني رأيت ساقي عبشمس في البرق فعرفته ، فأرسل العنبر في بني عمرو فجمعهم ، فلما أتوه خبرهم بما سمع من (الهيجُمانة) ، فقال مازن : ((حنّت ولات هنّت وأنى لك مقروع)) ، قلت : يعني ولا تهنّت . ثم قال مازن للعنبر : ما كنت حقيقاً أن تجمعنا لعشق جارية ، ثم تفرقوا عنه ، فقال لها العنبر عند ذلك : أي بُنيّة اصدقي فإنه ليس ((للكذوب)) رأي ، فأرسلها مثلا ، قال : يا أبتاه ثكلتُك إن لم أكن صدقتُك ، فانج ولا إخالُك ناجياً ، فأرسلتها مثلاً ، فنجا العنبر من تحت الليل ، وصبّحهم بنو سعد فأدركوهم وقتلوا منهم ناساً كثيرا ، ثم إن عبشمس تبع العنبر حتى أدركه وهو على فرسه وعليه أداته ، يسوق إبله ، فلما لحقه قال له : يا عنبر ، دع أهلك فإن لنا وإن لك ، فأجابه العنبر ، وقال : لكن من تقدم منعته ، ومن تأخر عقرته ، فدنا منه عبشمس ، فلما رأته الهيجمانة نزعت خمارها ، وكشفت عن وجهها ، وقالت : يا مقروع نشدتُّك الرحم لما وهبته لي ، لقد خفتُكعلى هذا منذ اليوم ، وتضرّعت إلى عبشمس ، فوهبه لها ، انتهى . (مجمع الامثال للميداني ـ بتصرف بسيط)

الخُلاصة :
ماذا نستفيد من هذه القصة ؟
أولاً ـ أن المحب من شدة شغفه بمحبوبه ، تجده شديد التركيز فيه والملاحظة له بأدقّ التفاصل ، فمن هنا لم يغب عن الهيجمانة شكل وجمال ساقيّ عبشمس ، فعرفتهم وهو تحت دماس اليل وظلمته وبرق ورعد ، وهذا من منتهى الحب والشغف والشدهة مما يجد الحبيب تجاه محبوبه .
ثانياُ ـ أن البنت الشريفة مها كان شغفها بحبيبها ، لا تبيع أهلها وشرفها له مجاناً أبدا ، وغنما كما فعلت الهيجمانة مع عبشمس لتفتدي أبيها مقابل نفسها من عبشمس ، لتحصل على حياة أباها وسلامته .
رابعاً ـ الوفاء للحب من عبشمس ، ولو أراد غير ذلك لفعل وسباها ، فكان له ذلك ، فهم تحت رحمته ولكنه لم يفعل .
خامساً وأخيراً ـ أنه من الغباء والحماقة بمكان ، عندما يحذّر الرجل وينّذر ، كما فعل العنبر بقومه ولم يرعوون ـ فينطبق عليه المثل ((جنت على نفسها براق) ولنا في هذا المثل مقال آخر وقصة جديدة ان شا الله تعالى ـ تحياتي .

هند المطيري
10-17-15, 02:27 PM
وأشجيت عنك الخصم حتى تفوتهم
من الحق إلا ما استهانوك نائلا

الخيال التغلبي
10-17-15, 03:58 PM
فانت ثقتي في كل وقت وحزّة
واصدق القائلين عندي وقــائلا
فهل شرحت اكثر عـمـا احدثوا
من بدعة بعدي وزادوا تطــاولا


SEO by vBSEO 3.6.1