منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


Like Tree27Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-23, 06:39 PM   #19
جار القمر

الصورة الرمزية جار القمر

آخر زيارة »  اليوم (05:26 PM)
المكان »  بين السحاب والنجوم

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الثلج مشاهدة المشاركة


في سبات ذلك الليل الأسود الموحش الصامت العميق، الذي يكاد أن يبتلع نجوم مدينة الضباب،.. حيث أُغلق الستار على ذلك القمر الجبان، في إحدى ساحات لندن العتيقة، ورياح تعوي كالأشباح مُعلنة اقتراب ذلك الصوت المجروح من تلك الأم العجوز :

" عزيزتي جين ! "، قالتها وهي تُمسك يد ابنتها ذات العشرين ربيعاً، كما لو أنّ صوتها الخافت يرتجف مثل صوت أشباح شاطىء بليموث: " ابحثي عن السماء الثالثة..!"..

تدحرجت بضع دمعات على خديّ "جين" ذات الشعر الاسود المجعد ، وتلك الخصلات الحزينة المتدلية تشبه أصابع يد حنون، تحاول مسح دموعها:" ستكونين بخير يا أماه !" ..
قالتها بصوتها الحزين المرتعش، مُتجاهلة كلمات والدتها الأخيرة ..!.. ابتسمت الوالدة المحتضرة قليلا تُعلن انطفاء الشمعة والوداع الأخير بين الأم وابنتها!..

مرّ عام على تلك الحادثة، وما زالت "جين" الصغيرة تبحث عما قصدته أمها بعبارتها الأخيرة !.. ذهبت إلى إحدى المكتبات القديمة وسافرت أميالا كثيرة تقرأ كُتباً كثيرا، تريد أن تعرف ما تعني ب" السماء الثالثة" ! ..

لقد تذكّرت مكتبة شهيرة في شارع ويلكنز، تلك المكتبة ذات الألف كتاب، ما كانت النيران لتستوعب كُتبها الكثيرة! .. بجانب تلك المكتبة كان هنالك سجن للنساء.. وقبيل أن تدخل "جين" المكتبة، وجدت رجال الشرطة يجرّون فتاة ب عُمر "جين" تقريبا، لها شعر أشقر ذهبي، وعينان زرقاوان.. وخدود وردية اللون ،كان من الصعب أن تعترف لكون صاحبتها قد تكون مجرمة !
حيث كانت يداها مقيّدة بالأصفاد الحديدية ويجرونها بقسوة الى داخل السجن..! " مَن تلك الحورية الجميلة الصغيرة، التي أذنبت بحقّ جمالها لتحكم عليه بسجن لا يستحقه ؟ "
..تمتمت "جين" بداخلها وعيونها لا تفارق تلك الحورية الشابة ذات العيون الشاحبة !..

وعندما دخلت "جين" المكتبة تبحث وتبحث... تذكّرت أن لدى والدتها مفكرة عتيقة طالما اصطادتها منتصف الليل لتفرغ ما يجول بخاطرها فيها !..

وفعلا، ذهبت "جين" مسرعة الى غرفة والدتها المغبرة تبحث عن تلك المفكرة..، ولم يستغرق معها طويلا إلا أن وقعت يداها على كتاب عتيق وفيه بعض الملاحظات والاوراق القديمة، وزهرة نرجس صفراء مجففة بين الصفحات المُهترئة، التي أكل منها الزمن.... !

تناولت الأوراق تبحث عينا "جين" بنهم عن شيء يُشبع فضولها، أي خيط يقودها ل تعرف عن تلك "السماء الثالثة"..!

وأخيرا قرأت تلك السطور التالية : ".... وهكذا، فإنّ الغني..عندما يتبرع للفقراء، ف هو يصل للسماء الأولى! .. وعندما يتبرع الفقير الى الفقير.. ف تلك سماء ثانية! .... ".

هنا توقفت الكتابة! مثيرة فضول جين أكثر فأكثر ! " لماذا لم تتحدث عن السماء الثالثة؟ "..

يا للغرابة ! .. لكن لا شيء سيُوقف فضول "جين"! وغداً هو اليوم الثالث عشر من شهر يناير، وعلى جين أن تُقابل صديقة محامية في إحدى الحدائق، حيث إن جين تهوى كتابة المقالات وتنشرها في صحيفة انكليزية مشهورة !

