المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل الصوم و أسراره


حسين سلطان
05-20-18, 11:51 AM
بسم الله لرحمن الرحيم

من كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي

فضل الصوم
أعظم الله على عباده المنة بما دفع عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه ، إذ جعل الصوم حصنا لأوليائه وجنة ، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم : " الصوم نصف الصبر " قال تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) [ الزمر : 10 ] فقد جاز ثواب الصوم قانون التقدير والحساب ، وناهيك في معرفة فضله قوله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، يقول الله عز وجل : " إنما يذر شهوته وطعامه لأجلي فالصوم لي وأنا الذي أجزي به " وهو موعود بلقاء الله تعالى في جزاء صومه ، قال صلى الله عليه وسلم : " للصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه " . وقيل في قوله تعالى : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) [ السجدة : 17 ] كان عملهم الصيام لأنه قال : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) [ الزمر : 10 ] فيفرغ للصائم جزاؤه إفراغا ويجازف جزافا ، فلا يدخل تحت وهم وتقدير ، وجدير بأن يكون كذلك لأن الصوم إنما كان له ومشرفا بالنسبة إليه ، وإن كانت العبادات كلها له ، لمعنيين :

أحدهما : أن الصوم كف وترك وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد ، وجميع الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى ، والصوم لا يراه إلا الله عز وجل فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد .

والثاني : أنه قهر لعدو الله عز وجل فإن وسيلة الشيطان الشهوات وإنما تقوى بالأكل والشرب ، وفي قمع عدو الله نصرة الله سبحانه ، وناصر الله تعالى موقوف على النصرة له ، قال تعالى : ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [ محمد : 7 ] فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنة


أسرار الصوم وشروطه الباطنة :

هي ستة أمور :

الأول : غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله تعالى .

الثاني : حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء .

الثالث : كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ، ولذلك سوى الله عز وجل بين السمع وأكل السحت فقال تعالى : ( سماعون للكذب أكالون للسحت ) [ المائدة : 42 ] .

الرابع : كف بقية الجوارح من اليد والرجل عن الآثام وعن المكاره ، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام ، فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش " فقيل : " هو الذي يفطر على الحرام " وقيل : " هو الذي يمسك عن الطعام [ ص: 62 ] الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام " ، وقيل : " هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام " .

الخامس : أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ ، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال ، وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره ، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام ، حتى استمرت العادات أن يدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الطعام فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر ، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى ، وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت زادت لذتها ، وتضاعفت قوتها ، وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها ، فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل ، ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عن الملكوت محجوب .

السادس : أن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين ، أو يرد عليه فهو من الممقوتين ، وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها .

الفيفي2017
05-20-18, 07:31 PM
جزاك الله خيرا اخي حسين سلطان


SEO by vBSEO 3.6.1