سيدتي , هل تسمحين لي بغسل شعركِ
إنني بارع في فعل هذا فلدي خلطات طبيعية للشعر قمتُ بتحضيرها بنفسي
ستزيد شعركِ كثافة ولمعانا وانسيابية وستعالج جميع المشاكل
كما أنّ لدي منتج طبيعي لتفتيح البشرة وترطيبها والعناية بها
شعركِ طويل جدا , سأكون ممتناً لكِ إن سمحتِ لي بغسله

هذه ليست المرة الأولى التي أقبّل فيها فمكِِ
لكنها قد تكون الأخيرة ؛ فأنا يا غادة لستُ كلباً ( يترميله عظمة ) كما يقول أحمد زكي في أحد أفلامه
وأنتِ لستِ بنفس الحماس والاندفاع والاحساس والرغبة التي كانت في السابق !

لماذا أشعرُ أنّ كل شيءٍ صار ضدّي ؟ حتّى أنتِ يا غادتي !
مؤخرا كل الأشياء اتفقت على لوي ذراعي والزج بي في متاهات ..
وهأنذا الآن أتمرغ في شقوتي كحمار وأنبح في وجه أحزاني وأعدائي ككلب فقد الكثير من قوته

حين يتعلق الأمر بي فإن سوء الحظ يعبر عن نفسه بشكل واضح وصريح
يتقدّم إلي كعريس يتقدّم إلى محبوبته وكله ثقة بأن الأمور ستجري كما يجب
إنه لا يؤجل مواعيده , يأتي في الوقت المناسب , يقف بين ذراعي , يضحك كالمجنون

أنا يا غادة حين أتحدث على هذا النحو فإنني لا أحاولُ استمطار شفقتكِ ..
أنا أعرفكِ جيدًا , أنتِ بليدة , ينقصكِ الذكاء .. ستكتشفين ذلكَ بعد أن تشعري بالفقد

صديقي النباتي عبدالرحمن مهدي كتب قصيدة للنباتيين
أو نشيد النباتيين كما يحب أن يسميها :


نباتيٌّ وماضٍ في طريقي
نباتيٌّ وذو قلبٍ رقيقِ

نباتيٌّ أموتُ بـ جُوعِ بَطني
ولم أخلِطْ بـ طَعمِ اللّحمِ ريقي

نباتيٌّ أرى الأبقارَ صَحبي
وذاكَ الضّأنَ في المَرعَى صديقي

ويُبهجُني الدّجاجُ بـ وَسْطِ قِنٍّ
وليسَ على المَوائدِ يا رفيقي

!أليسَ الظّبيُ أرشَقَ في الصّحاري؟
!أليسَ الطيرُ أجملَ في العَقيقِ؟

أليسَ الحُوتُ أزهَى للمَآقي
!إذا ما كانَ في البحرِ العميقِ؟

أرى قانونَكمْ قانونَ غابٍ
فيا بَشريّةَ الغابِ اسْتفيقي

قويٌّ يأكلُ الضعفاءَ لكنْ
على الأطباقِ في شكلٍ أنيقِ

تلذّذتُمْ بـ ذاكَ ، فلا مُعيقٌ
وإنسانيّتي كانت مُعيقي

أأكلُ جُثّةً لـ أسُدَّ جُوعي
!وفي مُتناوَلي خُبزُ الدّقيقِ؟

وقد غَزَتِ الفواكِهُ كُلَّ سُوقٍ
!ودُكّانُ الخُضارِ غدَا لَصِيقي؟

نباتيّونَ لم نَسفِكْ دماءً
وأعظمُ ذنبِنا سَفْكُ الرَّحيقِ

نباتيّونَ نَسطَعُ وسْطَ جَهلٍ
كـ غِنوةِ بُلبلٍ بينَ النَّعيقِ

سأُنشِدُ ما حَيِيتُ بـ عُلْوِ صَوتي
نباتيٌّ وماضٍ في طريقي

رغم أنه لم يتطرق لشعر الغزل كثيرا في شعره مقارنة بشعر المدح
إلا أنك لن تستطيع إلا أن تُبدي إعجابك بهذا البيت للمتنبي :

جرى حبُّها مجرى دمي في مفاصلي
فأصبح لي - عن كل شُغلٍ - بها شُغلُ

إن فكرة مخيفة تحاول التوحّد بي
تالله لا أدري مالذي يشدّها فيّ ؟
كيف أقنعها بفكرة الرحيل ؟
أنا فاشل في ما يسمى بـ ( الاقناع )
كما أنني لا أريد الحديث عن الفشل لأنني سأبدأ
بسرد أشياء تشبه تلك الفكرة المخيفة التي تحاول التوحد بي

إن كان النظرُ إليكِ
ولو من بُعد مسافاتٍ راحة
كيف يكون العناق ؟

( أحمد شوقي )