كانت تنظر إليه بشوق ولهفة منذ عدة أشهر من شباك غرفتها المحاذي للشارع، حيث كان يقف تحت أحد الأعمدة التي ضعف ضوؤها مع مرور الزمن وهطول المطر الصاخب في تلك المدينة الماطرة معظم العام، مشعلا سيجارته بكل ثقة يملؤه الصمت والسكون، ثم ينساب مع حلول الظلام كسيل من الماء ابتلعه التراب، لم يغب عن ناظريها طيلة تلك المدة، لكنه مع مرور الوقت لم يعد يأتي كعادته وأصبح يأتي بالقرب من مكانه المعتاد شاب آخر يبدو مختلفا عنه كثيرا، لم تفارق شباكها شوقا وقلقا على ذلك الشاب، بعد عدة أيام أغلقت شباك غرفتها للأبد، عندما علمت أنه كان مخبرا تغير مكان عمله.