في تمام الساعة الخامسة من ذاك اليوم..جاءت المحامية!
تبدو صغيرة بالسن ..، الا أن عينيها الكئيبتين تجعلها وكأنها في السبعين من العُمر، وشعرها الليلي الأشعث قد قاوم كوارث الزمن وما يصبغه من ويلات !
ملابسها داكنة وكأنها في حداد لا يفارقها،
" ها قد أتيتِ يا العزيزة جين، لدي قصة لكِ مثيرة ! ستُعجبك حتماً..!" قالت المحامية بكل ثقة وابتسامة تُهديها لصديقتها الغائبة،..
" سيّدتي إليزابيث، كان جميل منك أن تأتي هنا لتساعديني في هذا المقال..! "
" نعم عزيزتي، فإنتي الصديقة العزيزة منذ أربع سنوات ونصف. لكن ألم أقل لكِ مراراً أن اسمي وأنا معكِ "إليزابيث"، ليس هنالك داع أن تناديني ب سيّدتي ! أشعر بالحواجز بيننا عندما تستخدمين هذه الألقاب عزيزتي..!"

" حسناً ..حسناً، لا داعي حواجز اذن مع صديقتي العزيزة!" .. ردّت جين بابتسامة طفولية، ".. والآن، لا شكّ أن الفضول ينهشني بطريقة لذيذة لأعرف ما هي القصة المثيرة التي تريديني إخباري عنها وأنشرها في مقال! "..
ابتسمت المحامية ووقفت ثم قالت :" اذن اتبعيني عزيزتي .."!..


وذهبت "جين" في رحلة قصيرة في عربة السيدة "إليزابيث"! .. وكانت طرقات الرحلة مألوفة ل "جين" ! ..

" توقف هنا لو سمحت!" ..نادت إليزابيث على السائق بعد أن طرقت نافذة العربة مرّتين! ..
ترجلّت المرأة والفتاة من العربة، و دُهشت "جين" عندما قادتها "إليزابيث" إلى بوابة ذاك السجن !.

" سجن كينغستون" !...قالت "جين" مُتعجبة!
" نعم عزيزتي.. ! هنالك قصة مثيرة للاهتمام أريدك أن تسمعيها "..

ما كان ل جين قرار إلا أن تبقى صامتة وتطيع صديقتها دون أن تلفظ بحرف آخر !.. مشت الاثنتان حتى الطابق الارضي المُظلم، ووجدت امرأة حمراء الشعر، ذات عيون خضراء ذابلة تفضح عن حزن عميق! كانت تلك المرأة جالسة كالخرساء الصماء! ..

جلست أمامها "جين"، وطلبت المحامية أن تحكي قصتها ..

.. بعد مرور عدة دقائق قصيرة من الصمت، قررت تلك السيدة ذات الشعر الأحمر أن تقطع الصمت بصوتها المخنوق المرتجف، وكأنه يحتضر ببطىء:
" .. لقد آذيتها.....! آذيتها كثيراً!...... إني أتمنى الموت الآن ....
... ليس بسبب جريمتي مع زوجي! ولكن ........"

.. هنا نظرت جين الى إليزابيث محتارة إلى صديقتها المحامية، إلا أن أليزابيث وضعت إصبعها على شفتها تدعو "جين" الصمت وتطلب منها أن تُتابع الانصات !..

" لا أدري ما أقول...... ! كنت أعذبها كثيراً! ......
مّرةً دفعتها أن تسرق شريحة اللحم، .......وهددتها ان لم تفعل سأقتلها..! ....
وعندما سرقتها وأحضرتها لي.. ...وجاءت الشرطة، .....
بررت فعلتي على إني لا أعلم بالأمر...... وطلبت منهم أن يسجنوها ويعاقبوها لانها سارقة ! ....... لكن الشرطة لم تفعل لكونها طفلة في عمر ال عشر سنوات !.. . "

.. جين تألمت كثيرا كادت أن تفتح شفتيها التائهتين في هذه القصة الغامضة، لكن قررت أن تتابع الصمت...!

