المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الثاني من مذكرات تلميذ بالمرحلة الثانوية


أهازيج الحرية
03-18-17, 04:45 PM
كان التعامل مع الحراسة العامة أمرا بمنتهى السهولة ، لم نكن في حاجة إلى التفكير مليا في حججنا ، ولا إلى تحضير خطاب طويل و ممل قصد إملائه على الحراس العامين كخطبة يوم الجمعة في أيامنا هذه ، فقد كانوا على علم بالأمر بكل تفاصيله ، و كان أكثر ما زرع الثقة في أطلال نفوسنا وسقاها بالأمل وجود ذلك الوجه المألوف بين هؤلاء الحراس ، أجل إنه "سي دريس" ومن لا يعرفه ، لقد سبق أن اشتغل حارسا ببلدتي ، و ها هي
صدفة الأقدار تجمعنا به اليوم هنا ، لقد اصطحبنا هو بنفسه إلى قاعة اللغة الفرنسية ، لقد جئنا متأخرين للدراسة ، و ها هي لعنة التأخر تنزل علينا مجددا في أول يوم لنا بهذه الثانوية . تبعنا خطوات "سي دريس" المتسارعة الذي كان يسألنا عن أحوالنا و نجيبه بأشياء لا ندركها حتى ، لقد كان الكل منشغلا بالقسم الجديد ، و كيف سندخل عليهم بعصابتنا هذه ، و هل سنضطر للتعريف بأنفسنا و كأننا في قسم شرطة ، أم أننا سنكتفي بالسلام و نتوجه إلى إحدى الزوايا الركنية للقسم التي تقل فيها شدة المراقبة ؟ .. كم هائل من قبيل هذه الأشئلة يتهاطل على رؤوسنا المثقلة التي همت بتركيب جمل ركيكة باللغة الفرنسية كي نعرف بها أنفسنا ، و بهموم أخرى تهم الداخلية ، و كيف سيكون المبيت بها ، ماذا عن الطعام ؟ هل سيكون جيدا ؟ لقد تبادلنا كما لابأس به من هذه الأسئلة و الوساوس، في الوقت الذي بدونا فيه كقطيع يقوده "سي دريس" نحو المجهول ،فقد كنا نبحث عن قاعة لا يعرف الحارس حتى مكانها أصلا نظرا لأنه استأنف عمله بالثانوية للتو ، فذلك كان عامه الأول هناك على ما أذكر .بقينا على هذه الحال ننزل درجا ، و نصعد آخر و الأنفاس تتلاحق و القلب بدأ بالخفقان من الخوف الذي بدأ يستولي علينا شيئا فشيئا ! إنه أمر سنكتشف أنه عادي فيما بعد ، فكل تلك الأعراض متداولة بين التلاميذ و لا شك أن كل من هم بأقسامهم الآن قد أصيبوا بها في أول يوم لهم هنا ..
و أخيرا، وبعد فر و كر، أشرقت نور الشمس الإلهية ، و توقف سائق حافلتنا عند محطة القاعة ... تبا مرة أخرى لقد نسيت ترقيم القاعة ، إعذروني يا جماعة لقد فقدت الإحساس بدماغي بمجرد نزولي من هذه الحافلة ، لا شك أن وترا عصبيا قد انقطع من مكانه في نصف كرة مخي الأيسر . لقد بدأنا نتقدم بالعمر يا سادة ، و بدأت أعراض الزهايمر تظهر علينا شيئا فشيئا ، لا تستغربوا فذاكرتي لم تعد قوية كما في السابق و أتمنى أن تعذروني حقا . لو أنني الآن الشخص الذي كنت عليه قبل سنوات لحكيت لكم تفاصيل هذه الرحلة بكل دقة ..
لكن قوانين اللعبة لا تمنع من استعمال ذاكرات احتياطية لأشخاص آخرين أليس كذلك ؟
باللجوء إلى الذاكرة الجماعية ، وجدت أنها القاعة رقم 14 حيث كان ينتظرنا أستاذ اللغة الفرنسية سي مصطفى ، نعم تقدم سي ادريس على عادته و طرق الباب الذي كان مفتوحا على آخره ، فتوقف ذلك الصخب من الكلمات التي يرددها التلاميذ عادة ليأخذوا الإذن بالجواب ، و انحنى ذلك السحاب من الأصابع التي كانت لتوها موجهة نحو الأعلى في حركة تشبه علامة التوحيد أجل إنها تلك ، أنا متأكد أنكم تعرفونها جميعا .
ما هي إلا دقيقة أو أقل حتى طلب منا الحارس أن ندخل بعدما شرح الموقف للأستاذ باقتضاب كي لا نضطر للتلعثم هناك ، و الشعور بالحرج أمام كل أولئك الغرباء ال 21.
في الواقع لم يكونوا كلهم غرباء ، بالكاد أستطيع تمييز وجه أو اثنين من الوجوه التي أعرفها ، فهناك في المقدمة صديقي زكرياء ، و في مكان غير بعيد استطعت أن ألمح وجه صديقي سعيد الذي لا تفارقه الابتسامة . صدقوني أنا لا أفتري شيئا ، فقد تعرفت عليهم من خلال **** الفيس بوك ، و استطعت جمع معلومات عن القسم من طرفهم من قبل .
استودع سي دريس الأستاذ ، و قبل أن يختفي وراء ذلك الباب ، قال لنا بشيء من الدعابة : "و الآن ستشتد المنافسة" ، و لم أعرف متى خرج من القاعة ، فقد كان صعبا وسط ذلك العدد من المجاهيل أن تحل تلك المعادلة من الدرجة 20 .
رحب بنا الأستاذ ، رغم مجافاتنا لتلاميذ القسم و توجهنا لصف خال لنا وحدنا ، إلا أن ذلك الأستاذ بخفة ظله و بحسه الدعابي نجح في استدراجنا للانخراط و الانسجام في حصته بكل يسر و سهولة ، و اسمحوا لي أن أعترف أن لتلك الحصة دورا كبيرا في تخلصنا من أوزار تلك الأفكار السوداوية التي كانت تحيط بي وتشكل هالة من الكهرباء السالب حول جسدي ... :b:

r_roo7i
03-19-17, 05:43 PM
يسلموووووووووووووووووو:MonTaseR_213:

محب الصالحين 77
03-25-17, 08:35 AM
شكرا لكم ويارك الله فيكم


SEO by vBSEO 3.6.1