منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-19, 05:44 PM   #13
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (08:26 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



ارتشف من كوب القهوة التي أمامه وأخذَ ينظرُ إليهم وهم يتبادون الأحاديث ويتناولون إفطارهم كانَ هو الأصغرُ من بينهم فها هو شيمون كبيرهم يجلسُ أمام طاولةِ الإفطار وحوله مجموعة من الخدم الذين يمكنُ عدهم بالأيدي أغلبهم يتكلمون بثرثرة عن حياتهم اليومية العادية والبعض يتكلمُ بسخط عن سيدهم وآخر يتحدثُ مع زميله ويخبره بأنّه يُفكر في الاستقالة .
انهى قهوته الصباحية فوضعها على الطاولة معلناً بذلك انتهاء إفطاره بالرغم من أنّه آخر شخصِ جلس إلا أنّه أول من قامَ منهم .. حمل سترته الرسمية وأخذَ يلبسها فوقَ سترته البيضاء الخفيفة .
لاحظه شيمون فأسرعَ نحوه وبادرَ بسؤاله.
ـ هل نمتَ جيداً ؟! .
التفت رولند عندما سمعَ صوتَ كبير الخدم , شعرَ بالخجل عندما تذكرَ ليلة الأمس وكيفَ أنّه نامَ ولم يشعر إلا وهو يحمله إلى غرفته فقالَ له وقد توردت وجنتيه بخفه .
ـ أجل . أعتذر إن كنتُ أزعجتك في الأمس ... وشكراً لك .
ـ لا بأس ... استعد فقد بدأ العمل الحقيقي اليوم .

هذا ما قاله شيمون بجديّة كبيرة .. فهو لا يعلم ما لذي سيجري له خاصة بعد أن قبل ميلان بأن يكونَ خادمه الخاص .
أومأ رولند بهدوء مبيناً له أنّه قد فهم ما قاله بالرغم من جهله سببَ نظراته تلك .. انتهى من لبسِ بذلته وأسرعَ بالخروج ذاهباً إلى غرفة سيده .
وقفَ أمامَ باب غرفة نوم ميلان فتذكرَ ما حصل بالأمس وضعَ كمه على فمه وأخذَ يستحضرُ ذلك الموقف الذي سبب له الشعور بالمرض وبينما هو على تلكَ الحالة تحركَ مقبضَ الباب الذي أمامه من الداخل وفُتح .
تقابلت نظراتهما وأخذَ كلٌ من الثاني يحدقُ بالآخر ... كان ميلان قد استيقظَ من نومه منذُ برهة فها هوَ قد لبسَ أفضلَ ما عنده وتهيأ من تلقاء نفسه ...
أبعدَ رولند ذراعه عن فمه وأخذَ ينظرُ لميلان ببرود تام بينما الآخر ينظرُ إليه بابتسامة ساخرة تقدمَ نحوه ووضعَ يده على شعرِ خادمه فقد كانَ أطول مقارنة بـ رولند الذي كان أقصر منه بقليل .
ـ لقد استيقظتُ باكراً .. هذا يعني أنه يجب أن تحضرَ لغرفتي قبلَ استيقاظيّ .
لم يعلق رولند على كلامه بل أخذَ ينظرُ إليه فهو يعلم أنه يريدُ فعلَ ذلك ليزعجه فقط , أبعدَ يده الثقيلة من على رأسه وقالَ له مع نظرةِ تحديّ جعلها في عينيه .
ـ إذاً سيكونُ صباحي جيداً بما أنّي لم أضع قدمي في غرفتك .
اغتاظَ من جملته وشعرَ بنيرانِ الغضب تتسربُ إلى شرايين دمه ببطء بالرغم من أنّه هو من كان يريدُ اغاضته إلا أنّه حصل العكس ,
أمسكَ بيدِ خادمه عنوةً وجره نحو غرفته ثمّ رماه فيها وأغلقَ الباب خلفه كادَ رولند أن يسقط من قوة دفعِ سيده إلا أنّه استطاع موازنة نفسه في اللحظة الأخيرة .
أخذَ ميلان يقومُ بدفعِ كتلة من الهواء إلى داخله ليطفأ نارَ غضبه وبعدَ أن هدأ قالَ بخبث لمن أمامه والذي بدى هادئاً أكثر مما كانَ عليه بالأمس .
ـ ها أنتَ في غرفتي الآن قم بتنظيفها ولا تنسى أن تنظفَ أثار قدميك أيضاً .
قالَ جملته الأخيرة بسخرية شديدة وأحذَ ينظرُ إليه ليعرفَ ردة فعله , التفت رولند وأخذَ يبعثرُ نظراته في جميعِ أنحاء غرفته فوجدتها مرتبة كما كانت آخر مرة قامَ بتنظيفها فقط كانَ السرير هو ما كانَ
مُعطفاً* ..
لم تؤثر عليه جملة ميلان والطريقة التي أمرها به فتقدمَ نحوِ السرير وقامَ بتمديده وفي ثواني قليلة انتهى واستدارً مغادراً...
كلُّ ذلك كانَ أمام ناظريّ ميلان الذي أخذَ ينظرُ له بغضب شديد فهو لم تعجبه تعابير وجهه التي تدل على بساطة ما فعله ابتسمَ من زاوية فمه وتقدمَ ليبعثر كل شيء تصله يديه حتى قلبَ الغرفة رأساً على عقب لم يترك شيئاً واقفاً إلا أسقطه ولا شيئاً مرتباً إلا عبث به ورماه .
وبعدَ ان انتهى من بعثرةِ كلِ شيء التفت نحو رولند الذي بقيّ واقفاً في منتصفِ الغرفة ساكناً .. تقدمَ باتجاهه بابتسامة نصر وقفَ أمامه وأمسكَ بخصلات شعره وسحبها للأعلى حتى ارتفعَ وجهه رولند ثمّ قالَ له بكلِ حقد .
ـ اعلم أنّي اكره جميعَ الخدم خاصةً أمثالك ...
ابتسمَ رولند رغمَ الألم البسيط الذي يشعرُ به ونظرَ إلى عيني سيده وقالَ له بثقةِ كبيرة .
ـ أشاركك نفسَ الشعور في كرهي للأغنياء .
وبتلكَ الجملتين انتهى الصراعَ بينهم أفلته ميلان ورمقه باحتقار وقبلَ أن يخرج من الغرفة التفت نحوه وقالَ له بخبث .
ـ أسرع بترتيبها ثمّ اخرج إلى الحديقة ... فأنتَ تحت تصرفي الشخصي منذُ هذه اللحظة .
صفقَ الباب خلفه بقوة وتركَ ذلك الشاب وسطَ الفوضى عادت ملامح الهدوء لوجهه وهدأت نفسه قليلاً أغمضَ عينيه وبدأ يدخلُ الهواء لرئتيه ليشعرَ ببعضِ الراحة .. ثواني هيّ حتى بدأ برفعِ الفوضى وإعادة ترتيبها بهدوء شديد .
ـــــــ
وضعَ قدميه على الطاولة وأخذَ ينظرٌ بملل فقد انهى إفطاره قبلَ قليل ويريدُ أن يشعرَ ببعضِ المرح قبل أن تأتي الجامعة وتتراكم عليه انشغالات الشركة .. رأى شيمون يتقدمُ نحوه فأغمضَ عينيه في تكبر ليستمعَ لما سيقوله له .
ـ سيدي ما ذا ستفعلُ اليوم ؟! .
كتف ميلان بذراعيه وأخذَ يُفكر بالأمر فهو لم يخطط بعد كما هو المعتاد .. حركَ قدميه في دلالة منه على تفكيره وقال .
ـ الدراسة في الجامعة لم تبدأ بعد واليوم إجازة للشركة .. وأنا لم أخطط بالأمس لشيء .
تنهدَ شيمون بداخله فهذا الشابُ الذي أمامه محير .. فعندما يخطط له يومه يرفضُ ذلك وعندما لا يخطط يبقى متحيراً.
طرأت في داخله فكرة فقالَ لسيده الشاب آملاً في أن يستجيبَ .
ـ ما رأيك لو تذهبُ لتزور ألفريدو في قصره الجديد ؟! .
فتحَ ميلان عينيه ولوى شفتيه قائلاً وهو يتذكر ذلك الشاب الذي ذكره كبير خدمه.
ـ لا أريد فهو مزعج ولا أريدُ أن يتعكر مزاجي بسببه .
وضعَ شيمون يده على ذقنه ليأتي بفكرة جديدة مفيدة ... بينما ميلان اخذَ يميلُ بالكرسي بواسطه قدمه وكأنما يفكرُ بأمر ما وما هي إلا ثواني حتى.. لمحَ من بعيد خادمه الخاص يتقدمُ باتجاه فتذكرَ أنّه أمره بذلك رفعَ قدميه بسرعة ووضعها على الأرض واعتدل في جلسته ابتسمَ بخبث وهو لا زالَ ينظرُ لـ رولند وأخذَ يُفكر بشيء ما يجعله يستمتع وما لبثَ أن طرأت في باله .
ـ لقد وجدتها .
استغرب شيمون من قراره السريع وخشيّ أن يكونَ كما المعتاد من لعبِ في الخارج وذهابِ للأسواق .. فأرادَ أن يعارضه ولكن قبلَ أن يفعل لاحظ في عيني ميلان الحماسة وهو يحدقُ في شيء ما .
التفت لينظر إلى الجهة التي ينظرُ إليها فيها ففوجئ بـ رولند يتوقفَ أمامه .. أرادً الحديث معه ولكنّه بادرً قائلا لـ ميلان بنبرةِ جامدة لم يعهدها شيمون أبداً .
ـ لقد فعلت ما طلبته منّي .. وها أنا أقف أمامك .
استغربَ شيمون من ذلك وتمنى أن يعرفَ سببَ تغيره ولكنْ ميلان الذي وضعَ كلتا ذراعيه على الطاولة ليتكأ عليها جعله يصمت .
ـ هل لديكَ رخصة قيادة ؟! .
استغربَ رولند من سؤال ميلان المفاجئ فأجابه برسمية.
ـ أجل .
وقفَ من على الطاولة بابتسامة خبيثة وقالَ له .
ـ إذاً خذني في جولة حولَ المدينة .
تلمسَّ شيمون شيئاً في نبرة ميلان فهذا غريب فـ هو رغمَ غناه إلا أنّه يُفضلُ قيادة السيارة بنفسه ولا يكلفُ أحداً بقيادتها .
رمى مفاتيح سيارته لـ رولند الذي التقطها بمهارة وقالَ له بدهاء ظهر في حروفه .
ـ اسبقني الآن .
تقدمَ رولند طوعاً ملبياً أمره ولم يعترض فتلكَ النظرة التي يحملها ميلان وابتسامته تنبئُ أنّه يريدُ الانتقام منه بأيّ طريقة .
نظرَ ميلان لـ شيمون بنصر وقالَ له .
ـ اجلب لي معطفي .. فسيكونُ اليومُ حافلاً .
سارعَ شيمون في إحضارَ ما يريده وقد ارتسمت الفرحة بداخله ما إن شعرَ بحماسة ميلان فربما تكونُ هذه بداية جيده لكلِ منهما وخاصة لسيده الشاب فهو لم يركبُ مع أحد الخدم منذُ أن وقعت تلكَ الحادثة .
ـــــــ
لبسَ معطفه الفخم ذو اللون البني .. وقامَ بالجلوسِ في المقاعد الخلفية بينما كانَ رولند يقف أمامَ مقعد السائق وقد غيرَ ملابسه بعدما أمره ميلان فكانت كالتي جاء بها أول مرةِ للقصر بنطالُ اسود وسترة سكرية بسيطة ..
ركبَ هو الآخر وأدارَ المفتاحَ لتنطلقَ السيارة وتبتعد عن القصر .
بدى رولند هادئاً وهو يقودُ بينما ميلان أخذَ ينظرُ إليه بخبث و في رأسه تدورُ الكثير من الأشياء التي يودُ أن يفعلها .
ـــــــ
وفي شقة ميدوري .
كانتَ مشغولة في جمعِ أوراقها للتتهيأ للدخول إلى الجامعة رغمَ تأخرها إلا لم تجد مشكلة في أن تدرس في الفصل الثاني بينما لير ولين يلعبان معاً بصمت ..
فها هي لين تقومُ بالتلوين في كتيبِ للأطفال ولير يساعدها في اختيار الألوان المناسبة انتهيا من التلوين فأخذا ينظران لإنجازهما بفرحة غامرة ... ولكنها ما لبثت أن انطفأت سعادتها عندما وضعت لين رأسها على الوسادة التي كانت تتكأ عليها لتقول للـير بحزن وهي تتذكر رولند الذي كانَ يلعبُ معهما .
ـ لير إنني أفتقد أخي رولند .