" ومرة أخرى، .. طلبتُ من إيميلي أن تسرق بعض المال، رفضتْ وهي تبكي..! .. ثم قررت أن أجلدها ثلاثون جلدة وهي تصرخ ..... وأنا لأ آبه لها ..! "

هنا نظرت السيدة ذات الشعر الأحمر بعيون دامعة تجاه جين تسأل :" أين هي "إيميلي" العزيزة؟ هل هي معكم؟ اجعلوها تأتي لترى عقابي.. ما زلت أستحق المزيد.. "


وانهارت بالبكاء الشديد.. ! بعد عدة دقائق قصيرة تابعت :
" .. في ذلك اليوم! .......عندما أرادت السماء أن تضع حدّا لأفعالي القذرة تجاه ايميلي التي أسميتها ابنتي امام الناس.. ! ......في ذاك اليوم.. تشاجرتُ مع زوجي، لم أحبّه يوما.. كنت أريد الخلاص منه، .. تشاجرنا كثيراً، ....حتى وجدتُ نفسي أطعنه بالسكين إلى أن سلّم الروح..! .....تلطخت يداي وثيابي بالدم، في تلك اللحظة ..نظرتُ خلفي، فرأيت إيميلي تنظر بصدمة كبيرة ،تشهد جريمتي الحقيرة !.. لم أدرِ ما أفعل، ناديت على إيميلي لكن هربت مسرعة خارج المنزل ! ......أخذتُ أصرخ وأنادي عليها وأشتمها .. ! وأنا أعرف إنني وقعت لا مفرّ! كنت أعلم تماماً إنه اليوم الذي كانت تنتظره إيميلي طويلاً! ..ستذهب إلى الشرطة وتبلغهم جريمتي، فتنتقم مني..! ...
... بعد ساعات لم أشعر بها،...... وأنا في غرفتي كالحجر اتأمل جثة زوجي الهامدة، والدماء ما زالت على ثيابي وقد استسلمت ،.....

جاءت الشرطة لتأخذني ! كنت صامتة طول الوقت، .. إلى أن أخذتني الشرطة الى حجرة لأقابل بها إيميلي وشرطي يخبرني إنه آسف لما حدث .. حيث فقدتُ زوجي وابنتي ! ...
... نظرتُ الى الشرطي بتعجب واندهاش لا أعلم ما يقصد؟ ..اقتربت مني ايميلي وقالت لي بعيون دامعة وبسمة ملائكية جعلتني أقتل نفسي ألف مرّة بسبب تلك النظرة:" والدتي الحبيبة.. أنا آسفة لإني قتلتُ زوجك، كنت أريد أن أسرق ماله ! خطيئتي التي لن تنتهي..! سامحيني!.." ...
...لقد شُلّ لساني تماما! أصبحتُ صمّاء بحقّ! ماذا أخبرتهم تلك الفتاة عني؟ دافعت عني؟... وماذا ظنوا بحقّ الدم الملطخ على ثيابي ويديّ.! . .. أردتُ أن أنطق ب حرف، إلا أن ايميلي سألتهم أن يأخذوها للسجن حالا !.. "


"جين" ابتلعت غصّة أليمة وهي تتابع بنهم مجريات القصة ! "مماذا حدث فيما بعد؟ أما زالت الشرطة تعتقد أن ايميلي هي..هي القاتلة حقا؟ ".. سألت جين بهدوء بدون أن تُقاوم الصمت ..


تابعت السيدة ذات الشعر الأحمر دون أن تنظر ل "جين" ، وكأنها تُحدّث نفسها :"..... لكن عدالة السماء شاءتْ أن تُعاقبني عقابا من نوع آخر! عقابا أن أختاره أنا بنفسي.....وهو أسوأ عقاب..... عقاب تعذيب الضمير اللامنتهي! .....سيوف تعذيب الضمير تتسابق لقتلي..وأريد أن ارتاح الآن !"..

عندما غادرت تلك الحجرة المظلمة "جين" والمحامية، أدركت "جين" فيما بعد أن السيدة اعترفت أخيرا بجرمها! ..
و إن إيميلي عندما ضحّت بمبادئها ..و بحياتها وأخلاقها كانت قد أخبرت الشرطة أنها المجرمة، إنما جعلت امرأة شريرة مثل تلك السيدة تتحول إلى امرأة صالحة وتطلب المغفرة والتوبة على خطاياها ! .. لقد باعت كلّ هذا مقابل أن تشتري روح امرأة فاسدة، فترفعها إلى السماء بأخلاقها، بعيداً عن الانحطاط والأخلاق السيئة .. ف تعلو عن الأرض وتسمو.. !

