.
الحلقة 14
فقدان الذاكرة ، في الوطن :
كانت تباشير الفجر تهل وتعلن ولادة يوم جديد ، وآذان المؤذن للصلاة ينادي الناس ، كانت هذه أول مرة منذ سبعة عشر شهرا وعشرون يوما أمضيتها في المعتقل اسمع فيها صوت الآذان من المآذن ، اعترف بأني في ذلك الوقت كنت لاأصلي ، والله يهدي من يشاء ، فنحن ولدنا على الفطرة مسلمين ، وإن التكبير وذكر الله يعطينا قوة فائقة للتحمل والصبر ،
فالله اكبر الله أكبر ، واشهد ان لااله الالله ، واشهد ان محمد رسول الله .
في السادسة صباحا تقريبا ، استيقظ رفيقي ورآني اقف على رجل واحدة وعرف بأنه قد أخذ مكان موضع قدمي برأسه ، فبكى وحزن على وقفتي هذه ، وضممنا بعضنا البعض وتعانقنا كأننا كنا بعيدين عن بعض البعض ، والتقينا .
هذه الصورة كيف انساها ..!؟
ففي وطني لم يكن هناك لي موضع رجل لأضعها فيه
فأين أنت ياوطني ..!؟
كنا نداوي جراح بعضنا البعض أنا ورفاقي
كنا جياعا ، فلم نأكل منذ صباح الامس ، فذهبنا الى التدخين عوضا عن الطعام .
لم يكن في الزنزانة السورية ( دورة مياه ) لنغتسل أو نقضي حاجتنا فيه ، بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها شبه ( مرحاض افرنجي ) وهو عبارة عن سطل بلاستيك كبير .
لم يكن في الزنزانة السورية أي شيئ ننام عليه أو نغطي أجسادنا به ، بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها أغطية ( حرامات ) تحتنا وفوقنا .
في الزنزانة السورية نمنا جوعى ، بينما في الزنزانة الإسرائيلية نمنا شبعى .
في الزنزانة السورية كنا عشرون شخصا ، بينما في الزنزانة الإسرائيلية كنا عشرة .
ولكن ،
لأتوقف قليلا عن هذا السرد وعن هذه المقارنات بين الزنزانة السورية والزنزانة الإسرائيلية ، ربما لاتجوز المقارنة .
يتبع ..