شعرَ هو الآخر بالحزن فقد كانً ذلك الشاب هو مصدرَ دفأهما ولكن ما من شيء ليقوله بعدما حصل .
سمعت ميدوري همسهما فنهضت من سريرها واتجهت نحوهما فردت ذراعيها واحتضنتها معاً من الخلف وهمست في أذنيهما بمرح .
ـ لا تقلقا لقد أخبرني أنّه سيأتي لزيارتكما في يوم إجازته .
سعدا لذلك وشعرا بالفرحة الغامرة وكلاهما في شوق لذلك اليوم الذي سيأتي فيه رفعت لين رأسها لتقولَ لـ ميدوري وقد توردت وجنتيها بطفولية .
ـ أختي أخبريني كيفَ تعرفتي على أخي رولند وكيفَ هوَ أول لقاء بينكما !؟ .
شعرَ لير بالحماسة لسؤال أخته فرفعَ رأسه هو الآخر وقالَ لها .
ـ أودُ أن أعرف أنا أيضاً.
شعرت ميدوري بالفرحة الغامرة عندما رأت في عينيهما الحماسة وكيفَ أنهما يريدان أن يعرفا ذلك رفعت إصبعها بابتسامة كبيرة وفتحت فاها لتبدأ بإخبارهما ....
ـ لقد كانَ أول لقاء بيننا عندما كنت في العاشرةِ من عمري ... وقد كان ........
بدأت جملتها بحماسه كبيرة ولكن ما لبثَ أن انخفضَ صوتها واختفت الابتسامة من شفتيها لتتوقفَ لم تعرف ما تقولُ لهما وأخذت تتذكرُ يومَ لقائها به بل يوم لقائهما به...
حاولت التكلم من جديد ولكنها لم تستطع أن تنطق بعدَ فهي لا تعرف كيفَ ستخبرهما فقد شعرت بالحماسة في البداية ولكن لم تكن حماستها لأجل أن تخبرهم بسؤالهما ولكن لأنها قد التقت بالفعلِ برولند وقد كانت محظوظة بذلك .
لا حظت لين معالم وجهها المتغيرة فاختفت الابتسامة من شفتيها وقالَت بقلقِ .
ـ أختي ميدوري ... !! .
أخذت تهزّها بقلق بينما كانَ لير متفاجأ هو الآخر من ردة فعلها , شعرت ميدوري بهزّ لين وكلماتها التي تقولها ولكن .. بدى أنّ تلكَ الفتاة قد عادت للوراء كثيراً وها هي الآن تقفُ أمامَ رولند الصغير في إطارِ رماديّ ملأه الصمت .
عضت على شفتيها وهي تستحضرُ ذلك اليوم وندمت لأنها لم تفكر قبلَ أن تقبلَ بطلبهما طأطأت رأسها بحزن وتجمعت الدموع في عينيها توقفت لين بصدمة وهي ترى غيمة الحزن التي خيمت على ميدوري ... بينما اكتفى لير بالصمت فيبدوا أنّه قد حصلَ شيء جعلها تبدو بهذا الشكل .
رفعت رأسها بسرعة عندما شعرت بكمية القلق التي تحيطً لها مسحت دموعها التي كانت على طرفِ عينيها بإصبعها واستطاعت رسم الابتسامة على شفتيها من جديد نظرت إليهما وقالت وقد احمرت وجنتيها بحبِ لذلك الشاب .

ـ أنا آسفه لم أتمالك نفسي وأنا أتذكرُ ذلك اليوم ....
اطمأن قلبُ الصغيرين عندما قالت تلكَ الجملة فقد ظنّا أنها حزينة لأنه حصل شيء في ذلك اليوم ولكن ما لبثَ أن تبدد ظنهما عندما أخذا ينظرانِ لميدوري التي ما لبثَ أن قالت لهما بنبرةِ حالمة لتبدأ سردِ الحكاية .
ـ كانَ أول لقاء بيننا عندما كنت في رحلة مدرسية إلى حديقة جميلة وقد وجدته ينامُ تحت شجرةِ عملاقة قد تناثرت وريقاتها الصفراء عليه اقتربت منه لأرى وجهه فشعرَ بي وبدأ بفتحِ عينيه .....
وهكذا بدأت ميدوري تسردُ لهم تلكَ الحكاية الكاذبة التي ليسَ لها أصلٌ من الصحة والتي تزينها باللحظات السعيدة المزيفة وتحيكها بمعلومتها من خلالِ مشاهدتها للأفلام وقراءتها للقصص ..
كلُّ ذلك لتبعدَ القلق من وجهيّ التوأمان وهذا ما كانَ بالفعل فها هي لين قد بدت متحمسة ومنصةً لها باهتمام وقد اختفت ملامح الخوف بينما لير توردت وجنتيه وهو يستمعُ للحظة لقائها الجميلة برولند .
ـــــــ

مضى نصفُ الوقت وميلان يتنقلُ بينَ كلِ مكان في الأسواق وبينَ المطاعم ..لم يكن هدفه أن يستمتعَ بوقته بل في الحقيقة يريدُ إغاظة من معه ويبيّنَ له منزلته مقارنةً به .. فقد تعمد الأكل من أشهى الاطعمة في أفخر المطاعم أمام رولند كما أنّه اشترى من المحلات الشهيرة ملابسَ راقية غالية الثمن وفي كلِ مرة يرمقُ فيها ذلك الشاب بنظرات ساخرة على حاله ..
ولكن ما لبث أن ظهرَ على وجهه عدمِ الرضى فهو لم يحقق مراده في اغاظة رولند الذي بدى غيرَ مبالياً بما يفعله .

اشترى بعضَ البوظة وقد كانت آخر محطةِ قررها ... جلسَ على إحدى الكراسي في إحدى الحدائق الجميلة وبدأ يلعقُها بلسانه ببطء ليستشعرَ حلاوتها التي تذوبُ في فمه .
نظرَ بطرفِ عينه لخادمه الذي وقفَ بجانبه ينظرُ للجهة المقابلة التي تطلُ على الشارع ويبدوا غيرَ مهتم لما يفعله كما أنّه لم يتذمر لكثرة الأماكن التي زارها بل ولم ينطق بحرفِ واحد منذُ أن خرجا من القصر شعرَ بالغضب في داخله فأبعد قالب البوظة بالبسكويت وقال بصوتِ عالِ ليسمعه رولند .
ـ مُمل ...
نظرَ رولند له بطرفِ عينيه فقد خشيّ أن يثورَ سيده فيبدوا أنّ محاولاته كلها بائت بالفشل وها هو وصلَ إلى حده .
ابتسمَ ميلان عندما أثارَ انتباه فلوحَ بقالب البوظة باتجاهه وقالَ له بسخرية وهو يرفع إحدى حاجبيه.
ـ أتريدُ بعضاً منه ؟! .
التفت رولند له بكاملِ جسده وقد عرفَ مقصده من سؤاله فلم يرفض كما كانَ يظنُ ميلان بل قالَ له بطرفِ ابتسامة .
ـ للأسف لا أحبُ النوع الذي اخترته .
سخطَ ميلان لإجابته وأخذَ يحدقُ بالذي اشتراه فقد كان بطعمِ الفانيلا المزين بخطوط من الكراميل المجمّدة نهضَ بعصبية ورماه في سلةِ المهملات التي بجانبه .. تقدمَ باتجاه خادمه وجذبه من ملابسه ليقولَ له وهو يصكُ على أسنانه.
- أتريدُ إغاظتي يا هذا ... !! .
ـ لقد أجبتُ عن سؤالك فقط ! .

هذا ما قاله رولند بثقة وهو ينظرُ لوجهه ميلان الغاضب حل الصمتُ لبعضِ الوقت فلم يجد ميلان أيّ ردِ يجبُ قوله حتى يُغضب من أمامه فقطع أفكاره صوتُ رولند الذي قالَ له .
ـ أيمكننا العودةُ الآن .. فقد مضى الكثير من الوقت وها هي الشمسُ بدأت تدنو .
لاحظ ميلان التغير الذي طرأ على خادمه فقد بدى مرهقاً وقد اختفت ملامح التحدي في عينيه .. ابتسمَ بعناد وقالَ له.
ـ كلا ....
ابتعدَ عنه وسبقه بخطواتِ متسارعة وهو يندبُ حظه فهو لم يرد الخروج اليوم إلا ليثيرَ شيئاً ما في نفسِ خادمه ولكنّه بدى قوياً غير مبالياً وكأنما قد خاضَ تجربة في ذلك .. شدّ قبضة يده وقالَ بعصبية .
ـ لن أرجع أبداً حتى أحقق مراديّ .
ظلّ يمشي في طرقات المدينة يجوبُ شارعاُ وراء شارع .. لم يلتفت خلفه بل كانَ يسيرُ بدونِ هدف حتى غربت الشمس وحلّ الظلام ... شعرَ بالتعبِ في قدميه فالتفت ليرى إن كانَ خادمه يتبعه .. فوجده كظلهِ تماماً كانَ يأمل بأن يكونَ قد تأخر قليلاً في زحمه الناس ليعاتبه ولكنه لم ينجح أبداً .... التفت للوراء وتقدمَ باتجاهه أمسكه من كتفيه بقوة ثمّ أغمضَ عينيه ليصرخَ بصوتِ عالِ في وجهه .
ـ أنت بالفــــــعل مُمل ..مُمل .... مُمـــــــــــــــل !! .
هدأ الناس وصاروا يبتعدونَ عن ذلك الذي بدأ يصرخُ في منتصفِ الطريق ليتهامسوا فيما بينهم بتعجب .
ـ يبدوا أنهما تشاجرا ...
ـ لا تقلقا سوفَ يعودا صديقين كما كانا .

