حركة السحاب وحركة الشيب !

لا يزال من بقايا الأمس شيء من إحساس ما تنفّس ما انقشعتْ عنه سحابتي تسمّرتْ له فتذكرت وصف الأعشى حركة السحاب حتى مرق على ذهني وصفه معه مشية المرأة العربية (غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها ***تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ *** كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها *** مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ ) وحركة السحاب علم من علوم الفضاء قواعده الفلكية حفظها الفلكيّون بالطّلّاع له وتوريثهم جيلا بعد جيل كبرَّاق الثنايا معاذ بن جبل ( كانوا إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه ) وإن كنت برّاقًا في علم أقول تمرّ الحركتان السحابة والشيب في آن وتزبّدتْ من أثر مفعول الحركتين النفسي شفتاي فقيعاتٍ عرفتها للتو أول علامات كِبَرِي لَحَظْتُها فيّ لما أعدْتُ مراتٍ ومرات أنشودته ( أيها العمر مهلا ) للملهم زيد الزبيدي ( كم ليالٍ بات ساهٍ عن لقاء الديّان يغفل *** يا لهذا الشيب ويحي قبل موعده تشكّل ) ظننتها كلمات عابرة لها معانٍ كأي معانٍ غيرها من معاني تنفيس الشاعر عن نفسه فإذ بها أنفاس بشرية اختشروا بها يا لبراعته في قذف الكلمات كرصاصات رحمة للمشاعر البالية لتتغير إلى جديدة كما تغيّر الزواحف جلودها ولو كان ذاك لغيرها من الحيوانات لاشتمّت الطواحن أنوفها فراء المفترسين المنسلخة ولم يعد للترصد قيمة ففي الأثر ستلحظ الخطر ولذلك خص الله سبحانه وتعالى الزواحف فقط ما يعني أن هناك من يحاول الزحف ليتخلص من جلد ليس بجلده لكن أقدار الله تعالى ليست عجينة يصنعها خباز إنما خلق الخلق ليخدم بعضه الآخر ( وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) وأعوذ من غضب الله تعالى أن أشبه خلقه بالزواحف لكن ما فهمته أن في البشر من خصه الله تعالى بالريادة والقيادة وشرف العلو والمكانة وغيره من يحاول مثلي تخليص نفسه من ذنوبه وغيرنا الكثير ممن يحاول تغيير أحواله وليس لحلاوة التصوير بين السحابتين أعلاه مثيل تصنّجتُ لتشبيهي ولصدح المنشد زيد صدقوني ما قبضت مقابل تسويقها أي الأنشودة فلا أعرف كاتبها عزيز ثابت إلا بصورته فقد جرت عادتي إذا خلا جيبي أدير بعض أعمالي التجارية بالقدا وغيرها كتسويق أبيات الشاعر عزيز بالقفا وأدير مشاعري بالقراءات وأدير أشياء كثيرة بالأمل .

(وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ *** وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ )


محمد الشعلان