الموضوع: خائف
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-12, 12:23 PM   #1
صياد واحب اصطاد

الصورة الرمزية صياد واحب اصطاد
شهيد قعيد أحيا أمة

آخر زيارة »  12-20-14 (06:31 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي خائف



خائف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

- تامر .... يا تامر ..

أسرعَ تامر يُلبي نداءَ أمِه التي كانت تَلُفّ له بعضاً من الخبزِ الساخن
و الذي انتهت من صُنعِه لتوها :
- نعم أمي ..

أعطته اللفافة و مدت أناملها تمشط شعره و تقول بحنان :
- هيا صغيري .. أعطِ هذا الخبزَ للجنودِ في المعسكر ..

ارتجفَ تامر و اتسعتْ عيناهُ في ذعر ٍحتى ملئتْ وجهَه الصغير و قال مرتبكاً :
- ولـ... كِن يا أمي .. أنـ... أنا .. أنـ...ا .... أ ..

قاطعته أمه و هي تربتُ على كتفه و تصوبه بنظراتٍ حازمة :
- تامر .. إنك تحبُ فعلَ الخير ، وأنا أساعِدُكَ على فعلِه
وتعرف ُ جيداً أنّ جُند السرية مساكين مغتربين ..
وأحبُ أن أدخِلَ على قلوبهم السرور ..
هيا صغيري .. إنها صدقة ٌ أيضاً على أخويكَ - رحمهما الله ..

تراجع تامر للوراء وتردد لحظات قبل أن يقول لأمه مرتعداً :
- و لكني أخاف ... أخافُ عبورَ الطريقِ السريع ..

أطفأتْ أمَه الموقد ، ثم استدارتْ نحوه و أمسكته من كتفِيه في قوةٍ وحزم :
- تامر .. حبيبي .. لقد بلغتَ العاشرة .. إنك رجلٌ الآن ..

رجُلي الشجاع .. بعد وفاة أخويكَ - رحمها الله
.. لقد كبرتَ على مثل هذا القول و هذا الخوف ..
انظر للطريق جيداً قبل أن تعبره .. والآن هيا أسرع قبل أن يبرد الخبز ..

و دفعتَهُ بيدها بينما هو يهتف في رجاء :
- أرجوكِ أمي .. سَأُلبي لكِ أي طلبٍ آخر .. أرجوكِ .. أرجوكِ

لم تردّ عليه .. وهي تفتحُ البابَ بيدٍ و تدفعُه خارجَ المنزل ِ بالأخرَى
وتَغلق َ البابَ خلفه قائلةً في صرامة :
- تغلبْ على خوفِكَ هذا

و عادت إلى المطبخ .. بينما ظل ( تامر ) ملتصقاً بالباب
و هو ينظرُ للطريقِ الصحراوي السريع في رعب ..

أغرقتْ العبراتُ و جهه البريء بينما يسترجعُ منظر هِرّتَه الصغيرة
التي دهستها السيارات المسرعة أمام عينيه ..

ظل ملتصقاً بالباب لحظات .. ثم مدّ يدَه الصغيرة و مسحَ دموعَه

و ضمّ لفافةَ الخبزِ لصدره .. و أخذ َ يَجرُّ قدميهِ جراً نحو الطريقِ السريع ..

و في داخل المنزل .. دلفتْ أختُهُ الكبرى إلى المطبخِ سائلةً والدتها :
- أين تامر يا أماه ؟ لماذا كفّ عن اللعبِ و الصياح .. ؟ !

أجابتها والدتُها و هي منهمكة في تحضير الغذاء :
- بعثتُه بالخبزِ إلى جُند السَرِيَّة ..

سألتها ابنتها بدهشة :
- و هل وافق .. ؟

قطبتْ والدتها حاجبيها في حدة :
- رغماً عنه .. إذا لم يتغلبْ على رُعبِه هذا فلن يُصبحَ رجلاً أبداً ..

تناولتْ الابنة الخضروات :
- سيأخذُ وقتَه .. من فضلِك ناوليني سكيناً ..

استدارت والدتها تناولها السكين و قالت لها ضاحكة :
- لقد جاءتْ جارتُنا هذا الصباح و قصّت عليّ حكاية طريفة للغاية ..
أنّ...........

و شرعتْ تحكي لابنتِها الحكايةَ من بينِ ضحكاتِها و انهمكا في العملِ و الحديث ..

و

و هناك ..

على الطريق السريع ..

فرّت سيارة مُسرعة بسائقها الأرعن ..

تاركةً وراءها تامر ملقى على جانب الطريق

ينزف

و ينزف

وينزف !