هذا ما كان الناس يتكلمٌون به ليسمعَ همسهم ويصلَ إلى ميلان الذيّ لم يعجبه الوضع تماماً تقدمَ عجوزُ باتجاههما وقال لهما بصوته الضعيف الذي يظهر فيه الحكمة .
ـ سوفَ تندمانِ على ذلك أيها الشابان الصغيران وستتمنيان بأنكما لم تتشاجرا .
كانَ ميلان يحترقُ في داخله وكأنما ما يسمعه لا يزيدُه إلا غضباً على غضب ليقولَ بهمسِ لنفسه وهو يصكُ على أسنانه .
ـ تباً .. تباً .. تباً ... هو ليسَ صديقي إنّما هو خادمي !! لماذا وصلتُ إلى هذا المكان المليء بالعجائز !!.
تراجعَ رولند للخلف فتعجبَ ميلان من ذلك وانقطعَ صراعه الداخلي , أخذَ ينظرُ إلى خادمه بإستغراب ..
انحنى له أمامَ الناس في منتصفِ الطريق وقالَ له بنبرةِ هادئة .
ـ أرجوك سامحني أنا المُخطئ .....
اتسعت عيناه أثر ما قاله فقد قلبْ الموازين لصالحه وها هو الآن يعتذرُ له أمام الجميعِ معرضاً نفسه للإهانة أمامه فلم يكن له سوى أن يرسم ابتسامة ساخرة منتصرة فها هو أخيراً قد حقق مراده بطريقة غير مباشرة ,
بينما بقيّ رولند على حالته ينظرُ إلى الأرض بعينيه فقد كانَ يعلمُ تماماً بما كان يجولُ في خاطر سيده ولم يرد أن يخيّب ظنه ورأى أنّه من الأفضل أن يفعل ذلك .
ـــــــ
ركبا السيارة وحلّ الهدوء التام بينهما فلم ينطقَ كلاهما بعدما حدث في ذلك الشارع ... كانَ ميلان يشعرُ بالانتصار فقد حقق مراده الذي جاءَ لأجله وها هو يرى وجه خادمه الذي بدى عليه الإرهاق من خلالِ المرآه العاكسة فنصفُ يومِ قضاه معه في الخارج من المتوقع فيه أن يشعر بكمية من التعب , فجأة ترددت على مسامعه جملةِ أحدهم.
ـ لا تقلقا سوفَ يعودا صديقين كما كانا .
شعرَ بالغرابة وأخذت ترنُ تلكَ الجملة في أذنيه مكونةً صدى ذاتِ رنّة غريبة... اسندَ رأسه على مقعد السيارة الخلفيّ وطغت على ملامحه معالم الهدوء ... تبدلت نظرته الحادة لأخرى حزينة وأخذَ يتذكرُ موقفاً قديماً حصل معه في ذلك الحادث .. عضِ على شفتيه وقالَ بألم .
ـ ترى أينَ أنتَ الآن ! .. هل نجوت أم أنكَ لا تزال في قبضتهم ؟! .
ـــــــ
وفي شقة ميدوري
تأكدت من نومهما فإبتسمت بداخلها وهي ترى الفرحة على وجوههم النائمة فيبدوا أنّ القصة التي حكتها لهم قد صدقوها وهذا ما أرادته...
ارتدت خفها الملون وخرجت إلى الشرفة ... أسندت ذراعيها عليها وتبدلت ملامحها للحزن وما لبث أن هبت نسمه هواء باردة حركت وريقات الشجرة الضخمة التي تطلُ على شقتها لتسقطَ وريقاتها على الشارع الذي تحته وتحركُ شعرها البني القصير أرجعت بعضاً من خصلاتِ شعرها خلفَ أذنيها وبدأت تحركُ شفتيها وقد انسابت دمعة على وجنتيها .
ـ رولند .. تُرى ما هو مقدار العذاب الذي كنتَ تعيشه قبل أن نلتقي بك ! هل ازداد بعدَ مجيئنا أم لا ؟! .
دفنت وجهها بيدها وقد بدأت الدموع تنسابُ من عينيها لتقولَ بعتاب لنفسها .
ـ ما هذا السؤال الغبي . ! بالتأكيد ازداد بعدَ مجيئنا ... دائماً ما كان يحمينا ونحن نقفُ ننظرُ إليه دونَ أن نفعلَ شيئاً .
بدأت تمسحُ الدموع بكمِ قميصِ نومها لتتمالك نفسها فلو رأى ما هيّ عليه لغضبَ منها بالتأكيد .. ابتسمت من جديد فقد تعلمت فعلَ ذلك بسرعة فقد جاهدت نفسها على ذلك لأجل ذلك الشاب لكيلا يغضبَ ويحزنَ من تصرفها .
استنشقت بعمق من نسيم الليل البارد فبدأت الراحة تدخلُ تدريجاً إلى نفسها ابتعدت عن الشرفة وأغلقت بابَ شقتها لتنام وتبدأ يومها القادم بحيوية .
ـــــــ
كانت الغرفة مظلمة لا ينيرها سوى إنارة صفراء خفيفة ولا يسمعُ فيها إلا صوتُ الهواء البارد الذي يكيفها ... قامَ بشربِ كأس الماء الذيّ امتدّ له ثمّ وضعه بعد أن صارً فارغاً احتضن وسادته ثمّ أسقط نفسه على السرير لينام ...
خرجَ رولند من غرفةِ سيده وهو يحملُ كأس الماء الفارغ وأكثر ما أثارَ استغرابه هو هدوء ميلان وكأنما هناكَ ما يشغلُ فكره تنهدَ بعمق فقد كانَ ذلك جيداً فلم يصرخ عليه أو يقومُ بإلقاء كتلِ من السخرية باتجاهه .
نظرَ للقصر من حوله فوجده هادئاً فيبدوا أنّ جميعَ الخدم قد خلدوا للنوم .. وصلَ إلى الدرجِ الذي يوصلِ إلى غرفته في الدور الأرضي بدأ ينزله وهو يضعَ ذراعه على الجدار فعقله مشغول بالتفكير في الغد ...
وصلَ إلى غرفته الضيقة فأسقطَ نفسه على السرير ... فتحَ أزرار سترته ليشعرَ ببعضِ الهواء وما لبثَ أن ظهرت ملامح الألم على وجهه ليتكور على نفسه ويشدّ بيده على الوسادة بقوة وكأنما أرادَ أن يُفرغَ ألمه فيها ..
ثواني هي حتى عادت ملامحه إلى طبيعتها واختفى ذلك الألم ... أغمضَ عينيه ومدد جسده ثمّ قامَ بوضعَ ذراعه على جبينه واستسلم للنوم سريعاً .


انتهى الفصل الخامس ..


 


قديم 03-03-19, 10:24 AM   #14
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (08:26 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



-

صممت للرواية صورتين من عندي،
مجهود شخصي وحبيت أنزله هنا ..



...



 


قديم 03-05-19, 12:41 PM   #15
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (08:26 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



عربةٌ مزينة بألوانِ جميلة وأشكالِ هندسية براقة تسرُ أنظار كل من يراها , تجرها اثنين من الخيولِ البيضاء الأصيلة وحولها تسير مجموعة من السيارات المختلفة في أحجامها والتي قد طبعت عليها شعارٌ موحدّ بألوانِ لامعة ...
كان هناكَ مجموعة من الأشخاص في العربة الرئيسية والتي توجدُ بداخلها كلَ أنواعِ المرح ومختلفِ الأقنعة التي تحبها مختلفُ الأعمار ..
جميعهم تبدوا عليهم الحماسة والسعادة فها هم يأكلون بعضاً من الحلوى الفرنسية المغطاة بالشكولاتة وبعضُ منها مغطى بطبقة من الفانيلا والمكسرات المتنوعة , لباسهم موحد فقد كانَ يطغى عليها اللون الأبيض المزين بخيوطِ ملونة من على أطرافها .
تقدمَ أحدهم نحو شخصِ قد جلسَ في زاوية بعيدةِ عنهم ... ويختلفُ عنهم بعضَ الشيء فهو يلبسَ عباءةً زيتية مقطعة من الأطراف ويغطيّ رأسه بقبعةِ متصلةِ بتلكَ العباءة وبيده يأكلُ بعضاً من الحلوى المثلجة ....
ـ ألا تريدُ البقاء معانا ! بالرغمِ من أننا لا نعرفك جيداً إلا أنك كنتَ مذهلا .
رفعَ ذلك الشاب رأسه عندما سمعَ ذلك السؤال.. ابتلعَ قطعة الكعك المحلاة المجمدة وظهرت على عينيه معالمِ التصميم ليقولَ للشخصِ الذي سأله .
ـ لا أستطيع البقاء .. فهناكَ شخص يجب أن التقيه .
أخذَ ينهي ما بيده بسرعة وما لبثَ أن رفعَ ذراعه وقالَ لمن أمامه بمرح .
ـ أريدُ المزيد .... فهذهِ الحلوى لذيذة وهي أشبه بالمثلجات ..
تقدمَ بعضُ ممن في العربة باتجاهه وقد ارتسمت بداخلهم ابتسامة جميلة أعطى أحدهم لذلك الفتى بعضاً مما طلب والذي أسرعَ بأخذه منه وقد طغت على وجهه معالمُ السعادة .
سقطَ الغطاء الذي على رأسه فظهر شعره الأشقر المائل للونِ غروبِ الشمس وقالَ لهم وهو يأكل الحلوى .
ـ يسرني البقاء معكم ... ولكن هناكَ ما يجبُ عليّ عمله في المدينة التي ستذهبونَ إليها .
ابتسمَ أحدهم وهو ينظرُ لذلك الشاب الذيّ ألحّ عليهم بأن يأخذوه معه فيبدوا أنّه علم أنهم متوجهون لمدينة أخرى وقد تسلل إلى عربتهم وعندما اكتشفوا رفضَ النزول وعرضَ عليهم بعضاً من مواهبه فقبلَ جميعهم بأن يحملوه معهم فقد بدى بارعاً وهو يحركُ الكرات الملونة بيده بخفة وانسيابيه .
جلسَ بقربه وأخذً يدقق النظر إليه .. كانَ شاباً صغيراً بدى في السادسة عشر ويبدوا أنّه فقير فهيئته تدلُ على ذلك ..
مدّ يده نحوَ إحدى أذنيه .. ولمسَ الحلقة الطويلة التي أشبه بخيطِ ملون وقالَ له بابتسامة .
ـ ولماذا ترفضُ الانضمام معانا بالرغمِ من أنّه عرضٌ مغري ! .. سوفَ تحصلُ على الكثير من المعجبين وسوفَ تزورُ أغلبَ المدن لترى جمالها كما أنّك ستحصلُ على مرتبِ جيد يكفي لتعيشَ حياةً كريمة .
توقفَ المعني به بالسؤال عن الاكل ورفعَ يده ليبعدَ من أمسك بحلقةِ أذنه عنها بلطف ثواني هي حتى ابتسمَ ابتسامة حزينة .
ـ أخبرتك .. هناك شخصٌ يجبُ عليَّ أن أبقى معه .
استغربَ الجميعَ من ذلك وأخذو ينظرون لذلك الشاب بغرابة ولكنّه ما لبثَ أن أبعدَ الحزن عن شفتيه ليقولَ لهم بابتسامة مرحة .
ـ بالمناسبة متى سوفَ نصلُ لتلكَ المدينة ! .
ضحكَ الجميعَ على شخصيته فتقدمَ أحدهم نحوه ووضعَ يده على شعره ليقولَ له بمرح ...
ـ ما رأيك لو نعلمك بعضاً من الحركات الجديدة لتضيفها إليك .
شعرَ الشاب بفرحة غامرة وأمأ برأسه موافقاً .
فجأة مُلأ المكان ضياءً بأشعة الشمس الهادئة والتي أخذت تنسابُ من العربة التي هم فيها ... ارتسمت الفرحة بداخلِ الشاب وأسرعَ نحو الشخص الذي قامَ بإزالة الستار عن نافذة العربة ..
أطلَ برأسه منها فحرّك الهواء عباءته وشعيرات رأسه ...
اتسعت عيناه بسعادة عندما بدت تظهرُ له معالم المدينة بمبانيها الشاهقة .... فهمسَ لنفسه وقد بدأ قلبه يخفق .
ـ وأخيراً .... وصلتُ إليها ..
ابتسمَ جميعَ من في العربة فقد بدى لهم أنّ ذلك الشاب يحملُ في قلبه وعداً ثقيلاً كلفَ نفسه به جلسَ الجميعَ في أماكنهم منتظرين موعد النزول ... بينما لم يجلس ذلك الفتى من فرطِ حماسته بل أخذَ ينظرُ من النافذة متلهفاً للوصول .
ـــــــ
بدأ صباحٌ آخر في قصر ماليان وكما هو المعتاد فقد غادرَ ميلان إلى شركته ليساعد عمه حتى رولند لم يكن فيه فبعد أنّ أصبحَ خادمه الخاص فقد قرر ميلان بأن يكونَ هو سائقه ليذهب به إلى أيّ مكان يريده ..
بينما عاد شيمون للعمل وملامح الغرابة باتت بادية على وجهه فلم يحصل أيُّ إزعاج من سيده هذا اليوم فقد كانت تطغى عليه أثار النوم وبدى أنّه لم ينم جيداً شعرَ بالقلق في داخله فيبدوا أنّه كانَ يُفكر في تلك الحادثة ولم يستطع النوم .
وعند بوابة الشركة ...
صفقَ ميلان باب السيارة بعصبية فيبدوا أنّه قد استعاد طبيعته بسرعة .. أسرعَ بخطواتِ غاضبه وقالَ بحرقة .
ـ أودُ أن أبرحك ضرباً .
وصلَ إلى بوابة الشركة فأدخلَ كمية كبيرة من الهواء إلى رئتيه ليبعد شعوره بالغضب كرر تلكَ الخطوة مراتِ عديدة حتى شعرَ بالراحة .. عدلّ من ملابسه وتسريحة شعره ثمّ دخل برزانة .
بينما كانَ رولند واضعا رأسه على مقودِ السيارة وقد بانت على وجهه ملامح الإرهاق الطفيفة ليقولَ بهمس .
ـ إنه أشبه بطفلِ مدلل ... لماذا يضعُ كل غضبه عليّ عندما يكونُ هو المخطئ !.
رفعَ رأسه وحركَ مقود السيارة عائداً إلى القصر فقد حدثت مشاجرة من طرف واحد فقد نسي ميلان أن يلبسَ ربطة عنقه الجديدة
وقد عاتبه على ذلك .. رغمَ أنّ رولند بريءٌ من ذلك فميلان هو من يختارَ لنفسه ملابسه وهو فقط يخرجها له في الصباح .
ـــــــ
في شقة ميدوري ...
لم يعد باستطاعتهم كتم ضحكاتهم فوضعَ كلٌ منهما يده على فمِ الآخر فقد كانت السعادة ظاهراً على وجوهم مع بداية طلوعِ شمسِ اليوم .. لم يعد باستطاعة لين أن تكتم ضحكتها أكثر فأبعدت يد لير عن فمها وانفجرت بالضحك ... ثواني هيَ حتى تبعها لير ليشاركها الضحك ...
فقد كانَ منظرُ ميدوريّ مضحكاً خاصة وأنّها قد تأخرت في تجهيزِ نفسها وصارت مرتبكة وهي تبحثُ عن أشيائها وتركضُ في أنحاء الغرفة فجأة سمعا صوتَ الباب ليضعها أيدهما على فمهم .
دخلت ميدوري وهي تربطُ شعرها القصير لترفعه . وقد بدت أنّها مستعجلة .. انتهت من ربطِ شعرها ونظرت لطفلين لتقولَ لهما بعتاب .
ـ أتنما تضحكانِ عليّ أليسَ كذلك ؟! .
أومأ برأسيهما نفياً بطريقة مضحكة ... لترتسم الابتسامة على وجه ميدوري وهي تراهما بسعادة ونشاط فقالت لهما وهي تأخذُ حقيبتها الصغيرة .
ـ ها قد انتهيت ....
نهضا من الأرض وأمسكا بأيدهما ليذهبا فها هو اليوم الأول الذي سيذهبا فيه إلى رياض الأطفال .. توقفا عندَ ميدوري التي ما لبثت أن وضعت إصبعها على جبينِ كل واحدِ منهما لتقولَ لهما بمرح .
ـ في المرة القادمة سوفَ أستيقظُ باكراً لكيلا تضحكا عليّ .
أوما برأسيهما بمرح وانطلقا خلفها .. كانت لين سعيدة فها هيّ تلبسُ ملابسَ جديدة قد اشترها لها ميدوري لتذهبَ بها إلى رياضِ الأطفال والتي كانت مطابقة تماماً لتوأمها إلا أنّه يختلف في أنّه مكوّن من بنطال وبذلة وهي أشبه بثوبِ قصير يصلُ لمنتصفِ ساقيها ...
رفعت نظرها لتنظرَ لميدوري فقد كانت هي الاخرى متحمسة للذهابِ بأوراقها إلى الجامعة بحيثِ يمكنها الدراسة ... أمسكتْ جيداً بيد أخيها وهي تأمل بأن يكونَ هذا اليومُ جيداً لهم جميعاً .
ـــــــ
وصلَ رولند إلى القصر فوضعَ السيارة في مكانها المناسب .. أخذَ يسير حتى وصل إلى الحديقة .. توقفَ عند إحدى شجيراتها القصيرة فجلسَ تحتها ليرتاحَ قليلاً .. فليسَ لديه ما يفعله بما أنّ سيده ليسَ هنا ..
رفعَ رأسه فرأى شيمون يتقدمَ نحوه أرادَ النهوض لكنّه أشارَ إليه بيده بأنّه لا بأس في ذلك فقد كانَ يحملُ بيده صينية فيها بعضٌ من الكعك بالإضافة إلى كوبين يتصاعدُ منها البخار ... جلسَ شيمون بالقرب منه ووضع الصينية على الأرض ثمّ ما لبثَ أن مددّ ذراعيه للأعلى ليقولَ بابتسامة وهو ينظرُ للمكان من حوله .
ـ لقد أحسنت باختيار هذا المكان ...
ابتسمَ رولند وهو يرى عليه ملامح الراحة فبدأ شيمون بوضعَ الذيّ أعده أمامَ رولند ليقولَ له.
ـ اشربه إنّ طعمه لذيذ فقد قمتُ بإعداده ... إنه حليب ساخن بطعمِ العسل كانت أمي تعده لي عندما كنتُ صغيراً .
سارعَ بأخذه وارتشفَ منه انسابت إلى فمه طعمه فقالَ لـ شيمون في دلالة منه على إعجابه .
ـ إنه لذيذ ... شكراً لك .

ظهرت ملامح الخجل على شيمون فضحك بخفة وقالَ رولند .
ـ يسعدني أنّ أعدّه لك كل يوم .. فجسدك يبدوا ضعيفاً .
ما إن سمعَ رولند جملته الاخيرة حتى تغيرت ملامح وجهه وأخذَ يحدق بالبخار الذي يتصاعد من كأسه .
التفت شيمون نحوه وسأله .
ـ لقد سمعتُ محادثة ميلان معك وأنكَ قد اقترفتَ خطأ جعلك تعملُ عند السيد الراحل ليبريت .
ارتشفَ القليل ثمَ وضعه وقالَ لـ شيمون مع ابتسامة جميلة ظهرت على شفتيه .
ـ أجل .. بينما كنتُ أسير في الشارع أتلفتُ عن طريقِ الخطأ بضاعةً له .
قامَ شيمون بقضمِ بعضِ الكعك وفهمَ ما كانَ يقصده ... حل الصمتُ بينهما لبعضِ الوقت فها هو شيمون ينظرُ للحديقة وهو يأكل بعضَ الكعك بينما رولند يفكر في ذلك اليوم وهو يرتشفِ من كوبه وقد بدأت تلك الذكرى تعودُ إليه .
•••
بدأ يشعرُ بألم يتمزقُ في داخله ولم يعد باستطاعته السير فمنذُ أن استيقظ وذلك الألم يلازمه تحاملَ على نفسه حتى وجدَ منعطفاً ضيقاً أسرعَ بخطواتِ ثقيلة باتجاهه وما إن وصل إليه حتى سقطَ على الأرض ..
أخذت أنفاسه تتصاعد وحرارة جسده ترتفع اتكأ على الجدار ورفعَ نظره للسماء الزرقاء ليقولَ بهمسِ .
ـ تباً .. ألن يتوقفَ هذا الألم .
بدأت له الرؤية مشوشة فوضعَ يده على جبينه وما هي إلا ثواني حتى بدأ يفقدُ وعيه تدريجياً .
دارات عقاربُ الساعة ومرّ الكثير من الوقت .
فتحَ عينيه بصعوبة فرأى أن الظلام قد حلّ شعرَ بالقلق يسيطر عليه فوقفَ على قدميه وأخذَ يسير ليعودَ إلى حيثُ لير ولين ..
قابل شاحنة تقفٌ بالقرب من المنعطف الذي هو فيه ويبدوا أنّ أصحابها يفرغونَ الشحنة التي فيها سارَ ليخرجَ ولكنّ ما إن وصلَ إلى الشارع حتى اختلّ توازنه ليسقطَ على الجهة المقابلة لتلكَ الشاحنة , اصطدم جسده بها فاهتزت الأشياء الخفيفة التي فيها لتسقطَ جميعاً تتبعها واحدةً تلو الاخرى , أغمضَ رولند عينيه وهو يسمعُ صوتَ تكسرِ عنيف .
سارعَ رجلان بفزع ما إن سمعا ذلك الصوت أسرعَ أحدهم نحو باب الشاحنة المفتوح بفزع بينما الآخر أمسكَ الفاعل من ذراعيه وأخذَ يصرخُ في وجهه المتعب .
ـ أنت !!!! ألم ترى أننا كنّا ننزلُ تلكَ الشحنة هل تعمدت فعلَ ذلك .
لم يعد باستطاعته أن يبقي عينيه مفتوحة وهو يشاهد ذلك الرجل الذي يصرخ عليه فقد اشتدّ الألم عليه وآخر ما سمعه قبلَ أن يفقد وعيه .
ـ لنذهب به إلى السيد ليبريت حتى يرى العقاب المناسب له .
•••
عادَ رولند إلى واقعه وهمسَ لنفسه ولا زالت تلكَ الذكرى تعودُ إليه . .
ـ وبذلك سمحَ لي ليبريت بالعمل عنده تعويضاً لما فعلت .
أنهى شيمون الكعك بمشاركة رولند .. فنهضَ وقالَ لـ الشاب الذي أمامه .
ـ هل تساعدني قليلاً ؟! .
أومأ رولند برأسه موافقاً ونهضَ ملبياً طلبَ كبيرِ خدمِ القصر فقد شعرَ بالراحة لقربه وهو في شوقَ ليعلم سبب بقاءه مع سيده الشاب أرادَ سؤاله ولكنه علمَ أنّه ليسَ الوقت المناسب ليقومَ بسؤاله .
ـــــــ
وفي مكان آخر .
نزلَ الجميعُ من تلكَ العربة التي انطفأت أنوارها بسبب طلوعِ النهار طأطأ الشاب الصغير رأسه وقالَ بابتسامةً مرحة .
ـ شكراً لكم لسماحكم لي للبقاء حتى أن أصلُ إلى هنا .
حزنَ أحدهم والذي بدى كقائد للفرقة من مغادرة ذلك الفتى الناشئ الذي صممّ على الرحيل ورفضَ عرضهم فقالَ له بفضول .
ـ أذلك الشخص الذي تودَ مقابلته عزيزٌ عليك إلى هذه الدرجة ؟! .
توقفَ الشاب للحظات عندما سمعَ ذلك السؤال ليقولَ بصوتِ حزين .
ـ أجل .. إنني أعيشُ إلى هذه اللحظة بفضله .. لو لم يكن موجوداً لما كنتُ على هذه الحال ..
ابتسمَ بعدَ مقولته ليلوّح بيده مودعاً بابتسامة مرحة .... رفعَ الغطاءَ المتصلَ بعباءته إلى رأسه وانطلقَ راكضاَ مبتعداً عنهم ...
تداركً قائد الفرقة أمراً مهماً فصرخَ وهو يستدركُ ذلك الشيء الذيّ نسيه .
ـ انتظر أيها الشاب ما اسمك ؟!؟ .
لم يصلِ صوته فقد ابتعدَ ذلك الشاب بسرعةِ عالية وهو يركض بخفة ... تنهدَ بخيبة أمل وضربَ على جبينه ليقول .
ـ تباً لم نقم بسؤاله لأننا انشغلنا بالمرحِ معه .
أعادَ الابتسامة إلى شفتيه ما إن سمعَ صوتَ مديره يطلبُ منه الحضور ليصعدَ للعربة مرة أخرى وهو يهمس لنفسه .
ـ أنا متأكد بأنها لن تكون المرة الأخيرة التي أراك فيها .
انطلقَ راكضاً وكلّه أمل أن يلتقي بمن يذكره في داخله فقد سمعَ بعضَ الأخبار عنه ..
لا حظَ طفلين يقفانِ أمام محلِ ما ففكرَ بأن يسألهما فلن يعرفَ ذلك المكان ما لم يعرف الحيّ ... ابطأ في سيره واتجه نحوهما .
عندَ لير ولين كانا هم من يقفانِ عندَ ذلك المحل منتظرين ميدوري التي نسيت أن تأخذَ معها قلماً .
ـ أنتما ...
التفتا ما إن سمعا ذلك الصوت فشاهدا شاباً يرتديّ عبائه زيتية .. ابتسمَ ذلك الشاب بمرح ليقولَ لهما .
ـ هل تعلمانِ أينَ هو الحيّ الذي يقطنُ فيه أغنياء هذه المدينة ...
حدّقت لين في وجهه وأثارَ انتباهها شيء ما ... بينما تكفّل لير بالإجابة فأشارَ بيده إلى الخلفِ نحوَ شارعِ فرعي ليقولَ له .
ـ إنه هناك سوفَ تجده بعدَ أن تعبره... لكنّه بعيدِ عن هنا .
شعرَ الشابَ بالفرحة الغامرة فابتسمَ بحماسة ليقولَ للير وهوَ يمسكُ كلتا يديه .
ـ شكراً لك .
انطلقَ مسرعاً للخلفِ وهو يلوح لهما .... بينما كانَ لير راضياً فها هو قد ساعدَ أحدهم التفتَ نحو لين فرأى عليهما ملامح غريبة فقد كانت تنظرُ إلى المكان الذي ذهبَ فيه ذلك الشاب .
ـ أختي هل هناكَ شيء ؟! .
ـ هل لاحظتَ ذلك ؟! .

استغربَ لير من سؤال أخته المفاجئ .. أمسكت لين بيدِ أخيها لتقولَ له وقد لمعت عيناها الخضراء .
ـ إنه يشبه السوار الذي تلبسه أختنا ميدوري ...
أومأ لير نافياً وقالَ لها وقد استغربَ اندفاعها الغريب ليقولَ لها .
ـ لم ألاحظه .
خرجت ميدوري من المحل وهي تضعُ قلمها في الحقيبة ... نظرَت للطفلين فاستغربت عندما رأت لين تتجه نحوها .
توقفت لين أمامَ ميدوري , أمسكت يدها ورفعت كمّ ملابسها قليلاً حتى ظهرَ سوراها فقالت للير لتنفيّ ما قاله .
ـ بلى أنّه يشبه ما تحمله أختي ... لقد كانَ يضعها كحلقة في أذنه اليسرى كذلك .
أصابتها الصدمة ما إن سمعت جملة لين و اتسعت عيناها لتهمسَ لنفسها بعدمِ تصديق وقد بدأت ضرباتُ قلبها بالخفقان
ـ مستحيل ! .......... أيعقل أن يكونَ هوَ !! .
تقدمَ لير باتجاههما وقالَ ببراءة لأخته .
ـ قلت لكِ أنا لم ألاحظه .
عبست بضيق فهي قد رأته بعينها ... كتفت بذراعيها وقالتَ بعدمِ رضا .
ـ إذا التقيته مرةً أخرى فسوفَ أجلبه لتراه .
هدأت دقات قلبها ما إن سمعت ردَ لير فقد ظنّت أنّه هوَ .. ابتسمت وأمسكت بأيدهما لتقولَ لهما بصوتِ هادئ .
ـ لا تتشاجرا فأنتما توأمان ...
أومأ برأسيها وتناسيا الأمر .. تابعا المسيرَ مع ميدوري التي طغت على ملامح وجهها الحزن ... فقد تذكرت ذلك الشخص ... وأخذت تفكرُ في قرارة نفسها .. ما ذا إن كانَ هو حقاً !! ماذا إن جاء إليهم مرةً أخرى ... .!
استقلت سيارة أجرة وأعلمت السائق بمبنى رياض الأطفال الذيّ سيذهبُ إليه لين و لير ... نظرت إليهما فوجدتهما متحمسين للذهاب فها هي لين تحدثُ أخاها بأنها ستكونُ لطيفة ليصبحَ لديها الكثير من الأصدقاء بينما توأمها يبتسم لها وينصت لما تقوله ... .
ـــــــ
... أخذَ ينظرُ للمكانِ حوله فقد بدأت الأحياء تتغير عما مرّ عليها .. فها هي البيوتِ الفخمة تحتلُ جانباً بينما الجانب الآخر لقصورِ واسعة رخامية ...
بينما أعمدة إنارة الشارع مطلية بلونِ ذهبي والرصيف بدا لا معاً نظيفاً ... كلُّ شيء في ذلك المكانِ الذي دخله يدلُ على غنى أصحابه ..
بدأ يبطئ من سيره .. وهو يرى بعينه تلكَ المناظر التي أسرته ... أخرجَ من جيبِ سترته ورقةَ صغيرة فنظرَ إلى ما هوَ مكتوبٌ فيها فانعطفَ يميناً وقال .
ـ إنّه هنا ...
توقفَ للحظات وأخذَ ينظرُ بحدقةِ عينيه ليرى ذلك القصر الذي توقفَ عنده ...
جدارٌ رخامي وبوابة كبيرة على شكلِ سياجِ حديدي يُرى من خلاله.. ساحةٌ القصر الممتلئة بالورود والأشجار المتسلقة ... نافورة مياه تنسابِ بهدوء وجمالية متوسطةً العشبِ المخضر وأخيراً جلسةٌ صغيرة بكراسي ملونة فوقها مظلاتِ على شكلِ ورودِ حمراء .. .
ارتسمت السعادة في داخله فها هو أخيراً سيجدُ من يبحثُ عنه تلفت حوله بسرعة لتقعَ أنظاره على شجرة عملاقة يصلُ طولها لأمتارِ حتى أنّ أغصانها قد أخذت حيزاً من جدارِ القصر الذي يقفُ أمامه ..
انطلقَ بخفة نحوها وأخذَ يتحسسُ جذعها .. وما هي إلا ثواني حتى بدأ بتسلقها ببراعة وخفة .. وصلَ إلى أعلى الجدار وتخفى بوريقات الشجرة ... أخذَ ينظرُ بريبة للمكان .. لم يجدَ أيّ حراس فبدأ بالنزول بحذرِ شديد ليدخلَ إلى ساحة القصر ... .

وفي غرفةِ جميلةِ هادئة يجلسُ شابٌ على كرسيِ بقربِ النافذة ... يقرأ كتاباً يحمله في يده اليمنى بينما في يده الأخرى قالبٌ من الشكولاتة يقضمها كل ما قلبَ صفحة من ذلك الكتاب ...
شعرَ بالملل فأغلقَ الكتاب ووضعه على الطاولة التي بقربه ....
أخذَ كوبَ القهوة الذي بجانبه وأخذَ يرتشفُ منه وهو ينظرُ للنافذة .... فجأة احترقَ لسانه بالقهوة ما إن رأى شيئاً فاجأه , أسرعَ بوضعِ يده على فمه وأغمضَ عينيه بألم ..
ثوانيّ هيّ حتى وضعَ كوبَ القهوة على الطاولة وعادَ بسرعة إلى النافذة ...
وضع يديه عليها وأخذَ ينظرٌ بإمعانِ لذلك الشخص الغريب الذي دخلَ قصره قافزاً بينَ الشجيرات الصغيرة بكلِّ رشاقة وفي كلِ مرة يتأكدُ من غطاءِ رأسه الذي عليه .. .
شعرَ بالحماسة لذلك فأخيراً هناكَ شيء ما يثيرُ انتباه .... وضعَ قالب الشكولاتة في فمه وأسرعَ بخطواته ليرى ما لذي يريده ذلك المتسلل البارع فبدت ملامح وجهه كطفلِ يشاهد التلفاز في حماسة .
أخذَ المتسلل كما أطلقَ عليه ذلك الشاب .. ينظرُ من حوله وهو يأملُ بأن يرى أحد خدمِ هذا القصر ... لا حظَ أحدهم فسارعَ بالاختباء خلفَ إحدى الشجيرات الصغيرة ... أخذَ يدققُ النظر إلى ملامح وجهه فأصابه اليأس فقد مرّ من أمامه عشرونَ خادماً ولم يرى الشخصَ الذي يريده .. .
جلسَ على الأرض بتعب فقد أرهق من التنقل بتلكَ الخفة بينَ ساحة القصر الكبيرة ... فقد مضى وقتٌ طويل وهو يجوبُ المكان ... نظرَ إلى القصر فكتفَ بذراعيه وأومأ برأسه نافياً عندما طرأت له فكرة الدخول له .وأخذَ يحادث نفسه . .
ـ مستحيل سوفَ يقومونَ باكتشافي إن أنا دخلت ...
وضعَ يده على ذقنه وأخذَ يُفكر بعمق وهو يغمضُ عينيه ... بينما في الجهة الأخرى ..
ملّ ذلك الشاب واختفت ملامح الحماسة من وجهه فله أكثر من ربعِ ساعة وهو ينتظرُ ذلك المتسلل أن يقومَ بحركةِ ما ولكنّه بدى كمن هوَ غارقُ في التفكير .. طرأت في داخله فكرة فتلفت بحذرِ ليرى إن كانَ أحدُ خدمه بالقربِ منه .. لم يجد أحداً فأسرعَ بخطواته نحو ذلك المتسلل ليرى ما لذي جرى له , وصلَ إليه فوضعَ يده على كفته وقالَ له هامساً .
ـ ما الذي جرى لك .. ! لماذا توقفت ؟! .
ارتعدَ قلبه عندما شعرَ بهمسَ أحدهم ... التفت بحذر وسارَع بوضعَ يده على فمِ الشخصِ الذي خلفه ... .لكيلا يحدثَ ضجة .
لم يتفاجأ ذلك الشاب بل بقيّ ساكناً حتى وهو أمامَ ذلك المتسلل الذي اقتحم قصره بل أخذَ ينظرُ إلى ملامحه ببراءة...
خافَ المتسلل قليلاً ولكن ما إن رأى هيئة من أمامه وأنّه ليسَ سوى شاب .. حتى اقتربَ منه وهمسَ إليه بحذر .
ـ أنت لا تقم بعملِ ضجة ... أعدك لن أفعلَ شيئاً سيئاً فقط ألتزم الهدوء .
أومأ الشاب الذي بدى أكبر منه موافقاً فاطمأن قلبُ المتسلل وأبعدَ يده عنه ...
جلسَ بالقربِ من المتسلل الذي بدى مرتبكاً بعضَ الشيء فهو لم يصرخ أو حتى يرتعب ... فكرَ قليلاً وأخذَ ينظرُ بريبة فذلك الشاب يبتسم له وكأن الحماسة تتفجرُ بداخله .. شعرَ باليأس .. فيفترضُ في موقفه ذاك أنّ يخاف أو حتى يرتجف ... .لم يأبه لذلك بل طرأ في داخله فكرة ليهمسَ لنفسه .
ـ لا بد أنّه ما ساكنّي القصر ... لو طلبتُ منه أن يدخلني حتى أبحث عنه ...
شعرَ بالارتباك لتلكَ الفكرة ولكنه في كل مرة يشعرُ بالإحباط لرؤية ذلك الشاب الذي نفذَ ما يطلبه ولم ينطق بحرفِ واحد ابتلعَ رمقه وأمسكَ كلتا يديه ليقولَ له هامساً .
ـ هل يمكنك أن تقومَ بإدخالي للقصر أنا أبحثُ عن أحدهم .. .! .
أومأ الشاب برأسه موافقاً مما زادَ عندَ المتسلل شعورٌ بالإحباط فهو حقاً لن يعرفَ فيما يفكرُ فيه هذا الشاب الذي أمامه .
دخلا للقصر بحذر وحركاتِ خفيفة خفيّة ... شعرَ الشاب بالمرح وهو يتنقلُ بكلِ انسيابه بينَ المكان بكلِ هدوء مع ذلك المتسلل حتى أنَه لم يلاحظه أحدٌ من خدمه وهذا ما زادَ الإثارة عنده ...
توقفَ عندَ زاوية الدرجِ فجلسَ فيها وأخذَ يُفكر بعمق فهو لم يجدَ من يريده ... بعثر شعره بعصيبة وقالَ بضيق .
ـ أينَ هو ... ؟! .
سمعَ ذلك الشاب ما يهمسُ به لنفسه فقالَ للمتسلل بمرح .
ـ تبحثُ عمن ؟! .
اتسعت عينُ المتسلل ووضعَ يده على فمِ الشابِ بحذر ليسكته فقد مرّ أحدُ الخدم ... لم يطمأن فهمسَ لذلك المتسلل بضيق.
ـ أنت .. لا ترفع صوتكَ .. سيكشفنا أحدُ الخدم ثمّ يذهبُ بنا إلى سيد القصر العجوز ! .

ـ مـــــــــــــاذاااا ؟! .


هكذا صرخَ الشاب ما إن سمعَ جملة المتسلل ليقفَ غاضباً وهو يشيرُ إليه بانفعال .
ـ ماذا قلت ..!! عجوز !!!! سيد القصر العجوز ؟!.
انتبه الجميعُ لذلك الصوت الغاضب فأسرعَ الخدم باتجاه سيدهم ما إن سمعوا صوته ..... ارتبكَ المتسلل وهو يرى خروجَ ذلك الشاب عن هدوءه فابتلعَ رمقه ووضعَ يده على رأسه علّه يخفي نفسه بينما أخذَ يحدث نفسه .
ـ يالي من أحمق ... لقد كشفتْ ...! .
تقدمَ أحدُ الخدم نحو سيده الذي بدى منفعلاً فاقتربَ منه وأمسكَ بكتفه ليقولَ له .
ـ سيدي ألفريدو ما الذي حصلَ لك ؟! .
التفت ذلك الشاب والذي يدعى ألفريدو نحوَ كبيرِ خدمه ليقولَ له وقد بدت الدموع تتجمعُ في عينيه الزرقاوان .
ـ بِيْن .. أخبرني هل أصبحتُ عجوزاً ؟! .

تعجبَ كبيرِ خدمه من سؤالِ سيده الغريب فابتسمَ له ووضعَ يده على شعرِ سيده الأسود وكأنما هو طفلٌ صغير .
ـ من الذي قالَ لك هذا! ... لا زلتَ في عزّ شبابك سيدي .
التمعت عينا ألفريدو في سعادة فأبعدَ الحزن عن وجهه ورفعَ رأسه بشموخ ليقولَ بطريقة مضحكة طفولية .
ـ أتسمعُ ذلك .. لا زلتُ في عزّ شبابي ؟! .
ـ تباً تباً تباً ....

هذا ما كانَ يقوله الشاب الصغير الآخر وهو يرى ذلك المدعو ألفريدو يفضحه ..
ولكن استغرب عندما سمعَ محادثتهم فالمعلومات التي وصلته أنّه يعملُ هنا تحت سيدِ هذا القصر وهو شخصِ كبيرِ في السنّ ..
لم يكن هناكَ داعي لاختبائه بعدَ أن فُضحَ فوقفَ بابتسامة بلهاء ... .
تفاجأ بِيْن من كلامِ سيده فالتفت عندما لمحَ أحدهم ... قطبّ حاجبيه عندما رأى دخيلاً في القصر فشعرَ بالغضبِ وأسرعَ نحو ذلك الشاب ليمسكَ به بعنفِ ساحباً إياه من يده .
ـ أنت ما الذي تفعله في قصرِ سيدي .. ومن الذي سمحَ لكَ بالدخول ... ! .
ابتلعَ الشاب رمقه وهو يرى ذلك الشخص ببنيةِ الكبيرة وجسده الضخم يجرّه بعصبيه .. فيبدوا أنّه غاضب لأنه دخلَ القصر .. .
تجمعَ جميعَ الخدم إثر الفوضى التي حصلت ... فأثارَ ذلك انتباه المتسلل فأخذَ يُفكر بحلِ ما .. بينما ذلك الشاب ألفريدو بدى أنّه نسي ما حوله .. فقد بدأ يسأل خدمه بصورةِ مزعجة ما إن بدأت أثارُ الكبر تظهرُ على وجهه .. .

ـ تـــــــــــوقفوا .... !

هذا ما صرخَ به ليوقفَ تلكَ الضجة التي هوَ فيها فالذي يمسكه يعاتبه على دخوله ويتوعده بالذهاب لمركز الشرطة بينما ذلك الشاب الطفولي يسأل الخدم بخوفِ إن كانَ قد أصبح عجوزاً والبقيّة يتهامسون فيما بينهم .
توقفَ الجميعَ إثرَ ذلك الصوت ... وأخذو ينظرون لصاحبه بريبة .... تنبه ألفريدو لذلك ونسي ذلك الشاب الذي قامَ بأخذِ بجوله مرحة حولَ قصره متخفياً فالتفتَ هو الآخر ليسمعَ ما لذي يريده .
أنصت الجميعَ له ووقفوا بدهشة ليستمعوا لما سيقوله ... هدأ ذلك الشاب فابتلعَ كتلة كبيرة من الهواء وقالَ بصوتِ عالِ .
ـ أليسَ هذا قصر السيد ليبريت ؟! .

ـــــــ
عندَ ميدوري ..
.
هبّ نسيمُ قويّ من الهواء حركَ خصلاتِ شعرها فوضعت يدها عليه وبيدها الأخرى أمسكت بأوراقها جيداً .. تعجبت من ذلك والتفت نحو بوابة مبنى رياضِ الأطفال لتقولَ لنفسها بتعجب .
ـ من أينَ أتت هذهِ الرياح ؟! .
ابتسمت ما إن خفّ تيار الهواء لتقولَ بمرح .
ـ فجأة شعرتُ بأن هناكَ شيئاً حدث .
واصلت طريقها لتذهبَ نحو الجامعة ... وكلّها أمل بأن يكونَ أول يومِ لتوأمان جيد .

ــــــــــــ
في قصرِ ألفريدو ..
خيّم عليه الحزن فطأطأ رأسه وهو يشدُّ على ملابسه .
ـ إذاً أينَ ذهب الآن ؟! أيجبُ عليّ البحثُ مرةً أخرى !!! .
هذا ما قاله المتسلل بعدَ أن جلسَ على كرسيّ وقد استمع للقصة بأكملها وهي أنّ السيد ليبريت الذي يبحثُ عنه قد مات .. وأنّ جميعَ خدمه قد تفرقوا ... .
تغيرت ملامح وجه ألفريدو المرحة خاصة بعدَ أن رأى حزنَ ذلك الشاب المفاجئ مما جعله يجلسُ بقربه ويقولُ له باهتمام .
ـ من تبحثُ عنه شابٌ كان يعملُ عند السيد ليبريت ؟! .
أومأ برأسه وقد بدى محبطاً للغاية فقد جاء من مكانِ بعيد باحثاً عنه وقفَ للحظات وتبدلت ملامحه للجدية ليقولَ .
ـ سوفَ أبحثُ عنه مجدداً ....
لم يرق لـ بِيْن ذلك الشاب الذي قامَ سيده باستضافته ... مما جعله يتقدمُ عند سيده ويهمسُ في أذنيه .
ـ سيدي .. أأنتَ متأكد بأنك ستجعل الامر يمرّ بشكل عادي !.. تذكر أنّ هذا الشاب قام بالتسلل لقصرك !! كيفَ سيكون لو دخلَ لص أو شخصٌ يريدُ قتلك ! .

ـ وجدتـــــها ... ! .
هكذا صرخَ ألفريدوا بحماسة بعدَ أن تذكر شيئاً فيبدوا أنه لم يكن يستمع لكبير خدمه مما جعلَ بِيْن يتفاجأ ما هي إلا لحظات حتى عادت الابتسامة لشفتيه فسيده شخصٌ لطيف رغمَ أن طفولي ولم ينضج بعد إلا أنّه يهتمُ بالآخرين , تراجع بضعَ خطوات احتراماً له وآملاً في أن يكونَ ما وجده سيده مفيداً .
تقدمَ ألفريدو باتجاه الشاب ليمسكَ بكلتا يديه ويقولَ له بحماسة .
ـ ربما يكونُ عندَ ابن عمي !! فهو قد أخذَ بعضَ الخدم من هنا ... ! .
ظهرَ بصيصُ أمل في نفسِ الشاب وقالَ .
ـ أمتأكدٌ من ذلك ؟!؟! .
ـ ربما .

التفت ألفريدو نحو كبيرِ خدمه بِيْن ليقولَ له بلطف .
ـ جهّز السيارة فنحنُ ذاهبون لقصرِ ماليان .
أومأ بِيْن لسيده وانطلقَ لينفذَ ما طلبه ... التفت ألفريدو ونظرَ لعينيّ الشاب التي اتخذت لون جذع الشجر ليقولَ له بابتسامة لطيفة.
ـ ما اسمك ؟! .
توردت وجنتي الشاب ووضعَ يده على شعره المائل للونِ غروبِ الشمس ليقولَ بارتباك .
ـ أدعى إيفان ... ! .
•• انتهى الفصل السادس ••

ـ كيفَ كان الفصل !؟ .
ـ ما رأيكم بالشخصياتِ الجديدة ^^ ؟! .
ـ وعن من يبحثُ إيفان !! وهل سيجدَ الفرصة ليجد الشخصَ الذي يبحثُ عنه ؟! .


 


قديم 03-10-19, 08:57 AM   #16
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (08:26 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



لونُ الغروب الذي يتكونُ في السماء بصورة خلابة يحكي لنا قصة وداع الشمس وكأنّ تلكَ الألوان الممزوجة هي بمثابة مؤثرات تُحركُ إحساساً في دواخلنا.
هذا ما كانَ يشعرُ به ذلك الفتى بصورةِ قوية في قلبه , إحساس بالوداع لكنّه لن يدوم فكما هي الشمسُ تودعنا بغروبنا فسنلتقي بها في الشروق ،
هذا ما كانَ يدورُ في داخله وهو يشاهدهما على بعدِ مسافة منها موقناً بأنه يتوجب عليه مفارقتهما, انسابت قطرات العرقِ الغزيرة على وجهه الصغير فاطمئن قلبه لرؤية يدِ رولند الصغير التي تمسكُ بيدها بإحكام , شدّ قبضة يده ودفعَ كتله من الهواء إلى رئتيه وعيناه لم تفارق ذلك الفتى الذي يبعدُ عنه بمسافة ثمّ صرخَ بأعلى صوته موجههاً كلماته له .
ـ اعتنِ بـ ميدوري جيداً , إياك أن يصيبها أي أذى لو فعلت ذلك فسوفَ أقتلك ..
أدنى رأسه وشدّ قبضة يده أكثر وتحدثّ بصوتِ كانَ يظهرُ فيها نغمة الحزن .
ـ أنا متأكد أننا سنتقابلُ , نعم سوفَ أجدكما .
أرادَ أن ينظرُ إليهما مرةً أخرى ولكنّه تجنبُ النظر لهما و ألم الرحيل يكادُ يغلف قلبه ويضيقُ عليه ليبتسمَ بخفةِ قائلاً بصوتِ هادئ.
ـ رولند أعدك , عندما أعود سأغير من نفسي وبعدها سأمتلك الشجاعة لأعتذر منك عما بدر مني.
ـــــــ
توقفت السيارة أمامَ قصرِ ماليان فرفعَ ذلك الفتى رأسه وشدَّ من غطاء رأسه ليخفي ملامحه فتلكَ الذكرى لا زالت تلازمه ..
شعرَ بالارتباك ينسابُ إلى داخله فهو لا يزالُ متردداً ..فهل حقا من الجيد ظهوره الآن ! َ
سخرَ من نفسه ورسمَ ابتسامةَ على شفتيه .
ـ يجبُ عليّ أن أريه إلى أي مدى أنا تغيرت .
ـ إيفان , إيفان , أيها الفتى هل تسمعني !؟ .

هذا ما كانَ يردده ألفريدو منذُ عدّةِ ثواني وهو يلوحُ بيده باتجاه الشاب الصغير الذي بدى له أنّه فكره قد طارَ به بعيداً .
رمشَ بعينه مستوعباً فقد كانت حدقةُ عينه تتابع تلكَ اليد التي تلوحُ أمامه, ضحكَ ألفريدو عندما رأى ملامح إيفان المرتبكة.
ـ لقد وصلنا, ألا تريدُ التأكد من وجود الشاب الذي تبحث عنه .
هذا ما قاله ألفريدو بابتسامة جميلة ليمتلا قلبُ إيفان بالحماسة فربما يكونُ رولند هنا بل هو يشعرُ بأنّه قريبٌ منه .
نزلا من السيارة وتوقفا أمام بوابة القصر الضخمة , لمحَ ألفريدو كبيرَ خدمِ القصر يتجولُ في باحة القصر فرفعَ يده ملوحاً له .
ـ العم شيمون .
التفت شيمون عندما سمعَ اسمه فرأى ذلك الشاب يقفُ أمامَ بوابة القصر تبسمَ قلبه قبلَ شفتيه فها هو ألفريدو الشاب الذي يتمنى أن يتعلم سيده منه ولو القليل ,
اقتربَ منهم بسرعة ثمَ انحنى باحترام .
ـ مرحباً بإبن السيد هايدن في قصر ماليان .
رفعَ ألفريدو يده لشعره وقالَ بارتباك مع صوتهِ الضاحك .
ـ أيُها العم ألم أخبرك من قبل لا داعي لهذه الرسميات .
ابتسمَ شيمون بطيبة ورفعَ رأسه ليرى كبيرِ خدمِ قصر ألفريدو فبدأ بالتحية .
ـ أهلاً بكِ بيْن سعدت لرؤيتك .
ابتسمَ بيْن وردَ التحية .
ـ وأنا كذلك .
تلفت ألفريدو يمنةَ ويسرةِ فقد كانَ يحملُ في يديه لوح من الشكولاتة المغلفة أرادَ تقدميها لابن عمه فهو يعلمُ أنه في هذا الوقت يكونُ في باحة قصره .
ـ ألم يعد ميلان بعد !؟ غريب ليسَ من عادته .
ارتبكَ شيمون وظهرَ ذلك جلياً على وجهه فلوحَ بيديه قائلاً بتوتر لـ ألفريدو .
ـ سوفَ يأتي قريباً بإمكانكَ الانتظار و ......
صمتَ عندما لا حظ أخيراً الشاب الذي يقفُ على بعد مسافة قليلة من ألفريدو استغربَ من رؤيتهِ فملابسه الغريبة تدلُّ على أنه ليسَ من طبقة الأغنياء .
لا حظ ألفريدو ذلك فابتسمَ قائلاً وهو يمسكُ بيد إيفان الذي ظلّ صامتا على غيرِ عادته وكأنما هو خجل .
ـ هذا الفتى يدعى إيفان , ولقد جئنا اليوم لنبحث عن شاب يدعى .. رو.. رولي ..
توقفَ ألفريدو ووضعَ يده على ذقنه بطريقة طفولية في محاولةِ منه ليتذكر أغمضَ عينيه وبدأ محاولاً التذكر .
ـ ماذا كان اسمه .. رول ! .
ـ رولند .

هذا ما قاله إيفان بصوتِ ثابت وهو ينظرُ للشخصِ المدعو شيمون .
استغربَ شيمون وقالَ بعفوية .
ـ أتقصد رولند خادم السيد ميلان ؟! .
شعرَ ألفريدو بالفرح الشديد والتفت نحوَ إيفان ليقولَ له بحماسة .
ـ ألم أخبرك إنه هنا .
أما إيفان فقد شعرَ بانقباضِ قلبه عندما سمعَ كلامَ شيمون, بالرغم من أنّه انغمر بالسعادة عندما سمعَ اسم رولند وأنه موجودٌ هنا إلا أنه لا يزالُ يشعرُ بشيءِ
يضيق قلبه من كلمة خادم التي نطق بها المدعو شيمون .
ـ ماذا ؟! ألم يكن هو ! .
عادَ إلى واقعه عندما سمعَ ذلك السؤال من ألفريدو والذي كانت فيه لمحةٌ من القلق .
ـ أخبرني أليسَ اسمه رولند ؟! .
ابتسمَ إيفان وقررَ أن ينسى ذلك فقالَ بصوتِ مملوءِ بالفرحة الغامرة التي تعبر عن مدى اشتياقه.
ـ بلى , أودُ رؤيته .
نطقَ ألفريدو بحماسة وهو يضع يده على رأسِ إيفان بلطف .
ـ أينَ هو أيها العم ؟! .
عادَ التوتر لشيمون ليقولَ بصوتِ قلق .
ـ سوفَ يأتي بعد قليل بصحبة السيد ميلان , تفضلوا بالدخول حتى يعودان .
ابتسمَ ألفريدو وتقدمَ بتجاه القصر وقالَ بطفوليه وهو ينظرُ للوحِ الشكولاتة الذي اشتراه قبل مجيئه.
ـ سوفَ أكلها كلها إذا تأخر ميلان ولن أعطيه أي واحدةِ منها .
نتهدَ شيمون بيأس وهو يسمعُ كلامَ ألفريدو فهو حقاً قلق من تأخر سيده فهو لن ينسى صوته الغاضب عندما اتصل به ويعلمُ يقيناً أن شيئاً سيئاً سوفَ يحدث .
ــــــ
أخذَ ينتظر عند البوابة الزجاجية للشركة وهو في أشدّ الغضب , كانَ بإمكانه أن يبقى في الداخل وينتظره إلى أين يأتي .. لكنّ شرارة الحقد والغضب قد بدأ تتوقد بداخله ..
مما جعله يتكلم بقهر وحقد بالغيين .
ـ الحقير لم ينتظرني حتى أنهي عملي .. بل عاد إلى القصر ليستريح !!! ... تباً له....
قال جملته الأخير وهو يضرب الأرض بقدمه بسخط بينما بدأت الأفكار السوداء تتدفقُ إلى مخيلته ليجد عقاباً مناسباً يكسرِ بها عزةً نفسه ...
وصلَ إلى مسامعه صوتُ توقفَ سيارته فرفعَ رأسه سريعاً ليرى أنّ خادمه الخاص قد جاء أخيراً .
لم ينتظر أن ينزلْ بل حتى أن يرى تعابير وجهه .. بل اندفع نحوَ بابِ مقود السيارة بسرعة مشحونةً بغضبِ بالغ ..فتحَ البابَ بعصبية مما أفزع رولند الذي كانَ جالساً يستعدُ لإغلاقِ تشغيل السيارة ...
التفت لينظرَ إليه فشعرَ بهالاتِ الغضب تنبعثُ من جسدِ سيده ... بقيّ ثابتاً فهو لم يقم بعملِ شيء خاطئ ... كل ما في الأمر أن شيمون أخبره أن يأتي إليه بعد أن قامَ هوَ بالاتصال .
سحبه من ياقة ملابسه وأخرجه من السيارة بعنف ... تألم رولند لذلك وقالَ بنبرةِ متسائلة عن سبب غضبه .