كانت "جين" تمشي بخُطى متثاقلة خارج السجن، جرفتها أفكار كثيرة مع تيّارات كانت لا تعرف السباحة فيه تماما! ..

كانت تُفكر طوال الوقت...:
" كيف يُضحي انسان بدون مقابل بدون أجر ينتظره ؟ .. أيُعقل؟ فتاة لاقت القسوة من امرأة عذّبتها، ...تضحي الفتاة لأجلها؟ ..أيعقل أن نُضحي لأشخاص أساؤوا إلينا ؟ ..
حتى أنها ليست أمها الحقيقية!!.. هل ما زال هنالك بشر يُضحون لأناس عذبوهم ؟ باعت مبادئها أمام الناس وكادت أن تبيع حياتها أيضا باعترافها بالجُرم ، لولا أن السيدة التي ربّتها اعترفت ب جُرمها! هل هذه حماقة ..ام فعل نبيل؟ .."

... وبينما هي "جين" غارقة في هذه الأفكار وقبيل أن تخرج باب السجن! وجدت نفس الفتاة أمامها!!.. تلك الفتاة التي رأتها تشبه الحوريات الجميلة مقيّدة بالأغلال ذاك اليوم.. !
لكن، المفاجأة لم ترها مقيّدة او سجينة ! لقد كانت حُرّة ..! ترتدي ثوبا أزرقا وتحمل باقة ورد .. !
فيما بعد، وعندما اجتازت "جين" ببطىء تلك الحورية الصغيرة.. علمت إنها نفس الفتاة "إيميلي"...!

"ايميلي" التي كانت تعيش مع تلك المرأة ذات الشعر الأحمر و التي طالما عذبتها ب حياتها...!
جاءت "إيميلي" الآن لتعطيها باقة من ورود الزنبق البيضاء!

أيعقل هنالك أناس ما زالوا لديهم الأمل لأن تتفجر الينابيع من تلك الحجارة؟ هل ما زال هنالك نزيف دموع في هذه الحياة تنسى الألم؟ يا لهذا القلب الأبيض الملائكي !

.. ان هنالك الكثير من الناس ما كانت تعفو عمن أكرمها وعاملها بالحسنى، لكن فئة نادرة تتصدّق بأثمن شيء عندها ف تُ عامل بالحسنى مَن أساء لها !..


.. فجأة تذكرت " جين" تلك الكلمات ما قرأته في مفكرة والدتها... ، "... ليس ذاك القلب ك الغني الذي يتبرع للفقير..ليس كالفقير الذي يتبرع للفقير......... إنه ....إنه....أجل، إنها قلوب تتبرع لمن أذاها وتعطي من حياتها .....مقابل أن
........"...

....وهنا ابتسمت جين وقالت في نفسها:".... مقابل أن تقتل أنفسها وأهواءها، أو تبيعها..... لتشتري روحاً،.. ف تُرسل نفسها الملائكية بعد أن انسلخت عن حبّ الدنيا والأرض لأنها ذابت في عشق الله تعالى، لتعلو الى ...سماء بعيدة، سماء ليست عادية.. ليست الأولى ولا الثانية....!..
...ليس أيّاً كان يستطيع لمس تلك السماء...!.
... إنهم يموتون عشقاً ليلمسوا تلك السماء،... وجنازتهم لا يراها أحد الا فئة نادرة من الناس ذوي قلوب ملائكية... ! ...تلك السماء لا يصل إليها أحد، إلا مَنْ باعو وضحّو ليرتقو ويرتفعو إلى سماء حبّ الله تعالى وحُبّ الدّين.....إنها ....." السماء الثالثة ! " !!....


...........




الجميلة
زهرة الثلج

وبعد التجول هنا

ورحلة جين التى جعلتنا نستمع

حتى خواتيمها التى وضحت لنا كل شئ

حرفا وفكرآ وأسلوبآ

كلنا سيدتى هنا

كنا نريد ان نعرف السماء الثالثة

سلم حرفك وسلم مجهودك سيدتى

بتمنى لكى الفوز فى المسابقة


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 08:14 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا