|
إضافة رد |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-15-23, 06:09 AM | #1 | |||||||||
|
تغريدات د.طارق هشام مقبل 3 اشتغالُ الإنسان بفكرة تملك عليه قلبَه، وهدفٍ سام يبذل فيه فكرَهُ ووقتَه= من أهمّ الأمور التي تساعده على التّماسك، وتجاوز المحن، والثبات عند تقلبات الحياة، وإني لألمحُ جزءا من هذا المعنى في قوله ﷻ: ﴿فإذا فرغت فانصب﴾؛ إذ يوجهنا للعمل المتواصل، وقد جاء في سياق التفاؤل وشرح الصدر. إنسان قريب من قلبك وروحك، يشاركُك رحلةَ الحياة، ويُثير فيك الأسئلة؛ من نِعم الله التي تُعينك على نوائب الدّهر، وكذلك على الوصول إلى الحقيقة؛ تأمّل كيف أنّ القرآن قَدَّمَ التفكرَ بمعيّة شخص آخر على تَفَكّر الشخص وحيدا منفردا: ﴿أنْ تقوموا لله مثنى وفُرادى، ثم تتفكّروا﴾. علّمني القرآنُ أن التعليمَ الأكثر تأثيرا: (هل أتّبعك على أن تُعَلّمنِ مما عُلّمتَ)؛ إنما يتأتى من خلال الصُّحبة: (تُصاحبني) التي تتمثل فيها المواقف الأخلاقية واقعا مشاهَدا. الخضرُ رمزٌ لأولئك الأشخاص النادرين الذين يجمعنا الله بهم، ويضعهم في طريقنا كالنور الممتد، ثم لا يلبثون معنا طويلا، ولكنهم لا يفارقوننا ﴿قال: هذا فراق بيني وبينك﴾ إلا وقد ازددنا بصيرةً وفهما لحقيقة هذه الحياة: ﴿سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا﴾.. واسي غيرَك رغمَ انكسار قلبك.. ﴿إذْ يقول لصاحبه: لا تحزن؛ إن الله معنا﴾.. لما قال فرعون: ﴿لأظنك يا موسى مسحورا﴾؛ رد عليه موسى بلفظ الظن: ﴿لأظنك يا فرعون مثبورا﴾ رغم أنه "ربّما" كان يعلم مصيرَ فرعون يقينا. ولعل من أسباب مراعاته لهذه الجزئية=هو ألا يترك المجال لفرعون كي يتفوق عليه أخلاقيا؛ فالتفوُق الأخلاقي أساس كل نهضة، والحجة الأخلاقية أقوى الحجج. يُلهمني كثيرا وصفُ الله ﷻ للمؤمنين والمؤمنات -على سبيل المدح لهم- بالسياحة: ﴿السائحون﴾ و ﴿سائحاتٍ﴾، والذي يشملُ أمورا منها: السير في الأرض، والتفكر المستمر؛ وكأن على الإنسان أن يبقى في سير متواصل، وألا يرضى بالسكون في رحلة الحياة.. الشخص الذي لا يقومُ مقامَه أحد.. ولا يكون عنه عوض.. ويبقى في القلب وإن رَحَل؛ قال النبي ﷺ عن خديجة: "ما أبدلني الله خيرا منها.." ﴿فأرسلهُ معي ردءا يصدقني﴾.. يُؤْمِنُ بي.. يُقْبِل عليّ إذا انفَضَّ الناسُ من حولي.. يرى في ما لا يراه غيرُه.. يُبصرُ ما لا أُبصرهُ في نفسي.. ينهَض بي إذا عثرت.. ويُشاركني تفاصيلَ الطّريق.. ولرُبّما كان التَّخَلي أعلى درجات الحُب.. ما تَركك إلا لأنه أحبّك.. ﴿فإذا خفتِ عليه؛ فألقيه﴾.. ربما يصحّ أن نَفهم قوله ﷻ: ﴿والطّيباتُ للطّيبين، والطَيّبونَ للطّيبات﴾، من خلال كلام الإمام الغزالي في الإحياء: "فإنّ شبيهَ الشيء يَنْجذبُ إليه بالطبع، والأشباهُ الباطنة خفية، ولها أسباب دقيقة، ليس في قوة البشر الاطلاعُ عليها." السعادة "فكرة".. و"الحزن" فكرة؛ تأمل "إشارةً" لهذا المعنى في تعبير القرآن: ﴿وضاقت عليكم الأرضُ بما رَحُبَتْ﴾؛ فالدنيا لم تتغير من حيث الضيق والسعة، وإنما "الخوف" هو الذي جعلها تبدو ضيّقةً في أعينهم؛ لأن التقدير -على رأي ابن عاشور- "ضاقت عليكم الأرض في حالة كونها لا ضيقَ فيها". ضيق الكهف؛ كان سبيلهم للسعة: ﴿ينشر لكم ربكم من رحمته﴾.. وضيق البئر؛ كان طريقا للتمكين..﴿على خزائن الأرض﴾.. وضيق الصدر: ﴿ويضيق صدري﴾، كانت بعده النجاة.. أَنْظرُ لرمزية هذه الآيات من خلال كلمات كركيغارد: "السعادة في أن تَعلمَ أن الطريق ليس ضيّقا، وإنما أن الضِيقَ هو الطريقُ." أنا مع إبراهيم.. ﴿لا أُحِبّ الآفلين﴾.. تُفْزعني فكرةُ الذبول.. أن ينطفئ الوهج.. أن يخفت الشعور.. ويتلاشى النور.. ﴿فإذا النّجومُ طُمِسَت﴾.. زارني -بل أكرمني- قبل أيام، في كمبردج، صديقٌ عزيز، وذَكّرني بالفكرة الكامنة في قول الله ﷻ ﴿وإن تعاسرتم؛ فسترضع له أخرى﴾: إذا كان الله ﷻ يوفّر للرضيع البديل عن الأم، وهي بالنسبة له كل الدنيا؛ فالآية كأنها تقول: هناك بديل عن "أكثر" الأشياء.. هناك أبواب كثيرة.. وأرض الله واسعة.. من أجمل ما قرأتُ من أوصاف البشر.. أن يُشَبّه إنسانٌ بالشّمس.. ﴿والشّمسَ والقمر رأيتهم لي ساجدين﴾.. تخيّل معي هذا الجمال.. أن تكون شمسا للآخرين.. علمني القرآن أن أثر الشخص الواحد ممتد جدا.. وأن أعمالك -مهما صغرت- قد تكون عميقة التأثير؛ تأمل كيف أن حياة إنسان واحد كأنها حياة جميع البشر: ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾.. وكيف أن الآلاف قد يجدون الشفاء والالتئام عند شخص واحد: ﴿وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون؛ فآمنوا﴾. الحُبّ درجة، وأعلى منها درجةً أن تُحبّ "فكرة" أنك تُحِبّ؛ بمعنى: أن يتواطأ عقلُك وقلبُك ويجتمعا على تلك المحبة؛ قال الأستاذ الكبير فخر الدين الرازي عند تفسير قوله ﷻ ﴿فقال: إني "أحببتُ" حبّ الخير﴾: "وأمّا مَن أحَبّ شَيئا، وأحَبّ أنْ يُحِبّهُ كانَ ذَلك غايَةَ المَحَبةِ." مَنْ يملأ عليك حياتَك.. من تكتفي به.. فلا تنظر لأحد سواه.. هو "قُرّة العين"؛ قال البيضاوي عند تفسيره قولَ الله ﷻ ﴿وقرّي عينا﴾: "واشتقاقُه من القرار؛ فإن العينَ إذا رأتْ ما يسُرّ النفسَ= سكنتْ إليه من النظر إلى غيره." يُعيدك القرآنُ لإنسانيّتِك.. كلما حاولَ هذا العالَمُ تَجْريدَك منها.. اتصلتُ بأمّي -الله يحفظها- فقالت لي إنها كانت على وشك أن تُكلّمني.. ثم قالت لي كلمتها المعهودة: "القلوب عند بعضها"؛ فتذكّرتُ قولَ الله ﷻ: ﴿تشابَهتْ قلوبُهم﴾.. عجيبة هي القلوب كيف تتفق.. والأرواح كيف تتشابه [نعم؛ سياق الآية مختلف تماما، ولكن يصح الاستشهاد بها على هذه "الفكرة"]. دعاؤه ﷺ: "وأسألك 'لذةَ' النظرِ إلى وجهك الكريم 'والشوقَ' إلى لقائك".. آسرٌ.. وعميق.. فإنه لم يطلب مجرد النظر؛ وإنما "لذة النظر".. ولم يسأل اللقاء فقط؛ وإنما "الشوق" إلى اللقاء.. وكأنه يُعبّر عن أن التواجد لا يكفي.. فلابد من "حضور" القلب.. وأن تكون حيا.. هو أن تكون صاحبَ "شعور"..
| |||||||||
|
06-17-23, 08:53 AM | #2 | |||||||||||||||
ضمير العراق
|
اسأل الله لك التوفيق والسداد على كل ما تقدم منك من مواضيع قيمة ومفيدة جعلها الله في ميزان حسناتك وبارك الله بك ولك مع الشكر والتقدير | |||||||||||||||
|
إضافة رد |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||