ـ ما الذي دهاك ؟! .
صكَ ميلان على أسنانه بغيض وقالَ له وهو ينظرُ لعينيه بحدّة .
ـ أيُها الحقير هل تجرأت على سؤالي ؟! ...
صمت ميلان لثواني قليلة وصرخَ في وجهه .
ـ لماذا رجعت إلى القصر ولم تنتظرني ؟! من واجبك كخادمِ أن تنتظرَ سيدك لا أن ينتظرَ السيدُ خادمه .
تعجب رولند من حروفه وكلماته التي نطقها فلم يكن هناكَ داعي لكلِ هذا الغضب مما جعله يقولُ له بثبات وهو يتحملُ صراخه .
ـ أولاً لم تقم بإخباري بذلك من قبل ..! ثانياً هل تريدُ مني أن انتظرَ خمسَ ساعات هنا حتى تنهيّ عملك ؟! .
عضَ ميلان على شفتيه بسخط ولكنّه قالَ له بعناد وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة تحديّ .
ـ نعم تنتظرني .. تبقى في السيارة إلى أن أنتهي من عملي سواء كنت في الشركة أو في الجامعة .
أبعدَ يده عن ياقة بذلته وتمالكَ نفسه فخلفه مبنى شركته , ولا يجب على أحد أن يراه بحالته الهائجة تلك .. تحدث وهو يرمق رولند و يصكُ على أسنانه بغيض .
ـ أنتَ الآن خادمي الخاص ... ليس هناكَ ما تفعله سوى خدمتي .
شعرَ رولند بأنّ ميلان يريدُ أن يقلل من كرامته بتلكَ الطريقة التي تحدثَ بها فقرر الصمت , لاحظَ ميلان ذلك فقالَ بغرور وهو يبتعد عنه ليفتحَ باب السيارة في الخلف .
ـ إياكَ أن يحدث هذا مرةً أخرى وضعَ في ذهنك دائماً الخادم من ينتظر سيده لا السيد ينتظر الخادم .
أومأ رولند برأسه وعادَ إلى مكانه في مقعد السائق كانَ بإمكانه أن يجاريه في الحديث ولكن كونه خادم فعليه دوماً أن يطيع سيده كما قال , حركَ مقودَ السيارة وانطلق عائداً للقصر أملاً في أن يمرّ هذا اليوم على خير فمن بداية اليوم والشخصً الذي خلفه لا يكف عن الصراخ عليه والغضب .
ــــــ
أمّا في رياض الأطفال فقد كان الطفلان يستمتعان بوقتهما وهما يشاهدان مجموعة الاطفال الذينَ يمرحون أمامهم , لم تكن لديهم الشجاعة في أن يشاركوهم بما أنهما انضمّا حديثاً فقد كانا يجلسان سويةً يراقبان بأعينهما الجميلة نشاط الجميع وتحركاتهم .بينما العاملين فيها قد انبهروا من جمالِ هذين الطفلين , لتهمسَ إحداهم لصديقتها .
ـ لا أصدق أنهما لا يمتلكان أبوين.
ابتسمت صديقتها بعفوية وهي تنظرُ إليهما بحنية وتراقب أعينهما التي تنتظرُ للجميع لتقول بابتسامة.
ـ أجل .. فقد ترجاني ذلك الشاب بأن ينضما إلى هنا .
تقدمت نحوهما وجلست بالقرب منهما لتقولَ لهما بحماسة .
ـ ألا تريدان اللعب مع بقية الأطفال ؟! .
أومأ برأسيهما بعفوية فضحكت لذلك , نادت أحد الأطفال وطلبت منه بأن يشارك باللعب معهما .
وعندما رأتهما يركضان نحو ذلك الطفل وقفت على قدميها وقالت بابتسامة لطيفة .
ـ أتمنى أن تقضوا يوماً جميلاً .
ــــــ
في قصر ماليان .
وصلت السيارة فأوقفها رولند أمام بوابة القصر كما أمره ميلان وحتى يستطيع أن يذهب بها إلى مربأ السيارات .
دخلَ من أمامِ البوابة ولا زالت ملامحه لم تمحى منها أثارُ الغضب , لمحَ كبير خدمه يتكلمُ مع أحدهم عندَ جلسة القصرالتي تحتوي على كراسي تحيطُ بها الوردُ المزروعة بعناية ومظلة كبيرة من فوقها مربعة ملونة بنقوشِ جميلة , استغرب من ذلك وتقدمَ أكثر ليرى مع من يتحدث فلمح ابن عمه ألفريدو مما جعله يعبسُ بطفوليه مع أنّه سعيد لرؤيته .
تقدمَ باتجاههم وكتف بذراعيه ليقولَ بصوتِ عالِ ليسمعه .
ـ ها قد جاء المزعج .. لماذا جئت ! .
ابتسمَ ألفريدو عندما سمعَ ذلك الصوت وقال بلهجة سعيدة طفولية .
ـ مرحباً بك ميلان , أنتَ مشتاقٌ لي أليسَ كذلك ! .
ضحكَ بسخرية من جملته الأخيرة وقالَ له بكبريائه المعتاد .
ـ ولماذا أشتاقُ لك ! .
أراد الجلوسَ في المقعد الذي بالقربِ من ابن عمه إلا أنّه لاحظ ذلك الغريب الذي يجلسُ بعيداً قليلاً عنهم مما جعلَ حاجبيه ينعقدان .
لاحظ ألفريدو علامات التعجب على وجهه ميلان وهو يحدقُ بـ إيفان الذي فضلّ تغطية رأسه بتلكَ العباءة المهترئة فتذكرَ ما يريده وقف ثمّ بدأ يتلفت من حوله .
ـ أينَ هو ذلك المدعو رولند ؟ .
زاد الاستغراب أكثر في نفسِ ميلان مما جعله يقول بنبرةِ جامدة .
ـ ما الذي تريده بذلك الأحمق ! .
شدّ إيفان قبضة يده عندما سمعَ كلمته الأخيرة وطريقة قوله التي نطقَ بها .
تكلمَ الفريدو بابتسامة محاولاً أن يشرحَ لابن عمه ما يريده .
ـ في الحقيقة هذا الفتى جاء إليّ باحثاً عن الشخص الذي كان يعمل عند السيد ليبريت واتضح أنّه هنا .
تغيرت نظراتِه وحتى هيئته وطريقة كلامه ليقولَ وهو يرمقُ لك الشاب .
ـ إذاً وما الذي يريده منه ؟! .
شعرَ ألفريدو بالتوتر خاصة وأنه يعلم بمعاملته الجافة مع الخدم بصفة عامة بسببِ تلكَ الحادثة ليقولَ بابتسامة ضاحكة محاولاً بها إخفاءِ ارتباكه .
ـ إنه فقط صديقه ويريدُ رؤيته .
صوتُ خطواتِ لشخصِ قادم جعلت إيفان يشعرُ بالتوتر فهو إلى الآن لم يقمْ برفعِ رأسه ليرى صاحبَ هذا القصر, التفت ألفريدو ليرى شاباً وسيماً يرتدي زي الخدم يتقدمُ باتجاههم .
توقفَ رولند خلفَ سيده وانحنى باحترام ليقولَ له .
ـ ها قد انتهيت هل تطلبُ منيّ شيئاً آخر .
خفقَ قلبُ إيفان عندما سمعَ ذلك الصوت ,, !
فهي نفس النبرة التي كان يتحدثُ بها , أرادً أن يرفعَ رأسه لينظرَ إليه لكنّ شيئاً ينقبضُ بداخله جعله غيرَ قادرِ على ذلك , بينما التفت ميلان باحتقار ليقول له .
ـ ألقِ التحية على ابن عمي أم تريدني أن أعلمك الأدب حتى مع الأخرين ! .
تقدمَ رولند خطوتين وانحنى مرةَ أخرى ليلقي التحية على الشاب الذي على من يمينه .
ـ مرحباً بإبن عمِ السيد .
غضب ميلان لجملته فقد كانت رأى أنّ تحيته غيرُ محترمة وكأنما أراد بذلك أن يستفزّه فقال بصوتِ غاضب وهو يشدّ قبضته .
ـ إنه ابن السيد هايدن ألفريدو .
لم تتغيرَ ملامح رولند مما جعله يكرر ما قاله ببرودِ تام .
ـ أعتذر على وقاحتي مرحباً بك أيها السيد ألفريدو .
أما عند إيفان فهو لم يصدق بعد تلكَ المحادثة التي تجري في حاضره , ولم يستطع بعد أن يرفعَ رأسه لينظرُ لرولند فقد كانَ يشعرُ بالألم في قلبه وهو يتذكر الماضي , مما جعله يتحدثُ مع نفسه بقهر وهو يرى تلك المشاهد التي تمرّ في مخيلته والتي كانَ فيها رولند الصغير يعاني مما جعله يدخلُ في صراع مع نفسه .
ـ هذا مستحيل ! لن يعملَ أبداً كخادمِ في قصر , إنه حتى لن يسمح لنفسه بذلك .
شدّ قبضه يديه على بنطاله وهو يصارعُ نفسه ويريدُ أن يتقبلّ بداخله أنَ ما يحدث أمامه هو مجرد كذبة .
شعرَ ألفريدو بأن التوتر بدأ يسودُ الأجواء خاصةَ عندَ قدومِ ذلك الشاب المدعو رولند ومعاملة ميلان له .
ـ إنه خادمي , أهذا من تبحث عنه ! .
هذا ما قاله ميلان باحتقار لذلك الشاب الصغير الذي لم يرى وجهه حتى الآن فعندما سمعَ من إيفان أنّه صديقه أزعجه ذلك .
ابتسمَ ألفريدو ليبعد التوتر قليلاً وتقدمَ نحو رولند بطيبة ليقولَ محاولاً أن يفسر له فهوَ أيضاَ أخذَ ينظرُ لذلك الشاب الغريب .
ـ امممم , رولند أليسَ كذلك ؟! . إنّه يدعى إيفان لقد قالَ أنه يبحث عنك .
اتسعت عينا الشاب عندما سمعَ ذلك الاسم وشعرَ بالفرحة تدفقُ إلى داخله أرادَ رؤية وجهه فقد مرّ زمنٌ على فراقهما به ولم يصدق أنّه في هذه اللحظة قد يلتقي به .
اهتزت يدُ إيفان وعضَ على شفتيه لم يحتمل ذلك فرفعَ رأسه وظهرت ملامح وجهه التي تملكها الغيض والحقد
حلت الصدمة الكبيرة على وجهه رولند عندما رفعَ ذلك الشاب رأسه فقد رأى كمية الغضب المرسومة على وجهه والعينانِ الغاضبتان اللتين تحدقان به .
لم يكن الأمر فقط عند رولند فها هو ألفريدو قد حلت على وجهه علامات الاستغراب وهو يرى ذلك الوجه الذي صنعه إيفان والذي كانَ مختلفاً عن شخصيته المرحة التي قابلها به , بينما ميلان كانَ صامتاً فالأمر برمته لم يرق له .
وقفَ على قدميه وتقدمَ بتجاهه رولند مسرعاً مدّ يده وسحبه من ياقة ملابسه بقوة ليصرخ في وجهه بغضب بالغ .
ـ أنت !! أخبرني أنّ هذا كذب أخبرني .
ابتسمَ ميلان بسخرية وهو يسمعُ جملة ذلك الغريب وطريقة حديثه نحو خادمه .
ـ أخبرني حالاً , تحدث وقل لي أنّ هذا كذب وأنك لا تعمل هنا .
هذا ما كانَ يصرخُ به إيفان بانفعال ,
تألمُ قلبٌ رولند لرؤيته صديقه يتحدثُ معه بتلكَ الطريقة فلم تتغيرَ ملامحه بل بقيّ هادئاً حتى وهو يراه يصرخُ في وجهه بانفعال فهو يعلمُ يقيناً بمشاعره التي يشعر بها .
أمسكَ بيده التي تقبضُ على ملابسه وقالَ له بهدوء .
ـ اهدأ يا إيفان ...
لم يستمعَ لكلامه رغمَ أنّه شعرَ بالفرحة عندما سمعه ينطق اسمه بل صرخَ فيه .
ـ أخبرني أنها كذبة والآن ,, ألم يكن الماضي كافياً لك !! .
سمعَ شيمون وبينَ تلكَ الجلبة فتقدما ليشاهدا ما حدث , تفاجأ شيمون وهو يرى ذلك الغريب يصرخُ في وجهه رولند
بينما بيْن تملكه العجب وهو يرى الطريقة التي تحدث بها إيفان .
لم يعلم ألفريدو ما الذي يفعله فقد كانَ يشعرُ بالتوتر ولا يرى أنّه من الصحيح أن يتدخل بينهما , أما ميلان فقد جلسَ باسترخاء وأخذَ يفتحَ لوحَ الشكولاتة الذي اشتراه ابن عمه ثمّ بدأ يقضمها باستمتاع وكأنما يرى مشهداً أمامه .
ـ إنّ هذه هيّ الحقيقة أنا أعمل الآن خادماً لسيدِ هذا القصر .
صكَ على أسنانه بغيض عندما سمعَ همسه له وأخذَ ينظرُ لعينيه التي لم يرى فيها ملامح التألم لحاله فقالَ وهو يبعدُ يده عنه بعصبية ويذهبُ من أمامه
نحوَ بوابة القصر .
ـ لم يكن هناكَ داعي لقدومي حقاً, يالكَ من مثيرْ للشفقة .
تراجعَ رولند بضعَ خطوات بسببِ دفعِ إيفان العنيف له وقد كانت وقعُ جملته الأخيرة بالغة على قلبه .. فلا زالَ إيفان كما هوَ عندما افترقَ عنه لم يشعرُ بألم بالغ كالذي حدثَ أمامه كانَ يتمنى في الحقيقة أن يضمّه ويعبرَ عن مدى اشتياقه له ,,
يريدُ أن يسأله عن أحواله وكيفَ مضى الوقت لوحده عندما افترقا ..
يريدُ أن يحيه بابتسامة جميلة وكلماتِ عطرة ولكن كلّ هذا قد مرّ سريعاً فها هو إيفان يغادرُ القصر مبتعداً عن ناظريه .
بينما شعرَ ألفريدو بحالةِ من القلق الكبيرة خاصة عندما رأى تقلب حالِ إيفان فقد كانَ متحمساً ومتشوقاً لرؤيته والآن ها قد ذهبَ غاضب منه مما جعله يتبعه ليحاولَ تهدئته وهو ينادي باسمه .
أما ميلان فقد بدأ يضحكَ باستهزاء بداخله لحالِ خادمه فقد كانَ يعلمُ تماماً أنه حزين , أنهى لوحَ الشكولاتة التي في يده ونفضَ يديه ليقولَ له وهو يقف .
ـ انسى أمره واتبعني فأنا لم أسامحك بعد على تأخرك في أخذي من الشركة .
أومأ رولند له طواعية وأخذَ يتبعه بصمت بينما عيناه قد لمعت فيها الحزن الشديد .
أما عند إيفان فقد خرجَ من القصر مسرعاً وجلسَ على الأرض بالقربِ من القصر لم يكن جلوسه هناكَ طواعية منه بل لأن قدميه لم تستطع أن تحمله بعيداً عن هذا المكان فها هي الصدمة قد حلت عليه هو الآخر ليقول لنفسه بقهر .
ـ تباً .. لقد أردت لقائه في غيرِ هذا الموقف ....
شعرَ بالندم لم يرد حقاً أن يقسو عليه أو حتى أن يعاتبه مما جعله يقول وقد انسدلت خصلات شعره على جبينه .
ـ لماذا فعلتُ ذلك .. ! كانَ عليّ أن أقابله بإبتسامة .. لم يكن علي ...
مرتْ في مخيلته مقولته التي قالها قبل أن يتفارقا .
[ أعدك ..عندما أعود سأغير من نفسي . ]
ـ تباً لي .
هذا ما قاله بصراخ وهو يضربُ الأرض بيديه بقوة وكأنما أراد أن يعاقبَ نفسه على فعلته .
ـ لقد وعدته بذلك ,, وأردت أريه كم أنا تغيرت لكنّي أفسدت الأمر .....
لقد تغيرَ شكله كثيراً لم أكن أعلم أنّه هوَ إلا بلونِ عينيه وطريقة حديثه المعتادة معهم ...
قال ذلك بحزن بالغ وهو يتذكرُ المواقف التي كانَ يعاملُ فيها رولند في الماضي لقد كانَ هذا أسوء لقاء , فمنذُ أن غادر من المدينة التي كان فيها وهو يخطط للقائه بحماسة وفرحة بالغة .
وجدَ إيفان أخيراً ورآه على حالته الحزينة فقد كانَ قلقاً عليه , جلسَ بقربه وهمس له بلطف .
ـ أيُها الفتى ما لذي جرى لك ألم تكن متحمساً وفرحاً بمجردَ أنك علمت أين هوَ .
أخذَ إيفان نفساً عميقاً عندما سمعَ صوتَ ألفريدو علّه يهدأ من أفكاره المتضاربة .. ابتسمَ بحزن وقال بصوتِ يتضحُ فيه نبرة الندم .
ـ لقد أفسدت الأمر .. لن يعودَ الزمن للوراء لأصلح الأمر .
أمّا ألفريدو فقد علمَ بشعورِ ذلك الشاب من كلامته ونبره العميقة التي تتجلى فيها كل معاني الإخاء لذلك الشاب مما جعله يقفُ ويركضُ لداخل القصر فلعلّه يصلح الأمر قليلاً ..
رأى ذلك الشاب يمشي خلف ميلان فأسرعَ في خطواته ومدّ ذراعيه ليمسكَ بها ثمّ قال له برجاء حتى قبلَ أن يلتفت إليه .
ـ أرجوك .. قابله مرةً أخرى .
صدُمَ ميلان لقولٍ ابن عمه ولمْ يعجبه ما قاله بينما بقيّ توقفَ رولند في مكانه صامتاً يفكرُ في ما قاله له .
فهل سيذهبُ رولند كما طلبَ منه إيفان أمّ أنه سيفضلُ عدم الذهاب !
وما ذا ستكونُ ردة ميلان !
بل ما لذي دفعَ ألفريدو ليطلب ذلك من رولند ؟؟ .

انتهى الفصل السابع ..
~
ـ ما رأيكم بموقف إيفان ولقائه أخيراً مع رولند !؟
ـ ما سببُ مشاعر إيفان المتضاربة ؟!
ـ ولماذا أرادَ أن يري رولند ويعده بأن يغيرَ من نفسه .
ـ وكيف ستكونُ ردة ميدوري عندما تعلمُ بقدومِ إيفان ! .


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 09:14 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا