المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : گلْ فَاتنَة فِيْ الجَمآلْ بيضــآء الأصِلْ ♥ !


الصفحات : 1 2 3 [4] 5

أعيشك
03-18-20, 03:37 AM
18 - Mar
4:37
تخليت عن هذا الحُب،
وأقسمت أن لا أعود لك أبدًا.
لم يكُن هذا برغبة مني،
أن أتخلى بسهولة هكذا،
إنني أحتضر بشاعة ما أشعُر به،
والمرض يتجسد جسدي بِشكل بشع.
فقدتُ كُل ما أملك.
وأنتَ أيضًا لن تدوم أبدًا.
وروحي أيضًا لن تدوم.
أتمنى الرجوع،
لو يعود بي الزمن وأفعل الصحيح لكن،
القدر أراد أن يُصيبني بهذا البلاء.
أتمنى الآن بأيامي الأخيرة أن أقضي
معك الكثير من الوقت يا عزيزي.
أعتنِ بنفسك جيدًا.
سنلتقي يومًا ما.
أُريدك أن تعلم إنني فعلت هكذا
لأجل لا يحزن أيٍ منّا.
رُبما يومًا ما ستعتاد أن تكون بدوني.
هذه السطور ستبقى فارِغة،
وأحتفظ ببعض الحروف بداخلي.
آسفه، لم يكُن بإختياري.

أعيشك
03-18-20, 11:25 AM
أنجبتني أُمي وأنا أُعاني مرضًا في الدم،
مرض وِراثي لا عِلاج له ويستمر لنهاية العُمر.
رقدت في المشفى لمُدة شهرين مُتتابعين،
أكتفيت بهما من الصراخ والإبر وتلك الأسلاك
الغريبة المُلتصقة بشكل مؤلم في يدي.
استبعد الجميع أن أبقى على قيّد الحياة.
لكن ها أنا الآن أكتُب لكم مُعاناتي الأولى،
والوحيدة والمُستمرة أيضًا.
عندما بلغت العامين لم أكُن كأي طفلة
تُحب اللعب وحضن أُمها.
لقد كُنت مُنغمسة في غُرفة قديمة من غُرف المنزل،
وحولي مناشف لففتُها على شكل أطفال.
لقد أعتنيت بدُمى المناشف أكثر من عنايتي بطفولتي آنذاك.
في الرابعة من عُمري أحببت الكُتب،
لقد كُنت أدخل مكتبة أبي خلسة وأقرأ بالمقلوب كُتبًا لا أفهمها.
جميع أطفال العائلة في ذلك الوقت كانوا مُنهمكين في
الركض بالشوارع وفي ممرات المنزل الضيّقة،
أما أنا فقد كُنت ساكنة وعقلي يركُض إلى
أماكن مازال يجهلها حتى الآن.
لازلت أذكُر عندما يُسافر أبي يسألني في مُكالمة هاتفية حنونة :
ماذا تُريدين أن أجلب لكِ معي؟.
كُنت أُجيبه بنبرة يحشوّها البُكاء والتحنان :
أُريد قصصًا يا أبي، أُجلب لي قصصًا جميلة معك.
وعندما يأتي كُنت أسلم عليه وأسأله عن كُتبي فيعطيني إياها.
ما ألبث أن أمسك بها حتى أركض لتلك الغرفة،
أتصفحها بِشغف ثم أبدأ في القراءة إلى أن أنام.
لقد كُنت طفلة ثرثارة بِطريقة تُزعج من حولي لدرجة أنني
أضطررت لمُحادثة بطانيتي ودرج ملابسي
بِلا إدراك إنها لن تُجيب علي.
وقت ما دخلت المدرسة تولت مُعلمة خاصة أمر تدريسي.
لكن كانت أحداثها معي نُقطة تحول
في أيامي التي أعيشها الآن.
كانت تضربني ضربًا مُبرحًا،
نعتتني بالغباء وجعلتني إجبارًا أكتُب
بيدي اليمين عوضًا عن اليسار،
بسبب التشدُد الديني الذي كانت تؤمن به.
أذكُر مرة أنها ألصقت على ظهري عِبارة : "أنا كسلانة"
وجميع أطفال المنزل يركضون خلفي وهم ينعتوني :
"يا كسلانة، يا كسلانة".
أصابتني لعنة التأتأه وباتت لا تخرج
مني كلمة إلا بصعوبة بالغة،
ضحك علي الأهل والزملاء في المدرسة.
رُبما حتى أنا سخرت من نفسي.
لم يكُن لديَّ صديقات في المدرسة.
كُنت منبوذة والكل يهرب من الحديث معي،
لأني شخص مُمل لا يتحدث.
أو بالأحرى أنا اتجنب الحديث مع الآخرين.
ولا أتحدث مع أحد بتاتًا،
بالكاد يسمعون صوتي بالمُشاركات بين الحصص.
لدرجة عرضت المُعلمة في المدرسة على أبي
بزيادتي لطبيب نفسي أو ماشابه.
لا أدري رُبما كان الكلام أكبر من حجم
فمي الصغير في ذلك الوقت.
أنهيتُ دراستي ولازلت لا أستطيع الإجابة عن حقيقتي.
ولا حتى فكّ تلك العُقدة في لساني.
أصبحت أكتُب بِكلتا اليدين.
أنا مازلت مُبهمة ولا أعرف وجهتي.

أعيشك
03-19-20, 03:03 AM
19 - Mar
4:03
https://l.top4top.io/p_1538elsaf7.gif

أعيشك
03-19-20, 03:49 AM
أعيشُ حياة بائِسة نوعًا ما،
وأيامًا عديدة.
لا شيء يُثير اهتمامي.
أمضي بِقلب لا يُبالي بأحد،
ولا يعمل لأحد، لكنهُ أحبّك.
هذه حقيقتي الواضحة.
حُبك الذي مهما أخفيته،
وجدته يظهر على ملامحي،
وعيناي وتفاصيل يومي،
وبين أصدقائي.
حُبك الشي الذي لا ينفك عني،
ولا يخرج مني مهما حاولت اخفاؤه.

أعيشك
03-19-20, 05:41 AM
كُل الآلام ليست إلا أشياءً صغيرةً تُشبه البالونات!.
ستتضخّم ثُم تنفجر وتتلاشى في نهاية الحِكاية،
وهذا ماكان يقوله شقيقي الأكبر كُلما رأى غيّمة
سوداء فوق رأسي كما أسمّها، كان يقصد أفكاري.
وأنا في السابعة كُنت لا أُجيد رسم حرف اللام،
قال لي وهو يرفع عصاه مُنعقف الرأس :
أُنظري هكذا حرف اللام،
كُل ماعليكِ فعله هو قلبُ هذا العصا.
مرةً سقط قدرُ الماء المغلي قُربي مما تسبّب بحرقٍ واضح
على فخذي ليهرع هو نحوي واضع معجون أسنانٍ فوقه مُردد :
لا عليكِ، أظنّ الندوب جيّدة وإن كانت سيئة، المرء الذي لا
يملك ندوبًا لا يملك ذكريات، ستتذكرين هذا الحرق
ثُم تضحكين حين تكبرين، أعدُك.
في ظهيرةٍ لاسعة عُدت مرةً من المدرسة،
أخبرتُه أن مثانتي مُمتلئة وأرغب في شُرب الماء لتُصبح فارغة،
لم يفعل شيئًا هو غير الضحك حتّى بزغت عروق عُنقه،
ولم أفعل أنا شيئًا سوى الإستغراب،
ثُم قال وهو يسترجع نفسه :
حمقاء، مثانتك مُمتلئة والماء سيُفجرها،
كُل ماعليك فعله هو إفراغها بالذهاب إلى دورة المياه،
ثُم عاد للضحك وهو يُردد : حمقاء يا أُمي حمقاء.
ذهب شقيقي ليترك لي شيئًا يُشبه البالون في صدري،
لكنه يختلف عنه في شيء!.
إنهُ لا ينفجر ولا يتلاشى،
هل تعلم ماذا تبقى لي منه بعد موته؟.
مثانة أخشى امتلاءها هربًا من الذكريات.
نُدبة في فخذي تُبكيني لا تُضحكني كُلما رأيتها،
وإحساسُ يُشبه العصى في قلبي يضربني
كُلما هممتُ برسم حرف اللام.

أعيشك
03-20-20, 04:05 PM
20 - Mar
5:05
وصفُ المُعجزات،
صلواتٌ ربي،
على حُسنك الأخاذ،
مطرٌ أنتَ،
وأنا أرضُ الرِمال التي
حلّت بركاتُ حُبك عليها.
صولجانٌ على عرشٍ،
لا يحكمُك سِوى
ذكاءُ عقلك،
ولا يملُكك سِوى
نبضُ قلبك العفيف.
كَكون عظيم.
ثمانية كواكبُ بك!
والتاسِعُ ذلك النور في مُحيّاك.
بُستان وردٍ طائِفي،
من هُنا وهُناك يفوحُ منك،
عطرُ رحيقك المُنعش.
أيازينةُ الحياة،
أنتَ البنينُ والبنات،
والمالُ الذي يغني في الحاجات.
في زوالِ التعس مني!
كأنك الشمس،
كقمرٍ يطوي عتمة النفس.
نسيتُ أمرًا ! أنتَ
كضبابِ بلدتي المُفضلة،
تنثُر الجمال على كُل الأرجاء،
كجبالِ ضِفافها،
تذهلُ العابرين وابتسامتكَ
مثلُها تمامًا تدهشُني.
كيف لي أن أحبّك ولا أكتُب ؟
كنتُ لأصبح حقيرة،
بكَ عشقتُ يداي المفردَات.

أعيشك
03-20-20, 05:07 PM
أتعلم أن بالأمسِ قضيت ليلي الطويل لوحدي،
مشيتُ كثيرًا،
وكتبتُ الكثير من النصوص،
وبحثتُ عنك،
ولم أستطع إيجادك.
بقيتُ لوحدي حتى ظننتُ ولوهله
أن الأرض تُريد ابتلاعي.
قرأتُ الكثير من القصائِد،
فوجدتك تحت كلمات نِزار قبّاني.
وفي مُقدماتها أيضًا،
وجدتُك رجُلاً خشن، يتلحفُ الكلمات،
ويتّبع الأُغنيات.
ووجدتُك ترحل آلاف المرات.
ووجدتني أسيرُ خلفك.
مثل سجينةُ مُكبلة بالأغلال بكُل أسى،
وحزينة، وبكُل إستسلام.
أسيرُ ورأسي للأسفل أُحدق في التُربة،
ولا أُريد أن أفسد فرحتها بِتساقط المطر.
فمن شدّة عطشها لم تشعُر بالفرق أبدًا،
بين عُذوبة ماء الغيّم وملح دموعي.

أعيشك
03-21-20, 05:41 AM
21 - Mar
6:41
أمضيتُ حياتي مثل فأرة هاربة
من ثقبٍ صغير في جدار الواقع،
ترى كُل قطعة جبن على أنها مصيدة.
فقد وقعت فريسة ذات يوم،
لكنها استطاعت تخليص نفسها،
لأنها كانت من النوع الرديء،
إنها تبحث الآن عن مكانٍ آمن،
فلم تعُد تُفكر بالجوع ولا تتتبع الطريق
في انتظار قطعة جبن ساقطة هنا أو هناك،
إنها فقط تُفكر كيف تخرج من هذه الدوامة بِسلام،
حتى إن كان يتطلب منها الأمر أن تنام جائعة.

أعيشك
03-23-20, 08:15 AM
23 - Mar
9:15
أنام وأنا خائِفة أن يضع
أحدهم يده على مقبض الباب،
مُحاولاً إقتحام عالمي.
الخطر يزورني من تطاير النافِذة.
ترتعد أطرافي وتنتابني رغبة في التقيؤ.
العالم أجمع يسكُن بداخلي.
لا أستطيع الإستيقاظ.
جاثوم الذعر فوق صدري.
أقترب من خط النهاية ولا أصل.
شيءُ خرج من العُمق،
رُبما دُخان الحنين والوجع في آنٍ واحد.
وعرفتُ أخيرًا بأنني لم أكُن سوى
جُزء مِما حدث في الغسق.
وتبقى أكبر صفعة أتلقاها إنني أصبحت
وحيدة بعدما كان يسكُن جسدي شخصُ آخر.

أعيشك
03-23-20, 08:18 AM
https://g.top4top.io/p_1543jt2sz8.gif

أعيشك
03-23-20, 12:45 PM
لم أفعل حتى الآن أشياء خارقة،
أشياءًا تسمح لمن حولي التغني بها.
ولا أملك صفات مُبهرة،
تدفع الجميع للتقرُب مني بسببها
والتباهي بها أمام الملأ.
كُنت دائمًا هادئِة،
أصمُت طوال الوقت إلا ما ندر.
جيّدة في إظهار المحبة لمن هم حولي،
وبارعة في جعلهم يشعرون بأنهم
أفضل ما وُجد على هذه الأرض.
أتحدث كثيرًا عن أبي،
ألطف سيّد على وجه الأرض و أوسمهم.
كُلما دخلت عليه صدفة إلى مكتبة،
وجدته يشدو أغاني عبدالحليم حافظ
بصوتٍ عذب لا أحد يمتلكه.
مايُخيفني هو تقدمه السريع في السن،
ولطالما تمنيت لو أملك مُعجزة تجعله
يصغر أكثر كُل مرة.
لا أعرف أُمي كما تنبغي.
أو أنني ولفرط ما عرفتها أردت أكثر
الإبتعاد عن كُل طريق يؤدي للحديث عنها.
امرأة صارمة مثل أولئك الذي تراهم على
شاشة التلفاز بوجهٍ غاضب على الدوام،
ولا تستطيع التقرب منها أو أن تعترض طريقها.
فيما مضى كُنت أحلم أن أحبها حينما أكبر،
لكني أكتشفت بأن كُل سنة تأخذني بعيدةً عنها أكثر فأكثر.
أبدو لمن حولي قلبًا بإتساع السماء،
و أرق من نسمة الهواء،
و أخف من القطن.
رُغم كوني مليئة بالقلق،
ألا أنني أعرف كيف أهبهم الأمان بشكل دائِم.
فاشلة جدًا في العلاقات،
ولا نصيب لي في الحُب أبدًا.
ذات مرة أحببتُ أحدهم رُغم كونه رائِعًا ويملك
تأثيرًا عذبًا في قلوب الآخرين،
إلا إنه لم يترُك في قلبي مساحة آمنة أكمل
بها الطريق من بعده.
لا أُجيد التحدث عن لحظاتي السعيدة،
لأنها قلةُ ما عشتها.
وإن حدثت فإني أترُك قلبي يهيم في سماء
الله فرحًا لا أحد يُجاريه في التحليق.
روحي طفلة حين أفرح،
وحين أحزن أصبح امرأة طاعنة في السن تكسو
التجاعيد روحي وفي أي لحظة أظُن أني سأترك
مكاني خاليًا رُغم أنه لن يشعر بغيابي أحد.
لا ..
أبي سيفعل.
قال لي مرة أن حين أتأخر في نومي يشعُر بالفراغ يُسيطر
على المكان لذا أخشى على روحه من أن يتألم حين أختفي.
مُرهفة الحس كُنت ولا أزال تبكيني النصوص التي أستمع
إليها كُل ليله قبل أن أنام وتتعذب روحي حين أستمع لقصة
فراق حدثت في الطرف الآخر من الدُنيا.
لذلك أنا وحيدة دائمًا، لخوفي من أن أعذّب من أُحب بِرقتي.

أعيشك
03-27-20, 05:16 AM
27 - Mar
6:17
مرّ وقت طويل على دخولي هُنا.
أهلًا بعودتي مُجددًا.

أعيشك
03-27-20, 06:09 AM
منذُ أن مرّت علي هذه العبارة من فيلم " Contagion " :
" الإنسان الطبيعي يلمس وجهه من 2000 إلى 3000
مرة في اليوم "، وأنا أخوض ما يشبه التحدّي.
مدفوعة بعدم التصديق أو صعوبة الإستيعاب.
إذْ بدأتُ أُراقب يديّ بارتياب من يشتبه في أهل بيتي،
مُحاولًا اقتناص أدنى شاردةٍ وواردة تصدُر عنهما،
ومُحصيًا المرات التي ترتفع فيها أيَّ منهُما لتلمس وجهي.
وقد بلغتُ من التفاني في مُهمّتي حدّ أني لم أعرف إن كُنت
أفعلها خوفًا من التقاط العدوى، أو لمُجرد الشعور بالضجر.
في الأيام الثلاثة الأولى بقيت يداي مُستمّرتين في ظل هذا
الإنتباه الطارئ، وكأنّ الستار رُفع عنهما في لحظةٍ مُخلّة،
لكنني لم أمنعهُما تمامًا من لمس وجهي، وإنما قيّدت
حركتهما لتُصبحا في إطلاق سراحٍ مشروط.
فحين يأمر دماغي يديّ بأن يفرُك جفني،
تبرُز خطوة تحقّق إضافة قبل التنفيذ،
كخاصية الأمان في تطبيقات الهاتف.
إذ تطلب يدي في أجزاءٍ من الثانية إذنًا ثانيًا
مني قبل أن تُنفذ ما أُمرت به، وهكذا ... .
أُضيف شخطةً إضافية إلى خانة الإحصاء :
( 137 لمسة لهذا اليوم ).
في الأيام التالية لخصت إلى مُعظم الحالات التي
ألمس فيها وجهي مُباشرةً تنحصر في التالي :
حكّ العين أو الأنف - غسل الوجه والوضوء - هشّ الذباب -
تناول الطعام - إسناد الذقن والخد أثناء الشرود -
فتل الشعر - لمس الجبين تأثيرًا بالصُداع - عضّ عظمة
الأصابع أثناء كتابة تعبير - وبعض من اللمسات العارضة
اللاإرادية مثل حكّ الذقن لحظة التفوه بكذبةٍ بيضاء - ووقت
الضجر، وبالطبع اللمس الذي يحدُث أثناء نومي ولا أعرف عنه.
وقت عزمت على إيقاف هذه اللمسات
العبثية أو تقليلها إلى حد أدنى.
فصرت قاطعة طريقٍ بين يدي ووجهي،
وبنهاية اليوم السابع أوشكت أن أسجّل رقمًا غير مسبوق :
( 20 لمسة فقط ! ).
لولا أنّ رجُلًا وسيمًا أستوقفني
بينما كُنت أمشي على حافة الرصيف،
وسألني ما إذا كُنت أملك ولاعة،
ولا أدري لمَ وضعتُ يدي في حقيبتي وأنا لا أُدخن،
ولمَ ارتفعت يدي الأُخرى لتلمس وجهي ببلاهةٍ وبدون سبب،
قبل أن أعتذر منه وأمضي.
في تلك الليلة سمحتُ ليدي بأن تُصفعني على وجهي،
لكنني تقريبًا ..
لم أشعُر بشيء.
وضعتُ لنفسي هدفًا :
( عدم تجاوز 10 لمسات في اليوم ).
وتبعًا لذلك كيّفت نفسي على تقليص مرات الوضوء،
وتناول الطعام بالملعقة عوضًا عن اليد،
وتجاهُل الرغبات الملحّة بحك أجزاء مُتفرقة من الوجه.
بدأ دماغي يفهمني.
وذبلت يداي في جيوبي.
أما وجهي فصار مكانًا مُنزهًا.
تغشاه السكينة.
كرأس جبلٍ توارى خلف السُحب.
ولاحظت أنه يزداد خفّة وتطلُّعًا وكأنه يوشك أن ينفلت.
كان يكفي أن أنظُر إلى نقطةٍ بعيدة لأشعر أنه
يتحرّر مني مثل غزالةٍ تعدو وتختفي في الأُفق.
في تلك الفترة كُنت منشغلة بنفسي أكثر من أي وقتٍ مضى.
أمشي بحذرٍ وبصري في الأرض.
ولا أنتبه لمن يُناديني من أول مرة.
وكُنت أعلم أن هذا اليوم ( الخامس عشر ) سوف يأتي،
إذ قرّرت ألا ألمس وجهي أبدًا لـ 24 ساعة كاملة،
ولم يعُد الأمر بدافع الوقاية أو التحدّي،
بل لأنني أصبحتُ أشعر بمهابةٍ تتعاظم يومًا بعد يوم
إتجاه وجهي، وأدركتُ أنه يملك حياته الخاصة،
وكلّ لمسةٍ تعُد تدخلًا سافرًا في شؤونه.
عزلتُ نفسي في غُرفتي كالمُعتاد وظللتُ دون نوم
لـ 24 ساعة، ودون تناول أي طعامٍ أو شراب.
وحين استلقيتُ على ظهري،
انفصل وجهي عني كنفثة دُخان،
وظلّ طافيًا فوقي للحظات قبل أن يُغادرني إلى الأبد.
أعلم أن كثيرين ما زالوا يرون وجهي في مكانه،
لكن قد يخفى عليهم أنّ ما يرونه ليس سوى أثر،
مثل نسخةٍ باهتة من أوراق الكربون،
أما الوجه الأصل فله روحه المُستقلة.
وقد يُغادرك حين تدعه وشأنه.
ولن يفهم ما أعنيه إلا قلةٌ ممن عاشوا نفس تجربتي.
كان أبي أول من لاحظ شحوبي،
وأرجع ذلك إلى سوء تغذيتي موبّخ إياي على إهمالي.
وحين كان أحدهم ينظر إليّ في الشارع أو مكانٍ ما،
أشعُر أن نظراته تسقط في هاويةٍ كان وجهي يسترها من قبل.
أما الحكّة التي تعتريني فجاءةً في أنفي أو خدي،
فصارت مُجرد تنميلٍ لشيءٍ لم يعُد موجودًا.
أحيانًا كُنت أقف أمام المرآة وأتأمّل انعكاسي الواهِن،
وأتساءل أين يُمكن أن يكون وجهي الآن ؟.
وما الذي يفعله ؟.
لعله يتشبث بغيمة،
أو يطفو على سطح المُحيط،
أو يسكنُ شُرفة رجُل وحيّد،
أو يخوضُ حربًا.
ولا أستبعد أن يكون قد التصق بوجه فتاةٍ أقلّ شرودًا مني.
وكثيرًا ما كُنت أُحاول أن أتذكّر ملمسة دون جدوى،
فلم يبقَ لي منه سوى إسفنجةٍ منزوعة الروح،
تزداد انكماشًا يومًا بعد يوم.
وذات ليلة استيقظت من نومي مُنتقضة وشاعرة بحنينٍ
جارف لشيءٍ لا أعرفه.
وعلمت على يقين أنّ وجهي عاد إليّ،
تمامًا مثلما علمت أنه غادرني من قبل.
خفق قلبي بشدّة،
وهممتُ أن ألمسه لأول مرةٍ منذُ شهر،
لكنني ..
لم أجد يدي.

أعيشك
03-27-20, 12:06 PM
والله وبالله وتالله من بعد ما أنتشر الفيروس،
وكأن ربي حاليًا يأخذ بثأري من العالم أجمع.
ربي فعلًا عادل، فعلًا ما ينساني.
كنت عارفة كل يوم أن ربي يسمعني، ربي قريب مني.
كنت أحسد العالم لما أشوفهم مرتاحين وسعيدين
لأبعد حد وحياتهم وردية، عكسي تمامًا.
كنت أتمنى لو شي بسيط من حياتهم، من فرحتهم.
ما أقدر أقول أنهم عاشوا اللي عشته،
اللي عشته كان عِبارة عن موت بطيء.
بس على الأقل العالم أخذ جُزء بسيط من
المُعاناة والألم والتجارب البشعة اللي مريت فيها.
بس حاليًا ما عُدت أشعر رغبة بالبُكاء أو اليأس،
ما أخفي عليكم، ماقمت أحزن حرفيًا !.
أشعر بإستقرار الحالة النفسية،
والحياة صارت أجمل وأكثر قابلية للعيش.
ماتوقعت بيوم أكون سعيدة لأكثر من أسبوع.
شكرًا يا الله، شكرًا على هذا الهدوء والطمأنينة.

أعيشك
03-28-20, 08:30 AM
28 - Mar
9:30
مرحبًا،
أنا " أعيشك " ( إسمي الحقيقي )،
ولستُ " أعيشك " في الحقيقة،
لكن هكذا يدعونني،
حتّى وأنا مُنكبّة على وجهي،
وصوت أنيني يخترق الأرض.
يخرج أحدهم من الطرف الآخر،
وما أن يراني حتّى يصرُخ بي :
" يا أعيشك! ".
السعادة ليست صفة ذميمة،
بل هي أثمن ماقد يحصل عليه المرء في حياته،
ويودّ لو أن تكون أبديّة.
لكن أنت أيضًا بحاجة لأن تتخلّى
عنها لفترات لكي تشعُر بها،
وأن تخوض نقيضها لتبلغ لذّتها.
كُل شيء ستسئم منه إذا ما أقترن بِك على الدوام،
ولا سيما الأسماء،
أشعُر وكأنها إهانة حين يُناديني أحدهم
بإسمي وأنا أمرُّ بشعورٍ مُعاكس له.
لم أُحب إسمي هذا أبدًا،
لكنني لم أرغب بتغييره،
أنا مُجبرة على العيش به.
أُريد فقط بين فترة وأُخرى أن أخرج من عباءته،
أن أنسى كوني " أعيشك " لبُرهه،
وأعيش مع حُزني دون أن يُعكّر صفوه أحد،
ويهرب قبل أن ينتهي منّي تاركًا أحماله عليّ مُترادفة.
إنني أحلم فقط بأن يُصدق حُزني الآخرون،
بأن أُجيد لحظات ضعفي مُدونة في الكُتب والأغاني،
ومُختلف الفنون بشكل طبيعي كالبقية،
لم أجد نفسي بالقُرب منه أبدًا،
كُلّما التجأت إلى مكان وجدتني بعيدة عنه،
مُضادة ونقيضة له.
رُغم كوني مُلتصقة به،
رُغم كُل هذا،
أجد الآخرون يتذمّرون عندما لا
أُجيب على نداءتهم بين حين وآخر،
أي عندما لا أكون " أعيشك " ،
لا أُجيب لأنني لستُ كذلك،
ولا أشعُر بأن علي أن أركض خلفهم لأخبرهم بأنه
بعد وقت قصير قد أعود " أعيشك " كما كُنت،
أو أعّلّق لوحة خلف ظهري وأكتب عليها " أعيشك حزينة ".

أعيشك
03-28-20, 09:13 AM
https://l.top4top.io/p_1548mvl827.gif

أعيشك
03-28-20, 09:20 AM
لو شاء الله أن يهبني شيئًا من حياة أخرى،
فسوف أستثمرها بكُل قواي.
رُبما لن أقول كُل ما أفكر به،
لكنني حتمًا سأُفكر في كل ما سأقوله.
سأمنح الأشياء قيمتها،
لا لما تمثله، بل لما تعنيه.
سأنام قليلًا، وأحلم كثيرًا،
مدركة أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا
تعني خسارة ستين ثانية من النور.
سأسير فيما يتوقف الآخرون،
وسأصحو فيما الكل نيام..
لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى،
فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض،
سأُبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون
أنهم لن يكونوا عُشاقًا متى شاخوا،
دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق.

أعيشك
03-29-20, 03:30 AM
29 - Mar
4:30
روحي،
إلى قلبي،
إلى حلقي،
وحتى إلى أصابع يدي،
فتسري الكهرباء الإستاتيكية فيها،
أضمٌ قبضتي بقوة داخل جيوب سُترتي،
وأكمل السير.

أعيشك
03-29-20, 04:06 AM
بدأت ملامحي تتغير،
فقد لاحظتُ بأن المنطقة
التي أسفل عيناي متورّمة،
لستُ أعلم أسباب ذلك،
ولكنّه من المرجح أن يكون سبب
ذلك واحد من الأسباب التالية،
قد يكون سبب ذلك السهر،
وقد يكون سبب ذلك الوحدة.
ولكن لديّ ملاحظة بسيطة،
إن السبب الأول الذي ذكرته
هو أيضًا مُقترن بالسبب الآخر
الذي أعتقد ربّما هو أسباب كُل
ذلك الذي يحصل معي وبي.

أعيشك
03-30-20, 09:42 AM
30 - Mar
10:42
دخلتُ في حالةٍ من الكآبة والانقطاع عن العالم،
فغالبًا عندما أجلس مع الناس،
سواءً كانوا طيبين أو أشرارًا،
تتعطل حواسي عن العمل،
تتعبُ حواسي فأستسلم،
ولأني مُهذّبة أهزُّ لهم رأسي،
وأتظاهرُ بأني أفهم ما يقولونه،
لكيلا أجرح أحد.
هذه نُقطة ضعفي الوحيدة التي
أقحمتني في مشاكل عديدة،
أُحاول أن أكون لطيفة مع الجميع،
إلى درجةٍ تتمزق فيها روحي،
وتتحوّل إلى نوع من المعكرونة الروحية.
حتى بعد أن يتوقف دماغي عن العمل،
أُصغي إليهم وأستجيب،
وغالبًا ما يكونون حمقى بشكلٍ لا
ينتبهون فيه إلى أني في مكانٍ آخر.

أعيشك
03-30-20, 10:59 AM
عندما فكرت في كتابة مُدونتي،
أحسست أنني أُريد أن أصرُخ،
بكُل ماحدث في عُمري مرة واحدة،
حُب، وفاء، مرض، خيانة، صداقة، ألم
سعادة، رحلات إلى مُعظم بلاد الدُنيا.
بإختصار،
الحياة رحلة رائعة بكُل مافيها من آلام،
والآن أُحاول بهدوء أن أحكي للمُدونة حكايتي.

أعيشك
03-31-20, 05:53 AM
31 - Mar
6:53
حسنًا ..
سأكونُ مُديّنة وأخضع لشروطك ..
سأتخلى عن مبادئي وقريتي،
وأترك خلفي كُل مايُقال عني !
سأبتعد عن أهلي، أقاربي ..
وأسكن معك حيثُ تسكن !
سأتخلى عن حياتي الريفية،
عن الإستيقاظ مُبكرًا،
عن الرجال الذين يُحاولون التواصل معي،
سأتخلى عن نفسي، وأستبدلني بامرأة أُخرى.
امرأة مُفصلة كما تشاء !
سأتعلم أن آكل الوجبات دون أن تتسخ ملابسي،
وسأتناول المعكرونة بالشوكة،
وأستخدم الملعقة بدلًا من أن تغطس يدي في صحن الأرز ..
سأكون مُهذبة حين آكل، ولن أستخدم كلتا اليدين !
سأكون امرأة مُفصلة كما تشاء !
امرأة تحضنك حين تنام، وتغمض عينيها حين تُقبلها ..
امرأة تعطش بعد تقبيلك، وترتوي حين تشرب !
لن أكون فظة ..
لن أغضب منك أبدًا عندما تصرُخ ..
سأضحك حين تقول نكتة سمعتها قبل أن تلد ..
سأُخبرك في كُل ساعة إنك وسيم، وإن القمر يغار منك !
ولن أعارضك من أي شيء تود فعله !
سأُسافر معك إلى طوكيو،
ومن ثُم أوروبا، وسنمر برلين،
سنذهب إلى "البرنابيو" في أسبانيا،
وإلى "الأنفيلد" في أنجلترا ..
سأجعلك مع جماهير الليفر "لن تسير وحيدًا" تهتف !
سأكتب عنك رواية ..
وستكون قصيدتي الوحيدة في حياتي عنك !
سأتغزل بك كُل ليلة ..
سأجعل الوسيمين والمُمثلين والفنانين يغارون منك،
بما فيهم كيفانش، دورنان، هيمسورث، و زين مالك!
سأكون لصيقة بك، سأكون فيك ومنك ..
أُقسم برب الشعر، ورب الرواية، ورب القصة والأدب ..
سأكون أنت ! وأن لم أستطع ..
سأكون لك كُل أشباهك الأربعين !
لن أُفكر يومًا بخيانتك، وسأتخلى عن هاتفي لأجلك،
ولن أستخدم الإنترنت في حضورك ..
ولكن .. لأكون صادقة، لن يدوم هذا إلى الأبد ..
سأفعل ذلك كُل ما وعدتك ..
ولكن سيستمر هذا القِناع لعام فقط، وربما عامين !
بعد ذلك ..
بعد أن أرتشف من ريقك، وأثمل من كأسك،
وأشبع من حُسنك ..
سأعود للريف .. وأترك الخيار لك .. ستأتي أو ترفض !
فإن رفضت ..
سينتهي كُل شيء وسأستبدلك برجُل ريفي آخر..
رجُل يحمل إسطوانة الغاز فوق كتفه !
ويقول لي كوني مؤدبة حين أُغازله !
رجُل لا يمتلك هاتفًا جديدًا، لا شيء ..
ولا يفعل شيئًا واحدًا مما تفعل !
وإن أتيت معي ..
ستفعل مثله، ولن تراني بربطة الشعر السخيفة هُناك !
سأكون أنا، عصبية أحيانًا ..
لطيفة مرارًا، فقيرة دائمًا ..
لستُ المرأة التي بها تحلم !
لن أعدك بتلبية ما تطلب، ولا أطهي ما تشتهيه ..
كُل ما أستطيع أن أعدك به حينها،
فقط أن أُكافح كي تُسعد !
هذه وعودي، وهذه أنا يا سيدي ..
فهل تقبل ؟.

أعيشك
03-31-20, 12:09 PM
https://i.top4top.io/p_1551461og8.jpeg

أعيشك
04-01-20, 07:00 AM
1 - Apr
8:00
صَباح الخير يا فاتنة.

أعيشك
04-01-20, 07:28 AM
عندما أكبر سأستبدل سرير بآخر
من حديد كلاسيكي جدًا،
أو استبدله بأريكة أشعُر فيها
بعدم الاستقرار أو الراحة الكاملة،
المهم أني سأستبدله بشيء يشعرني
بأن علي ألّا أُطيل البقاء في مكانٍ واحد.
وطاولة جانبية من ذات اللون الرصاصي
الفاتح جدًا، أترك عليها عُلب الدواء،
فأكيد أني سأحتاج إلى أدوية.
الحياة لن تتركني أكبر مُتعافية،
لا بُد من أن أمرض.
لن أحتاج بيتًا كبيرًا وغُرف كثيرة وقتها،
يكفي أن أسكُن بيت بغرفة واحدة فقط،
حتى المطبخ لن أحتاج إليه،
لن آكل كثيرًا،
فقط لقمة بسيطة حتى لا أتناول الدواء بِمعدة فارغة.
ستكون النافذة أكبر ودون ستائر،
سأكون بحاجة إلى أُكسجين أكثر،
أكيد أن النافذة لن تكون مُطلة على بحر،
ولا على حديقة ولا على منظر طبيعي كما في الأفلام،
ستكون غرفتي في الطابق الثاني أو الثالث أو الرابع،
المُهم أني أُريدها صغيرة ومُشمسة كثيرًا،
سأصبغ أحد الجُدران باللون الأزرق الغامق،
وسأتركه دون ساعة حائط،
لا أُريد أن أشعُر بالوقت الأخير المنساب والمُتدفق.
في أحد عُلب الماء البلاستيكية سأضع ساق " بامبو "
طويل وأعتني به، لن يحتاج أن أُضيف له الماء كُل يوم.
مؤكد أني لن أستطيع الحركة بسهولة حينها لذلك
أُفضل هذا النوع من النباتات.
سأسهر كثيرًا كما أفعل الآن وأنام ساعات كثيرة
جدًا أيضًا وعندما أستيقظ من النوم لن أنهض من
السرير بسرعة، سأبقى في مكاني لبعض الوقت،
لا أعرف لماذا لكن أُحب ذلك الشعور،
شعور باليقظة بعد النوم، لأني سأنام طويلًا على أي حال.
سأُقلص عدد الأشخاص الذين عليّ مُقابلتهم،
لن أجعل أحدهم يضطر لأن يُعيد كلامه مرتين
لأني لم أسمعه، أو يضطر لمُساعدتي حتى أصل إلى الغُرفة،
لن أستخدم التلفاز مُطلقًا، ولا المرآة.
لن أُشارك جيل ذلك الوقت فأُصاب بالحرج من قلة المعرفة،
أو يُصابون بالعناء لأني لا أعرف.
لن أحتفظ بشيء من الماضي،
سأتخلص من الهاتف ومن المحمول،
ومن مُذكراتي القديمة،
ومن جميع اللوحات،
حتى الكُتب سأتخلص منها.
عندما أكبر سأكون بمُفردي،
سيهدأ الضجيج،
سيعُم السكون غرفتي،
ستتناقص عدد الرغبات التي علي أن أُحققها،
سأتجه نحو النقص والتقليل والتقلص،
ستقل رغبتي في التبضع،
في اقتناء الأشياء،
سأهتم بالأفكار،
سيكون هذا الطور مُناسب جدًا للأفكار،
لا أُريد أن أصبح مريضة جدًا عندما أكبر،
وكثيرة الكلام والسأم،
سأكون أكثر هدوءًا وسكينة،
سأنصُت،
سأقرا كُلما شعرت بالوحدة،
لكن لن أبحث عن شيء، أو معاني.
سأشرب القهوة أكثر،
ستتحول هذه الغرفة إلى صحن ضخم،
وسأتحول بدوري إلى شمعة،
سأذوب تدريجيًا مثلها أيضًا،
لا أُريد أن يشعر بموتي أحد.

أعيشك
04-02-20, 03:57 AM
2 - Apr
4:57

https://b.top4top.io/p_1552swxk95.jpeg

أعيشك
04-02-20, 11:56 AM
يَدي الملوثة بخطايا روحي الهامِدة،
لم تعلم ولو مرةً واحدة أنها تملسُ قلبًا طيبًا وبسيط.
أمضي كنتُ مرارًا والجراحُ تتلوّن ولكن ببُطئ.
كانت على شكلِ إغتِباط،
ومرةً على هيئةِ استبشار أنّ سنين الأسى انتهت،
لا ينتَهي المُر،
وهذا أمرٌ لا بُدّ من ادراكهِ جميعًا،
نحنُ هُنا على هذا الوحلِ جميعًا حتى نموت،
نعم ستأتي لحظةٌ نتهلّل بها،
سنرى الدُنيا مراتٍ وكأنها نُسخة من الجنّة،
لكنَ كُل ذلك جزءٌ من الحُزن.
لعلّك لا تعلم !
منذُ الخطوة الأولى للبشرية على هذه الأرض،
كُتِب لنا المشقة حتى يُنادي ربّ العباد لكلِ واحد منا،
في يومٍ مُرتقب،
وحينها الأعمال الحسنة للإله هي التي ستُحدد الحياة
الأبدية كيفَ ستكون.
في مشيئةِ الأقدار اختيرَ لي أن أكون حزينة دائمًا،
وعامٌ الإلهام كان هو البداية لهذا الوهَن،
فمنذُ أن مَماتِ صديقتي،
والبشاعةُ تحتوي داري ومداري.
أصبح كُل شيءٍ سيء ويُشبه ذلك،
تتابُع الليل والنهار،
الشمسُ كالسراب،
والقمر كالأمل الذي يسدل الستار على الدموع.
مازلتُ أُعاني خطيئة يدي الأولى،
نسيتُ أنّي في الدُنيا،
أنّي بشريّة وعلي أن أشعُر بكُل ما يُنهيني،
لستُ شجرة عليها فقط أن تكون ساكِنة إلى الفناء،
وليتني كذلك،
لكي لا ألوّث حائط حُجرتي بما قادتني إليه أيامي.
لكنّني كاتبة !
وهذا الأمر هو أكثر ما يُنعِش الأمل بداخلي،
وأقول : أنّ غدًا أجمل.
ما مِن مفرّ.
أشعُر بأني سأموتُ وأنا أُفكر كيف سيكون بؤسُ القبر !
وسأنسى الشهادة.

أعيشك
04-02-20, 05:45 PM
https://i.top4top.io/p_15539h89h3.jpeg

أعيشك
04-02-20, 09:22 PM
أدمنت رائِحة حياتي الخاصة،
تداخُل الألوان،
امتزاجها ببعض،
الأشكال التي تظهر على اللوحات،
كُنت أُحدث نفسي،
أن صوت الألوان أعمق وأصدق.
وأن كُل صوت لا بُد أن يكون له فم،
وفم الألوان هو نفسه فم الروح الإنسانية،
إن ما يُميز هذا الفم الفني إنه لا يكُف عن
الصُراخ حتى يملأ كُل اللوحات الفارغة.
بِهموم أصحابها، وأحزانهم، وأفكارهم،
وعوالمهم التي يرغبون العيش فيها.
لاحظت بعد عدة مرات أُصبح مُتعافية،
أن الأشياء التي تُزعجني حين أرسمها، تختفي،
كأنها لا تستطيع البقاء في ذات المكان مرتين.
وحين وصلت إلى هذه الرؤية،
قفزت من مكاني، فرِحة، أُعجبت بنفسي،
وأُعجبت أيضًا بتلك القوة الخارقة التي أملكها.
خطر ببالي أن أُطبقها على الكائنات الحية،
بدأت بالحيوان، رسمتُ كلب، ثُم نمتُ بعد ذلك.
حين استيقظت ركضتُ أبحث عنه في كُل مكان،
لكن أبي أخبرني أنه لم يرني منذُ البارحة،
فجن جنوني وحصل ما كُنت أُفكر به.
تشاجرتُ ذات يوم مع عمتي التي شتمتني
واستحقرتني وتلفظت عليّ بألفاظ نابية :
" أنتِ عديمة جدوى، لا فائدة منكِ، مثلك مثل
الحيوان الذي يعيش ليأكُل ويشرب فقط. "
يومها حاولت عمتي أن تُهدئ الوضع بيننا
غير أن ثمن الدفاع صفعة تلقتها على وجهها،
لأنها بنظري هي من أوصلت أبنه أخيها إلى
هذا الحد من الإستهتار والتسيُب.
كُنت غاضبة جدًا من عمتي،
فكرت أن أنتقم منها،
سارعتُ إلى فُرشاتي،
تناولتها وبدأت برسمها،
حين انتهيت منها،
ابتعدت قليلًا عن اللوحة،
ثُم خاطبتها : "وداعًا عمتي، أنتِ شخص مُزعج، لذلك
كان لزامًا علي أن أُساهم في تخليص الحياة من أمثالك."
بعد هذه الحادثة قاتلتُ بالألوان كُل الأشياء التي
تُزعجني وتؤذيني.
أصبحت مُجرمة خفيّة،
أُنفذ جرائِمي دون أن أُغادر مكاني،
أو أن أُلوث يداي بِدم الضحايا،
تفاقم الأمر،
وأصبحتُ أكثر عداءً من ذي قبل،
وزادت المُشاحنات والمُشاجرات بيني وبين أفراد الأُسرة،
حتى أنني تخلصت منهم جميعًا بذات الطريقة،
فعشتُ وحيدة بين جُدران غُرفتي ولوحاتي.
شعرت بعد فترة طويلة بالوحشة والذنب،
لم أذق طعم الراحة منذُ أيام،
ولم يعُد لديّ أي رغبة في الحياة،
أُصبت بالإكتئاب،
الدوامة السوداء،
كسرت وحطمتُ كُل شيء،
قذفت اللوحات،
رميت الفُرش،
دلقتُ سطول الألوان،
وفي وسط هذه الفوضى توقف فجاءة.
سحبتُ لوحة كانت مركونة خلف الباب،
وبدأت برسم بجنون ودون وعي مني،
استغرقت رسم اللوحة يومًا كاملًا.
قالت لي عمتي وهي تتحسس اللوحة بأطراف
أصابعها تُمررها تارة بين أنفه وعينيه وشعره :
" ليتني أراه لو مرة واحدة. "

أعيشك
04-03-20, 03:47 AM
3 - Apr
4:47

https://d.top4top.io/p_1553djwgp8.jpeg

أعيشك
04-03-20, 09:41 AM
ستفتِّش عنهُ يا قلبي في كل مكان،
‏وستَسأل عنه موج البحر،
وتسأل فيروز الشطآن،
‏وتجوب بحارًا وبحارًا،
وتفيض دموعك أنهارًا،
‏وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارًا أشجارًا،
‏وسترجع يومًا يا قلبي مهزومًا مكسور الوجدان
‏وستعرف بعد رحيل العمر بأنكَ كنت تطارد خيط دُخان،
حبيبُ قلبك ليس له أرض أو وطن أو عنوان
‏ما أصعب أن تهوى رجلًا يا قلبي ليس له عنوان.

أعيشك
04-03-20, 05:37 PM
https://j.top4top.io/p_1554l20w92.jpeg

أعيشك
04-04-20, 03:54 AM
4 - Apr
4:54
إذا ماكان أجمل تعليق :نبض: .
شُكرًا.

https://f.top4top.io/p_1554ufhfs5.jpeg

أعيشك
04-04-20, 11:15 AM
الكُل يسألك كيف حالك ؟.
حسنًا، أنا بخير هل يعنيك ذلك حقًا ؟.
فلنفترض بأني لستُ بخير،
ماذا ستفعل حين أُخبرك بالحقيقة ؟.
ماذا لو أخبرتك بأني حزينة ووحيدة ؟.
هل ستقتطع ضلعًا من سعادتك تُهديه لصدري الضائق ؟.
أم ستترُك كُل من هو خلفك لتخنق وحدتي بحضورك ؟.
دعنا نقول الحقيقة،
دعنا نتجرد من مثالية ومبادئ القُدماء،
أنتَ تسأل مُجرد سؤال اعتدت عليه لا أكثر،
والحقيقة أن كُنت بخير فهذا لا يهمك،
لأني عندما لا أكون بخير فأنت لن تفعل شيئًا لأجلي.

أعيشك
04-04-20, 03:10 PM
حُب الدُنيا يكمُن هُنا،
بعُمقها.
مُمتنة جدًا على كُل شيء :نبض: .

https://c.top4top.io/p_1555w7vgj6.jpeg

أعيشك
04-05-20, 03:16 AM
عُدت مُجددًا أيتها الفاتنة.

أعيشك
04-05-20, 03:40 AM
‏5 - Apr
4:40
في الساعات الأخيرة من الليل،
المنزل أصبح أكثر كتابة وكادت
أصابع الوسواس الموُحِشة تخنُقني،
قمتُ بفتح الباب وخرجت لأبحث عن
هواءٌ طلق كي يُنقذني.
قطعت طريقًا طويلًا دون أن أشعُر،
كانت دوامة الأفكار تُرافقني،
والحدس المُميت يسكُنني،
وجدتُ في طريقي شجرةً كبيرة،
أغصانُها كثيرة،
جلستُ بِقُربها،
أكتب على الرمل ما أخاف منه،
وما أخاف فُقدانه،
ما أرغبُ به،
وما أُود نسيانه.
وإذا بِزخات المطر تُربت على كتفي،
نظرتُ إلى السماء وتمنيتُ أن يمسح
هذا المطر على وجهي،
أن يختلط ويُعانق دموعي.
زاد المطر وصوت الرعد وأصبح أكثر رُعبًا،
أين أذهب؟ أين أختبئ؟ طريق المنزل طويل
والمطر يزداد وأصوات الكِلاب تتكاثر،
بدأت بالمشي خلف الشجرة أبحث عن مكان
لأختبئ بِه وإذا بنورًا خافت يأتي من آخر الممر،
لا يوجد حلٌ آخر إلا أن اتبعه.
وعند وصولي له، وجدتُ شاحنةً كبيرة
لكن الأشجار كانت تُغطيها،
أبعدتُ الأشجار بِغضب،
فتحتُ باب الشاحنة بِشدة وقمتُ بإقفال الباب بإحكام،
ونزعتُ قميصي المُبلل وبدأت بِعصره،
وكنتُ اتمنى لو كان هذا عقلي الذي أعصره
حتى أتخلص من هذا العقل المحشو بالهلوسة.
وضعت قميصي بِجانبي،
أرتعدُ من شدة البرد ومن شدة الخوف.
نظرتُ إلى الجهة الأُخرى حتى أبحث عن شيئًا يُغطيني،
كانت الكارثة هُناك ..
شخصٌ يجلس بقُربي وينظر إليَّ بنظرة مُتعة وإشتِهاء !
كان ثملًا ورائحة النبيذ والسجائر التي لم أنتبه لها
سبب الهلع تفوح منه،
أُفكر بالنزول ولكن أصوات الكِلاب تُخيفني،
وهذا الرجُل الغريب الذي بِجانبي يُخيفني أيضًا.
أقترب إليَّ، وبدأ بالحديث بِجوف أُذني،
كنتُ مُستسلمة تمامًا إلى ما يقوله،
يُثرثر كثيرًا بلسانٍ أَلكَن لكنني لم أفهم حديثه،
كلمة واحدة سمعتها جيدًا لكنني لم أعُد أفهم مايقصد.
( أفكارك سوف تلتهمك ) يقولها بصوتٍ وَطِئ وهو يُقهقه،
ابتعد، وبدأ يقود الشاحنة مَرَّةً ينظر إليّ ومَرَّةً ينظر إلى الطريق.
هذا الطريق أعرفهُ جيدًا، انهُ طريق المنزل !
وإذا أرى والدي على حافة الطريق،
بدأتُ بالصُراخ، أصرُخ بصوتٍ عالٍ،
ولكن الذي أخافني كثيرًا إذا بِ والدي ينظر إليَّ نظرة قاسية،
والرجُل المجنون الذي بِجانبي يتَبسّم،
لم أتوقف عن الصُراخ،
الشاحنة توقفت فجاءة،
أمسكَ هذا الرجُل بيديَّ بِشدة،
يُحدق إليَّ وعينيه تتحدثُ معي،
ثم قال : هل تعلمين من أنا ؟
صمِتت ..
يُردد : هل تعلمين من أنا ؟
قلت له وبِصوتٍ مُرتعب : من أنت !!
( أنا أفكارك المُوحِشة التي سوف تلتهمك،
أفكارك التي سوف تُحطمك،
أفكارك التي تنهش بِداخلك،
أفكارك التي تتحكم بِك،
أفكارك التي جعلتك تخرجين من المنزل في هذا الوقت،
أنا جيشُ من جيوش أفكارك التي جعلت منكِ شخصًا تابعًا لي ).
ثُم قام بِفتح باب الشاحنة لي يُأشر إلى البعيد يقول :
هُناك يوجد طريق واحد فقط،
طريق مليئ بجيشُ من جيوش أفكارك المُوحِشة،
وأنتِ من تُقررين يا تكوني تابعةً لها، أو قائدًا لهذه الجيوش،
لا والدك ولا الجميع يستطيعون مُساعدتك،
وحدك من تُقررين.
ايقنتُ أنني كنتُ طعامًا هشًا لهذه الجيوش.
أغمضتُ عيناي،
أدرتُ ظهري لهذه الأفكار التي بُنيت من الخيال،
واخترتُ أن أكون قائدًا صارمًا وعادلًا،
مع نفسي ومع جيوش أفكاري.

أعيشك
04-05-20, 03:01 PM
https://i.top4top.io/p_1556ju2nb9.jpeg

أعيشك
04-05-20, 08:05 PM
جمعتُ في صندوقٍ قديم،
الأحذية الناقِصة التي عثرتُ عليها.
كنتُ أميل إلى الطريق،
وأسير أغلب الأحيان مُطأطأة الرأس،
كوّنت مُلاحظات هامة عن تفاصيل
صغيرة لم يُلاحظها أحد سواي.
أصبحت خبيرة في أماكن تجمهر القطع الناقصة،
أعرف "لماذا أسقط، ومتى سأسقط، وأين سأسقط".
وحين أجد ما أُريد،
أُكافئ نفسي،
أفرُش ذراعيّ وأدور حول المكان بِحركات بهلوانية.
أعجبتني فكرة حصولي على الأشياء المُستخدمة،
فأتنازل بذلك على أن أكون أول من تتلف،
وأول من تستخدم،
وأول من تُمزق،
وأول من تسقط منها الأشياء، وتضيع.
لم تعُد تروق لي الأحذية الجديدة، أو بالأحرى،
لم أعُد استئلِف أن تكون للحذاء زوجٌ آخر.
وانعكس ذلك على حياتي التي عُشتها بِمُفردي.
ذات مرة، جربت استخدام يدي اليُمنى في تنفيذ شؤوني،
وفي يومٍ من الأيام قررت أن أرى الأشياء
بعينيّ اليُسرى فقط.
ومرة سديت إحدى أُذنيّ بالقطن
وانصتّ للأصوات بأذن واحدة.
ولم تقتصر هذه الثيمة الفردانية على الإستخدام،
بل تماديت بذلك، وانعزلت عن مُشاركة الآخرين آرائي،
أفكاري، همومي، مشاكلي، مشاعري.
أشعُر بأنني كائنة مثيولوجية مخلوقة من الأقاويل.
لقد بلغت ذروتي في حُب هذه العادة الغريبة،
وأدمنت الأثر العالق أسفل الأحذية التي أحصل عليه.
كنت أكتشف نوع الطُرقات التي أسلكها،
وإلى أي الطبقات الإجتماعية أنتمي.
استمريت على هذا الحال لأعوام طويلة،
ولأن الصندوق لم يعُد يكفي،
خصصتُ في منزلي غُرفة خاصة لها.
جربت ذات يوم إرتداء واحدة منها،
ذهبت بالحذاء إلى أماكن أُحبها،
شككت يومها أن الأحذية تمتلك ذاكرة تقودني إلى ماضييّ.
" للحذاء ماضٍ أيضًا، ومؤكد أن لهم بيت وأُناس،
ومُناسبات خاصة، وأصدقاء كالبشر، ومن خلال جودتها
أستطيع أن أُخمن كم بلغ عُمر ارتدائها،
ومقاساتها تُشير إلى نوع صاحبها، هذه الأحذية فاتنة ".
وبعد أن وصلت إلى هذا التحليل،
شعرت بنشوة عارمة،
بينما الحِذاء كان يسير بي،
وفي كُل خطوة أُلاحظ أن سرعتي تزداد أكثر،
انقلبت الموازين،
أصبحت القيادة بأمر الحذاء، لا بأمرٍ مني.
سيطرت الحذاء على إرادتي،
لم أعُد أعرف ما الذي يحدُث معي،
غير أن السير أصبح ركضًا !
لأن الحذاء يرغب بذلك،
كنتُ أقع، أتعثر، أرتطم بالأشياء التي تعترض طريقي،
فاقدة للسيطرة، فاقدة خياراتي أيضًا،
مخرجي الطارئ هو إتمام المُهمة.
حين وصلت إلى المكان، توقف الحذاء،
تغيرت ملامح وجهي،
تعرقت جبيني،
وسرت رعدة مُخيفة بِجسدي،
وبِشتى الوسائل حاولت أن أتخلص منه،
حركتُ قدمي،
وبإحباط خاطبت حذائي :
" ليس هُنا، تقدم هيّا، لا تضعني بهذا الموقف،
تقدم يا صديقي، ساعدني، أرجوك ".
حاولت تحريك قدمي، تخلصيها من الحِذاء،
لكن عبثًا،
باءت كُل مُحاولاتي بالفشل،
فقدت توازني،
ثم سقطت على الأرض، مهزومة،
أصرُخ في مكان الحادث القديم،
الذي خَسر به قدمي.

أعيشك
04-06-20, 02:49 AM
6 - Apr
3:49

https://j.top4top.io/p_1556a3gg00.jpeg

أعيشك
04-06-20, 10:27 AM
فتشتُ عنه في كُل مكان،
لكنني لم أجد دليلًا واحدًا،
يؤكد أنه قضى الليلة الماضية بجواري.
كان يظهر في حياتي في الوقت المُناسب،
تردد عليَّ كثيرًا،
ولم يحدُث بيننا شيء يدعو للخزي والعار.
كانت زيارته شفاءً عاجلًا.
أحببتُه لكنني لا أعلم لماذا،
وقلتُ مرة لنفسي :
" السبب الوجيه للحُب هو أننا لا نعلم ."
في الأيام التي تشغُلني زيارات الأقارب والأصدقاء،
لا يأتي،
لأن السهر كان يمتد حتى مُنتصف الليل،
فأسقط في نومي دونَ حِراك،
عرفتُ ذلك بعد مرات مُتعاقبة،
فكرهت أن أنام بِلا تفكير،
لأنني أُغلق الأبواب بوجه قدومه.
هو ابن أفكاري،
وليد أحزاني،
المخلوق من الخلوة،
يجب أن أُتيح فرصة ضعفي،
وببساطة، يجب أن أقود نفسي إلى مرحلة الإنهيار،
ليحضر هو فتحضر معه أساليب النجاة.
أحببتُ أحزاني،
فمن خلالي خصصت له موعدًا في حياتي،
قُلت في اليوم الذي غاب عني :
" عليّ أن أجد مصادر الألم، يجب أن أخلقها في حياتي،
يجب أن يكون لدي وجعٌ عظيم، فبمقاس الوجع، يُقاس وجوده،
وإن استطعت أن أُوزعه على الأيام بالتساوي، سأضمن
حضوره كُل ليله، آه لو يعلم الناس أن الحزن من مباهج الحياة،
وأن السعادة كُل السعادة هي الشقاء نفسه ."
في زيارته الأخيرة، كُنت قد تلقيت خبر وفاة جدي،
ولأن الحزن هذه المرة قد تلبسني تمامًا،
شعرتُ أنني متورطة بهذا الفقد،
وأنا بذاتي ضليعة في أحداث هذا الوجع الفائق.
جاء لزيارتي في الوقت المُناسب،
دار بيننا حديثُ طويل في غُرفة جدي،
انتهى بالسؤال عن مكان إقامته واسمه وماذا يعمل.
أجاب يومها أنه لن يخبرني إلا في اللحظة التي
سأدخل بها في نومٍ عميق.
بعدها تعرضتُ لمواقف مُحزنة كثيرًا،
لكنه لم يحضر كعادته،
ضاق صدري،
فجن جنوني،
وما عاد يهمني التكتم على قدومه،
سألت كُل أفراد الأُسرة عنه :
" هل لاحظتم قدوم أحد؟
هل رأيتم صديقي الذي يتسلل ليلًا إلى غرفتي؟
رسالة؟ شيئًا ما يدل على دخول شخص غريب؟."
تلقيت يومها صفعة من أختي على وقاحتي،
لكنني لم أكترث،
ركضتُ إلى غرفتي،
أقفلت الباب،
ثم تناولت شفرة الحلاقة،
مُعتقدة أنني لو انتحرت سوف يحضر لا مُحاله،
أخذت أقلب الشفرة،
أُمررها بخفة على معصمي الأيمن،
وحين سقطت قطرات الدم على الأرض،
خفت،
قذفت الشفرة بعيدًا عني،
ورحت أصرخ :
" انتهت اللعبة، انتهت هيّا، هل تسمعني؟. "
أسندت ظهري على الحائط مهزومة،
وأفكار تأخذني وأُخرى تُعيدني،
وفجأة ..
ظهر عنوانٌ غامض،
كان أحدًا ما دونه في مُفكرة رأسي،
ارتديتُ معطفي على عجل،
تناولت حقيبتي،
ثم خرجت من المنزل،
والمطر ينهمر بِغزارة،
والسماء ترعُد،
وعاصفة تهُب أشكالًا وألوانًا،
وصلتُ إلى مكان ناءٍ خارج المدينة،
وكان الضوء قد طلع قليلًا،
جمدتُ في مكاني،
بعد أن ارتطم بصري باليد التي شاهدتُها
تتحرك فوق ظهر قبر الذي عثرتُ عليه تحت الشجرة.

أعيشك
04-07-20, 03:19 AM
7 - Apr
4:19

https://k.top4top.io/p_1557ki3un5.jpeg

أعيشك
04-07-20, 12:16 PM
لم أبلغ من العمر سبع سنوات،
أعيش في منزل العائلة مع والدي،
وليسَ لدي أيّ أحدٍ آخر.
أعيشُ بداخل هذا المنزل منذُ أن
فقدت والدتي بعد الولادة بأربع سنوات.
لقد كانَ والدي هو الذي يحلّ في محل
العائلة بأكملها.
لقد كان يذهب إلى الدوام صباحًا ويعودُ
مساءًا، وأحيانًا عكس ذلك كونهُ ضابط.
لقد أستمريت في حياتي حتى أصبحتُ
في العاشرة من عُمري عندما ذهب والدي
إلى الدوام ولم يعُد.
لقد فارقني وللأبد.
لقد قُلت وأنا أنظر إلى ذلك التابوت :
" أبي العزيز، سوف أنتظر خروجك من ذلك
الصندوق الذي وضعوك فيه، فأنا سوف أبقى
مُنتظرة كعادتي في الإنتظار، أبي لقد ملئتُ
في فؤادي كُل فراغ حتى أنني قد أصبحت
مُمتلئة فيك، لقد صرتَ تُزاحمني.
والدي العزيز، لقد رأيت صورتك فوق، ذلك الصندوق
وأنتَ تبتسم وأنا أذرف دموعي فوق خدي. "
لقد ظننتُ أن الموت مُجرد لعبة لا غير،
وحينما أدركت رحيل والدي للأبد،
أيقنتُ بأن الأموات ليسوا براجعين.
" أيُها الضابط، لقد أصبحت ابنتك يتيمة،
بسبب مجموعة من المُجرمين الجُبناء الذين
أمسكتَ بهم فقاموا بإغتيالك.
أنا يتيمة يا أبي،
لقد أصبحت كُل الأماكن المُزدحمة بي فارغة. "

أعيشك
04-07-20, 07:55 PM
https://i.top4top.io/p_155894l622.gif

أعيشك
04-08-20, 03:48 AM
8 - Apr
4:48
الظلامُ حالك،
بردُ شديد يرتجف بالخارج،
أوراق الشجر تلوحُ لي من خلف النافِذة،
الكهرباء تتردد في منزلي،
كأنه أُم تتفقد أبناءها النائِمين.
انتقيتُ لهذه الرغبة معطفًا أسود،
وربطة عُنق،
صففتُ شعري،
هندمتُ وجهي،
وعطلتُ ساعة معصمي،
وحدي فقط بِلا زمان أو مكان،
سأمُر كأني من حُكام العالم.
سأمُر وحدي إلى الأمام فقط،
مُبتسمة،
راضية بهذا القدوم الأبدي،
وهذا المصير الرائع.
عازِمة على الخلاص.
أن تختار نهايتك،
وتختار قانون العالم التافه،
وتُقرر أن تموت بوقار،
لهو أمرُ عجيب ويدعو إلى الأصرار والعزيمة.
كان كُل شيء جاهزًا معي،
لم أنفق حيرة واحدة تمنعني من
خوض معركتي الأخيرة ضد الحياة.
مُزودة بالإنتقام من العالم ومن نفسي،
وكراهية الناس كانت كافية لأن أملأ
مخزن قراري الذي حرك دوافعي إلى
اختيارٍ صائب سيعفيني من حضور هذه
الحفلة التنكرية التي يحضرها الآخرون
بأوجه مُستعارة.
لقد سئمت العيش بهذه الطريقة الفاسدة،
لا أُريد أن أكمل حياتي كعفن يفسد على
الآخرين أرغفة حياتهم،
لقد حولني الناس إلى شبحٍ مُرعب ومُخيف،
صرت أخاف حتى من رؤيتي،
أخاف من المرايا،
من انعكاس صورتي على سطح الماء،
آه ..
كم هو بشع هذا الإحساس الفتاك،
كم هو قليل الإحترام،
وقليل الإنسانية،
وقليل الأدب،
لا يُمكنني اكمال اعترافاتي،
انتهى الأمر.
تتحلق حولي،
صور العالم المُقزز،
أصواتهم تخنقني،
تصرُخ بوجهي :
" أُغربِ من هُنا،
إخرجِ الآن حالًا،
لا يهمنا طريقك في الرحيل،
نحن لا نكترث لشأن هذا الحيوان الحقير،
هذه الحشرة المُقززة،
سنُكافح وجودك بكُل المُبيدات المُتاحة لنا."
سأخرج حالًا،
وحيدة،
برفقتي كُل هذه الهزائم البشعة،
والتي تزعجني فقط،
وتقتلني أكثر،
لماذا أكتُب رسالة ؟.
لا أحد يكترث لأمري،
لا أحد سيقرؤها غير المُحققين ورجال الأمن،
الذين سيرمونها في الأرشيف بعد أن تبرُد جثتي،
وتجف سيرتي على حبال قنوات الأخبار.
وداعًا أيتُها الحياة القذِرة،
آمل أن تستمعي بروائِحك الكريهة.
( انطلقت الرصاصة من فوهة المُسدس،
استيقظتُ مذعورة،
دفنتُ وجهي بين راحتي وانخرطتُ بالبُكاء،
وعلى أصابعي انتشرت بُقع من الدم. )

أعيشك
04-08-20, 09:11 AM
بطلة،
عظيمة،
قدوة،
قوية،
شديدة،
صلبة،
حازمة،
منتصرة،
باطشة،
صبورة،
قاسية،
عزيزة،
حصينة،
صعبة،
قاهرة،
مريرة،
مفتولة،
ضليعة،
متمكنة،
متينة،
باسلة،
شجاعة.
" صورة تختصر أعيشك. "

https://a.top4top.io/p_1559xp6fl2.gif

أعيشك
04-08-20, 07:36 PM
كدتُ أن أخرج من الماضي،
أقفلتُ باب ذاكرتي جيدًا،
أدرتُ ظهري وحاولت أن أمضي،
وإذا بصوتٍ يأتي من البعيد يُنادي،
استوقفت نفسي قليلًا،
ثُم أكملت طريقي وكأنني لم أسمع أحد.
خطوةً ثم خطوةً ثم خطوة.
بدأ الصوت يعتلي وبدأت خطواتي تتراجع،
نظرتُ إلى الأسفل،
أصابعي بردت وقدماي ارتجفت،
جفَّ ريقي وصدري ارتعش،
إلتفتّ وإذا بطفلٍ صغير عيناهُ مليئة بالدموع،
ثيابه مُمزقة،
ينظُر إليَّ بنظرة فارغة ومذعورة،
لم أنطق بِكلمة واحدة،
صامتة وأنفاسي تتسابق خشيةً منه.
إقتربّ مني،
وتمسك بِطرف قميصي، ثُم قال :
لا تذهبي، وإتبعي خطواتي.
شدّني إليه ثُم بدأ بالسير،
وأنا اتبعه،
اتبعهُ والخوف ينهشُ عقلي.
بات يركض،
يركض يركض يركض ويركض،
وأنا أركض بِخلفه،
الطريق طويل ومُرتفع وواسع،
لم يعُد بِداخلي رغبةٌ لشيء سِواء
أن نتوقف وأعرف ماذا يُريد مني،
وإلى أين ذاهبين !.
مضت ساعاتُ طِوال ونحنُ لا زلنا نمضي.
وقفنا أمام بابً قديم ومُهتَرِئ،
كُتب عليه وبِخطٍ دقيق :
" لا للهرب. "
فجاءةً اختفى الطفل،
بقيتُ لوحدي،
أُحادث نفسي،
تارةً أمسك بِمقبض الباب،
وتارةً اتركه.
غلبتُ أفكاري،
ودخلتُ إلى متاهة الداخل،
وجدتُ أحلامي هُناك،
وجدتُ رسائِلي المخفية عن الجميع،
وجدتُ شهادتي التي مزقتها قهرًا من العطالة،
وجدتُ صديقاتي الذين تخلوا عني من غير أسباب،
وجدتُ المُنافق والخائِن والكاذب والغدّار،
جميعهم يحملون كِتابًا كان عنوانه :
" واجه نفسك، لا تهرب. "
وقِعت على قدمي،
بدأتُ بالإنهيار،
صرخت بِصوتٍ عالٍ،
ثُم نهضت،
نفَضت قميصي من الإستسلام،
أخذتُ عهدًا على نفسي بالمُقاومة،
وأكتسيتُ القوة والصبر والإنتصار.

أعيشك
04-09-20, 03:26 AM
9 - Apr
4:26

https://g.top4top.io/p_1559hen9q3.gif

أعيشك
04-09-20, 04:03 PM
أعيشُ حالات مُضطربة ومُتقلبة هذه الأيام،
لا أستطيع تحديد ما إذا كان الغد سيُصبح
جيدًا أم سأعيش يومًا آخر من اللاشيء.
أجد نفسي ضاحكة وسط ضغوطات كثيرة أمرُ بها،
وعندما أشعرُ بأن الأمور حولي مُستقرة إلى حدٍ ما،
أتحول لكائن مُتشائم وكئيب.
أتحدث للكثير وأشعُر بالوحدة في نفس الوقت،
وعندما أكونُ وحيدة حقًا أشعرُ بأني لا أكترث لمن حولي،
لا أكترث لأهميتي عند الجميع،
أجد نفسي جالسة في ركنٍ هادئ من
أركان هذا العالم الذي لا يكترثُ أحد.
أنظرُ للجميع.
أنظرُ للحُب الذي ينكسر،
والوحدة التي تأكُل الروح.
أُشاهد البعض يتصارع على قضايا غير مُهمة على الإطلاق.
العالم لا يكترث لوجودي،
وأنا أيضًا لا أكترث لما يحدُث فيه.
أترك الطريق مفتوحًا لأي سند أو رفيق.
أعلمُ جيدًا بأنني لن أصمدَ طويلًا بهذا الشكل،
ولكن لا أحد يأتي ..
لا أحد يستطيع الوصول إلى هذا الطريق الذي
قطعته بإرادتي وأنا أعلم بأنه لا عودة لي منه.
صديقي يجدني مُذنبة في تلك الحالات التي أعيشها،
يعتقدُ أنني خائفة من أن أقترب مِمن حولي.
في الواقع أنا خائفة حقًا من الفقد أكثر من الإقتراب،
الأمر لا يستحق مُحاولة أُخرى،
مُحاولة ترميم روحك لا تصلح لأكثر من مرة واحدة.
يجب أن يدرك الناس أيضًا أن من ينجح في ترميم روحه،
لا يعُد كسابق عهده.
سيُصبح كائنًا غريبًا بعض الشيء،
هُناك ضريبة لكُل شيء،
وضريبة العودة للحياة هي أن تُصبح شخصًا آخر،
شخصًا لا يكترث،
لا يثق،
لا يقترب من أحد بسهولة،
ويفقد من حوله بسهولة أيضًا،
لا يستطيع أن يُحب بكُل جوارحه،
لا يكره،
لا يغضب،
لا يفرح.

أعيشك
04-09-20, 08:58 PM
https://e.top4top.io/p_1560hfygp7.jpeg

أعيشك
04-10-20, 03:48 AM
10 - Apr
4:48
أنا لا أُحبهم،
هذا ما أدركته بعدَما احتضنَتني عددًا
من المرّات بيْدها حيثُ أنني لم أكترث،
قبل يومين صَديقي كان يتحدّث إليّ كذلك لكنني لم آبه،
كُل ما كنت أفعله هو التحديق في صورةٍ كلما حاولوا رؤيتها
كاملةً عجزوا بسبب كفّي التي تُغطي
وجوه خمسة أشخاصٍ فيها،
" لماذا لا تنظُر إلينا عندما نتحدث؟. "
هذا ما قاله صَديقي لصديقتي التي ظلّت
ساعاتٍ باحثة عن إجاباتٍ في جيوب قلبها.
وبين رُكام ذكرياتها تُفتّش عن موقفٍ واحدٍ بإمكانها أن تُبرَّره،
صَديقتي التي لَمست يَدي وحاوَلت تقبيلي
في كثيرٍ من المرّات لكني لم أشعُر،
جلَست بجانبي تحضُنني وهو تهمس :
" هل أنتِ بخير؟. "
هل ترغبون في معرفة ردّة فعلي؟.
لقد وقَفتُ بصمتٍ ثّم ذَهبتُ لأعُد القهوة،
بعد انتهائي وضَعت خمسة أكواب من القهوة
على الطاولة وخمسة قطع من الكعك،
أكلَتُ لُقمة وأرتشفت رشفتان ثّم بدأت أبكي وتوقَّفت،
أمّا بقية الأطباق فلم يؤكل منها شيء!.
ظلّ صديقي مُحدّقًا بي،
لم يكترث بكُل أفعالي،
كُل ما بثّ في نفسه الذُعر هو منظر وجهي،
وجهي المكتز،
فمُي المُحمّر،
ويَدي التي لا تتوقّف ثانيةً عن الإرتعاش.
لم يَرني أبكي من قبل لذلك ظلّ يسير
خلفي سائلًا عن السبب لكنّني كذلك، لم ألتفت.
بالأمس أخرجتُ من الخزانة صندوقًا،
ثّم جلَست أقرأ في أوراقٍ وأنظر لصوّر.
بكَيت وغصت بعدّها في النوم.
أمّا صديقي فلَم يرغب أبدًا في
تفتيش أغراضي لكنّ قلقه دفعه،
جثوا هُم الأربعة عند الصندوق!.
ثلاثةً من صديقاتي، وصَديقي.
أخرج صديقي خمسة صوّر كانوا يظنّوها مُجرد ذكريات.
كانت من بينهم صورة صَديقتي الراحِلة،
تأمل الصورة ثّم بدأ بلمس جسده،
لَمس وجه صديقتي الأولى وكتف الثانية ويد الثالثة،
بدأ بالبُكاء ثّم همَس :
" لا تلوموها، لا يشعُر الأحياء بالأموات. "
كانت تلك صدمتي التي ستُرافقني مؤقّتي،
أمّا هُم فسُترافقهم ذات الصدمة للأبد.

أعيشك
04-10-20, 12:46 PM
https://b.top4top.io/p_1561xvxlo4.jpeg

أعيشك
04-11-20, 05:24 AM
11 - Apr
6:24
لا،
لستُ أسألُك البقاءْ،
كلُّ الحكايةِ أنَّنا
سنُعيدُ ترتيبَ الحكايةِ مرةً أُخرى
ونبتكرُ النهاياتِ الشجاعة
مثلَ أي مُحاربيْن
نختارُ موتًا لائقًا بِنجاتنا
حين انتصرنا ذات بيَنْ
بعضُ الهزائم
طعمُها كالنصرِ
فأرحلْ ..
رُبما،
سنكونُ أنبلَ خاسرَيْن
الموتُ،
يحدثُ مرةً
في عُمرنا
لا مرّتين !.

أعيشك
04-11-20, 12:02 PM
https://g.top4top.io/p_1562m3ikb4.gif

أعيشك
04-11-20, 06:29 PM
أن يعلق جُزء منك في رسالةٍ ما،
وتستمر بالعيش تحت رحمة شعور قد كُتب فيها،
أن يعتمد الأمر كُليًا على كلمة من أحدهم أو تصرف،
وأن يستمر ذلك الأحد بالتضخُم فيك في كُل حين،
وتستمر أنت برؤيته أمامك في كُل مرةٍ تسمع بها أسمه،
أن تتذكر كُل لحظاتك السابِقة.
حتى تلك التي لم تلقِ بها بالًا يومًا.
أن تشعُر بالعجز تمامًا،
كأنك خاوي من نفسك،
مُمتلئ بكُل أشيائه،
أدرُك حجم سخافة هذا الأمر،
أدرُك حجم سخافة أنه وبالرغم من سعة
الحياة كُلها كنت قد ضيّقتها على نفسك،
بضيقٍ أنت تختاره،
بل وترضى،
وتسلًّم،
وتستلم له،
ذلك النوع الذي تكون فيه سعادتك البالغة
جُزء من الثانية حينها تُعادل ألف عامٍ في غيرها.

أعيشك
04-12-20, 03:30 AM
12 - Apr
4:30

https://g.top4top.io/p_1562j0n0u6.jpeg

أعيشك
04-12-20, 02:57 PM
في تلكَ الزاوية،
كنتُ أتعمد الجلوس وأختلس النظر مرارًا
لتلك الأريكة وفي كُل مرةٍ أتفاجأ بأَن من
يجلس هُناك ينظُر ..
كانَ يملك تلك النظرة التي تُشعرك بأن تلك
العينين تملُك أيدي خفيّة سحريّة تحتضنُك
بِخفة من بعيد ..
تشعُر بأن تلك النظرة تملُك لونًا حنونًا يُشبه
اللون الأزرق الحنون الذي يأتي قبل أن يحلّ
ظلام الليل ..
بأن تلكَ النظرة تملُك صوتًا ..
أشعُر بأنه يُشبه صوت قُطرات المطر الخفيفة التي
تنقُر على النوافِذ في ليلٍ هادئ ..
أو رُبما معزوفة تحتضنُ قلبك وتلمسه بِحنيّة مُفرطة ..
تشعُر بأنها تملُك صوتًا ولونًا ومذاقًا ..
كان ينظُر إليّ وكأنني شيءٌ ثمين يسمح له بالنظر
إليه لثواني معدودة أو شيءٍ لن يراهُ مرةً أُخرى ..
كنتُ أشعُر بِعُمق تلك العينين وكأنني سقطتُ في
عُمق المُحيط ولكني لم أعرق ..
فأنا قد غرقتُ في هذا الحُب المحموم الذي كانت
بِدايته زاويةً ونظرة.

أعيشك
04-13-20, 03:26 AM
13 - Apr
4:26

https://g.top4top.io/p_1563memjs7.jpeg

أعيشك
04-13-20, 10:12 AM
شكرًا للأيام الحادّة أن صُنعت مني
هذا الإنسان التي تُحاول أن تستعيد
طفولتها وأحلامها بالكِتابة.
في البداية أنا مُمتنة جدًا للحياة ولذاكرتي
التي تلتصق بها المواقف الحَزينة لسنواتٍ طويلة،
وهذا ماجعلني أكتُب مُعتمدة على دواخل الإنسان
ومشاعره بكُل اختلالها المُفرطة أو اتزانها القائم.
كنتُ طفلة ولكن دواخلي كانت أكبر،
وهذا ماجعلني مُعترضة دائمًا،
وأُحاول تصحيح الأشياء حولي.
قد يسكُن ذاكرتي لسنواتٍ طويلة منظر قطٍ
مريض يُنازع الموت على طرف أحد الأرصفة.
لا أستطيع الفكاك من ذاكرتي أبدًا حتى لو
كنتُ نائمة أيضًا.
لم أكُن في طفولتي أُحب اللغة ولا أرغب في
أن ينحرف توجهي بهذا الشكل شبه الثقافي،
رُغم أنني لا أُحب الأدب حينما يكون مؤدبًا بشكل مُبالغ فيه،
لم أختر الكِتابة يومًا،
ولكنني كنتُ أكتب خيباتي وانكساراتي،
أهدافي وأحلامي،
أكتب أسماء الأصدقاء الذين خذلوني،
أصف شحوب وجهي عندما تنغزني الأشياء
التي تكون بحاجة لها ولا أجدها.
كنتُ أكتب فقط،
ولا شيء غير الكتابة،
لحظتها أدركت أن الكتابة ستُحفظ في ذاكرتي إلى الأبد،
ستُحفظ أسماء من صفعوني،
ستُحفظهم لأبنائي حتى يصفعوا أطفالهم عني،
بهذه الطريقة رأيت الكتابة مُحاولة إنجاب طفل مِن
شجرة دونَ أن تقول أنت كَكاتب بأنّ هذا مُستحيل.
كبرت بهذا الشكل العادي جدًا،
الشكل الذي كبر به الأصدقاء وأبناء الحي،
اتجهت نحو نحو إصلاح أشياء لم أجدها في حياتي،
بل حاولت إيجاد أمور كانت غائبة،
كنتُ أرغب في حياة مثالية جدًا وما زلت،
ولكن الحياة لا تُعطيك كُل شيء،
لحظتها فكرتُ بالكتابة،
لكن لا أعرف لمن أكتب أو عن ماذا بالضبط،
بدأت بكتابة كُل الأشياء التي تدعوني للكتابة،
مثلًا أرغب بالكتابة عن نفسي ..
هذه النفس الروحية التي أحملها من مكان إلى آخر،
ومن مأزق إلى مأزق،
عن دواخلي وأفكاري التي تضعني دائمًا في المواقف التافهة،
المواقف التي تجعلني أكثر الناس خسارة وخيبة.
الكتابة عن رحاب العالم بكُل جغرافيته وإختلافاته ومخلوقاته.
عن القُرى البعيدة التي لا زالت معزولة،
عن المُدن التي أُصيبت بلعنة التحضر السريع،
عن الموتى، والمجانين، وعابري السبيل،
عن الله وعن إبليس،
وعن كُل الأفكار التي إبتلعها الإنسان الأول دون ماء،
عن البُكاء نفسه،
عن اللحظة التي تتدفق فيها مشاعري نحو الخوف من المُستقبل،
عن الأفكار المسمومة التي تغذيتُ بها،
عن عدمية سيو ران،
وعبثية كامو،
وتأمُل أوشو،
وصرخة مونك،
عن الأشياء التي دخلتُ فيها بلا رغبة،
وعن الرغبة التي تورطتُ بها،
وعن النهايات التي لا يحمل فيها الفائز إلا نفسه بلا جائزة،
أكتب لكم عن اللاجدوى،
عن الحُب الذي يُفسد الحياة،
وعن الحُب الذي لا يُفسد الحياة،
عن الموت بلا داعي،
وعن الموت بداعي،
عن المطر، وعن الجفاف،
عن الإنسان ونقيضه،
عن لوحة لا نعرف كيف نتأملها،
وعن قصائد كُتبت بلا رغبة ولا مُناسبة.
أرغب بالكتابة عن تفاصيل لم تُكتشف،
عن لحظة التحديق بلا تركيز،
عن العين التي لا تُخترق الجدار،
لكن تخترق الأفكار المدسوسة في أرواح الآخرين،
الفقير الذي ينام بهدوء تحت سقف من السماء المُوخزة بالنجوم،
وعن الغني الذي دفنه القلق والسأم.
أرغب بالكتابة عن النمل،
وعن خوف الشجرة من العاصفة،
وعن ما يُمكن كتابته ومالا يُمكن،
إنها اللحظة التي أشعُر فيها بالسقوط على نفسي،
اللحظة التي أشعُر فيها أن
الكتابة مُحاولتي الأخيرة قبل الإنتحار،
الشعور الذي يجرني نحو المشاعر الأُحادية،
التي بلا خيارات،
والتي سنكون جميعًا ضحايا فيها بالنهاية.
لم أتوقف عند محطة مُعينة،
قاتلت أعدائي بالأحذية والأحجار وأخيرًا بالكتابة،
لعنتُ من أُريد،
انتصرتُ لأبي،
وقفتُ مع أخي،
انخلعت ذراعي وأنا أمدُّ يدي نحو أصدقائي
وهم يتساقطون في بئر الخسارات،
أنقذتُ من أنقذت،
وسقطَ من سقط.
لم أتوقف يومًا عن فعل شيء أُحبه،
ولم أتوقف يومًا عن فعل شيء لا أُحبه.
أنا مُجرد كائن لا بوصلة لي،
لا ملامح،
لا آثار لقدمي على الرمل،
لا بصمة لي،
أنا خشبةٌ !
لوحٌ، زُجاجةٌ.
لا يهُم من أكون،
كُل مايهمني كيف أنجو من الطوفان بأقدامي المبتورة !.

أعيشك
04-14-20, 04:08 AM
14 - Apr
5:08

https://h.top4top.io/p_1564ufxaj8.jpeg

أعيشك
04-14-20, 08:51 PM
خائفةٌ جدًا،
لقد أرهقني التفكير في طريقةٍ ما تُطمئن جَسدي،
كلُ ما بي يشتكي بالألم،
لم تُسكب العافية بِصدري لأعوام،
أنا أُنثى مُتعبة،
خذلتني السِنين وأصابني الكرَب،
تخيّل عزيزي القارئ أن الأسباب فيما
أعيشهُ جعلتني أهربُ إلى نفسي،
ولكنّني أصدمتُ بأبشع الأمور،
لا ليلٌ يعبُر بِسلام،
ولا نهارٌ يأتي بِأمل !.
منهارةٌ أنا،
كإحدى البنايات في دِمشق العتيقة،
أنزفُ كثيرًا كجُنديٍ يُحاول أن يمسِك ما
تبقى لهُ من حياة ولكنّ الموت آتٍ لا مَحالة.
لا ضمَاد، لا مُسعِفون،
والجسدُ مُنهك أثر المعركة.
( اللَهم ألطف بي ).

أعيشك
04-15-20, 03:11 AM
15 - Apr
4:11

https://l.top4top.io/p_1565ccgna9.jpeg

أعيشك
04-16-20, 03:13 AM
16 - Apr
4:13
أشعُر بوعاءٌ فارغًا لا قُدرة لي حتى على الحزن،
الحزن امتلاء بالسّواد وأنا كان يملؤني الفراغ.
أشعر بتعبٍ عميّق يشل أطرافي وفكري،
لا يُشبه تعب المرض ولا تعب من قام بِمجهود جسماني.
أوُد لو أكون وحيدة في هذا العالم حتى لا أضطر
للتواصل وتبرير تصرُفاتي إذ لا قُدرة لي على التبرير.
أوُد لو أنزوي في رُكن قصيّ مُظلم،
لو أمكن،
لأستمع إلى صمت الكون وأنين أعضائي.
تؤلمني أعضائي،
تتنكر لي،
لا أستطيع التحكُم فيها كما لو كانت لغيري،
أحيانًا أتصببُ عرقًا،
وأحيانًا أُخرى تسرع دقات قلبي دون مُبرر،
حتى عيناي تدمعان دون سبب،
كُل تفكير في الغد يُضاعف إرهاقي.

أعيشك
04-16-20, 08:17 AM
https://a.top4top.io/p_1567l1zww7.jpeg

أعيشك
04-16-20, 03:34 PM
لم أكُن أُريد الذي حدث أن يحدُث،
ولكن من أجبرنا على حدوث الفِراق،
كأنهُ أجبرنا على الموت قصرًا منّا،
وأنا لم أكُن أُريد فراقك ولو دقيقة،
ولكن بعض الفِراق ليكمل الحُب،
والبعض الآخر ليرى كم هو يُحب.
أما الجُزء الأخير والأبعد عندما يأتي
الفِراق ينتهي معه وكأنهُ عاجز عن
خوض الحياة مرةً أُخرى.
كأنني أجبرتُ على الحياة مرةً أُخرى،
وكأنني سأبدائها من جديد.
أنا أُحاول غُفران الوقت الذي أبعدك عني،
أُحاول مغفرة ما تسببهُ لي،
وكأنهُ نُزع جُزءً من جسدي.
جُبرتُ على العيش بدونك،
فوالله أعيشُ ناقِصة،
أعيشُ بِلا قلب،
أعيشُ بِلا دافعًا لحياتي،
أعيشُ إجبارًا مني.
ذكراك هو الذي يجعلني أستمر،
ذكراك نزعت جميع ذكرياتي وبقيتَ أنت،
بقيتَ كما بقيتَ في قلبي.
كيفَ أُصارح ذاكرتي إنك انتهيتَ من حياتي؟.
أُريد أن أبدا بِذاكرة جديدة،
أن أخوض حدث ما ذكرة جميل،
ولكن أنتَ في مُخيلتي،
لا تسمح لهذا أن يحدُث،
بقيتَ أنتَ كما بقيتَ في قلبي،
وبقيتُ أنا كما بقيتُ بِلا روح،
بقت روحي معك.
استبدل ذكراك بِروحي،
وخُذ ذكراك وماتبقى منكَ عندي.
أخبرني،
كيف أبدا حياةً جديدة وأنت سبب الحياة؟.

أعيشك
04-16-20, 07:47 PM
https://b.top4top.io/p_15671ki0q5.jpeg

أعيشك
04-17-20, 03:55 AM
17 - Apr
4:55
كانَ نصيبي أن أصطدم بِمن سيخذلني يومًا ما،
بِمن لم يُقدر ما قدمّته في سبيله،
بِمن علم مواضع تُغيضني وفعلها دونَ أن ترمُش عيناه،
بِمن جعلني أشتُم اللُغة لصعوبتها لوصف ما حدث،
بِمن من فرط أذيته شعرتُ أن لا شيء معي،
ولا شيء مما أحببتُه قد يشملني،
لم تكُن أول هزائِمي،
لكن هذه المرة الوحيدة التي وضعتُ فيها كُل الأمل أن لا أنخذل،
لا أهزُم، لا انكسر،
وحدثَ مالم أتوقعه.
هزيمتي وإنكساري وخيبتي بِك في لحظةٍ واحدة،
غدًا في محكمة الله نلتقي هُناك الحقٌ يُقام لِمن ظلم.

أعيشك
04-17-20, 10:10 AM
https://h.top4top.io/p_15687u8io4.jpeg

أعيشك
04-18-20, 03:50 AM
18 - Apr
4:50
في مُخيلتي،
‏هناك فتاة مُكبلة بالسلاسل.
‏بداخل غرفة باردة ومظلمة ومعزولة،
‏حيثُ سيبقى وراء تلك الجدران اليأس لا مفر منه.
‏مثل مرور الوقت.
‏العقليات تُفسد، والظلام يغسل الأدمغة،
ويُصاب الشخص بِعمى ميؤوس منه.
‏تكتظ السجون بالناس المحكوم عليهم بالإعداهم والحُراس.
والقلوب المُكبلة الخائفة من التغيير،
‏والإرادات الضعيفة تتهاون،
‏ومع ذلك حافظت على صبري.
‏الوقت يُمكنه أن يضغط عليّ،
‏لكن لا يمكنه أن يُحطم إرادتي.
‏القوة تزدادني إثارة.
‏ولكن الصمت يُحدثني،
يخبرني بأنه كُل ما عليّ فعله هو الإستماع.
‏يُذكرّني، أنه بدون الحرية، فأنا وحيدة.

أعيشك
04-18-20, 10:44 AM
https://k.top4top.io/p_1569e5ku38.jpeg

أعيشك
04-18-20, 08:26 PM
صداقتي مع باب المنزل ولدت حديثًا،
في مُراهقتي كنت أعود مُتاخرة للبيت،
من النافذة هربًا من كمائِن أبي.
الباب لم يكُن حيزًا آمنًا في هذا الوقت
لما كان يطلقه من جرس إنذار عند الفتح.
أُختي كانت تروض عينا أبي المتوثبتان
وهو يحُك ذقنه بعصاته الطويلة مُحدقًا
في ساعة الحائِط.
بينما كانت تترك النافِذة مواربة كمدخل طوارئ،
النافذة المُعدة خصيصًا للضوء والهواء،
كانت ترتعب عن فكرة جسد يقذف بِداخلها كُل
يوم في وقتٍ مُتأخر من الليل كما تُقذف الجثث
المجهولة في حاويات القُمامة.
لكن اعتادت الأمر.
كنتُ أُمثل النوم على سريري ولم تكُن تنطلي على
أبي مثل هذه الخدع حين كانت تُخبره بأنني لم أُغادر
المنزل وأنني أغطُ في نومٍ عميق وأنها لم تنتبه لذلك.
كبرت وأدركت أن الباب فرد من العائلة،
وأن مقبضه هو أول الأيادي التي أُصافحها حين أعود.
الباب ليس جمادًا، هو أبن الشجرة الكبيرة المُغترب
قسرًا عن ******.
هو حارس البيت وكلب القرية اليقظ.
هو الباب الحنون الذي يتحمل صفعاتنا
عند الغضب ويدفع الهواء برئتيه جيئة وذهابًا.
يبتسم للأقارب والمعارف ويستجوب الغُرباء على عتبته.
يصدأ من الوحدة حين يهجره الأهل،
وبِصعوبة يتعرف على مفتاحه القديم.

أعيشك
04-19-20, 06:17 AM
19 - Apr
7:17
https://k.top4top.io/p_157009e4u8.jpeg

أعيشك
04-19-20, 06:33 PM
يا رجلًا خطف قلبي في ثانيةً،
كم أحببتُ أن يطول لقائنا.
وأن السيجارة التي جمعتنا تجمعنا مرةً أُخرى،
ذهبتُ لطريق نفسه كي يحنٌ ويجمعنا،
ووقفتُ على عتبة الباب أأمل في مروره صُدفة.
ماذا فعلت بي؟.
هل وقع عيناكَ وأنت تُشعل لي
السيجارة ما أصابني أم ماذا؟.
سأحلم بأن العصفورة ستأتي بك غدًا،
رُبما يتحقق الحلم لاحقًا.
سأكتب عن الجُدران ما حدث بيننا في تلك الليلة،
لعل الحروف تُحلق في السماء باحثةً عنك.
ها أنا منذُ ليالي طِوال أقف أمام هذه الإنارة،
أشم رائِحتك التي شممتُها لليلة واحدة،
لكنها لازالت عالقة في أنفي.
منذُ تلك اللحظة وأنا أرغب بالتدخين،
ذبُلت السيجارة بين أصابعي تنتظرُك تُشعلها،
حقيبتي وساعتي المُرصعة باللؤلؤ تنتظرُك أيضًا.
أيُها المارّون، هل رأيتم رجُلًا يحمل قدّاحة
بيديه وخبزًا مأكولًا نصفه؟.
عيناهُ مليئة بالكلمات الناعمة؟.
كم وددتُ أن تأتي به الرياح حتى أراه
وأهمس بُجوف أُذنه من أنت؟ ..
يا واحدٌ فعل مالا يفعلهُ عشرة.

أعيشك
04-20-20, 07:41 AM
20 - Apr
8:41
https://f.top4top.io/p_1571fsdxz1.jpeg

أعيشك
04-21-20, 02:53 AM
21 - Apr
3:53
أُفكر بكل الأمور التي كتبت عني،
بأنني شيطانة ولستُ بإنسانة.
بأنني ضحية بريئة للحقد
ضد إرادتي وخطر على حياتي.
بأنني كنت لا أعرف كيف أتصرف
وشنقي سيكون حكمًا شرعيًا.
بأنني ألبس ملابس لائقة.
وإنني سرقت إمراة ميّتة لأظهر كذلك.
بأن لدي نزعة من الحقد
بمزاجٍ عدواني.
بأن لديّ مظهر شخصًا
يفوق مظهري المتواضع.
بأنني فتاة جيدة ذو طبيعة عادية
ولم يُقال عني أي ضرر.
بأنني داهية وماكِرة.
بأنني مجنونة أو غبية.
وأفضل قليلًا من الحمقى.
وأنا اتسائل :
كيف يُمكنني أن أكون كُل
تلك الأمور في وقتٍ واحد؟.

أعيشك
06-06-20, 10:21 AM
6 - June
11:21
مرحبًا أيتها المُدونة البائِسة،
عُدت من جديد.
ولكِن عُدت خاليةَ المشاعرُ تمامًا،
لا أشعُر بأي شيء إتجاهَك أبدًا،
وكأنني إنتزعتُ مُخيلتي من رأسي
ورميته في مكانُ لا أستطيع الوصول اليه.

أعيشك
06-06-20, 10:34 AM
https://j.top4top.io/p_1618zy34n7.jpeg

أعيشك
06-18-20, 10:39 AM
وداعًا أيتُها المُدونة،
وداعًا أيتُها الحروف،
وداعًا أيتُها الكلمات.
لقد انتهتْ حياتي.
لستُ أكثر من شلو هامد.

أعيشك
06-18-20, 10:44 AM
وداعًا أيتُها البجعة السوداء مُدونتي،
عزفتي ورقصتي على ألحان موسيقى الألم،
أشفق على من لم يشعُر بك بمشاعرك وأحزانك.
لقد انتهيتِ الآن، لستِ أكثر من شلو هامد.
وداعًا.

أعيشك
08-26-20, 05:07 AM
26 - Aug
6:07
لا مفر منك،
عدتُ إليكِ.
وها نحنُ هُنا من جديد.

أعيشك
09-01-20, 05:23 AM
أُريد أن أتزوج،
أن أُنجب أطفالاً،
أن أجوب العالم،
وأشتري منزلاً ..
أن أحظى بعطلات رومانسية،
وطوال يوم كامل لا آكل شيئًا إلا المُثلجات ..
أُريد أن أعيش بالخارج وأحافظ على وزني المثالي ..
أكتب رواية عظيمة،
وأظل على علاقة بأصدقائي القُدامى.
أُريد أن أزرع شجرة،
أُعدّ عشاءًا لذيذًا غير مسبوق،
أشعُر بالنجاح الكامل،
أحظى بحمّام ثلج،
أعوم مع الدلافين،
وأُعد عيد ميلاد يليق بي ..
أن أعيش حتى أبلغ المائة،
وأظل متزوّجة حتى أموت ..
أن أبعث رسالة مُثيرة في زجاجة وأتلقى ردًا مُثيرًا،
أن أتغلب على كل مخاوفي،
أستلقي لمُراقبة السُحب طوال اليوم،
أمتلك منزلاً قديمًا مليئًا بالتُحف الرخيصة،
وأجري في ماراثون كامل ..
أُريد أن أقرأ كتابًا عظيمًا جدًا،
وأظل أستذكر إقتباسات منه طوال حياتي ..
أن أرسم لوحات رائعة تُعبر تمامًا عما أشعر به ..
أُغطي حائطًا كاملاً برسوم وكلمات قريبة إلى قلبي،
أمتلك كُل حلقات مواسم البرامج المفضلة عندي،
أجذب الإنتباه لقضية مُهمة وأجعل الناس يصغون إليّ ..
أُريد أن أقفز بالمظلة،
أسبح عاريةً،
وأقود هليكوبتر ..
أحظى بوظيفة جيدة وأتحمس لأدائها كل يوم ..
أُريد عرض زواج رومانسي وفريد،
أُريد النوم تحت السماء المفتوحة،
أُريد أن أتنزه فوق جبل بيسيجين،
وأُمثل في فيلم أو مسرحية في المسرح القومي،
أربح ثروة في اليانصيب،
أصنع أشياء يومية مفيدة،
وأكون محبوبة دومًا.

أعيشك
09-07-20, 08:08 PM
أُريد أن أحتويك،
فأنت لا تبدو بخير..
وكلما ساء حالك،
يسوء حالي،
وتهزمني أحزانك.
أُريد أن أقتل مشاعرك الحزينة التي تكدّر
صفوك وتبكيني وتحرمك نومك وتُسهرني.
لم أظن يومًا أني قد أتمنى سعادةَ أحدهم لأسعد،
لكنك جعلتني أتمنى ذلك ..
فلم أحب أحدًا كما أحبك،
ولم أبكِ من حزن أحدٍ كما بكيت معك،
لم أعش سوى شعوري طوال عمري،
لكنك أتيت وأشعرتني بك،
وصدّقني ليس هناك حبًا أعمق من أن أشعُر عنك،
وشعرت ..
أُريد أن أحتويك،
وهاكَ كتفي كلما حزنت ..
أطلق لي عنانك ودعني أواسيك،
وإن عجزت دعنا نبكي معًا ..
فلستَ وحدك عاجزًا،
فكلّنا أمام أحزاننا عاجزون.

https://d.top4top.io/p_1711estfp8.jpeg

أعيشك
09-07-20, 08:11 PM
كان يُشبهني بكل شيء،
حتى بطريقة الكلام والإبتسام ..
كان أدفئ من عرفت وأعمق من أحببت!
كنّا لطفاء وكانوا الناس يحبوننا معًا،
كان حبّنا راقيًا لا يشبه أي حبٍ عابر،
لكن الظروف كانت أصعب من أن يدوم حبٌّ كهذا!
كان دائم ..
ذلك الشعور الذي يتملّكنا،
لا زال ينبض قلبي به ولا زلت أسكن قلبه ..
لكن الظروف كانت أقوى،
يا الله!
كم نحنُ ضُعفاء أمام الظروف.

أعيشك
09-08-20, 03:01 AM
كنتُ أنتظرك على أمل أن تظهر مع شروق شمس،
أو اكتمال شهر..
كنتُ أقف على عتبات بابي أُناجي وأنتحب،
أُنادي ويعود لي صوتي مُنهكًا ومُرهقًا.
كنت أنتظرك ببصيص فرحة واجتماع
قلبين قد أتعبهما البُعد لكنك لا تستجيب.
كنت كمَن عاش من عمرِه عشرين عامًا
ويشعر أنهُ غير قادر على الحياة،
وغير قادر على الموت ..
كنت أنتظرك لتملأ الفراغ الذي جعلني
أتمنى الاختفاء والتلاشي وكأنني لم أكن،
الفراغ الذي غيّرني عنّي وأفقدني نفسي ..
أحزنني كثيرًا،
وكسرني طول الانتظار،
أنت لا تستحق انتظاري،
ولا زلت أنتظر فتعال حبيبي،
لا بل فقيدي ..
تعال لتملأني أو لتغيب عمري كله ولا أنتظر ..
ودعني أعيش.

أعيشك
09-08-20, 11:07 AM
.
.

قُلْ لي – ولو كذبًا – كلامًا ناعمًا
قد كادً يقتُلُني بك التمثالُ
مازلتَ في فن المحبة .. طفلٌ
بيني وبينك أبحر وجبالُ
لم تستطيع ، بَعْدُ ، أن تَتَفهَّم
أن الرِجال جميعهم أطفالُ
إنِّي لأرفضُ أن أكونَ مُهرجًا
قزمًا .. على كلماته يحتالُ
فإذا وقفت أمامك صامتة
فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ
كَلِماتُنا في الحُبِّ .. تقتلُ حُبَّنَا
إن الحروف تموت حين تُقال ..
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبةُ .. وخُرافةٌ .. وخَيَال
.
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا أنّ الوصول مُحال
هُوَ أن تَظَلَّ على الأصابع رِعْشَةٌ
وعلى الشفاةْ المُطبقات سُؤالُ
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله .. وغِلال ..
هُوَ هذه الأزماتُ تسحقُنا معًا ..
فنموت نحن .. وتزهر الآمال ..
هُوَ أن نَثُورَ لأيِّ شيءٍ تافهٍ
هو يأسنا .. هو شَكّنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونُقَبِّلُ الكَفَّ التي تَغْتالُ
.
لا تجرح التمثال في إحساسهِ
فلكم بكى في صمته .. تمثال
قد يُطْلِعُ الحَجَرُ الصغيرُ براعمًا
وتسيل منه جداولٌ وظلالُ
إني أُحِبُّكَ من خلال كآبتي
وجهًا كوجهك ليس يطال
حسبي وحسبك .. أن تظل دائمًا
سِرًا يُمزِّقني .. وليسَ يُقالُ ..
.
.

https://d.top4top.io/p_1712162s82.jpeg

https://e.top4top.io/p_17122eong3.jpeg

أعيشك
09-08-20, 11:23 AM
.
.
وعدتُك أن لا أُحِبَّك ..
ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ ..
جَبُنْتْ ..
وعدتُك أن لا أعودَ ..
وعُدْتْ ..
وأن لا أموتَ اشتياقًا
ومُتّْ ..
وعدتك أن لا أقولَ بعينيكَ شعرًا ..
وقُلتْ ..
وعدتك .. أن لا أكون ضعيفًا ..
وكُنت ..
وعدتُ بأشياءَ أكبرَ منّي ..
فماذا بنفسي فعلتْ ؟.
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدق،
والحمدُللهِ أنّي كذبتْ ..
.
.

https://b.top4top.io/p_1712sbdfy2.jpeg

أعيشك
09-08-20, 07:58 PM
لحظة فراق ..
عندما تشتاق لِشخص فقدته ..
من بعد رحيلك هاقد أُحضرت لنا القهوة ..
قهوتك المُفضلة بعد وجبة الإفطار،
وقد بردت القهوة على الدرجة التي تُفضلها،
أين أنت ؟.
أتراك تذكرني كما أذكرك الآن ؟.
أتراك تتخيلني مثلما أتخيلك الآن ؟.
هُناك الكثير الذي يحتويني أرغب بمحادثتك،
لكن لا أعلم أين أنت ..
تُخبرني أحلامي بأني أراك،
فياليت أحلامي تلك يقين ..
كم عليّ أن أذكر ذلك اليوم والوقت الذي قضيناها معًا ..
أشتاق إليك فياليتك بشوقي واشتياقي تعلم ..
حينما رحلت عنّي فأنا كنت مُتيقنة بأن هذا اليوم
سيأتي في هذه الساعة أو بعد حين لكن أتذكر تلك
النظرات التي تبادلناها حينما دقت ساعة رحيلك،
حينها أغمضت عيني كي أذكرها في هذا الوقت
الذي أعيشه والذي سيليه يا ليتني لم أغمض عيني حينها
ياليتني سرقت المزيد من نظراتك
ودفنتها في قلبي قبل مخيلتي ..
لم أستطع أن أُبادلك الوداع كانت لحظات حارقة متوهجة
لاذعة لم أتمكن من ترديدها عليك رغم أنك ألقيت بمسمعي أشياء
باردة يشوبها الصقيع تشي بأيام ضبابية
كئيبة آتية لا مفر منها ..
ومضيتَ دون أن تهتم للرُكام والدخان والأشياء المُتطايرة وراءك،
ألغيت كل الإحتمالات التي من الممكن
أن تأتي بك إلينا مرة اخرى.
أذكر عندما ناديتني ..
وأخبرتني بأنك ستكون بجانبي دومًا،
أُريدك الآن وغدًا وبعد غد أفتقدك كثيرًا ..
اشتقت لتلك الذكريات الممزوجة بحروفك،
أفتقد تلك الأيام التي كنت أقضيها بجلها معك،
كنت أكتفي بوجودك بجانبي كنت سعيدة جدًا،
كم كان الوقت سريعًا ..
أذكر جيدًا كيف كنا نقضيه أتذكر تلك الساعة
الباكِرة من الصَباح بعد ليلة مليئة بالتخيُلات.
أتمنى أن لا تكون الأحداث السيئة التي مرت
معي بعد فراقك ماضيًا أن تتكرر.
أرجو من الله أن يجمعنا قريبًا وأن يريحني من هذه
الساعات التي أشغلها بذكرياتك المرحة كي أُخفف
من صعوبات حياتي التي أواجهها ..
محتوم علينا الفراق،
أوقات قضيناها مزجناها بلهو وحب ..
ياليت آلة الزمن التي سمعتُ عنها تكون حقيقة،
أسمعت عنها؟؟ ..
إنها آلة ترجعك للزمن الذي تُريده لكنك
لن تدخل هذه الآلة غير مرة واحدة،
أُريد أن أُجربها وأُكرر مضيّ وقتي معك ..
أذكُرك وأذكُر ساعة غيابك،
وأذكر بعد ساعات قليلة من فراقك،
بكيتُ كثيرًا،
كنت شيء جميل في حياتي،
كنت أعظم من حضر وأنت أغلى من يُغيب ..
ومازالت ذكراك تجمل حياتي.
وفي إحدى تلك الليالي تلاقت أرواحنا،
ولأني أُدرك تمامًا أن لقاء الارواح أسمى
وارفع من لُقيا الاجساد ..
جلسنا سويًا واخبرتني بأنك مرتاح وسعيد بما أنتَ فيه،
وأخبرتني بأنكَ مُشتاق لي،
بعدها وليّتَ مُدبرًا وقلت عبارة أبكتني كثيرًا، قلت لي :
لا تُصدقي شعاراتهم ..
وصدقي قلبكِ حين ينظر إليَّ باكيًا ..
وأقول في نفسي كيف تبدلت أدوارنا،
وسرت أمامي ؟؟
أنا أوّلاً !!!
جعلتني أبكي وأتعبت قلبي حينها لم أكُن أعلم بأنك في هذا
الوقت تذكرني لم أعلم حينها بأني تذكرتك، وبكيتُ لأجلك.
اكتشفت أن الغياب الأبديّ لا يقتل يومًا واحدة فقط بل أكثر ..
لن أكثر من محادثتي معك،
فلقد انتهى فنجان قهوتنا التي أخبرتني
يومًا أن أمزجها بقليل من السكر كي
تحلو حياتي دومًا ولا أشعر بمرارة أبدًا ..
أحبك حُبًا صادقًا طاهرًا ..
اسأل من الله الرحمن الرحيم أن يُجمّل حياتك أكثر مِما تتمنى ..
لا يوجد بيننا بريد ..
سأُرسلها بقلبي وعقلي مثلما تعودنا ..
وسأختم رسالتي لك بهذه المقُولة للكاتب كافكا :
مُنهك،
ولا أستطيع التفكير بأيّ شيء،
أُمنيتي الوحيدة هي أن ألقي رأسي في حضنك،
وأشعر بيدك فوقه،
وأظل هكذا مدى الحياة ..

- أعيشك.

أعيشك
09-08-20, 08:35 PM
ها أنا أُراقب الحياة من نافذتي الصغير،
ولا أشعر بحركة الحياة من حولي وكأن كل شيء مُتجمد ..
كُنت أشعر بحياة تسير فِيني حينما أتذكرك،
والآن أكتب بلا فائدة ..
الأحرف تخذلني فقط تساعدني على وصف خيبتي ..
أقنع نفسي بأنني لستُ عاجزة ..
ولم أفقد حرفي كما أفتقدتُك ..
خسرتُك وتتالت سقوط الأشياء من حولي بَعدُك ..
لطالما كتبتُ عنك ما أشعُر به إتجاهك،
ولكن الآن كُل شيء أصبح من الماضي،
ليس هُناك ما يُكتب فقد جفَّ حِبري ..
سامح الله الزمن الذي جعلني أتعثر بك،
فقد كُنت أسير بخطوات مستقيمة ..
لم أعتاد على السير بخطوط مائلة ..
شكرًا للكلمات في المقام الأول والأخير،
لستُ شاكرة لشيء في هذا العالم سوى الكلمات،
فقط الكلمات،
وداعًا مسك الغلا.

أعيشك
01-05-21, 12:09 PM
مرحبًا، لأحدِهم ..
الأمرُ غريبٌ بعضَ الشيء،
لذا أتمنى أن تمنحَني لحظةً لأستجمعَ شتات أفكاري.
ذلكَ لن يؤثّر على طولِ الرسالَة بالطبعِ،
لكنّني متردّدةٌ بعض الشيء،
فهذه مرّتي الأولى في كتابةِ رسالةٍ لجهةٍ مجهولِة،
ولشخصٍ لا أعلمُ إن كنتُ قد رأيتُه من قبلُ أم لا، أو العكس.
من المبكّر أن أبوح بإسمي أو أيّة تفصيلٍ عن حياتي،
ذلكَ لأنني أرغبُ في إيجادِ جوابٍ على رسائلي،
أكثر من الردّ على سؤالٍ نمطيّ كالذي أسمعهُ منذ خُلقْت.
لا أعلمُ من أينَ أبدأ،
لديّ الكثير لقولِه،
والكثيرُ مما يُقال لا يهمّ حقًا،
لذا فلقد بحثتُ منذُ الصباح عن ذاك
الشيء الوحيد الذي أرغبُ في البوحِ به بشدّة،
ووجدتُ أن تركَ أحداثَ اليوم تمرّ أمامي،
قد يذكّرني بما أرغبُ في قصّة،
ذلكَ لأنّها قد تكونُ فرصةً لتجاهُل التكرار المعطوبَ،
والبحث عن ما يختبيءْ خلفَه بالفِعل.
اليوم،
منذُ ساعة،
عند الساعَة السابِعة صباحًا،
ركبتُ سيارة أُجرة لأذهبَ لمُقابلة عمل.
تجاوزت بي محطّتين،
ثم ركبتُ بعدها القطار عبر أنفاقِ المدينة.
( مترو دُبي).
كنتُ أتشبّث بأحد الأعمِدة،
وأنظُر عبر الزجاج لمرورِ الجدرانِ سريعًا.
بالعادَة لا أميلُ كثيرًا حين توقّفه عند محطّة ومعاودتَه التحرّك،
لكنّ هذه المرّة كِدتُ أن أترنّح ساقِطةً على الفتاةِ الواقِفة جِواري،
لولا أنها أمسكَت بمنكَبي وأعادتْني لحيث كنتُ أقف،
دون أن تتفوّه بكلمِة.
منحتُها اعتذارًا خافِتًا،
لكنّها لم تأبه،
وعادت سريعًا للنظرِ لشيءٍ ما على هاتِفها،
بينما تمحو دموعَها بسريّة تامّة.
كانت قدْ أخفضَت رأسها وتركَت لخُصلها مهمّة إخفاء ملامِحها،
وارتأيت أن ذلك السبب لكونِي لم أُلحَظها منذ بداية صعودِي.
يداها إرتجفتا، وقدماها على غرارِ ذلك، كانتا مثبّتتان تمامًا،
حتى بدا وكأنّ عاصِفة لن تقتلِعها رغمَ أنها تقفُ وحدَها دون سندٍ.
وبدأت أتساءل بأسًى: ترى ما الذي أبكاها ..!
هل استيقظَت على خبرٍ سيّء ..؟
أم أن من تواعِده قد تخيّر هذا الصباحَ ليترُكها ..؟
ربّما فقدَت وظيفتها..!
لكن إلى أينَ تتّجه منذ هذه الساعَة إذًا ..!
والغريب أنني لم ألحَظ قوّتها،
إلّا بعد أن رأيتُ مقدارَ الضعفِ الحقيقيّ الذي يعتريها،
وذلكَ لم يثبّطني عن متابَعتها طوال الوقتِ وكأنّها الشيء الوحيد الذي يستحِق.
إذا هل عليّ سؤالها والتخفيف عنهَا،
أم انتشالُ ما يدفعُها للحزنِ دون إكتراثٍ بكيف سيبدو ذلكَ مُحيّرًا ..؟
ما أعلمُه هو أنني أكرهُ الأيامَ الغائمة،
الأيام التي تبدأ بصباحاتٍ رمادية،
وتلك الفتاةُ حتمًا ستحظَى بيومٍ خالٍ من الألوان.
لكنني ورغم كلّ هذا، نكرتُ الأفكار،
وبقيتُ أُراقِبها خلسَة والكلمات في جوْفي تأبى الخروج،
وتُخبرني أن هذا ككُل يوم، لن يستمعَ لي أحدٌ فيه.
وأخيرًا عندَما توقّف القطار عند المحطّة التي تسبُق
حيثُ سأترَجّل وحيث بدَت محطّتها الأخيرة،
استطعتُ استراقَ لمحةٍ لشاشَة هاتِفها التي لم تُطفِئها.
ووجدْت أنها كانت تشاهِد فيلمًا سينمائيًا ..!
وذلك ما دفعَني لِأُفكّر بسُخريةٍ..
ربّما مقدارُ البؤس في ملامِحي،
يبدو لأحدِهم كمجرّد مشهدٍ دراميّ آخر يتقمّصه الجميعُ،
ولذا لم أجِد بعدُ من يسألني السؤال الصحيح حتّى الآن.
فهل أنا بخير..؟

أعيشك
01-05-21, 07:27 PM
اليوم أحدُهم قطعَ عليّ وعدًا.
لا أعنِي بذلك أننّي في انتظارِ تحقيقه،
ما أعنِيه أنهُ قُطع بالمعنَى الصريحِ..
قُطع معه أملي وانتِظارِي.
"هل الأمرُ دومًا بهذا العُسرِ؟.
أن تُحبّ شخصًا يستطيع كسرَك كأحد وعودِه".
نصٌّ آخر وجدتهُ في أحد الكُتب مُزرقّة النصوص،
والتي تُلائم طقوس بؤسِي البهريّة.
ما يلِي الليل هو الوقتُ المفضّل لرشّ الملحِ على كلّ جسدك،
ذلكَ لأنّ سنانَ الشظايا دومًا ما تمسّك ولا تترُك منكَ إنشًا.
وسألتني صديقةٌ معاتِبةٌ : أتعلمين لمَ يحدُث لك كلّ هذا؟.
هذا لأنّكِ تملئينَ نفسَك حتى قُنّتكِ،
تتشرّبين الأشياء حتى تغرِقك،
تطوّعين محيطَك حتى ينقَلب مركِبك بكَ.
الوعودُ أكاذيبٌ يا رفيقَتي، ألا تعلمين هذا بعدُ؟.
كلماتُها ثقَبتني بشدّة،
حتى أنني لم أستطِع اللفظَ سوى بحبْري،
لذلك أنت تقرأُ ما أكتُبه الآن ولا تعلمُ عما أتحدّث بالضبط.
فإنّني أحبُّ أن أحمِل الأفكار على وجه العمومِ،
وأُلقيها كدرس لي في حياتي المُقبلة،
لكنّني أحتفِظ بالتفاصيلِ لنفسي ..
ربّما لأنّ هذا ما أستحِقه في الوقتِ الراهِن.
والوعودُ؟ لا أؤمنُ بها بعد الآن
أما المركب، فقد غرقَ يا سيّد الملاحَة،
فدع قلبكَ يرشِدنا الآن.

أعيشك
01-06-21, 08:25 AM
تم توثيق هذا اليوم.
اللَهم اخواني، آمين.

https://d.top4top.io/p_18325m4iv4.gif

https://c.top4top.io/p_1832pw61z1.jpeg

أعيشك
01-06-21, 07:39 PM
لطالما كان الوداع من أكبر مخاوِفي.
أتساءل دومًا عمّا سيبدو عليه العالم بعد رحيلي ..!
رغم أنه لن يختلفَ شيءٌ في عدد ساعاتِ اليوم
أو اتّجاه دوران الكرة الأرضيّة مثلاً..
لكن فضولي حول انقضاء تلك الساعات التي كرّستها لغيرِي،
كي لا أجعلَهم يشعرون بالوحدَة
التي كانت تداهِمني في أحايين كثيرَة.
هل سيُحدِث ذلك فرْقًا، أم سيستبدِلونني ..!
هل سيجِدون رفاقًا أفضل منّي ..!
وكم من الوقتِ سيأخذون حتّى ينسوا أمرِي ..؟
ويتوقّفوا عن العبوسِ كلّما تذكّروا شيئًا كان يخُصّني ..!
هل سأتبخّر عن ذاكِرتهم بعد يومين أو ثلاث أو ربّما أسبوع،
أم سيعلّق أحدُهم صورةً لي على حائط غرفتِه ..!
وربما ذلك أكثر من المعقولِ،
كوني لا أتمنّى أن يتعلّق بي أحدٌ لهذا الحدّ،
خاصةً إن لم أعُد موجودةً.
لكنّه مريحٌ إلى حدٍ ما، إن لم يكُن مؤذيًا لقلوبِهم.
ولكن ماذا إن لم يحدُث أيّ من هذا ..!
ولم أرَ اشتياقهم لي، وهم يجرَفونني بلبّ الماضي،
ليَتّخذوني كمجرّد دمعَة شوّشت بصيرتهم ..!
ماذا إن لمْ أكُن بتلكَ الأهميّة حقًا في حياة أحدِهم ..!
وقد تتعجّب أنت من كلّ هذا التفكير،
رغم أنني لن أكون هنا لأشهدَ أيًا من الخيارَيْن من الأصل.
فعلى كلٍّ ..
ربما ذلك للأفضل.

أعيشك
01-06-21, 07:42 PM
في اللحظة الأولى ..
وددتُ أن أُحاكي العالم، وأحيكَ عالمي.
جمعتُ خيوطَ من كلّ ركنٍ انزويتُ فيه،
وصنعتُ منها ما أسميتهُ سلّة للذكرياتِ المُهمَلة،
ثم صنعتُ ****ً لتصلَ أجزاءَ روحِي،
التي لم ينقطِع بعدُ حبلُها الوثيق الّذي يصِلني بالعالَم.
كلّ شيء بدا مخطّطًا له، ابتداءً بما جسّدني،
ما اخترتُ أن ألفُظه عنّي،
ما نسيتُه وما قررتُ تذكّره عند بدايةِ كل لحظة.
في اللحظة التاليَة ..
وجدتُ كلّ شيءٍ يتراخى بشكلٍ جعلَ إهتمامِي يتداعى،
ظننتُ أنني أملكُ الوقتَ بيدِي ..
****ٌ رقيقةٌ منه كانت ما يكفِي لأكتفِي،
مُنقادَة خلف الإعتيادِ حتّى أضحى جزءًا أذكّر
نفسي بضرورتِه قبلَ أن أفعلَ أيّ شيءٍ آخر.
وفي اللحظَة الأخيرَة ..
وجدتُني مُلقاةً أرمُق جميعَ الخيوطِ،
تنقطِع مع الثانيَة التي ابتعدتُ فيها كي أرَى ما حوْلي.
وكأنّ كلّ شيءٍ كان مرهونًا بأن أُسرِع،
ثم أتوقّف لأرَى ما كنتُ أُسرع لأجله.
وعلمتُ أن الخطأ في كلّ هذَا،
كان أنّني رغِبت أن أفعلَ ما أُريده،
بعد أن فات الأوان.

أعيشك
01-06-21, 07:44 PM
أخبروني أكثر من مرّة أنني ذو ذهن مُعتل،
غير متّزن، مضطرِب، وناقِص إلى حدٍّ ما.
جميعُ ما اختزنتهُ فيه منذ بدايَة نشأتي كان خاطئًا كما قالوا،
وكلّ الأمنياتِ التي دوّنتها فيه والحبّ الذي حملتُه أيضًا..
جميعُه كان في غيرِ محلِّه.
سمعتهم يقولون أن الحبّ ينشأ من القلبِ ورغباتِه،
ثم يظلُّ هناك إلى الأبدِ.
القلبُ هو المكانُ الذي تولَد فيه المشاعِر والعواطِف،
الرحمَة والتمسُّك.
لكنني لطالَما كنتُ آخذًا لكل شيء بمُنطلقٍ العقلِ،
كنتُ أحمِل حبًّا بالتأكيد، وكذلكَ عقلانيّة.
أنجرِف خلفَ رغباتي بوعيٍ عمّا أجرّ نفسي إليه.
كنتُ أحبّ الأشياءَ بكلّي، جوارِحي وقلبي،
وكنتُ أفهمُ الحبّ وأفكّر فيه.
الحبُّ يجلِب السعادة أيضًا.
وعندما ينشغل ذِهنك بإندفاعِ كيمياء أجسادِنا،
يُصبح سعيدًا كما المُتوقّع.
وعندَما تُخبره أن يتوقّف، سيتوقّف ..
لكنّ قلبكَ سيظلّ ينبضُ ويضخّ الدماءَ بدلاً عن العواطف.
لكنك لن تعلَم ماهيّة ما يسكُن دواخلَك،
إن لم تملَك ذهنًا يوجّهك لجميعِ الخيارات المُمكِنة،
وأنت المسؤولُ عن التوقّعات التي تصُبّها فيه، فيدرُسها.
فالحبّ وإن لم يوجَد بذهنِك أولاً،
فلن تعلَم حقيقَة وجودِه في قلبِك.
لذا..
أنا سأسرِد عليكُم كلّ شيء جعلني أصِل لهذهِ الغُرفة الضيّقة،
والتي يفوحُ منها عفنُ السجّاد وبقايا الحديث،
والتي تطِل على طريقٍ ضبابيّ منزوٍ.
أمامِي طيفٌ من الأوراقِ التي قصصتُ فيها آلام ذِهني، وبترتُها.
أكتُب عن كيف دفعَ الحبّ ذِهني، إلى الهاوية.
أريدُ أن أنسى، وذِهني البائس يُعيقني.

أعيشك
01-06-21, 07:46 PM
اعتدتُ أن أرى الفرَص تتسللُ من بين أصابعي،
وأن أرى الخُطط تصبِح محض هراء مع مرور الزمنِ والأملِ،
وأن يسقُط آخر ماتبقّى فيّ من عقلانية مع أوّل تداعي لما هيئتُ نفسي إليه.
أقنِعتي تخلصتُ منها تمامًا،
في محرَقة لا يتم نثرُ رمادِها، لأنني أدفنُ نفسي به كلّ ليلَة.
ما أجمَل أن تعودَ لذاتِك القديمَة البائسَة،
وتنتحل وجهًا واحدًا مُزيّفًا بدلاً عن الكثيرِ!
ذلكَ يجعلكَ تفقد رِفاقك بشكلٍ أسرع،
ويختَصر عليك الطرُق التي ظننتها ممهّدةً.
على الأقلّ، ستعلمُ عندها أنها لم تكُن طُرقًا مهيّئة لك.
اعتدتُ أن يسوء كلّ شيء أكثر مما توقّعتُه،
وأن يُفسد كل ما تأملْتُه.
لكنْ ما الجديدُ ؟
لقد تعلّمتُ القناعَة وهذا ما لقّنوني له.
فهذه مرآتي مجددًا..
وهذا الوجهُ الوحيدُ لي -كما آمُل-.

أعيشك
01-06-21, 07:48 PM
أشعرُ أحيانًا أنّ شيئًا ما ينقُصني،
كأنّ هناك تفصيلٌ أنا غافِلةٌ عنه.
شيءٌ إن فعلتهُ سيزولُ عنِّي ما يغشى بصيرَتي.
طريقٌ إن سلكتهُ فسأجِد أشخاصًا وحياةً
مُختلِفة تمامًا عمّا يُحيطني الآن.
هناك فكرةٌ تلتهِم كيانِي وعليّ التخلّي عنها،
لكنني استأثرتُ تركها لتنفُث مكنونَها
السام بذهنِي حتى انقضَى..
أعلمُ أنّ عليّ أن أنسى، وأمضِي تارِكةً كلّ ما حدَث خلفي.
فذلكَ الطريقُ الذي لم تطأهُ قدماي بعدُ لأنني أخشى المجهولَ،
وتلك الذاكِرة الغبْراء التي تركتُها تطغَى على كلّ ما أعلم..
كلّ ذلك لم يُخلَق سوى داخلِي،
في الخيال والشكوك اللانهائية،
حيثُ لا شيء حقيقيّ.

أعيشك
01-06-21, 07:50 PM
البارِحة قال لي أحدَهم شيئًا جعلَ كاملَ حواسي تتأهّب،
وإحتلّ الشكّ كينونَتي لَما حملتهُ الكلِمات من صِدق مؤذٍ.
كان مِمّن تحمِل كلِماته تأثيرًا بالِغًا عليّ،
للحدّ الذي يستحيلُ تخطّي ذبذبة صوتيّة
واحدَة منه حين يكونُ جِواري.
وما قالهُ آلمني إلى حدٍّ ما،
رغم أنه أصابَ في جلّه عن ما يعدّ خاطئًا فيّ.
لكنني كرِهت الإصغاءَ إليه رغم ذلك.
قال لي :
"أن تدفني نفسكِ بالماضي ليس طريقةً لنفي حقيقتك الآن،
وإظهارُ ضعفك لن يجعلك راضيةً عن شفقة الآخرين حولك،
ستبدين كفاشلة أخرى لا تستطيعُ
مواجهة مخاوفها سوى بالهروبِ".
لم أِجبه ولم أفنّد ادّعاءه، وحتمًا لم أقف بصفّ نفسي.
كنت أنظُر له بترقّب،
أظنّ أنه سيضحك في أيّة لحظَة ويعتذِر عن مزاحِه،
فلطالَما كان ثقيل الظلّ.
ولا شيء جديد، سوى أنهُ قد تأخّر في الإعتذار هذه المرّة.
"ماذا يحدُث؟".
لكنهُ صرَخ بعدَ هُنيهَة،
وكأنهُ ما عاد يتحدّث مع ذاتِ الشخصِ :
"لمَ تهتمين بشأن أحدهم لهذا الحد،
ثم تتجاهلينهُ بطريقة مؤلمة ؟".
عيناهُ حدّجتاني.
مُقلتاه ثريّة السواد،
وتقاسيمُ وجههِ إنمحَى عنهَا كلّ
لطفٍ سبق أن رأيتُه واعتدتُ عليه.
السأمُ، ما تبدّل فيه،
حتى في حركَة أصابِعة وأمشاط قدميهِ.
وكأنه يقفُ إزائي، ويبحث عن طريقِ الخروج بإستماتَة.
لم أعلَم أي اجابَة أُهيأها، أيُّ حجّة أطرحُها،
وأيّ دفاع عن نفسي سيجعلهُ يعترِف بحُكمِه الجائر.
كنتُ في غمرَة من الإستسلام،
لذا نكّستُ رأسي وكنست كل رغبةٍ في ايقافِه عن الرحيل.
وراقبتهُ يمضى بعيدًا.

أعيشك
01-06-21, 08:00 PM
تبدو الجنّة بغايَة البعدِ.
تختفِي آثارُ نعيمها في انكسارِ الألوانِ بينَ السحبِ البخاريّة،
وينكفِيء وجودُها عنْ اللونِ الساكن
الذِي ينتشرُ محتَضنًا سماواتِنا،
وتختَفي عندَ ابتِسامتك.
رغم أنني في اللحظة التي كنت ألمسُك فيها،
أشعرُ بقلبي يُزهِر.
مُفردَ، متفرّد. رقمًا لا يزدوِج.
كضريبَةٌ مُفردَة على رقعة قلبي الخاوِي،
بسيطَ رغم كلّ تعقيداتِه.
يشابِه نقطَة بلا مُشتقّات،
حولُه متغيّرات لكنَه لا ينثَني بها.
كان الضمّة التي تلملِمني،
والكسرَة حين يهجُرني..
يفتحُ أبوابًا ومنافِذ لم أعلَم بها،
ثم يُغلِقها في وجهي بقوّة،
وكأن سرّة مرهون لحظة وتاليَتها.
ثم يعودُ كما هو،
ولا أرى سوى انحِناءَة رأسه وصوت خطواتِه الفانِيَة.
أعدّها: واحدَة، اثنتان، ثلاثُ.. ثم أتوقّف وأتنفّس.
أفرادُ النجومِ شهدَت كم مرّة حسبت المسافاتِ بينها،
علِّي أجِد بُعدًا كونيًّا يشابِه البعد بيني وبينِك،
فأجِدك عند آخر نجمةٍ أُغلق عيناي دونَه..
وأفكّر ..
ربّما تسكُن هناك، لكنّني لم أجِدك بعد.
أسألُني، متى أستفرِد بك، ومتى أراك وحدك؟.
إن لم تكونِ بالفعل ما يشغلُ عيني؟.
الأمرُ يقلِقني..
الأوقاتُ التي أسمعُ فيها بُكائي،
وأحدّق بكيف ترتعِش أكتافُي بعيدًا عنك،
تلك الليالِي صعبةٌ جدًا،
أتمنّى فيها لو أنني أستطيع رمي كلّ آلامَي،
وصهرها في قالِب كُلومِي التي تزيدُها دموعُي.
إن أعرضتَ أو نظرتُ لعيْنيك، لا أجِدني، ولا أجدُك كذلك.
قطعةُ الصخرِ التي رميْتِها بخفّة في البحيْرة مرّةً،
والموجَة التي تبعَتها،
والندي الذي محتهُ بنانِي عن زهورِ خدّيك،
وخيط الحرير الّذي انسلّ عن أطرافِ ثوبِك الأسوَد،
لم تشعُر بي وأنا أراقِبهم.
كنت أرى معهَا تلك العواصِف والأمطار التي تمزّق وشاحَ روحِك،
ورأيتُك تظلِم شيئًا فشيئًا.
وحين لم أجد شيئًا لفِعله، قررت أن أحبّ من أجلك الظلامَ.
ولمّا هيئتُ نفسي لذلكَ، أصبحتُ عمياء.
يالِحُمقي..
دندَنةٌ سمعتُها منك ذاتَ مرّة في بكورٍ
قبل أن تسطع الشمسُ كفايةً حتى،
وكان ذلك بعد مرور وقتٍ طويلٍ على بقائك في نفسِ الحال المرير.
وعلى غير العادَة،
استقْبلتني ذاك الصباح بإبتسامَةٍ،
وكرّرتها كثيرًا ذاك اليوم حتّى أخذتُ كفَايتي أو ربّما أقل منها،
وحينَ حلّ المساء عدتَ تعبس.
"هل تكرَه الليل؟"
"أكرهُ كلّ ما يذكّرني بالقصصِ والأغطيَة، وقُبَلة ما قبل النوم"
همست، ثم استدرت مُجددًا لتواجِه الحائطَ،
وأعرضتَ عن وجهِي الّذي بدأت تغسِله الدموع.
كيف لي أن أُطفيء السماء مرّة كي لا تتألّم ويحلّ ليلُ أحزانك؟.
أشعرُ بالصبرِ يتسللُ من أطرافٍ،
لا أعلمُ إن كانت تعودُ لي أم لجسدٍ آخر،
أصبح يطبِق عليّ وعاء ضيّق،
لا أعلم متى رميتُ نفسي من هاوِيته،
وأُغلِق عليّ فأضحيتُ كيراعَة تنتظِر أن تنطفِيء في الزاوِية.
أردتُ أن أكون كلّ شيء سوى نفسِي،
لأنني عاجِزة كُليًّا.
عاجِزة عنك وعن نفسِي،
ولا أعلمُ فيم يتمثّل ذلك بالتحديدِ،
إن لم يكُن ما آلت إليهِ حياتُنا.
"سأرحَل" ..
أذكرُ أنني سمعتُها جيّدًا حين هربَت
من شفتيك اللّتان أهلكتَهما قضمًا وقلقًا.
كانت تلك أوّل كلِمة نطقتَ بها بعد فترة
نسيتُ فيها كيف يمكِنني الردّ على حرفٍ.
ووقفتُ أنظُر لكلّ ما حزمتَه من عدّة الرحيل،
وقد تركتَ ذاك الثوبَ الدامِس جانِبًا،
ولمحتُ ذات الخيط منسدِلاً عن أطرافِه كآخِر وأوّل مرّة ارتديْتِه فيه.
إن كنتَ ستترُكه ومعهُ أنا،
فهذا لا يعنِي سوى رغبَتك بالإبتعادِ
عن كلّ ما يهيج عليكَ الذِكرى.
لذا انهزمتُ وأطبقتُ مفرداتي،
وعوّدتها على صوتِ السكون.
هيأتُ نفسي للخسَارة الثانيَة.
حينها نظرتَ لي بإنتظارِ أن أفعلَ أو أنبس بشيءٍ.
عيناكَ للمرّة الأولى حملَت أملاً صغيرًا لم أخفَ عنهُ
علمتُ تمامًا أن شيئًا واحدًا سيخيّب ظنّك الآن، وليسَ أن أوقِفك..
لذا لم أوقِفك.
فسرتُ نحوَك أعدّ خطواتي، ثلاث..
ثم مددتُ أصابعي المرتعِشة نحو الثوب وأنت تُتابِعني بحيرَة.
قطعتُ الخيطَ بهدوءٍ،
وعدتُ لأضعه جانبًا كما تركتَه.
وكالجوّ الذي يطبق المكان وبذاتِ الصمت،
خرجتُ من الغرفَة لأترككَ تُلملِم أيّ
بعثرة كنتَ المُتسبب فيها هذه المرّة.
وحين حلّ المساء،
قضيتُ أوّل ليلة دون أن أتساءَل
إن كان عليّ اطفاءَ السماءِ من أجلك،
لأنني تركتُك تُطفئني قبل ذلكَ.
فغدوت أحسب المسافَة بين نجمَتين ليستا موجَدتين،
لكنّهما الأقربُ لعيْني.
وأُكرر:
"في يومٍ.. كانَ لي نجمٌ صغيرٌ، وشمسٌ انطفأت كمودِه."

أعيشك
01-07-21, 08:15 AM
في الصباح عندما أفتح عيني،
وأرى الشمس مرة أخرى، أشعرُ بالتعاسة.
أشعرُ أنني لا أرغب في يومٍ جديد يطويني مع ألم البارِحة،
وذات الأفكار والمنادِم،
أنمو وأنمحِق معها في ساعة ترابيّة مُطبقَة البلّور.
أتذكّر قصة الراهِب الذي حمل
امرأةً على ظهره لينقذها من الغرق،
وبعدَ ستة أشهر من عدم الحديث سألَ سؤالاً وحيدًا :
"هل أذنبت حينَ حملتها ذاك اليوم؟".
فأجابهُ صاحبه :
- ألازلتَ تحملها على ظهرك؟.
ذات التساؤلات تزجِيني في لولَبة من القلق.
فهلْ اقترفتُ ذنبًا يوم أحببُتك،
بعد إذ وعدت نفسي ألّا أقع بذات الفخّ مُجددًا؟.
وبعدَ أن تركتُك تنسلّ مني،
هلْ سأعود لأجدك في قلبي كما كنت دومًا؟.
وكيف سأتحرّر منك حتى؟.
هل هذا مماثِل لأن أحمِل ذنبًا صعبٌ أن أغفِر عن نفسي بسببه،
أو أمرًا سكتُّ حتى وجبَ الإفصاح عنه عندما أثقَلني؟.
لا أعلم، حقًا لا أعلم.
كلّ ما في قلبِي الآن، هو الحبّ والندَم.
-لابُدّ من أن يُفطر قلبك، لتُزهِر روحك.-

أعيشك
01-07-21, 12:04 PM
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 2 والزوار 2)
‏أعيشك, ‏البـدر

البدر، شطرنج، سعود، الفيفي، زواري الإعزاء، وكُل من مرَّ من هُنا ..
يُشرفني أن أجِد بقايا رائحة عِطركم،

الذي تنثرُونة بمدونتي كئيبة المظهر،

أحببت حُضوركم بالفعل ..
شكرًا على تشجيعكم،
محظوظة جدًا.

دُمتم بخير.


SEO by vBSEO 3.6.1